أصدرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان تقريرها السنوي الحادي والثلاثين عن حالة حقوق الإنسان في الوطن العربي خلال الفترة من مارس 2017حتي يوليو 2018. يرصد التقرير تعقيدات المشهد العربي في ظل استمرار جهود المحاور الدولية والإقليمية لنفي عروبة المنطقة وإعادة تركيبها وفق إطار الشرق أوسطية بالتوازي مع رسم خرائط جديدة لعدد من البلدان العربية المحورية، سواء باقتطاع أجزاء من أراضيها، أو من خلال إعادة هيكلتها ديموغرافيا. هذا بعض ما ورد في المقدمة التحليلية المتميزة للتقرير الصادر عن المنظمة العربية لحقوق الإنسان، وهي منظمة دولية غير حكومية تعمل من أجل تعزيز احترام وحماية حقوق الإنسان في الوطن العربي. تأسست المنظمة عام 1983، وتتخذ من القاهرة مقرا لأمانتها العامة بموجب اتفاق مقر موقع مع الحكومة المصرية، ولها 21 فرعا ومنظمة عضوة في 16 بلدا عربيا ودولتين أوربيتين، وللمنظمة صفة استشارية بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأممالمتحدة، وصفة العلاقات التنفيذية لدي منظمة اليونسكو،وصفة المراقب باللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب بالاتحاد الإفريقي، وصفة المراقب باللجنة العربية الدائمة لحقوق الإنسان بجامعة الدول العربية. يذكر التقرير أن اختلالات موازين القوي الدولية وفرت مقومات البيئة الحاضنة لإصدار القرار غير الشرعي للإدارة الأمريكية بنقل سفارتها إلي القدسالمحتلة في 6 ديسمبر 2017. وأمعنت الإدارة الأمريكية في تقويض ما تبقي من مقومات الحقوق الفلسطينية المشروعة من خلال طمس قضية اللاجئين عبر تدمير وكالة " الأونروا" والضغط علي الحكومات العربية لقبول ما يسمي " صفقة القرن" التي تستهدف إنهاء الحقوق الفلسطينية الثابتة، والقضاء علي تنفيذ قرار مجلس الأمن عام 2003 بإقامة دولة فلسطينية مستقلة. وتشير تحولات المشهد الجاري في كل من سورياوالعراق وليبيا واليمن إلي عدم وجود أفق لوضع حلول مستدامة لتسوية النزاعات واستعادة اللحمة. وبينما تحولت جهود التسوية في سوريا برعاية الأممالمتحدة من المفاوضات بين الأطراف السياسية إلي مجرد محاولة التوصل لتشكيل لجنة تأسيسية لصياغة الدستور. وفي العراق أثارت التفاعلات حول نتائج الانتخابات النيابية المخاوف علي توفير بدايات لإصلاح جزئي يقود لاحقا إلي إصلاح الخلل الفادح فيما يسمي بالعملية السياسية التي قوضت البنية الاجتماعية في البلاد وقسمتها لكانتونات لم يعرفها العراق تاريخيا، وبقي شبح " داعش" يشكل المحرك الظاهر للاضطراب الأمني. وفي ليبيا لا يزال عدد من الأطراف الوطنية يواصل عرقلة خطة"غسان سلامة" للتسوية وإجراء الانتخابات، محكومين في مسلكهم بارتباطاتهم بالفاعلين الدوليين والإقليميين علي حساب مصالح الشعب الليبي. وفي اليمن لا تزال عناصر الصراع الإقليمي بدوافعه المذهبية المحرك الأساس لعوامل استمرار الصراع ومنع تسويته سلميا، والحيلولة دون حسمه عسكريا بعد انفضاض التحالف بين ميليشيا الحوثي وميليشيات الرئيس السابق علي عبد الله صالح بعد مقتله، بينما ارتفعت الأزمة الإنسانية في البلاد إلي مصاف كبري الأزمات الإنسانية العالمية. وفي خضم هذه الصراعات يتكبد المدنيون الثمن الباهظ من قتلي وجرحي ونازحين ولاجئين، وتتفشي الانتهاكات الجسيمة في القتل خارج القانون، والتعذيب، والتشريد.. وللحديث بقية..