منذ عامين كانت آلاف الأسر المصرية تعيش حالة من القلق ليس فقط بسبب أحداث ثورة 25 يناير ومشاركة ابناءهم فيها ، لكن أيضاً بسبب غموض مستقبل عشرات الآلاف من الطلاب وسط شائعات بإلغاء العام الدراسي ، لكن بعد سقوط النظام السابق وعودة الطلاب إلي مدارسهم ظل شبح الإنفلات الأمني يهدد الامتحانات تحقيق : محمد وليد بركات لكن وسط هذا الجو المشحون استطاع أوائل الثانوية العامة ليس فقط تحقيق النجاح .. بل والتفوق أيضاً ، ثم تزامنت أحداث ماسبيرو محمد محمود ومجلس الوزراء في 2012 مع أول عام جامعي لهم ،والآن ونحن نحتفل بعيد الثورة الثاني ، وبعدما قضوا عاماً ونصف داخل الجامعة ، بحثنا عن هؤلاء الأوائل باعتبارهم نجوم " دفعة الثورة " لنرصد أحوالهم ، وكيف سارت بهم الأيام داخل الحرم الجامعي .. وهل استمر تفوقهم أم تراجع مستواهم الدراسي ؟! . ريهام منصور حاصلة علي المركز الثامن في الشعبة الأدبية بالثانوية العامة ، تقول : التحقت بكلية الإعلام جامعة القاهرة ، ورغم حصولي علي منحة دراسية للدراسة بإحدى الجامعات الأجنبية الخاصة إلا أنني فضلت دراسة المجال الذي أريده ، وأنا مؤمنة بضرورة دراسة كل طالب للتخصص الذي يتناسب مع مهاراته، ولذلك فأنا أؤيد تطبيق فكرة المواد المؤهلة للكليات، وهو نظام موجود في دول كثيرة ، لكننا في مصرنعتقد أن الوصول إلي القمة مرتبط بدراسة الطب أو الهندسة، رغم أن هناك مجالات كثيرة لا تقل أهمية مثل الإعلام الذى له معايير وأخلاقيات وتشريعات وقواعد مهنية لا يجوز الخروج عليها، ومن ثم يجب أن يكون العاملون بالإعلام من دارسيه ، مع الالتزام بالقواعد المهنية ومعاقبة من يخرج عليها ، فالواجب على الإعلاميين تغليب مصلحة الوطن في الممارسات الإعلامية ، فنحن نحتاج إلى إعلاميين لديهم ضمير ، والمهنية أيضا تتحقق بجودة التعليم، فمثلا في كليتي نعاني منأن أعداد الطلاب كبيرة جدا مما يؤثر سلبا على جودة التعليم وخاصة التدريب العملي، ناهيك عن تدنى المستوى الأخلاقي لبعض طلاب الجامعة ، فهناك حالة من الإهمال وعدم الجدية وكأنهم فى نزهة ، أما عن تأمين الحرم الجامعي فأنا لست مع عودة قوات الشرطة لتأمينه ؛ لأن وجودها سبب العديد من المشكلات فيما يتعلق بإساءة معاملة الطلاب، ومنظومة التعليم لدينا كلها تحتاج إلى تعديل، بحيث يعتمد على التفكير والإبداع لا على الحفظ والتلقين، ولذلك البحث العلمي في مصر متدهور وأتمنى السفر للدراسة في أوروبا وخاصة ألمانيا، فقد زرت إحدي جامعاتها وأعجبني جدا مستوى التعليم فيها والمعامل هناك شيء رائع . و يقول أيمن صقر ، حاصل علي المركز الثاني مكرر في الشعبة العلمية (رياضيات): التحقت بكلية الهندسة بإحدي الجامعات الخاصة التى حصلت منها علي منحة دراسية ، وبصراحة .. وجدت هناك خدمة تعليمية ممتازة فيما يتعلق بالمادة العلمية والأساتذة والوسائل التعليمية مثل قاعات المحاضرات والمعامل والورش مما أهلني للحصول على المركز الأول علي الدفعة في الفصل الدراسي الأول من العام الماضي ، أما عن تراجع مستوى بعض أوائل الجمهورية في الدراسة الجامعية، فقد يكون ذلك راجعا إلي تعودهم في المدرسة على المذاكرة بأسلوب لا يعتمد على التفكير بشكل