نشرنا فى موقع " الشباب " ملفاً عن المدن الجديدة ..واستكمالاً لهذا الموضوع التقينا مع المهندس حسين صبور رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين والذى ارتبط اسمه بالإنجازات العملاقة في مجال الهندسة الاستشارية..وسنتوقف معه في هذا الحوار عن حال المدن – التي كانت – جديدة . تصوير: محمود شعبان نعود للوراء .. ماذا كان الهدف من المدن الجديدة.. وهل تحقق ؟! بداية المدن الجديدة ترجع إلي عام 1973 بعد حرب أكتوبر .. وقتها كلف الرئيس أنور السادات المهندس عثمان أحمد عثمان بتولي وزارة جديدة تتولي مشروعات التعمير ، وكان يهدف السادات من إنشاء الوزارة الجديدة إعادة تعمير مدن القناة الثلاث التي دمرت في أثناء حرب الاستنزاف ، في الوقت نفسه كان عثمان لديه قناعة بأن مصر سيأتي عليها بعض الرخاء أي سوف تنشأ فيها استثمارات عربية وأجنبية جديدة خاصة في الصناعة ، فعندما جاءت الصناعة في بداية الثورة لم تخطط لها تخطيطًا جيدًا في أماكن تواجدها فقامت بتوزيعها حول مدن القاهرةوالإسكندرية، وبالتالي أفسدت مدن حلوان وطرة وما حول الإسكندرية بيئيا وقضي التلوث علي أكبر مدينتين في مصر ونشأت مشاكل كثيرة بسبب عدم التخطيط الجيد في أماكن تواجد هذه الصناعات .. ففكر عثمان مع مستشاريه وتوصل إلي ضرورة إنشاء مدن جديدة بعيدة عن الرقعة الزراعية والمدن القائمة لاستيعاب الصناعات الجديدة وتم اختيار أماكن أول 4 مدن .. الأولي كانت تقع بين القاهرة ومنطقة قناة السويس وهي مدينة العاشر من رمضان والثانية تقع بين القاهرةوالإسكندرية في غرب الدلتا وسميت بمدينة السادات ، الثالثة فتم اختيارها جنوب غرب الإسكندرية وهي برج العرب والرابعة كانت 6 أكتوبر ، ومعظم المدن الجديده لم تحقق الهدف منها وذلك يرجع إما لسوء التخطيط في اختيار المدن كما حدث في مدينة 6 أكتوبر أو لعدم اقامة مدينة صناعية متكاملة كما حدث في مدينة السادات . كثرة الإعلانات عن العقارات والمنتجعات في وسائل الأعلام المختلفة توحي بعدم وجود أية مشكلة إسكان في مصر.. فما رأيك ؟ مشكلة الإسكان في مصر " مقلوبة " بمعنى أن النقص في الوحدات السكنية في المدن الجديدة في مصر بالملايين حيث أن أكثر من 2 مليون شقة عجز في المدن في مصر ، ولكن المشكلة أن الطبقة الغنية لديها شقة سكنية وشقة مغلقة وشقة مؤجرة وشقة للأولاد والأحفاد .. وقيمة العقار في مصر تتزايد أكثر من فائدة البنوك ولذلك هي وسيلة ادخار ، أما الطبقات المتوسطة فمن الصعب أن تجد شقة مناسبة وإن وجدت تكون متعبة اقتصاديا عليها ، والطبقات الأقل من المتوسطة والشباب والفقراء لا يمتلكون شققاً لأن دخولهم لا تكفي .. كما أن دخل الفرد في مصر ضعيف مما أدى لظهور الحي العشوائي الذي لم يكن له وجود من 50 عاماً . ومن المسئول عن أزمة الإسكان في مصر وارتفاع أسعارها ؟ّ بمنتهي الصدق والصراحة لم تكن عندنا أزمة إسكان في مصر حتى قيام ثورة 23 يوليو .. أول تدخل منها في العلاقة ما بين المالك والمستأجر كان يوم 15 ديسمبر 1952 وفجأة دون أي مبرر اقتصادي صدر قرار مجلس قيادة الثورة بتخفيض إيجار الشقق 15% ، وفجأة أصدرت الثورة قرار آخر سنة 1954 وهو إنشاء لجنة توزيع أعمال البناء والهدم التي تمنع هدم البيوت .. كما قامت اللجنة أيضا بتحديد حصة للبناء لكل محافظة ..