بعد أن كتب عن " الحتة بتاعته " وحكي حكاية دم العروسة والصعيدي الذي دخل الجنة وترك ثلاثة في النار، يكتب هذه المرة الكاتب الصحفي أحمد عطا الله كتابا يضم حكايات من لحم ودم، تفاصيل أكثر في السطور القادمة . تصوير: أميرة عبد المنعم ما الذي دفعك لكتابة هذا الكتاب ؟ أنا طول عمري شغوف بحياة الإنسان وتحليل تصرفات الشخصيات، وطريقة تعامل الأفراد مع المشكلات التي تواجههم في حياتهم، فكل الأشخاص في هذه الحياة يعيشون من أجل أن يعيشوا في صحة جيدة ومستوي معيشي جيد، ولكن طريقة توفير هذه الحياة هو الموضوع وهو ما كتبت عنه في هذا الكتاب، وأنا عشقت كل شخصية كتبت عنها في الكتاب. هذا الكتاب جديد علي أسلوبك الساخر ...ألم تقلق من هذا التغيير؟ أولا أنا أشعر أن كتاب "حكايات من لحم ودم" وكل شخصية فيه بداية من الشخص الذي ظلت رصاصة تسكن قلبه إلي الآن منذ نكسة 67 حتي وعن الشخص المثلي الذي يواجه حياة مختلفه في مجتمع ملتزم وعن الكاتب محمود عوض الذي سمح لي باقتحام خصوصية حياته وغيرها من الحكايات التي وردت في الكتاب هي حكايات أقرب إلي قلبي من أي شيء كتبته قبل ذلك، وفي رأيي أنه أحسن حاجة عملتها في حياتي حتي الآن وأنا كتبت هذا الكتاب ليكون مختلفا تماما عن الأدب الساخر الذي كتبته قبل ذلك. الكتاب به مجموعة مختلفة من الحكايات لماذا وقع اختيارك علي هذه الحكايات دون أخري؟ هذه الحكايات تفصّل تصرفات الإنسان بطل كل حكاية، فمثلا هناك جزء في الكتاب يتحدث عن مكان يشرب فيه الفقراء "البوظا" بجنيه ونصف حتي ينسوا مرارة الحياة، وعن القبائل في منطقة حلايب وشلاتين وطريقة حياتهم الغريبة، وأيضا في حوار مع ابراهيم البغدادي الضابط المتهم بتسميم الملك فاروق وعن الحالة الذهنية التي يوفرها ياسين التهامي المنشد الديني الذي يأتي إليه رواده من كل مكان في العالم للاستماع إليه وهذه الحكايات رعيت فيها أن تكون شديدة الإنسانية وأن تعرض تفاصيل عن أشخاص لا يعرفها أحد وأن أعرض ذلك بمنتهي الدقة وهذا هو الأساس الوحيد الذي كتبت عليه قصص أبطال الكتاب. هل اطلع أصحاب القصص علي كتاباتك عنهم ؟ طبعا لأنني أحتفظ بعلاقات إنسانية مع معظم أصحاب القصص في الكتاب حتي أستطيع أن أقترب منهم في حياتهم الإنسانية، وأعرف لماذا يتصرفون هذه التصرفات ويسلكون هذه الطرق؟ وعندما تقرأ هذا الكتاب تصل إلي اكتشاف نظرة الناس إلي الحياة وأن يتوغل القارئ في المعاني التي أعرض بها حكايات الإنسان. بعد أن كتبت عن طبيعة الانسان في المجتمع المصري هل تغير الانسان المصري ؟ الشعب المصري طيب جدا ومخلص بشدة وهذه هي الحقيقة الوحيدة التي أصبح لدي يقين منها فمثلا أنا عرضت في الكتاب حكاية لمحارب مصري حارب في نكسة 67 والعلاقة بينه وبين النكسة علاقة من نوع خاص لأنه هناك رصاصة إسرائيلية مستقرة في صدره من هذه الحرب وهذه الرصاصه تسخن في الصيف وتسقع في الشتاء، وبالرغم من ذلك يحبها ويحب أيامها ولا يتذكر أيام الحرب إلا بأنها أيام للبطولات والانتصار وفي الكتاب أيضا قصة بنت قابلتها كان والدها بيبعها لأثرياء عرب للزواج وكتبت عنها وعن حياتها وازاي بتواجه المجتمع وطبيعة شخصيتها إيه. تحليل الشخصيات المختلفة وفهم طبيعة الانسان ماذا يضيف لك ؟ الإتساع علي الحياة بأشكالها ووجهات النظر المختلفة والبعد عن الحياة النمطية والاحتكاك بالعمق بعيدا عن الشكل السطحي للحياة يعطي عمقا للانسان لاستيعاب الحياة ويعطي للانسان أيضا المرونة في استيعاب تصرفات الأخرين، فأنا عندما أكتب عن شخص يبيع إبنته أو شخصا شاذا فهؤلاء الأشخاص لهم مبرر أعرضه حتي لا أظلمهم وأعتقد أن هذا أهم ما يميز هذا الكتاب وهو عرض وجهات نظر لأفراد وأماكن قد لا يسمح لهم كثيرا بالكلام أو لا يجدون من يعبر عنهم وينقل وجهة نظرهم بصدق، فأنا نشرت في هذا الكتاب أخر حوار أجراه المطرب الراحل محمد رشدي ونشرته وقتها في مجلة الاذاعة والتلفزيون وحرصت علي إعادة نشره في هذا الكتاب لأني لا أنسي بكائه وهو يشكرني علي الحوار ويقول لي أول مرة حد يعبر عني بصدق وأعتقد أن الصدق في الكتابة عن الناس هو أهم شيء. وماذا عن كتابك القادم ؟ أنا أجهز الآن لكتاب عن علاقات الحب بين المسيحيات والمسلمين في مصر أو العكس لأني بعد الرجوع للأرشيف وجدت أن معظم حوادث الفتنة الطائفية في مصر ناتجة عن زواج مسلمة من مسيحي فيما يسمي بالتنصير أو زواج مسيحية من مسلم فيما يسمي بالأسلمة وبعيدا عن المسلمات الدينية والعقائدية أنا أحاول الاقتراب من تلك الشخصيات وبالفعل أحاول مقابلتهم في هذه الفترة حتي أكتب كل تفاصيلهم ، ولكني أعتقد أن هذا الكتاب سوف يحتاج الي وقت ومجهود حتي يخرج بالشكل الذي أتمناه.