كبير وهو ما لا يتناسب مع الدراسة الجامعية، فالامتحانات في مرحلة التعليم ما قبل الجامعي لدينا لا تقيس تفكير الطالب أو علاقته بالحياة الواقعية بقدر ما تقيس الحفظ، ولذلك لابد من حل مشكلة مجموعات ومراكز الدروس الخصوصية، والتي أصبحت "مدارس من نوع جديد" , وأرى أن ميزتها تكمن في أن الطالب يستطيع اختيار معلمه بنفسه, وإذا استطاع القائمون على التعليم منح حرية أكبر للطلاب في هذا الاختيار بدون مبالغة وبناء على خطط دقيقة، فإن المدارس ستعود إلى أداء دورها تدريجيا وتختفي الدروس الخصوصية، والدليل أنني لست في حاجة إلي دروس خصوصية في الجامعة بسبب المستوى التعليمي المتميز الذي أحصل عليه، أما عن الجامعات الحكومية فأرى أنه يجب الارتقاء بمستواها بتزويدها بالمعامل الحديثة، ورفع رواتب أعضاء هيئة التدريس والهيئة المعاونة، وتوسيع نطاق التبادل الطلابي بين الدول، وأنا لا أرى ضرورة وجود قوات من الشرطة في الحرم الجامعي نفسه, ولكن في نفس الوقت يجب ألا تكون بعيدة عن الجامعة، وكذلك الاهتمام بالعلوم الاجتماعية كما تفعل الدول المتقدمة، وأتمنى إتمام دراساتي العليا في مدينة زويل العلمية بعد اكتمالها ، ثم السفر إلى أوروبا لاستكمال دراستي هناك، لكنني لن أهاجر بل لابد من العودة إلي الوطن مرة أخرى، وأنا لدي أمل بنسبة 70% في مستقبل أفضل، علي الرغم من اتجاه البلد نحو الأسوأ بسبب الفتن التي يتسبب البعض في إشعالها، وأناشد النخبة السياسية في مصر " ألا يشعلوا نار الفتنة , وأن يحاولوا تكريس خبراتهم السياسية لمصلحة الوطن بدون التفكير في كرسي الحكم " . أما المعتز بالله رفعت فهو حاصل علي المركز الخامس مكرر في الشعبة العلمية (رياضيات) ، ويقول : التحقت بكلية الهندسة بجامعة القاهرة، رافضا منحة للدراسة في جامعة خاصة ، لأن هدفي منذ البداية كان قسم هندسة الاتصالات والإلكترونيات، والحمد لله حصلت على المركز الرابع عشر على مستوى الكلية في السنة الإعدادية بكلية الهندسة ، أما عن تراجع مستوى بعض أوائل الجمهورية في الدراسة الجامعية فقد يكون بسبب الثقة الزائدة بالنفس التي تؤدي إلي نتيجة عكسية ، وعموما أنا راض عنمستوى التعليم في كليتي، وخاصة في قسمي، فهو الوحيد في كلية الهندسة بجامعة القاهرة الحاصل على شهادة الجودة، وأساتذته على مستوى علمي متميز ، وإن كان هذا لا ينفي وجود بعض السلبيات التي لا أستطيع وضع حلول لها جميعا، ولكن منها تعديل طريقة تعيين المعيدين بحيث لا ترتبط بالضرورة بأوائل الدفعات، بل يتم اختيار من تتوافر لديه القدرة على تعليم الغير، وإلا فسيصبح أستاذا فاشلا مما يصيب المنظومة كلها بالإحباط والفشل، هذا إلا جانب تقويم المنظومة الأخلاقية للطلاب، إذ لا أشعر بفرق بين الحرم الجامعي وأي ميدان عام أو حديقة خارج الجامعة، وأري أن الحرم الجامعي في حاجة إلي عودة رجال الشرطة إليه لضبط النظام ، وليس لفرض سيطرة على الطلاب وتحجيم حريتهم وحقوقهم، كما أطالب بمحاصرة ظاهرة الدروس الخصوصية، ومما يزيد من سلبياتها أن الممتحن يضع امتحانا ساذجا "من المنهج" لا يقيس الفهم بل الحفظ ، لنرى الفرحة على وجوه الطلاب وسعادة مدرسيهم الخصوصيين بأن "الأسئلة لم تخرج من