منذ زمن طويل ومهنة الحاوي قد ارتبطت في أذهان أبناء المناطق الشعبية بالشخص الذي لديه قدرات خاصة والتي من خلالها يستطيع إبهار جمهوره الذي يقابله في الشوارع والحواري والميادين، ولكن مع تطور الحياة اندثرت مهنة الحاوية في مظهرها الشعبي وخرجت بأشكال أخرى أكثر تطورا وإبهارا ولكن مازال الحاوي الشعبي يبحث عن لقمة العيش بطريقته التقليدية.. يقول محمد الجن: لقد ورثت هذه المهنة عن أبي حيث أني كنت أنزل لمساعدته في العمل منذ كان عمري 8 سنوات فقط، فكنت أذهب معه إلى الموالد وأساعده في العروض التي كان يقدمها لجمهور تلك الموالد، وتدربت على يديه أصول المهنة، ومازلت أتدرب يوميا على الحركات التي أقدمها في العرض لأني إذا تخلفت عن تلك التدريبات لن أستطيع أن أستمر في المهنة التي فقدت بريقها مع الزمن، فأصبح الناس في الوقت الحالي يشاهدون عروضا عبر الإنترنت أكثر تطورا مما نقدمه، وهو ما جعلني لا أستطيع العمل إلا في المناسبات والأعياد والموالد فقط بعدما كان أبي يعمل يوميا، ففي كل يوم كان ينزل إلى منطقة مختلفة يجوب شوارعها ويكسب قوت يومه من عروض لها جمهور كبير من مختلف الأعمار، وكان عرضه يستمر لأكثر من نصف الساعة، ولكن حاليا لم تعد المهنة تجني بثمار تعبها ومشقتها، فالحاوي الذي كان معروفا بأن جرابه يحتوي على الكثير، فلم يعد به سوى زجاجة الجاز وشريحة المسامير، بخلاف بعض الحركات البهلوانية التي أستخدمها في بداية العرض للفت الانتباه، وهو ما يكفي لجمهور أصبح أغلبه من الأطفال وقلة قليلة من الكبار، فأتذكر حينما كنت أنزل مع أبي في الشوارع كانت تتحول شرفات وبلكونات البيوت إلى مدرجات مسرح ضخم حاشدة بالجماهير، وبمجرد أن كان ينتهي من عرضه كان يحظى بتصفيق حار ويلقون له بالنقود دون أن يطلب منهم ذلك، ولكن الآن أصبحت الشرفات خالية وأصبح الرزق قليل، وما يجعلني مصرا على هذه المهنة لأنها العمل الوحيد الذي أجيده ولم أتعلم غيره ولم أكن أتوقع أن باختلاف الزمن قد يفقد الحاوي جمهوره وشعبيته بهذه الشكل.. والآن نترككم مع أحد عروض الحاوي من خلال هذا الفيديو.. الفيديو