ستظل قصص البطولة التي سطرها الشهداء من القوات المسلحة والشرطة نبراسا للأجيال القادمة وهي قصص فذة لا حصر لها لهؤلاء الأبطال الذين ضحوا بدمائهم وأرواحهم فداء لوطنهم في الحرب الضروس ضد تلك الشرذمة المأجورة التي لا دين لها ولا هدف سوي النيل من أمن مصر واستقرارها من بين هؤلاء الأبطال الشهيد جودة علي محمد علي 22عاما ابن قرية تلراك مركز أولاد صقر بمحافظة الشرقية. يقول والد الشهيد علي محمد جوده 63عاما مزارع أن الشهيد أصغر أبنائي وله 6 أشقاء 4 بنات وولدين وقد عاش رجلا ومات رجلا وكان وطني حتي النخاع ويعشق تراب وطنه وكان يحلم بارتداء الزي العسكري وأثناء دراسته في الثانوي التجاري حاول التطوع للقوات المسلحة بشهادة الاعدادية إلا أنني اعترضت علي ذلك لاستكمال دراسته وعقب حصوله علي الدبلوم سارع بالتقدم بأوراقه لأداء الخدمة العسكرية وتم توزيعه علي سلاح الاستطلاع في قوات الجيش الثاني بالاسماعيلية وأثناء ذلك تقدم بطلب لقائده لنقله لشمال سيناء للانضمام لكتائب الرجال الذين يدافعون عن أرض الوطن ضد الإرهاب الأسود وكان سعيدا بتنفيذ مطلبه وكان دائما يقول لي ابنك راجل لا تخاف عليه أنا مش أقل من زملائي الذين يدافعون عن أرض الوطن. ويقول إن نجلي الشهيد حرص علي وداع أسرته في آخر إجازة له وطلب منهم أن يسامحوه وكأنه كان يشعر بأن مكروها سوف يلحق به وأبلغ زملاءه أنه سينال الشهادة في القريب العاجل وطلب منهم إعداد لافتة مدون عليها اسمه مقرونا بلقب الشهيد وتثبيتها علي قبره. وكان دائما يقول لي أنا نفسي أموت شهيد لكي أنال شرف الشهادة والعزة والكرامة واختتم حديثه بقوله حسبي الله ونعم الوكيل لقد احتسبت نجلي شهيدا عند الله ويكفيني فخرا أنني والد الشهيد. وطالب المحافظ الدكتور ممدوح غراب بإطلاق اسم نجله الشهيد علي مدرسة تلراك الاعدادية تخليدا لذكراه وتكريما لأسرته. أما والدة الشهيد فاطمة أحمد محمد 55 عاما - ربة منزل - فقد انخرطت في البكاء وقالت لقد كان نجلي الشهيد شجاعا وطموحا وشمعة مضيئة في حياتي والسند والعون لنا وكان أخا وصديقا. ودائما يقول لي ياست الكل يا نور عيني إنت عاوزة حاجة مني قبل ما أمشي وأتوجه الي كتيبتي العسكرية وكنت أتوجه بالدعاء إلي الله أن يحفظه من غدر وشرور الإرهاب الأسود وكان يبتسم قائلا توكلي علي الله يا أمي إن الرب واحد والعمر واحد وأنا راجل متخافيش عليا وياريت أموت شهيد وتنخرط في البكاء قائلة لقد حرموني من قرة عيني ربنا يشرد أسرهم ويحرق قلوبهم علي أعز ما لديهم وحسبي الله ونعم الوكيل في القتلة الذين لا دين لهم ولا ملة ولا يعرفون شيئا عن الإسلام. وأجهشت في البكاء قائلة كان نفسي أشوفه عريسا وطلبت منه أكثر من مرة أن أشوف له عروسا لكنه كان يؤجل أي مشروع جواز إلا بعد الانتهاء من خدمته العسكرية التي من المقرر لها الانتهاء في مارس من العام القادم إلا أن القدر لم يمهله حيث اغتاله الإرهاب الأسود وتم زفافه الي جنة الخلد. وتقول شقيقته الدكتورة تيسير المدرس المساعد بكلية الآداب جامعة الزقازيق 26عاما أن شقيقي الشهيد كان طيب القلب دمث الخلق شجاعا وطموحا متدينا لا يخاف إلا الله. وكان كتوما لا يبوح بأسرار عمله لأحد دائما يؤكد أنه سعيدا ومبسوطا في موقعه ورفض جميع محاولات لإقناعه بالنقل من شمال سيناء ودائما يقول أنا نفسي أنال الشهادة. وتنخرط في البكاء وتقول إنه في آخر إجازة له كان يدخل ويخرج من المنزل في حركة مكوكية غير معتاد عليها وكأنه كان يودعنا جميعا دون أن يتحدث بكلمة واحدة. وقالت إنه كان بارا بوالديه حريصا علي إرضائهما وكان يعمل خلال إجازته لمعاونة والدنا المسن المريض بالكبد لتوفير احتياجات الاسرة وتلتقط أنفاسها قائلة إنها يكفيها فخرا انها شقيقة الشهيد الذي ضحي بحياته وقدم أغلي ما عنده هدية لمصر.