مذكراتهم"، فماذا ننتظر سوى أن يستمر الطالب في "تعاطي" الدروس الخصوصية؟! . وتقول رهف محمد .. وهي حصلت علي المركز الأول في الشعبة العلمية (علوم): التحقت بكلية الطب البشري بجامعة عين شمس، ورغم حصولي على منحة دراسية لدراسة الصيدلة بإحدي الجامعات الخاصة إلا أنني فضلت دراسة الطب البشري، واخترت جامعة عين شمس لقربها من محل إقامتي، وعلى الرغم من حصولي علي تعليم جيد إلى حد ما، إلا أنني لم أحصل على ترتيب السنة الماضية، لشعوري بالتعب والإرهاق بسبب مجهود العامين الماضيين، فقررت الراحة في أول عام وخاصة أن نظام الكليات العملية كالطب والهندسة أصعب ومختلف تماما عن نظام الثانوية العامة، وبالتالي ليس من الضروري أن أحقق تميزا في أول عام جامعي كما حققت في الثانوية العامة، وربما يحدث هذا في الأعوام القادمة، ومفاهيم التعليم لدينا بحاجة إلي إعادة نظر، فعلينا الاهتمام بالجوهر وليس بالدرجات، ويجب أن نقيس التفوق بقدرة الطالب العلمية وليس الحفظ، وتغيير نظام اختيار المواد بحيث يكون على حسب ميول الطالب، فلا يذاكر مواد يكرهها أو لا يريد أن يتخصص فيها بعد ذلك، ولذلك أؤيد فكرة السنة المؤهلة إلي الكليات فإذا كنت أريد دراسة العلوم السياسة، لماذا اختبر في الرياضيات؟ الأجدر أن اختبر في التاريخ والفلسفة وعلم النفس واللغات وما إلى ذلك، وهذا ينقلنا إلى حق الطالب في اختيار التخصص الذي يدرسه، فمثلا هناك من يميل إلي دراسة الأدب وينجح فيها، فنوعية المواد الدراسية ليست مقياساً للفشل أو النجاح، فلا غنى عن هذه العلوم مهما بلغ دور التكنولوجيا الحديثة، وأنا معجبة جدا بمشروع مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، وأتمنى الدراسة به لإيماني بأن فيه تعليم صحيح، وأعتقد أنه سيجلب التقدم لمصر قريبا جدا، وأتمنى أيضا السفر إلي الخارج لاكتساب المزيد من العلم والخبرة؛ لأنهم أكثر تقدما منا وتجب الاستفادة من خبراتهم . ميسون عاصم .. الحاصلة علي المركز الرابع في الشعبة العلمية (علوم) تقول :التحقت بكلية الطب بجامعة عين شمس، وقد حصلت علي المركز الأول علي دفعتي في العام الماضي، ومستوى الدراسة أفضل مما توقعت، ووحدة ضمان الجودة في الكلية بدأت تؤتي ثمارها وخاصة في مجال تعديلهم لطريقة الاختبارات مثلا الاتجاه الآن إلي اختبارات تعتمد علي الفهم أكثر، ومع ذلك فدراسة الطب شاقة وأفتقد التشجيع والاهتمام الكافيين، فمن المؤثر أن يكون لديك شخص ملهم في حياتك ينير لك الطريق، وأتمنىزيادة الاتصال الفعال بعدد من الدول للاقتباس من تجاربهم فعليا وأن يقوم بذلك مجموعة من الطلاب بأنفسهم، ثم يقدمون ما وجدوه صالحا للتنفيذ بمصر، وأن يكون لكل كلية مكتبا لدراسة سوق العمل يقدم توجيهاته للجهات الأكاديمية ويكون علي اتصال بالطلبة والخريجين، وهذه فكرة مطبقة بالفعل في بعض الجامعات بمصر، وأن يدرس الطالب ما يجد نفسه شغوفا به، وكذلك الاهتمام جديا بقضية البحث العلمي، فهو استثمار طويل الأمد وهو الوحيد القادر علي نهضة الأمة كاملة، يجب أن نهتم بالباحث المصري وأن نوفر له المناخ الملائم لعمله، فلن يلتفت أحد الشباب النابهين إلي طريق البحث العلمي قبل أن يؤمن طريق قوته اليومي .