(يا قوم يا قوم لقد صبأ عمر سليمان بالنظام السياسي الجديد بعد 25 يناير وأصر على غيه وكفره وإتباعه للنظام السياسي القديم .. لم يركع لآلهة النظام الثوري ولم يسبح ببطولتهم وأمجادهم لذا فهو كافر والصلاة عليه لا تجوز والشماتة في موته حلالا حلالا حلال). لا اعرف لماذا دار في ذهني هذا الحوار وقفزت لمخيلتي صورة أبو جهل وأبو لهب في الأفلام الدينية القديمة وأنا استمع لفتوى مخجلة صدرت عن جبهة تقول إنها سلفية بتحريم الصلاة على اللواء عمر سليمان- رحمه الله- بعد تصنيفه على أنه من المجرمين والقوم الفاسقين باعتبار انه كان من جنود وأعوان مبارك الظالمين، الذين أفسدوا وأجرموا في حق الوطن . والسؤال منذ متى كانت التهم السياسية أو حتى الجنائية أيا كانت يمكن أن تخرج رجلا مسلما من دينه وتصبح مبررا لتكفيره ؟ ومتى بعد وفاته أي أننا لم نستطع مواجهة الرجل في حياته بهذه التهم الساذجة وقررنا إلقائها عليه بعد أن قابل ربه . الفكر التكفيري بهذه الفتوى الشاذة يعود مرتديا ثوبا سياسيا بعيد تماما عن الدين بمعنى أن البعض لن يكتفوا بتكفير من يختلف معهم دينيا بل سيمتد الأمر لمن سيختلفوا معه سياسيا حيث سيتم تكفيره أيضا لاسيما إذ لم يجدوا عليه قانونيا ما يمكن محاسبته بشأنه لان اللواء عمر حتى وفاته لم توجه إليه رسميا أي اتهامات سياسية أو جنائية وبالتالي فهو بريء طالما لم تثبت أدانته إلا إذا كان المطلوب محاسبة الرجل على الشائعات التي يروجها محترفي الفيس بوك بلا دليل أو بينة والا كانوا قدموها للجهات القانونية التي لم تكن لتتوانى عن معاقبته لأنه ليس أقوى من مبارك الذي أدين بالقانون . طبيعة عمل الجنرال الراحل وطبيعته الشخصية كانت غامضة وبالتالي أي حديث بشأنهما هو كلام مرسل طالما بلا أدلة إلا إذ كان ترويج بعض الاتهامات ضده على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام نوع من العقاب المعنوي بسبب شهادته لصالح ما رأه حق – وليس لصالح مبارك كما يحاول البعض تصوير الأمر- في قضية قتل المتظاهرين . وهذا أيضا غير مقبول لان شهادته يؤكدها أو ينفيها القضاء أما أن نفرض عليه قول ما نعتقده فهذا تضليل للناس لأنه كان الأقرب للأحداث ومعلوماته مصداقيتها أعلى كما انه كرجل مسلم بالتأكيد يعلم أن حسابه على شهادته عند الله . لذا يظل الجنرال السابق رجلا وطنيا خدم مصر في أطار ما اقتنع انه صواب واختلافنا معه لا يجرده من شرفه العسكري أو وطنيته أو تاريخه كرجل مخابرات قوى والاهم لا يجرده من دينه كرجل مسلم لذا أقول لمن اتخذوا من الدين وسيلة ليغتالوا بها خصومهم السياسيين ألم تسمعوا قول رسول الله (ص) 'من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهما". ألم تذكروا قبل إصدار هذه الفتوى قوله(ص) (كل المسلم على المسلم حرام ماله ودمه وعرضه) .. إذا كنتم ترون أن الرجل كافر وخارج الملة ولا يجوز الصلاة عليه فأخبرونا من أين أتيتم بهذا العبث ونبينا الكريم يقول "من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلكم المسلم الذي له ذمة الله وذمة رسوله فلا تخفروا الله في ذمته". فكذا يحدثنا رسول الله فمن أين لكم بهذه القدرة على التجرؤ على الله ورسوله ومن أعطاكم الحق في ذلك أم أن هذا هو الثمن الذي تريدون فرضه على المختلفين معكم . أيها السياسيون تحدثوا سياسة كما شئتم وشنوا حروبا على أعدائكم كيفما تعتقدون لكن لا تستخدموا الدين في هذه المعارك حتى لا نضطر لسماع واحد منكم يقول عن رجل مسلم توفى (في ستين داهية ..ايوه أنا شمتان في موته) وهو التصريح المنسوب لوجدي غنيم والذي اذكره فقط بقول النبي (لا شماتة في الموت) . رحم الله عمر سليمان وكفانا شر المتلاعبين بالدين لأغراض دنيوية ..فديننا ارحم وأرحب مما يصورون لنا وهنا أتذكر رسول الله عندما طلب منه بعض الصحابة أن يدع على المشركين بعد كل ما أنزلوه بأتباعه المؤمنين من عذاب.. فقال : «إني لم أُبعث لعَّاناً، وإنما بعثت رحمة» فأين الرحمة والتسامح فيما يصدر من فتاوى سياسية الآن.