سوزان ثابت اسم ارتبط بحكم مصر أكثر من 30 عامًا بعد أن اعتلت العرش بجانب الرئيس المخلوع، ولم يكن دورها شرفيًّا فقط بل كانت محركَ الخيوط من خلف الستار لكثيرٍ من القضايا المهمة في السنوات الأخيرة، كما أنها كانت العقل المدبر لخطة توريث ابنها جمال للعرش بعد أبيه لتظل متحكمةً في العرش بعد رحيل مبارك الأب. نشأت سوزان صالح ثابت بمدينة مطاي بمحافظة المنيا في كنف أم بريطانية "ليلي ماي بالمر" وأب مصري يعمل طبيبًا؛ حيث وُلدت في 28 فبراير 1941، ودرست بمدرسة سانت كلير الإنجليزية، وأكملت دراستها بالجامعة الأمريكية فحصلت على ليسانس الاجتماع، وبعد تولي زوجها منصب نائب رئيس الجمهورية حصلت على درجة الماجستير من نفس الجامعة- حسب تقرير لموقع الإخوان الرسمي-.. وتُثير علاقات شقيقها منير ثابت عددًا من التساؤلات، خاصةً فيما يتعلق بالمنظمات الماسونية، حيث وُجهت له اتهامات بقيادته الحركة الماسونية على مستوى الشرق الأوسط من خلال نوادي الروتاري والليونز بصفته الأمين العام لهذه الأندية. بدأت علاقة الرئيس المخلوع بسوزان عندما كان يعمل مدرسًا بالأكاديمية الجوية، وتعرَّف على شقيقها منير عندما التحق بالأكاديمية لدراسة الطيران، وتزوَّج منها في عام 1959. بعد فترةٍ من وصول زوجها لمنصب رئيس الجمهورية لم تكتفِ سوزان بلقب "سيدة مصر الأولى"، بل أخذت طريقها في المشاركة في حكم مصر ورسم سياساتها والتدخل في قراراتها المصيرية، فكانت تعزل الوزراء وتعين المحافظين ولا يعين مسئول دون موافقة منها، وكان لها عدد من الوزراء تختارهم في كل حكومة، حتى وصل الأمر في النهاية إلى تخطيطها لتوريث ابنها جمال عرش مصر بعد أبيه. المنظمات النسائية والجمعيات الأهلية والخدمات الاجتماعية والأسرة والطفل كانت نقطة انطلاق زوجة المخلوع في المجتمع وإظهار نفوذها فترأست المجلس القومي للمرأة، والمركز القومي للطفولة والأمومة، ومشروع القراءة للجميع، واللجنة القومية للمرأة المصرية، والمؤتمر القومي للمرأة، وجمعية الهلال الأحمر المصري، إلى جانب رئاستها لمجلس أمناء مكتبة الإسكندرية، وتعد المؤسس والرئيس لجمعية الرعاية المتكاملة. ووجهت لسوزان في يوليو من العام الماضي تهمة تسهيل التخابر على مصر لصالح الولاياتالمتحدة وحماية الكيان الصهيوني والترويج للصهيونية العالمية، باعتبارها الرئيسة الأولى لنوادي الروتاري. وقال نبيه الوحش المحامي في بلاغه المقيد برقم 9242 لسنة2011 بلاغات النائب العام أن أندية الروتاري والبالغ عددها أكثر من 49 ناديًا تضم في عضويتها حوالي 1300 عضو؛ حيث قام بتأسيسها شاب أمريكي يدعى ميتلن جونز كان يعمل مع المخابرات الأمريكية عام 1917م، وكان الهدف منها "إلهاء الناس" بالانتماء لهذه الأندية وصرفهم عن الانتماء للدين والوطن. وأضاف الوحش أن الهدف الحقيقي من تلك الأندية هو حماية دولة الكيان ومعاداة القيم الإسلامية باستغلال الإعلام وصناع القرار في الترويج لأفكارهم، مشيرًا إلى أن سوزان ثابت ما زالت رئيسةً لتلك الأندية حتى بعد تنحي زوجها عن رئاسة الجمهورية. أما المنظمات النسائية فلم تكن مجرد وسيلة للوجاهة الاجتماعية بل كانت مصدرًا للكسب غير المشروع وتكوين الثروات الطائلة، وهذا ما ذُكر في البلاغ المقدم للنائب العام من المحامي علاء سليمان برقم 249 لسنة 2012م بلاغات النائب العام. وذكر البلاغ أن سوزان استغلت نفوذها، وقامت