مدينة ماضي الآثرية بالفيوم تضم أطلال معابد بناها أمنمحات الثالث وأمنمحات الرابع من الأسرة الثانية عشرة، ثم أضيفت إليها إضافات في العصر الروماني حيث وضعت بها تماثيل علي شكل أسود لها رؤوس آدمية وتعتبر المدينة أكبر معبد باق من الدولة الوسطي في مصر. يقول أحمد عبد العال مدير عام منطقة آثار الفيوم السابق، أن المدينة تقع علي بعد نحو 35 كيلومتراً غرب مدينة الفيوم بالقرب من عزبة الكاشف جنوب بحر البنات، ويمكن الوصول إليها من الفيوم إلي قرية أبو جندير بمركز إطسا ثم إلي بحر البنات ثم إلي المدينة. ويؤكد أنه بعد مرور 70 عاما من اكتشاف" أكيلي فوليانو" لمدينة ماضي وبعد سنوات طويلة من الأبحاث التي أجرتها بعثات جامعة بيزا الإيطالية ومجموعة من فرق الأثريين والمرممين المصريين خرجت مدينة ماضي إلي النور مرة أخري محتفظة بالمعبد الوحيد بمصر الذي يعود تاريخه إلي الدولة الوسطي والذي تزينه النقوش الهيروغليفية والمناظر المنحوته، كما تحتفظ بمعالم أثرية أخري من العصر البطلمي والروماني والقبطي فهي تفخر بمعابدها الثلاث ومقصورة إيزيس وطريق الاحتفالات وتماثيل الأسود وتماثيل أبي الهول والميدان الروماني الرائع بحيث تمثل المدينة بالفعل أول حديقة أثرية طبيعية بمصر ولذلك أطلق عليها الأثريون " الأقصر الجديدة". ويتابع أن لمدينة ماضي تاريخا طويلا ممتداً عبر آلاف السنين بدأ منذ 4000 سنة، وتعاقبت عليها الأحداث والأجيال، بدأ مولد المدينة خلال فترة الدولة الوسطي "بداية الألفية الثانية قبل الميلاد" مع تأسيس قرية اسمها "جيا" في إطار أعمال دولة أمنمحات الثالث "حوالي 1842- 1794 قبل الميلاد" للاستصلاح الزراعي للإقليم "الفيوم حاليا" ومع تشييد المعبد الذي أتمه خليفته أمنمحات الرابع الذي كان مكرسا لعبادة الكوبرا "وننوتت" والتمساح " سوبك " معبود إقليم البحيرة وقتها، ومنذ نهاية الدولة طوال 7 - 8 قرون هجر السكان المدينة والمعبد الفرعوني تدريجيا ففقد المعبد أهميته بعد أن غطته الرمال، ومع بداية العصر البطلمي "القرن الرابع الأول قبل الميلاد" استعاد إقليم الفيوم أهميته علي يد بطليموس الثاني وخلفائه ونهضت المدينة "جيا" من جديد باسم يوناني هو " نارموثيس" حيث تم ترميم المعبد وتوسيع مساحته جهة الجنوب والشمال بإضافة معبد جديد وسور طويل حول أرض المعبد المقدسة. ويشير إلي أنه في فترة العصر الروماني ظلت المدينة حية منتعشة حتي أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع الميلادي حيث هجر السكان منطقة المعابد القديمة تدريجيا وغطت أرضها أكوام الأتربة والرمال والأحجار وتزايد باستمرار انتقال السكان جهة المنطقة العمرانية الجنوبية ونشطت الحياة أكثر فأكثر، ومما يؤكد أهمية المدينة الإستراتيجية أنه في خلال فترة حكم الإمبراطور دقلديانوس "القرن الرابع - الخامس الميلادي" تم بناء معسكر نارموثوس "50 -50 م "في ضاحية المدينة "الطرف الشرقي "وتم تزويده بصهريج وإمداده بشبكة قنوات قديمة، وكان هذا المعسكر يستضيف جنود كتيبة كوهوس الرابع، وفي فترة العصر القبطي وخلال هذه الفترة استقر السكان في المنطقة الجنوبية وشيدوا كنائس متعددة خلال القرن الخامس والسادس والسابع، وبالفعل تمت أعمال حفائر من باحثين من جامعة بيزا منذ عام 1978، واكتشف نحو 10 كنائس تعود إلي هذا العصر "وفي فترة الفتح العربي ومن القرن الثامن إلي الحادي عشر أقام العرب بعض أجزاء من المدينة، ولكنهم ما لبثوا أن هجروا المكان الذي صار يعرف باسم "مدينة ماضي" وهو الاسم الوارد علي خرائط الفيوم في كتاب وصف مصر الذي ألفه فريق العلماء بتكليف من نابليون بونابرت قائد الحملة الفرنسية علي مصر آنذاك.