قضت محكمة القضاء الإدارى أخيرا برفض الدعاوى المقامة من الشيخ يوسف البدرى والمحامى ثروت الخرباوى وآخرين ضد الدكتور حسن حنفى أستاذ الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة والدكتور سيد القمنى المفكر المعروف .. وهى الدعوى التى تعود وقائعها لعام 2009 والتى تم فيها اختصام وزير الثقافة الأسبق فاروق حسنى لحجب جائزة الدولة التقديرية عن الكاتبين واتهامهما بالكفر وإزدراء الأديان وإهانة الصحابة وأمهات المؤمنين. وقضت المحكمة فى جلستها أيضا بتبرأة الكاتبين مما هو منسوب إليهما من تهم تتعلق بالكفر وإزدراء الدين وترويج مؤلفات تتطاول على العقيدة. وكانت المحكمة قد طلبت من مجمع البحوث الإسلامية بإعداد تقرير مفصل عن مؤلفات الدكتور حسن حنفى والدكتور سيد القمنى وانتهى المجمع فى تقريره الذى أعده فى مايو 2010 إلى تكفير الكاتبين واعتبار ما يكتبونه خروجا على تقاليد الدين ووفقا للتقرير قضت المحكمة بمنع 12 كتاب للدكتور سيد القمنى من النشر والتداول وذكر التقرير أن هذه الكتب تتضمن طعنا وتحريفا وتكذيبا فى حق الرسول والصحابة وقضت المحكمة أيضا بوقف تداول ونشر 3 كتب للدكتور حسن حنفى لاتهامه بالترويج للفكر الشيوعى الإلحادى وإعلاء شأنه على شأن الدين الإسلامى . وجاء فى حيثيات المحكمة أنه ليس من حق مخلوق على وجه الأرض أن يفتش فى عقيدة غيره أو يجتزئ من كلامه ما يشكك به فى إيمانه أو أن يرميه بالكفر والإلحاد، وأن الله وحده هو المطلع على ضمير كل إنسان. ورجعت المحكمة فى حيثياتها إلى قول الإمام محمد عبده من أنه إذا صدر عن أحد المسلمين قول يحتمل الكفر من مائة وجه ويحتمل الإيمان من وجه واحد حمل على الإيمان لا على الكفر، وبحسبان أنه ليس لمسلم مهما علا كعبه فى الإسلام على مسلم آخر مهما انحطت منزلته فيه إلا حق النصيحة والإرشاد، فليس فى الإسلام من سلطة دينية سوى سلطة الموعظة الحسنة المتأسلمون رؤية ومواقف وطالبت المحكمة الدولة بأن تمكن للعلم والفكر وللتعبير عن الآراء دون خوف أو قهر وإلا تقتصر الحماية على من يتفق فى الرأى مع غالبية أفراد المجتمع بل إلى الآراء التى قد لا تقبلها الأغلبية أو حتى تلك الآراء التى تبغضها طالما أنها لا تنطوى على مخالفة للدستور والقوانين والحجر أو التضييق على فكر أو رأى معين لا ترضى عنه غالبية المجتمع فى وقت معين قد يثبت صدقه وسلامته بعد حين وذكرت أيضا فى سياق الحيثيات أن كل مجتمع يقمع الفكر يخصم من رصيده حتى ولو كان هذا القمع بحجة خطأ الفكر والرأي، لان ادراك الخطا وسيلة المعرفة الحق،كما ان العلم والفكر لا يتقدمان بمداومة السير فى الطرق المطروقة ولا بالتكرار والتقليد ،وانما يتقدمان باقتحام الدروب غر المطروقة وباستعمال العقل فيما خلقه الله له واطلاقه من قيوده المصنوعة ،مؤكدة على ان ذبح حرية العقل والفكر يستوى وذبح الرقاب لان حرمان الانسان من حريته يفقده انسانيته وينتقص مما ميزه الله به ويجعله مثل غيره من المخلوقات. وأشارت المحكمة إلى أن تاريخ الإنسانية شهد فى بعض مراحله التضييق على المعارضين فى الرأى ، وامتد التضييق إلى المطاردة والضرب والحبس والمحاكمة والقتل، فقد حوكم سقراط وحبس الإمام أبى حنيفة حتى مات فى سجنه وضرب الإمام أحمد بن حنبل وسجن وحوكم الحلاج وقتل كما قتل شهاب الدين السهروردي، وكم اشهر السوط والسيف فى مواجهة الفكر والرأى فانكسر السوط وفنى القاضى والجلاد وعاش الفكر والرأى خالدا ...