فيتقدم المواطن لوزارة الإسكان لطلب البناء وفي حالة نفاذ حصة المحافظة المراد البناء عليها يمنع إصدار تراخيص بناء لحين تحديد حصة المحافظة للعام القادم وبذلك لا يستطيع أحد البناء في أي وقت، ثم تدخلت اللجنة أكثر في تحديد الحصة وقسمت الحصة إلى 5% إسكان فاخر و 6% إسكان فوق المتوسط و 6% أسكان متوسط وهذا أثر جداً على التعمير وقلل ما يبنى من المساكن ..و بعد عام 1961م أصدرت الدولة أربعة قوانين متتالية ومنها تخفيض 15% من الإيجارات مرة أخرى للشقق التي لم تخفض من قبل ثم بعد مرور عام واحد أصدرت قراراً آخر بتخفيض الإيجارات 20% .. وبمرور الوقت والقرارات طلب المالك (خلو رجل) لتعويض الايجار ولكن الدولة أصدرت قراراً بسجن المالك الذي يأخذ خلو رجل وكل ذلك أدى إلى عزوف القطاع الخاص والمواطنين عن البناء . س. هل ما قامت به الدولة من الاستثمارات إسكانية لمحدودي الدخل كاف لحل الأزمة السكانية ؟ نهائياً .. لأن المستثمر غرضه الربح ولا نطلب من المستثمر أن يكون له غرض آخر ، ولكن بعد الربح قد تكون له أغراض اجتماعية ولكن ليس على حساب الربحية .. وبعد إلغاء القوانين التي ذكرتها من قبل بدأت الشركات العقارية البناء للطبقات القادرة على الشراء واللذين أقدموا على شراء الشقق الفاخرة جزء لاستعماله وجزء مخزن قيمه لاستثماره .. وبدأت الشركات لحل مشكلة الإسكان لفوق المتوسط وهذه شريحة ضعيفة من المجتمع . انخفضت أسعار العقارات في معظم دول العالم ..فما أسباب عدم انخفاضها في مصر ؟ ليس في كل دول العالم مثلاً في شرق آسيا حدثت أزمة وانخفضت أسعار العقارات منذ 15 سنة وكان السبب في ذلك في أنهم كانوا يبنون بقروض خارجية وسريعة وقصيرة عكس مصر مما اضطر المستثمر في شرق آسيا لبيع العقار سريعاً وبسعر منخفض.. كما أن التمويل العقاري ظهر في مصر متأخر جدا عن العالم والعالم كله يعمل بنظام التمويل العقاري منذ سنوات طويلة ، والتمويل العقاري في مصر أدى دور جيد هو لم يحل كل ألازمات ولكن ساعد مواطنين كثيرين من أنهم يتملكوا شققاً وأراضى . كيف نحمى المواطنين من شركات الاستثمار التي تأخذ أموالهم ثم تبيع الوهم لهم ؟ أولا القانون لا يحمى المغفلين والمواطن الذي يتجه إلى هذه الشركات ليس معفياً من المسئولية .. فيجب قبل التوجة إلى شراء شقة أن يسأل عن الرخصة وعقد الملكية وإذا رفضت الشركة أعطائة هذه المستندات لا يتعامل معها لكن مع الأسف المواطنين في مصر لا يذهبون إلى المحامى إلا عند الوقوع في مشكلة ..والاهم أن المواطن الذي يتوجة إلى شراء شقة لابد أن يتأكد من تاريخ الشركة وليس كل مواطن عندما يشاهد إعلاناً في الجرائد عن شركة عقارات تقدم شققاً بمواصفات مناسبة وثمنها رخيص فيأخذها فرصة ويجرى للحجز فيها.. فهناك خطأ من المواطنين في تسرعهم إلى هذه الشركات .. وأيضا الحكومة عليها واجب وهو أنها تراقب هذه الإعلانات .