استفت قلمك

شغل عقلك ثم استفت قلمك واكتب كلماتك وحدد عباراتك لتنير ظلمة وتساعد قلبا جريحا وتواسي بها بائسا ومحروما وتعيد حقا ضائعا لأيتام صغار وأرملة تعول وشيخ ضرير وعامل ضعيف.. لا تقل خانني التعبير ونسيت التفكير وانزلقت كلماتي علي الورق دون تحسب أو تدبير.. فالكلمة تخرج من قلمك كطلقة من فوهة مدفع تصيب فتقتل وتشوه سمعة وتبطل حقا وتحق باطلا.
انتبه فالكلمة تزني، تذبح أبرياء وتسحق ضعفاء والكلمة تخون فتبجل جبناء.. احذر فالكلمة تفضح وتبين زيف كاتبها ولا تصفح.. توقف قليلا، استنشق هواء نقيا مرة بعد مرة قبل أن تكتب أو تحرك قلمك علي أوراق ملساء بسطور سوداء لا خير فيها ولا رحمة بضعفاء لا يملكون ناصية القلم والبيان!.
استفت قلمك قبل أن تنافق أو تجامل أو تداهن.. أمازلت لا تصدق أنك راحل يوما وستبقي كلماتك من بعدك تشهد علي زيفك وبهتانك ويزدريك ناسك من بعدك ويشمتون في أهلك وذويك.. وتظل اللعنة تصب علي رأسك كلما راجع الناس كلماتك وعباراتك وتشبيهاتك؟! وكنت تظنها صولات وجولات وفتوحات ولم تكن سوي كلمات جوفاء لا تساوي ثمن الورق ولا أي تهنئات.. استفتِ قلمك لماذا تكتب فيما لا تعلم وتجادل بكتاباتك في تخصص ضنين علي فهمك.. ألم تدرك بعد أن كلماتك لم تكن نافعة ولا شافعة، كلمات شتتت شملا وبعدت أمرا وزادت في مثالب الأمة.
انتبه الكلمة أمانة تحمل وزرها وعبء فعلها.. كيف لم تستفتِ قلمك وتكتب لابد من فصل متعاطي المخدرات من العمل..؟! أهذا ما أفتي به قلمك ووعظك به.. ألم يعترض ويتساءل هل هذا حل؟!.. ألم يتساءل أيمنعه ذلك من التعاطي؟! وهل فكرك قلمك بأنه سينضم لجيش المتعطلين عن العمل وربما تكون له أسرة وأولاد وربما ينضم لزمرة إرهابيين؟.. لماذا لم تستفتِ قلمك وتسأل بداية لماذا يتعاطي المخدرات؟ وكل سلوك له سبب وربما أسباب وليس مبررات.. لماذا لم تقل نوفر له العلاج عله يعمل عملا صالحا.. ونعالج الأسباب حتي لا ينضم آخرون؟!
لماذا تترك قلمك يفتي بأن الإرهابي لا دين له وهو يملك نصوصا تركت له يفهمها دون تأويل ومازالت تدرس وتحضه علي القتل في سبيل الله وفي سبيل الحور العين..؟! لماذا قلمك لم يفتِ بحرمانية ترك النصوص بين يدي طالبي المال والشهرة يتسكعون بها علي أبواب الفضائيات؟.. لماذا تفتي بأن قاتل رواد مسجدي نيوزيلندا متعصب وكأنك قد حللت القضية وأوجدت له سببا للقتل ومبررا للفعلة؟.. لماذا لم تشر لمن جعله متعصبا وغذي تعصبه ووضع الرصاص بين يديه وأصبح خطرا يداهم العالم ومن ضاقت بهم بلادهم وعاشوا في الغربة؟.
لماذا لم تستفتِ قلمك بأن كتاباتك فيما لا تعلم جهل لا يغتفر وحساب الزمن أشد وأقوي؟!. اسمعني ولو مرة.. استفت قلمك وإن أفتوك وإن أفتوك.