تمر اليوم الذكرى الثانية لتنحى الرئيس المخلوع حسنى مبارك فى أعقاب ثورة يناير المجيدة .. تأتى هذا الذكرى فى مناخ ثورى عاصف وقلق .. فالشعب الذى احتفل بتنحى مبارك فى ليلة الحادى عشر من فبراير على أمل أن يجد أوضاعا جديدة ، هو نفسه الشعب الذى يشعر بعد عامين بأن الواقع لم يتغير كثيرا كما وجد أن الكثير من الأحلام تبخرت سريعا فى ظل الصراعات السياسية الشديدة التى تشهدها البلاد . فى مثل هذا اليوم دعا الشباب فى الميادين لمليونية حاشدة سميت بمليونية الرحيل وأعلن شباب الثورة عزمهم على الزحف الثورى إلى القصر الجمهورى لإجبار مبارك على الرحيل .. واستقبلهم الحرس الجمهورى بالأعلام ولم تقع أحداث عنف .. فقد كانت الثورة فى قمة نضجها .. ولم يسعى أحد للتخريب أو التلويح باقتحام القصر .. وإنما اكتفى الآلاف بالهتاف بسقوط النظام أسفل أسوار القصر الجمهورى .. وكان مبارك فى ذلك التوقيت قد غادر القصر بناء على نصيحة المشير طنطاوى و اللواء عمر سليمان .. وفى هذه اللحظات العصيبة خرج اللواء عمر سليمان ليلقى خطاب التنحى وخرجت الجماهير إلى الشوارع والميادين لتحتفل بانتصار الثورة . واليوم تعيد القوى الثوريية مشاهد جمعة الرحيل 2011 ضد نظام الإخوان بمسيرات كبيرة إلى التحرير والإتحادية بنفس الشعارات والهتافات وكأن شيئا لم يحدث .. هذا وقد قامت القوى الثورية بإصدار بيانا حكت فيه قصة الثورة المصرية بعنوان "ماذا بعد الانتصار الأول" وجاء به : يمر اليوم عامان على ذلك المساء الذي حبست فيه الأنفاس في ميادين التحرير، بل ويمكن أن نقول في بلاد العالم أجمع، والناس في انتظار خطاب طال انتظاره يعلن تنحي الديكتاتور حسني مبارك عن حكم مصر .. ورغم كل ما سال من دماء، وكل العيون التي راحت برصاص قوات أمنه وكل المصابين الذين سقطوا برصاصه وخرطوشه وقناصته.. أنيرت السماء بشماريخ الانتصار والهتاف وتبادل الثوار في الشوارع الأحضان، فقد سقط الديكتاتور الذي ظن أنه لن يسقط .. إنه يوم الحادي عشر من فبراير.. يوم احتفل الشعب المصري بخلع محمد حسني مبارك بعد ثلاثين عاما من القمع والفساد والنهب. ثمانية عشر يوما قضاها الثوار في ميدان التحرير يوحدهم هتاف "الشعب يريد إسقاط النظام" " عيش، حرية، عدالة اجتماعية".. وقضاها البعض في محاولات للتفاوض والحوار مع أبرز رموز مبارك على أمل أن يتم احتواء حركة الشارع وأن تعود الأمور إلى ما كانت عليها وإن بشروط أفضل.. تحاورت الرموز وبقي الثوار في الشارع وكان انضمام الطبقة العاملة إليهم بالإضراب والتظاهر الخطوة الحاسمة التي حسمت مصير الديكتاتور وجعلت خسائر الإبقاء عليه أكبر من التخلي عنه.. ولو مؤقتا. وأضاف البيان : حكم مباركي ثم حكم عسكري ثم حكم إخواني والقمع هو ذاته.. والفقر هو ذاته.. ومحاولات إجهاض الثورة هي ذاتها، وفي كل المراحل لم يتخل أي حكم منهما عن دعم فلول مبارك.. من أصحاب المال والسلطة والعلاقات.. لم يستغنى عنهم حكم العسكر لأنه جزء منهم.. ولم يتخل عنهم الإخوان المسلمين لأن مصالحهم مشتركة.. فلم يكن الخلاف أبدا خلاف بين قوى دينية وأخرى علمانية فقط.. وهو ما عبر عنه حسن مالك بوضوح حين قال "رأس المال لا يعرف الأيديولوجيا" وهو المبدأ الذي يتجسد الآن بأوضح أشكاله في عمليات المصالحة التي تتم على قدم وساق مع رموز النظام الذي يفترض أن الثورة خلعته حتى أنه لم يبق إلا أن يخرج مبارك من سجنه . واستكمل البيان : في كل تلك المراحل ظلت هناك قوى ومجموعات ثورية ترفض الاعتراف بانتهاء الثورة وبداية الاستقرار.. مجموعات وقوى قدمت أغلى شبابها وقودا للثورة ولم ولن ترضى سوى باستكمال تلك الثورة التي استشهد من أجلها الآلاف.. إنها تلك القوى والمجموعات التي كانت جادة فيما تقصده حين هتفت في التحرير بأن "الشعب يريد إسقاط النظام".. لم تكن تقصد تغيير الوجوه الفاسدة بوجوه أقل فسادا.. ولم تكن تقصد مزيدا من النزاهة في الانتخابات.. ولا دستور تكتبه قلة لا تعبر سوى عن نفسها.. ولا سياسة اقتصادية تزيد فقر الفقراء فقرا وثراء الأغنياء ثراء .. بل كانت مخلصة لما تهتف به من إسقاط النظام برموزه وسياساته وقمعه وانحيازاته في الذكرى الثانية لسقوط الديكتاتور آن لهذه القوى التي لم تتخل يوما عن نصرة الثورة ولم تقايض على شعاراتها ومطالبها بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية.. ان تسعي الى توحيد الجهود في جبهة ثورية موحدة تقود الثورة إلى انتصارها.. ذلك أن الأمر الوحيد الذي تغير جذريا مع ثورة 25 يناير الباسلة هو كسر هذا الشعب للخوف وتصميمه على العيش بكرامة. و وقع على هذا البيان كل من : اتحاد شباب ماسبيرو وحركة كفاية وحزب الدستور وحزب التحالف الشعبة الاشتراكى وحركة شباب من أجل العدالة والحرية و حزب الكرامة والجبهة الحرة للتغيير السلمى والحركة الشعبية لاستقلال الأزهر والتيار الشعبى وحزب مصر الحرية والإشتراكيون الثوريون وحركة شباب الثورة العربية.