مقابل جنيهات معدودة بدأ حياته العملية بعد تخرجه في كلية الهندسة بجامعة القاهرة عام 1957 بتصميم قبر لشخص يدعي أمين المصري لكن في 15 نوفمبر 2009 يكمل المهندس حسين صبور عامه السبعين ووراءه عشرات المشروعات العملاقة. وفي رصيده مثلها من ملايين الدولارات! قد يتصور البعض أن الحوار مع شخص بوزن وخبرة حسين صبور، يستوجب قراءة آلاف الكلمات، وعندما تقابله يدهشك ببساطته وأبويته، لكن عندما تطلب شهادته ورأيه في القضايا السياسية والاقتصادية، يتحول إلي شاب في العشرين لا يخشي أحداً ولا يجامل أحداً، ينتقد ويهاجم فتتحول كلماته إلي طلقات رصاص لا ترحم. "روزاليوسف" سألته في كل الملفات الساخنة، من السياسة إلي البيزنس وحتي الرياضة، وإليكم نص الحوار: قلت في حديث لقناة المحور العام الماضي، إن الحكومة فاشلة، وتخشي قيام ثورة فقراء ومطحونين، هل مازلت عند رأيك؟ وما الأسباب العريضة لهذا الفشل؟ - لا لم أقل أن حكومة أحمد نظيف فاشلة، فالحكومة الحالية يمكن أن تكون من أحسن الحكومات التي مرت علي وأنا أمارس أعمالي رغم الأزمات العالمية التي صادفتها فهي أول حكومة تنفذ سياسات مدروسة منذ رحيل حكومة الدكتور عاطف صدقي، التي اعتبرها أنجح حكومة في عهد الرئيس حسني مبارك، فقد نجحت في تغيير المجتمع، وهي الحكومة التي أحدثت تغييراً مالياً حقيقياً، في ذروة الأزمة المالية التي مرت بها مصر. فقد جاءت حكومة صدقي والقطاع العام الذي يحقق خسائر متواصلة، يسيطر علي غالبية الأنشطة الإنتاجية والخدمية، والحكومة الحالية تبني علي ما بدأته حكومة الدكتور صدقي، لأن كل الحكومات التالية لوزارة عاطف صدقي كانت فاشلة، وشهدت مصر خلالها تراجعاً حاداً في الأداء والسياسات الحكومية، وهو ما أفرز تركة ثقيلة من المشاكل في قطاعات حيوية مثل التعليم والصحة والزراعة والتشغيل والإسكان، تعاني منها الحكومة الحالية ففي النهاية نعاني من مشاكل كثيرة، ولدينا "مطحونين أكثر". وبماذا تفسر ظهور مشكلات هذه القطاعات؟ - هذه المشكلات تقف وراءها ثقافة خطيرة وهي ثقافة الحلول المؤقتة والجزئية غير المتكاملة، فمثلاً عندما قررنا إنشاء شبكة صرف صحي، كان ذلك لمواجهة طفح المجاري في القاهرة والجيزة، ولكن بدلاً من صرف هذه المخلفات بطريقة صحيحة، تم ضخ مياه المجاري في المصارف لري الأراضي الزراعية، وهذه كارثة صحية ولا يوجد مثيل لها في العالم، فجميع دول العالم تستغل مياه المجاري فقط في ري الأشجار ومساحات الخضرة الموجودة في الشوارع، وليس ري المحاصيل الزراعية والتي لا يأكل منها الناس، فنحن نعاني من غياب التنسيق بين وزارات الإسكان والتعمير والصحة والري والزراعة. كذلك في قطاع التعليم نركز فقط علي بناء المدارس، رغم أن بناء المدارس ليس سوي جزء من المنظومة التعليمية التي تحتاج لنظرة استراتيجية جديدة، فقد ثبت فشل نظام الحفظ والتلقين، فنظامنا التعليمي الحالي لا يخرج لنا قائداً أو مبتكراً، ولابد من نظام تعليم منفتح اقتصادياً لكي ينهض المجتمع. مؤخراً صرح رئيس الوزراء د. أحمد نظيف أن الاقتصاد متعافي رغم الأزمة المالية العالمية وسيحقق 4٪ نموا هذا العام؟ - هذه النسبة تمثل نصف نجاح، لكن النجاح الكامل الذي نتمناه هو أن نصل إلي معدل نمو 7٪ ونستمر علي ذلك، بشرط أن يشعر المواطن العادي بهذا النمو الاقتصادي، من خلال تحسن الدخل والقدرة الشرائية، وتوفير الخدمات بجودة عالية وغيرها من مظاهر النمو. كنت من أوائل الذين دافعوا عن الخصخصة، هل نجحت التجربة المصرية؟ - أنا مؤمن تمام الإيمان بجدوي الخصخصة بالنسبة للحالة التي وصل إليها القطاع العام المصري، لكني لست متابعاً لعمليات خصخصة كل شركة، فربما كانت هناك أخطاء في التطبيق. وبصراحة شديدة علي من يعارض الخصخصة أن ينظر لدول أوروبا الشرقية التي كانت أكثر اشتراكية من مصر، ومع ذلك نفذت برامج الخصخصة في زمن أقل من مصر بكثير، وكانت النتائج إيجابية علي الاقتصاد وعامة الشعب في هذه البلدان. وعلي فكرة أنا سبقت الحكومة بتجربة الخصخصة وكنت أول من استخدم نظام "بي أو تي" عندما اسندت إنشاء صالة بولينج لأحد أعضاء النادي مقابل استغلال دخل الصالة لمدة 10 سنوات دون أن أكلف النادي مليماً واحداً. لدينا مشكلة إسكان، فهل ابتلع الإسكان الفاخر فرص الطبقات الوسطي والفقيرة في مسكن لائق؟ - نعاني من نقص هائل في أعداد الوحدات السكنية، فعدد الزيجات السنوية في مصر لا يتجاوز 600 ألف زيجة، نصفهم في المدن والآخر في الريف، بخلاف سكان العشوائيات من يسكنون المقابر وعلي أسطح البيوت، وداخل البدرومات وأيضاً من يسكنون في العشش والتجمعات العشوائية. المليارات التي أنفقتها الحكومة والقطاع الخاص علي الاستثمار العقاري السياحي، هل عادت بالنفع علي الاقتصاد الوطني، أم أن ضررها أكثر من نفعها؟ - الأموال التي أنفقتها الدولة المفروض أنها لا تذهب هباء، فالقري والمنتجعات السياحية والمنشآت الفندقية هي أحد أعمدة صناعة السياحة التي تدر علي المجتمع دخلاً بالعملات الصعبة، كما أنها أحد قطاعات تشغيل العمالة. صحيح أن السياحة في بلدنا تحتاج إلي مجهودات جبارة، لكن أمامها فرصاً كثيرة لتصبح مصدر الدخل القومي الأول، ويمكن لعدد السائحين أن يقفز من 12 مليون سائح سنوياً الآن إلي 30 مليون سائح، فبلد مثل فرنسا يزوره في العام حوالي 85 مليون سائح، وكلما زادت المنشآت والخدمات السياحية، زادت فرص تشغيل الشباب، وانتعشت صناعات وأنشطة أخري مرتبطة بصناعة السياحة. ورغم أن طريق مصر الآمن والمضمون لتحقيق طفرة في الدخل القومي عن طريق السياحة، يكمن في استغلال سواحلها التي تمتد عبر البحرين الأحمر والأبيض لمسافات هائلة، إلا أن الدولة صنعت كارثة بتوزيع أراضي الساحل الشمالي علي جمعيات وهيئات ونقابات مفلسة، بل وقامت الدولة نفسها بإنشاء قري مراقيا وماربيلا ومارينا، لتظل هذه القري والشواطئ الهائلة مهجورة طوال السنة إلا في شهرين أو ثلاثة وكان الأولي أن يتم تحويل هذه الشواطئ إلي أماكن جذب للسياحة العالمية، فنحن أفقر دولة سياحياً علي البحر الأبيض المتوسط، مقارنة بدول عربية وأوروبية وحتي إسرائيل، وأيضاً مقارنة بدول خليجية. ومؤخراً تنبهت الدولة لهذه الكارثة وبدأت في تخصيص قطع أراض لبناء فنادق ومنتجعات سياحية علي الساحل الشمالي ولكنها قليلة جداً. وأنت خبير تنمية عمرانية، ما رأيك في ممر التنمية الذي يدعو له العالم المصري فاروق الباز بحماس شديد؟ وهل فكرة هذا المشروع قابلة للتطبيق بنجاح؟ - لم أدرسه بعد، لكني حضرت ندوة تناقش فكرة الممر، والمشروع يحتاج دراسة متعمقة من الدولة بواسطة مجموعة من خبراء التنمية الاقتصادية والاجتماعية لتتعرف علي جدواه، وفي كل الأحوال هو فكرة جيدة من عالم ومفكر جيولوجي، لديه خرائط تفصيلية عن كل الثروات الطبيعية في باطن هذه الأرض بطول الصحراء الغربية. وهناك فكرة ثانية وهي تعتمد علي تنمية شريط طولي مساحته 2000 أو 3000 متر بطول سواحلنا الممتدة، وهي أسهل بكثير من تنمية مشروعات صحراوية مثل توشكي والوادي الجديد. كيف يمكن تقييم تجربة حسين صبور المهنية؟ وهل تغضب لو قلت لك أن اسمك أكبر بكثير من المشاريع المنسوبة إلي شركتك أو شركاتك، بخلاف عثمان أحمد عثمان مثلاً أو حسن علام أو مختار إبراهيم وغيرهم؟ - مثل أي تجربة بشرية فيها أخطاء، لكن بها كثير من الإنجازات والحمد لله، فقد كان مكتب حسين صبور هو استشاري الخط الأول والثاني من مترو الانفاق، كما قمت بتخطيط مدن 6 أكتوبر والسادات وبني سويف الجديدة، وكنت الاستشاري لعدة مصانع تابعة لوزارة الإنتاج الحربي، بالإضافة للكثير من المشروعات خارج مصر. قد يشعر البعض أن حسين صبور رغم نصف قرن من الحياة العملية، يتنقل باحثاً عن أسطورته الذاتية، كما يقول الأديب البرازيلي باولو كويلهو في "ساحر الصحراء"؟ - أنا مواطن عندي 70 سنة، ولم يبق من العمر مثل ما مضي منه، وأعتقد أنني حققت أسطورتي الذاتية منذ زمن، والآن ليس لدي أية مطامع أو مطامح سياسية أو حزبية، فأنا لا أنتمي لأي حزب ولا اقتنع بأي حزب في مصر، فأنا ضد خلط البيزنس بالسياسة، فرجل السياسة لا يجب أن يعمل في البيزنس، ورجل البيزنس لا يصح أن يعمل بالسياسة. وأنا شخصياً لا أرغب في العمل الوزاري ولا أقترب منه، ولو دخلت لعالم السياسة لأنهيت نشاطي في البيزنس فوراً، وكل طموحي هو تحسين أداء مكتبي وشركتي. بمناسبة الصحراء، البعض يري أن الوادي هو قدر مصر المحتوم، وأن أي توسع في الظهور الصحراوية محكوم عليه بالفشل؟ - اللجوء للظهير الصحراوي فكرة جيدة، فمثلاً لو فتحنا للناس فرص عمل في سيناء لانتقل الناس للإقامة في سيناء، لكن لماذا لا يتم تعمير سيناء؟، لأنه لا توجد فرص عمل. وعلينا أن نتذكر دوماً أن الأصل في الظهير الصحراوي، ألا يجور علي الأراضي الزراعية، فما الجدوي من استصلاح الأراضي الصحراوية، وفي الوقت نفسه البناء علي الأرض الزراعية. والفكرة جيدة بشروط هي: أن يوفر الظهير الصحراوي فرص عمل جيدة، في ظل وجود استثمارات جديدة. نأتي لجمعية رجال الأعمال التي ترأس مجلس إدارتها، ما خطط الجمعية المستقبلية، وهل يمكن لمثل هذه التجمعات أن تلعب دوراً إيجابيا مؤثراً أم أنها أماكن للوجاهة فقط؟ - أحلم بأن تكون لرجال الأعمال في بلدنا قوة تأثير سياسي واقتصادي واجتماعي، مثل التي في أمريكا وبعض البلاد الأوروبية، لكن ذلك لن يتحقق في المستوي المنظور، فالحكومة لن تسحب يدها، وكل ما نطلبه من الحكومة أن تكون حركتها أسرع وتسهل الإجراءات البيروقراطية المعرقلة للاستثمارات. فمازال رجل الأعمال أو المستثمر يعاني مثل المواطن العادي عند استخراج رخصة مبني وقد تستغرق الإجراءات 8 شهور، أما تسجيل المبني في الشهر العقاري فيستغرق 6 أشهر، أنا كرئيس لمجلس إدارة نادي الصيد تقدمت بطلب ترخيص مبني داخل النادي منذ سنة ولم أحصل علي الترخيص ما دفعني إلي إرسال إنذار علي يد محضر لمسئولي الحي. وماذا عن ولعك بنادي الصيد والانتخابات الأخيرة ومشروعات الإدارة في ولايتها الجديدة؟ - نادي الصيد هو بيتي الثاني، والحمد لله نجحت ومعي قائمتي بالكامل وحصل فريقي علي أصوات أعلي بكثير من منافسيهم، وبدأنا ننفذ خطة طموحة للنهوض بالنادي من خلال 3 مشروعات أساسية، الأول خاص بشراء أرض وبناء فرع للنادي في مرسي علم، والثاني ضم 10 أفدنة لفرع القطامية، والثالث إنشاء فرع لنادي الصيد في الساحل الشمالي غرب الإسكندرية.