بإنشاء بعض الجمعيات النسائية المهتمة بشئون الأمومة والطفولة داخل مصر وخارجها، واتضح أنها استولت على التبرعات الخاصة بها، والتي تخصُّ الشعب المصري دون وجه حق. وأوضح أنها قامت بإنشاء مشروع ضخم تم تخصيص الكثير من أموال الشعب له بغرض إعادة تأهيل أطفال الشوارع؛ تمهيدًا لانخراطهم في المجتمع، وكانت النتيجة ظهور التوربيني وأعوانه وازدياد الجهل والفقر والكثير من الظواهر السلبية. أما مكتبة الإسكندرية، والتي أُعيد تأسيسها وافتتاحها عام 2002م بالتعاون مع منظمة اليونسكو، وتلقت أموالاً ضخمة وتبرعاتٍ من دول عدة، كشف مؤخرًا أن هذه الأموال لم تكن تتحرك إلا بإذن من زوجة المخلوع التي كانت ترأس مجلس أمناء المكتبة، وأنها المتحكمة فيها حتى الآن!! وطالب بيان صادر عن مجلس أمناء مكتبة الإسكندرية رئيسته السابقة "زوجة المخلوع"، بإعادة مبلغ للمكتبة بقيمة 145 مليون دولار تحتفظ به في حساب مصرفي باسمها، مؤكدًا أنه لم يكن يعلم بوجود هذا الحساب من قبل. بجانب أن هناك معلومات قيلت عن أن محكمة جنايات "ساوث وارك كراون" البريطانية، طلبت القبض على سوزان بالمر، المعروفة باسم سوزان ثابت وجمال بالمر المعروف بجمال مبارك، فور عودتهما إلى بريطانيا، بصفيتهما بريطانيي الجنسية لمحاكمتهما بتهمة الحصول على 70 مليون جنيه إسترليني بطرق غير شرعية بالمشاركة مع 4 خبراء بريطانيين. وأشار الحكم الصادر عن المحكمة يوم الثلاثاء 31 يناير 2012م إلى معاقبة الخبراء الاستشاريين البريطانيين الأربعة بالحبس لمددٍ تتراوح بين عام وعشرين عامًا لقيام سوزان ثابت ونجلها جمال مبارك ببيع أسرار تخص حقول البترول المصرية بالمشاركة مع الخبراء البريطانيين الأربعة. وفي سويسرا رصدت التحقيقات التي تجريها السلطات السويسرية أن الأرصدة الخاصة بأسرة المخلوع تصل 15 مليار دولار بحسب تقارير صحفية. الغريب كما جاء في التحقيقات أن سوزان ما زالت تسحب وتودع بحرية كاملة داخل 4 بنوك سويسرية، وهي من البنوك التي لا يلزمها القانون بكشف سرية حسابات عملائها، ورصيدها في هذه البنوك 460 مليون دولار مودعة بنظام الشفرة، الأغرب أن هذا المبلغ تم إيداعه في مايو 2011م أي بعد سقوط النظام السابق. وفجَّرت التحقيقات السويسرية صدمةً شديدةً لأطراف عديدة، وهي أن الجمعية التي تترأسها سوزان وتسمي "جمعية سوزان مبارك للسلام" التي تعمل داخل سويسرا منذ 3 يوليو 2003م قد حصلت من قطر وحدها في الفترة من 2000 إلى 2005 على 300 مليون دولار أمريكي كتمويل خاص من الشيخة موزة بنت ناصر المسند زوجة أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة الثاني، وأن هذه الأموال دخلت حساب سوزان دون أن تستخدم دولارًا واحدًا في نشاط الجمعية. وبعد سقوط نظام مبارك بدأت الخيوط تتكشف حول مستنقع الفساد الذي كانت تديره هذه السيدة ودورها في الفساد السياسي فرغم عدم اتهامها في قضية قتل المتظاهرين إلا أن النيابة لم تستطع تجاهلها أثناء مرافعتها وتقديم دفوعها لإثبات فساد النظام المخلوع. وجاء على لسان النيابة في مرافعتها أن المخلوع لم يأخذ العبرة من اغتيال أنور السادات بين يديه ورضخ لضغوط زوجته سوزان ثابت لتوريث حكم البلاد للمتهم الرابع جمال مبارك. ووجه لها عاصم الجوهري مساعد وزير العدل لشئون جهاز الكسب غير المشروع في 13 مايو 2011م تهمة تحقيق ثراء غير مشروع مستغلة في ذلك الصفة الوظيفية