دنيا وفيها كل شى، وكل من جاها مشى، وكل ظالم إنخسف، والحق هو اللى إتنصف .. بهذه الكلمات المؤثرة اختتم المخرج الراحل صلاح أبو سيف قصة فيلم "الزوجة الثانية" بطولة صلاح منصور وشكرى سرحان وسعاد حسنى .. كان هذا الفيلم واحدا من أهم أفلام السينما المصرية التى استطاعت أن تنقل الواقع الحى الذى عاشته القرية المصرية فى أحلك عصور الجهل والظلم والطغيان .. والآن وبعد مرور 46 عاما على إنتاج هذا الفيلم تسعى الدراما المصرية لإعادة بعث القصة بنفس تفاصيلها لكن مع الفارق حيث يقوم الفنان عمرو عبد الجليل بتجسيد شخصية العمدة عتمان التى جسدها الفنان الرائع صلاح منصور، فى حين يجسد عمرو واكد وأيتن عامر شخصيتى أبو العلا وفاطمة وتقوم الفنانة علا عامر بتجسيد شخصية زوجة العمدة التى جسدتها الفنانة الراحلة سناء جميل .. وهكذا يفجر العمل منذ بدايته أزمة المقارنة بين أساطير الزمن الجميل وبين نجوم الدراما المصرية فى الوقت الحالى حيث يضع الفنانين فى مقارنة ظالمة. ليس هذا فحسب بل أن هذا العمل أيضا لن يضف شيئا جديدا فى سياق التأريخ لواقع القرية المصرية حيث استطاعت قصة الفيلم الذى تم انتاجه عام 1967 أن تنقل لنا بدقة تفاصيل الحياة فى الريف المصرى من حيث الجهل والفقر وانتشار الدجل والشعوذة والظلم وسوء تفسير آيات القرآن الكريم وتأويلها لتحقيق رغبة العمدة فى الزواج بالإجبار من فاطمة .. إلى جانب ما يطرحه الفيلم من جدلية العلاقة بين العمدة باعتباره الحاكم الفعلى وبين السلطة الممثلة فى الشرطة أو الأمن .. أيضا نقل هذا الفيلم معاناة الفلاحين من طغيان شخصية العمدة وقيامه باحتلال أراضيهم ومواشيهم واستغلالهم. واستطاع هذا الفيلم أيضا أن ينقل تفاصيل ومشاهد فى غاية الروعة عن واقع الحياة فى بيوت الريف ومظاهر العادات والتقاليد السائدة فى هذه الفترة. وهنا يصبح السؤال هو ما الذى تجنيه الدراما المصرية عندما تعيد إنتاج ما سبق إنتاجه، حيث كان من الأولى التركيز على التحولات التى شهدها الريف المصرى والقرى المصرية المنسية فى السنوات الأخيرة، ربما يأتى ذلك تلبية لدعوة الراوائى الراحل خيرى شلبى عندما أكد أن القرية المصرية لم تُكتب بعد. .. ومن ناحية أخرى أعاد مسلسل الزوجة الثانية إلى الحياة مرة أخرى مؤلف القصة الحقيقى وهو الكاتب اليسارى الراحل أحمد رشدى صالح، الذى يعد بحق واحدا من أفضل كتاب الأدب الشعبى فى مصر فى القرن العشرين.. والكاتب أحمد رشدي صالح ولد فى إحدى قرى محافظة المنيا، تلقى تعليمه الأولي بكتاب القرية، وبعدها التحق بالمدرسة الابتدائية وتدرج في مراحل التعليم حتى حصل على شهادة البكالوريا من القسم الأدبي (1937)، ثم التحق بكلية الآداب بجامعة القاهرة وتخرج في قسم اللغة الإنجليزية (1941)، ثم حصل على دبلوم معهد التحرير والترجمة والصحافة (1943) وعمل مذيعًا بالإذاعة اللاسلكية (1941 - 1945). .. تفرغ بعدها للعمل في الصحافة، كما عمل مساعدًا لمدير قسم التوزيع بمكتب الاستعلامات الأمريكي (1944 - 1945)، ثم أصدر مجلة الفجر الجديد (1945)، وعندما أغلقت عمل خلالها مدرسًا بمدرسة النهضة الثانوية (بنات) ثم مدرسة النهضة الثانوية (للبنين)، ثم الكلية الأمريكية، ثم عاد إلى العمل الصحفي فعمل سكرتيرًا لمجلة «النداء» ثم مديرًا لتحريرها (1951)، ثم تنقل بين عدد من المواقع الصحفية حتى ترأس تحرير مجلة «آخر ساعة» التي تصدرها مؤسسة أخبار اليوم: (1975 - 1980) فشهدت عصرها الذهبي في عهده، ويذكر أنه رقي وكيلاً لوزارة الثقافة (1962)، وقد عمل أستاذًا لمادة الفنون الشعبية بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية (1969)، وأستاذًا للمسرح قسم الدراسات العليا بالمعهد العالي للفنون المسرحية مدة 9 سنوات وكان عضوًا بمجلس إدارة مؤسسة المسرح، وعضو لجنة الفنون الشعبية بالمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، وعضو اتحاد كتاب مصر. وأنشأ مركز الفنون الشعبية (1957) والفرقة القومية للفنون الشعبي. .. - وله ما يزيد على 20 كتابًا متنوعة الموضوعات، منها: «قناة السويس» - القاهرة 1944، و«كرومر في مصر» - القاهرة 1945، و«الأدب الشعبي» - دار المعرفة - القاهرة 1954، و«فنون الأدب الشعبي» - دار الفكر - القاهرة 1956، و«الزوجة الثانية» (قصة) - المكتب الدولي للترجمة والنشر - القاهرة (د. ت)، و«الحب همسًا» (رواية)، و«أدب المقاومة»، و«رسائل من مصر»، و«ما بعد المقال»، و«من روائع القصص العالمي»، و«في آفاق التصوف»، و«مسألة فلسطين»، و«الأدب الشعبي مرآة المجتمع»، و«في الأدب والأدب الشعبي" ترجم عددًا من المؤلفات، منها: «علم الفولكلور» لألكسندر هجرتي كراب - دار الكاتب العربي – القاهرة. حصل على عدد من الجوائز الأدبية، منها: جائزة فؤاد الأول للتفوق في البكالوريا (1937)، وجائزة من الإذاعة المصرية (1945)، وجائزة جامعة الإسكندرية في الأدب الشعبي (1952).