في السطور القادمة نرصد قصة إنسانية مرت بها فتاة لم تتخط الثالثة والعشرين من عمرها .. عاشت لمدة أسبوعين موهومة بأنها تعانى من سرطان في المخ بسبب إهمال معمل تحاليل شهير ، سألنا منى القصاص عن تفاصيل ال 15 يوماً التي قضتهم بين معامل التحاليل والأطباء ، وبين الشعور باليأس وقرب النهاية .. تفاصيل كثيرة هى فقط التى يمكنها أن ترويها . كيف تشككت بأنك مصابة بسرطان المخ ؟ البداية حينما ذهبت لعمل الفحص الطبي الدورى والذي كان من ضمنه إجراء مجموعة من التحاليل ، حيث أني تعودت على فعل ذلك كل فترة بدون معاناة من شكوى مرضية، ولكن حينما رأى الطبيب نتيجة هذه التحاليل أكتشف أن لدي مشكلة وهو أن أحد غدد المخ إفرازها أكبر بكثير من المعدل الطبيعي، فالحد الأقصى لدرجة التقرير لهذه الغدة في الحالات الطبيعية هو 35 درجة ولكن ما أظهره تقرير المعمل أنها تفرز بدرجة 208 وهو ما معناه أن هناك ورماً سرطانياً في المخ وهو ما قاله لي الطبيب. وكيف استقبلت الخبر ؟ عشت أياماً سيئة لمجرد معرفتي بمعاناتي من هذا المرض اللعين .. خصوصا أنني لا أتخيل إمكانية الخطأ في تحليل هذا المعمل لأنه من أكبر معامل التحاليل في مصر. وكيف كان وقع الخبر على أسرتك في البيت وزملائك بالعمل؟ بالنسبة للبيت أنا أخفيت هذا الموضوع نهائيا واكتفيت بأن أقول لهم بأنني أعاني من إعياء عادي، فلم يكن أحدهم يعلم إلا أختي الكبرى والتي كانت تتنقل معي طوال الوقت بين المعمل والطبيب، أما على مستوى العمل فلم أكن أذهب إلى عملي طوال هذه الفترة ، ولم تكن لدي أي قدرة في التحكم بحياتي. متى تأكدت أن نتيجة التحليل كانت غير صحيحة؟ قدر الله أن الذي يشرف على هذه التحاليل دكتور جيد ، فطلب مني أن أقوم بإعادة هذه التحاليل مرة أخرى لأن هناك احتمالاً ضعيفاً بأن تكون نتيجة التحليل خطأ ، ونصحني بأن أذهب لمعمل آخر، فكانت نتيجة التحليل الثاني هي أن درجة إفراز الغدة من 20 إلى 29 درجة وبالتالي هي نسبة طبيعية، ولكن الدكتور طلب مني عمل التحليل للمرة الثالثة في معمل مختلف للتأكد من النتيجة مع عمل رنين مغناطيسي على المخ والذي أكد أنه ليست لدي أية مشكلة ولا أعاني من مرض السرطان. كم تكلفت كل هذه التحاليل والإشعاعات ماديا؟ تكلفت كل التحاليل والإشعاعات حوالي 2000 جنيه. هل صحب فترة إجراء التحاليل أي إعياء صحي أو نفسي؟ بالطبع فقد كنت مرعوبة طوال فترة إجراء التحاليل بخلاف حالة الإعياء الصحي والإغماء المتكرر، حيث لم أكن أنتقل من مكان لآخر إلا إذا كانت أختي تحملني بسبب كمية الدماء الذي كان يتم أخذه لإجراء هذه التحاليل، كما تعرضت لتوتر عصبي حاد لدرجة أن الأطباء كانوا يجدون مشكلة في أخذ العينات بسبب عدم عثورهم على أحد الأوردة ليسحبوا منه العينة. هل قمت بتقديم شكوى ضد المعمل؟ حاولت الاتصال بالمسئولين عن المعمل لكي أطالبهم بالانتباه لهذه الأخطاء حتى لا تتكرر مع غيرى ولكن لم أتمكن من ذلك ، حيث رد علي أحد العاملين هناك وقال لي أنهم سيبلغون أحد المسئولين وسيعاودون الاتصال بي في اليوم التالي ، ولكن هذا لم يحدث! ما الذي خرجت به من هذه التجربة المريرة؟ المشكلة ليست في كل هذه التحاليل التي أجريتها أو حتى التعب النفسي الذي تعرضت له بسبب إهمال المعمل، ولكن المشكلة الحقيقية هي أنه لو لم يكن الدكتور قد فكر في إعادة التحاليل مرة أخرى .. كان وقتها سيبدأ في معاملتي كمريضة سرطان ويبدأ يعطيني الأدوية بما فيها جلسات العلاج كيماوي والتي كانت ستدمرني صحيا لمجرد خطأ حدث في تحليل قمت بعمله في الأساس للاطمئنان على صحتي، والأكبر من ذلك إذا كان هناك فعلاً أحد المصابين بالمرض وأثبتت التحاليل عكس ذلك لأنها تعطى نتائج خاطئة .. فكيف سيكون مصيره؟! أو إذا تكرر نفس موقفي مع شخص آخر غير مقتدر ماديا على إعادة التحليل .. ماذا سيفعل؟!