لحسني مبارك كرئيسٍ سابق للبلاد. وواجهتها التحقيقات بملكيتها لفيلا بشرم الشيخ يقدر ثمنها المبدئي بأكثر من 36 مليون، وملكيتها لفيلا في القاهرة ومبلغ 20 مليون جنيه في أحد البنوك، ولم تتمكن المتهمة من إثبات جهة حصولها على هذه الأموال. وبعد بداية الاستعدادات في سجن القناطر للنساء لاستقبال سوزان، تمارضت المتهمة وأعلنت عن إصابتها بوعكة صحية دخلت على إثرها مستشفى شرم الشيخ بجوار زوجها في هذا الوقت، حتى تم التوصل إلى تسوية للقضية بتنازلها عن الممتلكات والأموال مقابل إخلاء سبيلها بالرغم من تأكيد المستشار أحمد شوقي الشلقاني رئيس جهاز الكسب غير المشروع السابق أن قانون جهاز الكسب لا يوجد به نص يجيز التصالح مع ناهبي المال العام مقابل رد الأموال أو رد ضعفها. وأشار إلى أن إخلاء سبيل سوزان ثابت لا يعني سلامة موقفها المالي، بل على العكس فإن تنازلها عن أموالها يثبت الإدانة، وأن تلك الأموال حصلت عليها بطريقة غير مشروعة. ورغم مرور أكثر من 10 أشهر على هذه القضية لم يتحرك جهاز الكسب غير المشروع لفتحها مجددًا أو التحقيق في البلاغات الأخرى التي قدمت ضدها. فيما نشرت صحيفة (روزاليوسف) في 14 ديسمبر 2011م أن سوزان تعاملت مع خبراء صهاينة لتغيير المناهج الدراسية مقابل 300 مليون دولار، ويتضمن ملف التحقيق الذي أكدت الصحيفة تقديم جهة سيادية له تسجيلات صوتية للجلسات السرية التي دارت بين سوزان ثابت والخبراء الصهاينة المتخصصين في تغيير مناهج الدين والتاريخ. وكشفت هذه التسجيلات عن تعهُّد سوزان مبارك للخبراء بالضغط على كلٍّ من وزير التربية والتعليم ومفتي الديار المصرية ووزير الأوقاف لتنفيذ خطة تغيير المناهج، على أن تتم طباعة الكتب الجديدة بدون وجود الأحاديث والآيات القرآنية والدروس التاريخية التي تهاجم الاحتلال. والآن.. أشارت تقارير صحفية أن زوجة المخلوع نقلت رسالة عن زوجها لبعض المسئولين يحمل مضمونها تهديد بكشف أسرار ومعلومات لن تسعد الكثيرين، وحذَّر من أنه سيتحدث قريبًا في أمورٍ عديدةٍ أمام المحكمة، على خلفية قرار نقل المخلوع من المركز الطبي العالمي إلى مستشفى سجن طره. ولم يكن هذا التقرير أو التسريب الصحفي الأول من نوعه عن قيام زوجة المخلوع بدور نقل الرسائل بين المخلوع وبعض المسئولين داخل مصر وخارجها للمقايضة على سكوت المخلوع عن أسرار مقابل مطالب محددة. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ حيث بدأت التكهنات تزداد حول الدور الذي تلعبه هذه السيدة في الأحداث التي تشهدها البلاد من وقتٍ لآخر، خاصةً بعد أحداث مباراة بورسعيد والتي راح ضحيتها أكثر من 70 من شباب مصر، وأكدت التحقيقات وقوف شخصيات لها علاقة بالنظام السابق وراء هذه الأحداث. وما يعزز هذه الشكوك أن سوزان ثابت هي الوحيدة التي تتحرك بحرية تامة برغم الاتهامات الموجهة لها، وتدخل سجن طره للقاء نجليها كما تدخل في أي وقت للمركز الطبي العالمي للقاء المخلوع ويمكنها ذلك من القيام بدور حلقة الوصل بين نزلاء طره والمخلوع وفلول النظام ممن تشير أصابع الاتهام لهم باعتبارهم الطرف الثالث في كل أحداث العنف، بدايةً من مسرح البالون وماسبيرو وصولا لبورسعيد ووزارة الداخلية. وعلى إثر هذه التخوفات طالب عدد كبير من السياسيين ونواب مجلس الشعب بفرض الإقامة الجبرية على زوجة المخلوع ومراقبة كل اتصالاتها لمنع تكرار مثل هذه الأحداث.