انتشرت مؤخرا حالة من الرفض للوجود الشعبي السوري في مصر، وشكك البعض في مصادر ثرواتهم مع اتهامات بانتمائهم لجماعة الإخوان الإرهابية وتعاونهم مع شيطان الشرق الأوسط تركيا، وبلغ الأمر ذروته بمطالبة جحافل وجموع ناشطي السوشيال ميديا للدولة بطردهم وإعادتهم لبلادهم التي استردت معظم أراضيها، وهنا نقع في الخطأ الأكثر شيوعا، خطأ التعميم واتخاذ مواقف أحادية مبنية علي تجربة فردية، إذا كان بعض السوريين قد خالفوا اشتراطات الإقامة والاستثمار والضرائب في مصر أو ثبت تعاونهم مع أي جماعة مشبوهة، فالقانون وحده هو السبيل لمواجهة أي خروج علي النظام الأمني والاقتصادي والسياسي، أما إذا كانت تهمتهم هي النجاح في بعض المجالات مثل قطاع المأكولات ورفضهم للبطالة واحترامهم البالغ لقدسية العمل اليدوي الشريف وقدرتهم علي خلق فرص عمل لأنفسهم بأقل الإمكانيات، فمن الأدعي أن نحترمهم ونشكرهم علي إرساء قواعد غابت كثيرا عن بعض الشباب المصري، الملاحظ أن بعض من يهاجمون السوريين ويوجهون إليهم الإساءات المتكررة، يبررون ذلك بأن ثرواتهم مشبوهة وصعودهم غير مبرر، ويتناسوا أن معظمهم قد نقلوا استثماراتهم بالكامل إلي مصر وكانت لهم أسماء تجارية عريقة في الشام قبل أن يحل بها الخراب، والبعض الآخر يتهمهم بمزاحمة المصريين في أرزاقهم في الوقت الذي يتجه فيه العالم كله إلي جذب استثمارات ورءوس أموال لتوفير مصادر جديدة لمنظومة الضرائب، وإمعانا في قدرتنا الهائلة علي جلد الذات، ننسي ونتناسي أن المطاعم والمقاهي المصرية لازالت هي الأنجح باكتساح من نظيرتها السورية بل تكاد تكون قد استفادت من المنافسة الشرسة والتي جاءت في النهاية في صالح المستهلك المصري. كما لا يخفي عليكم أن كثيرا من السوريين المقيمين في مصر يعانون من ظروف معيشية صعبة مثل إخوتهم المصريين ولكنهم جاءوا إلي البيت الكبير الذي استضافهم كما استضاف الأنصار إخوتهم المهاجرين واقتسموا معهم الرزق منذ 1400 عام، دعونا نطبق القانون بصرامة علي السوريين والمصريين وأي جنسيات أخري، بعيدا عن الإساءة والاتهامات غير الموثقة، وثقوا أن جهاز الأمن المصري الذي أنقذ مصر من اللحاق بجيرانها من الدول التي ذهبت ولم تعد، كفيل بحماية الجبهة الداخلية من أي سوس قد ينخر بها وقام بالفعل بإنهاء إقامات وترحيل مواطنين غير مصريين كانوا يوما محل شك وارتياب. إخوتنا في الأصل والدين والعروبة أهل سوريا، كنتم ولازلتم مرحبا بكم في بيت العرب الكبير مصر ونعلم أن مدنكم وبيوتكم في بلادكم الغالية قد نالها من الخراب ما يجعل إصلاحها أمرا ليس بالهين ولكن لابد أن تفكروا في مسئوليتكم التاريخية ودوركم الوطني بالعودة إلي الديار ولو تدريجيا للبناء والتعمير، ويبقي لكم في مصر كل الحب والاحترام والترحاب بشرط ألا يتجاوز أحدكم القواعد والقوانين.