لا اعرف لماذا هذه الضجة المثارة علي فيلم من الأفلام الإباحية بعنوان "حلاوة روح" وهو عمل ينتمي لما يسمي أفلام "البورنو" المنتشرة في الدول الغربية ولها محبيها ومعجبيها وبطلاتها وأبطالها!! و"البورنو" لمن لا يعرف كلمة يونانية تعني المواد المطبوعة أو المرئية - كالصور والقصص والفيديوهات والألعاب - التي تهدف لتحفيز المشاعر المثيرة جنسيا بدلا من المشاعر الجمالية والعاطفية. ومن اجل هذه الإثارة يقوم الأبطال في هذه الشرائط غير الفنية بخلع كل شيء بدءا من قيم دينهم ومجتمعاتهم و مباديء الفطرة الطاهرة التي فطرنا الله عليها واقل واخف أنواع الخلع ضررا في هذه النوعية من الأعمال هو خلع الملابس!! وللحق نحن نعيش منذ بداية الألفية الثالثة في حالة "انحلال " فني بلا خجل أو حياء .. حيث تحاصرنا أفلام تطعن في قيم المجتمع وتتحدي الأديان بقيمها الشاذة والمنفرة ومشاهدها المقززة وألفاظها التي تنشر البذاءة بين الناس .. لاسيما الشباب صغار السن. أفلام تتمسح بكلمة الفن والغريب أن الفنانين الحقيقيين يقبلوا أن يطلق عليها فن ..ولا اعرف ما الفن في أعمال لا يفكر صناعها إلا فيما يحدث خلف الأبواب المغلقة في غرف النوم..والهرولة خلف كل مظاهر التدني والوضاعة في المجتمع وتصويرها علي أنها واقع يرصده الفن!! لا اعرف كيف يكون من المقبول أن تتحول سيدات وفتيات لا يجدن إلا خلع الملابس والتلفظ بألفاظ خارجة عن الأدب واللياقة لفنانات لا يظهرن فقط علي الشاشة السينمائية بل انتشرن كالطاعون المعدي في بعض المسلسلات التي تعرض حتى علي شاشات التليفزيون الرسمي المصري!! لنكن صرحاء ..فالفن الحقيقي ليس ضد القيم المجتمعية والدينية ..الحلال في الفن هو الحلال في الحياة والحرام فيه هو الحرام في الحياة ..كتاب ومخرجي وممثلي السينما أو التليفزيون ليس دورهم خلق عالم بلا قيم بحجة حرية الرأي والتعبير وليست وظيفتهم تحدي مباديء المجتمع بحجة كسر التابوهات وألا تحول الفنانين لأشخاص منبوذين مجتمعيا ..قد يلاقوا الحفاوة وينالوا الشهرة والثراء لكنهم أبدا لن ينالوا الاحترام. وبما أن الفن الذي عرفناه وتربينا عليه وسيطرت به مصر علي وجدان العالم العربي كان فنا راقيا مهذبا محترما لذا لا يجب أن يسأل احد لماذا فقدت مصر قوتها الناعمة في العالم العربي خلال الخمسة عشر عاما الماضية .. تلك الأعوام التي أصبح العري فيها هدف والانفلات في المضمون والألفاظ غاية ..أعوام ظهرت فيها نجمات للإباحية تتواري أمامهن نادية الجندي ونبيلة عبيد بكل فجاجة كل أفلام الأولي وبعض أفلام الثانية خجلا !! ويأتي "حلاوة روح" علي قمة هذه النوعية من الأفلام الإباحية ومن هنا كان التعجب لغضب البعض الشديد من قرار منع عرضه وهو القرار الذي كان يجب أن يصدر من وزير الثقافة وليس رئيس الوزراء.. لكن ليست هذه هي القضية فالقضية الأهم تخص من تطوعوا للدفاع عن حرية الإبداع ورفض المنع تحت أي مبرر!! والسؤال هل التعري والشذوذ وتحدي تعاليم الله التي وردت في كل أديانه بالحياء والعفاف والاحترام والبعد عن الفحش هو إبداع ؟؟ هل إدخال أطفالنا في دائرة هذه الأفلام الإباحية وجعلهم أبطالها وتقديمهم لمشاهد تهتز لحرمتها السماء قبل الأرض .. فن ؟؟؟ وإذا رد البعض بان هذه النوعية من الأفلام هي التي تلقي رواجا وتدير صناعة السينما وتفتح بيوت ناس ..فلا اعرف هل لابد من مجاراتهم في القبول بفكرة بيع الضمائر والأعراض مقابل جني الملايين!! ومن يقبل بهذا فلابد أن يكون صريحا ويضع الأمور في نصابها ويعلن ان "حلاوة روح" - وكل ما علي شاكلته من أعمال - عملا إباحيا ..وهذه النوعية من الأعمال لا تعرض في دور العرض غالبا لأنها كما قلنا ليست أعمالا فنية!! فإذا أرادنا أن نكون مجتمع يحترم قيمة الفن الحقيقي لابد أن نعود لتقييم من يقدم هذه النوعية من الأعمال...إنما أن تتساوي قيمة هيفاء وهبي بفاتن حمامة وتحمل لقب فنانة فهذه إهانة وصفعة علي وجهنا جميعا ..أن يوصف باسم سمره بالممثل مثله في ذلك مثل نور الشريف ويحيي الفخراني فهذا عبث !! وإذا كان المنتج الذي يقدم هذه النوعية من الأفلام يوصف كمنتج فني فلابد أن نذهب لنبكي إمام مقابر المنتجين آسيا وحلمي رفله ورمسيس نجيب..وعلينا كذلك أن نعتذر علنا لصلاح أبو سيف وعاطف الطيب ومحمد خان وغيرهم المئات من المخرجين الكبار إذا ما لقبنا مخرج هذا العمل ومدير الرقابة علي المصنفات الفنية بنفس اللقب.