قبل 4 سنوات أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسي شارة البدء لتنفيذ استراتيجية لمكافحة الفساد. وتم وضع خطة قومية لمكافحة الفساد تتولي تنفيذها الهيئة وتشارك فيها أكثر من 84 جهة رسمية لتحقيق هدف واحد هو التخلص من الفساد والمفسدين. وبدأت المؤسسات الدولية في رصد التقدم الذي ظهر عقب ذلك حيث اظهر تقرير لمنظمة الشفافية العالمية، تحسن ترتيب مصر في مؤشر مدركات الفساد لعام 2018، بنحو 12 مركزا، وبحسب التقرير كانت مصر ضمن بلدين أحرزا تقدما في المؤشر هذا العام ضمن بلدان الشرق الاوسط وشمال أفريقيا، وقالت المنظمة في تقريرها، إن هيئة الرقابة الإدارية في مصر تشكل الجهة الأساسية المكلفة بالتحقيق في قضايا الفساد، وتعمل علي إرجاع بعض أملاك الدولة المسروقة، واعتماد استراتيجية لمكافحة الفساد الجديدة لأربع سنوات قادمة. رفعت الرقابة الإدارية شعار لا أحد فوق القانون، وهو الامر الذي لمسناه في حجم قضايا الفساد التي تتولي الكشف عنها فخلال النصف الاول من العام الجاري اسفرت جهود الرقابة الإدارية في المجالات المختلفة عن العديد من النتائج الإيجابية ومن أبرزها تحقيق العوائد المالية لصالح خزانة الدولة، واتخاذ الاجراءات اللازمة لمكافحة الفساد والسبل الوقائية المانعة له، حيث نجحت الهيئة في تنفيذ ما يقرب من 100 قضية جنائية مباشرة. وتمكنت الهيئة من تحقيق عائد مادي للدولة اقترب من 2 مليار جنيه نتيجة الكشف عن المخالفات في المجالات المختلفة، والمعاونة في استرداد حقوق الدولة بما يقرب من المليار جنيه خلال النصف الاول فقط من العام الحالي، وفي ضوء استرداد حقوق الدولة كشفت هيئة الرقابة الإدارية عن وجود 244 ألف طلب تقنين لواضعي اليد تم تقديمه خلال عام 2018، تم سداد 97 ألف طلب تقنين منها أي 40٪ من اجمالي الطلبات، بقية 5٫4 مليار جنيه. وفي مجال منع الفساد من خلال استغلال مخرجات بيانات البنية المعلوماتية للدولة المصرية بالهيئة وتحليلها، فقد تحقق وفر مادي للدولة بلغ حوالي 14 مليار جنيه فلا يمكن تغافل مجهودات الرقابة الادارية في دعم الوزارات والجهات القضائية من خلال معاونة النيابة العامة بإتاحة البيانات المتوافرة »العناوين - الممتلكات» للمواطنين وتحليل الأرقام القومية واستخراج الوفيات وتدقيق البيانات لعدد 14 مليون بيان تقريبا بالبطاقات التموينية بما يوفر الدعم لمستحقيه. فقد قامت هيئة الرقابة الإدارية بإمداد وزارتي التموين، والتضامن الاجتماعي بالبيانات المدققة عن الأسر المستفيدة من البطاقات التموينية وبرامج الدعم النقدي، وأسفرت تنقية تلك البيانات عن استبعاد أسر غير مستحقة للدعم مما نتج عنه تحقيق وفر مادي للدولة بنحو حوالي »2.81» مليار جنيه وفراً ماديا من غير مستحقي الدعم النقدي والتمويني وكذا وفر مادي مقدر ب»14٫7» مليار جنيه سنويا من ترشيد هذه النفقات. كما أوضحت الهيئة عن دورها للمساهمة في دعم الاستثمارات من خلال إزالة العقبات فعلي سبيل المثال تلك العقبات التي واجهت شركة سنمار الهندية والخاصة بمصنع الكيماويات التابع لها بمحافظة بورسعيد باستثمارات 1٫5 مليار دولار ويعمل به نحو 1500 عامل كعمالة مباشرة وغير مباشرة، حيث قامت الهيئة بالتنسيق المباشر بين الشركة والمسئولين المعنيين بوزارة الري وهيئة قناة السويس والتوصل للاتفاق علي توفير المنسوب اللازم من المياه لمصنع الكيماويات كحل مؤقت ولفترة محددة لحين انشاء الشركة محطة تحلية خاصة بها مما جنب الشركة تكبد خسائر جسيمة. وللهيئة وجه رقابي آخر، وهو مواجهة انحراف الموظف العام، وهي مهمة تتطلب تحريا معلوماتياً مدققا، والهيئة لا تعتمد علي الشبهات بل علي توثيق الانحرافات بالصوت والصورة تمكن رجال الرقابة من رصد أكثرمن 40 موظفا عاما في مختلف قطاعات الدولة ممن ثبت ارتكابهم مخالفات مالية وإنحرافات إدارية خلال النصف الاول من العام الحالي، حيث تم اتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة حيالهم، وأبرزها إحالة 13 موظفا إلي النيابة العامة والإدارية، ونقل 3 موظفين من مواقعهم الوظيفية إلي مواقع أخري بديلة، وكذلك تنحية موظفين عن وظائفهم، وإحالة موظف إلي جهاز الكسب غير المشروع وعلي سبيل المثال وليس الحصر نجحت الهيئة في القبض علي مسئولة الدفع الالكتروني بالوحدة الحسابية باحد مستشفيات اسكندرية لاستيلائها علي مبلغ 1٫5 مليون جنيه بدون وجه حق، وضبط مدير المكتب الفني لمحافظ البحيرة لتقاضيه مبالغ مالية وعطايا علي سبيل الرشوة نصف مليون جنيه من رجال أعمال وأصحاب شركات مقاولات مقابل انهاء مصالحهم داخل محافظة البحيرة وتقنين وضع اليد لبعض قطع الأراضي. ولا يقتصر دور الرقابة الإدارية فقط في التحري عن المفسدين ومنتحلي الشخصية فقط انما هناك دور جديد تلعبه الرقابة الإدارية منذ شهور، لم يسلط عليه الضوء بعد وهو اعداد بنك للقيادات بالدولة أو ما يمكن أن نسميه »إعداد القيادة البديلة» وتمثل ذلك في قيام الرقابة بتنظيم دورات لتأهيل القيادات يشارك فيها قيادات من القطاع الحكومي والخاص واساتذة جامعة ورجال أعمال والهدف الأساسي منها توعية القيادات بمفهوم الإدارة، ومنحهم ملخصا وافيا لطريقة التعامل الحكومي، وعدم الوقوع في الاخطاء الإدارية التي تمثل جرائم، أو السقوط في فخ الإجراءات الروتينية المعقدة، فضلا عن اكتشاف قيادات جديدة تصلح لترشيحات مهمة بالدولة مناصب وزارية، الامر الذي يمثل نقلة نوعية لهيئة الرقابة الإدارية من كونها جهازاً رقابيا يكافح الفساد إلي جهاز يشارك في تفريخ قيادات صالحة للإدارة في المستقبل، وتحمل فكرا مختلفا، وتساهم بشكل نوعي في تقدم البلاد للأمام حيث قامت خلال الشهور الماضية بترشيح القيادات وتلبية مطالب قطاعات الدولة المختلفة والمواطنين وإجراء التحريات عن ما يزيد علي 2400 موظف عام مرشحين لوظائف قيادية بقطاعات الدولة المختلفة.