مم يخاف دونالد ترامب؟ السؤال يتردد مع كل يوم يقضيه الرئيس الأمريكي علي كرسي البيت الأبيض، وقد تردد خلال الأيام القليلة الماضية، حينما رد بسرعة يحسد عليها علي مقال لكاتب مجهول بصحيفة نيويورك تايمز، ادعي وجود خلافات وصراعات داخل الإدارة، وكتب ترامب معلقا في تغريداته كالعادة بعبارة واحدة "خيانة"، وقال في أخري علي تويتر: لقد اعتمدت الجريدة علي مصدر زائف آخر؟ وكان الكاتب المجهول قد أكد أن مسئولين كباراً في إدارة ترامب، عبروا عن استيائهم من سلوكه غير المنضبط وغير الأخلاقي، وأنهم يعملون بجد لإحباط كل ما يفعله.. ووصف الكاتب نفسه بأنه جزء من المقاومة داخل إدارة ترامب، وأنه وغيره يرون أن واجبهم الأول هو حماية أمريكا، بينما يواصل ترامب التصرف بطريقة تضر بديمقراطيتها. والأخطر أن كاتب المقال أشار إلي أن كثيراً من المسئولين في الإدارة يعملون بجد لإحباط أجزاء من برنامجه ورغباته، وأن مقاومتهم له ليست بالمقاومة الاعتيادية التي يتبعها اليساريون بل هم يريدون النجاح للإدارة، وهم يعملون بجد لعزل أنفسهم عن أسلوب القيادة المتعجرف لترامب، وأنهم في ذلك يسيرون في مسارين الأول هو ما يقوله ترامب والثاني هو ما يفعله مساعدوه عن وعي، لأن جذور المشكلة في رأيه هي في عدم أخلاقية ترامب؟ ومنذ فترة.. اتفق الكتاب في أكثر من 350 صحيفة أمريكية إضافة لصحيفة الجارديان البريطانية علي نشر مقالات افتتاحية في يوم الخامس عشر من أغسطس الماضي، تؤكد كلها أن الصحفيين ليسوا أعداء لترامب ولأمريكا كما يروج هو، ويري أن الصحافة التي لا تؤيده هي عدو للشعب وللديمقراطية، وأن ترامب خطر علي الديمقراطية والصحافة ليس في أمريكا وحدها بل في العالم كله. ترامب رد علي ذلك بقوله: بأنها حملة غير شريفة بينما رد المعارضون له بأنهم ليسوا خونة حتي ينشروا مقالا مجهولا ضده، وأن نحو 62 مليون شخص صوتوا لصالحه في الانتخابات الرئاسية منذ نحو العامين، ولم يصوت أي منهم لمصدر مجهول وفاشل. ولا يكره ترامب الصحفيين وأقلامهم فقط.. بل يكره الكتب ومؤلفيها لأن الكتب أصبحت تطارده هي الأخري، ومنذ بدايات الحملة للانتخابات الرئاسية صدر نحو 20 كتابا عن ترامب كان أولها: "يوجي" وهو كتاب ساخر يحكي عن محاولة ترامب لجذب الأضواء نحوه، ودخول الساحة السياسية منذ نحو 31 عاماً، وكتاب كوليجون والمهرج المجنون، ومن قبل كل ذلك كتاب "أمة ترامب وفن أن تكون ترامب" الذي صدر في مرحلة مبكرة منذ 13 عاما. أما أخطر الكتب التي ستصدر قريباً جدا.. فهو كتاب يحمل اسم "الخوف.. ترامب في البيت الأبيض"، وأهميته ليست في المعلومات التي سيحويها فقط، بل في قيمة مؤلفه بوب وودوارد الكاتب الأمريكي الشهير الذي أعد كتابه الفريد علي مدي 18 شهراً كاملاً تحت ستار من السرية التامة، وفيه يؤكد أن كبار مسئولي البيت الأبيض يسرقون قرارات ترامب من مكتبه حتي لا يقوم بتوقيعها وتتحول لقرارات واجبة النفاذ. وأنهم يصفونه بالمختل، وبأنه يتصرف كطالب في الصف الخامس أو السادس الابتدائي. ولا شك أن "الخوف" ككتاب، سيجعل ترامب ومساعديه، يحبسون أنفاسهم انتظارا لردود الفعل حوله، وهي ردود ستضاف لعدد آخر من الكتب أثارت العديد من اللغط حول ترامب كشخص وكرئيس لم يمض علي فترة ولايته الأولي إلا أقل من عامين فقط، وكان أبرز تلك الكتب "نار وغضب" لمؤلفه مايكل وولف الذي وزعت منه مليونا نسخة، والذي كتبه بناء علي أكثر من 200 مقابلة، والذي رصد فيه سقطات ترامب منذ دخوله البيت الأبيض في 20 يناير من العام 2017، واحتل المرتبة الأولي أمريكيا وفي المتاجر الشهيرة للكتب مثل: أمازون وآي بوكس وقائمة نيويورك تايمز للكتب الأكثر مبيعا، وفيه يكشف وولف عن سلوكيات ترامب وسياساته وفوضويته أحيانا في التعامل مع مستشاريه والعاملين معه، وعن أنه لا يحظي باهتمام أغلب موظفيه الذين يرون أنه غير مناسب للمنصب، كما كشف عن طموح ابنته ومستشارته للوصول لكرسي البيت الأبيض وعلاقتها برجل الأعمال الأسترالي روبرت مردوخ كما أكد أن ترامب كان مرتبكا عند وصوله للبيت الأبيض ولم يكن مستعداً لأداء اليمين في ذلك الوقت. والكتاب الذي رصد أيضاً علاقات ترامب الخارجية المضطربة، كان معه كتب أخري رصدت جوانب مختلفة من شخصية الرجل وعلاقاته المتنوعة ومنها: "المعتوه" لمؤلفته: ماتيجولت- نيومان التي قال عنها ترامب إنها متدنية لما ذكرت في الكتاب عنه.. وكانت تربطهما علاقة قديمة وعملت في إدارته قبل استقالتها في أواخر العام الماضي. وهناك كتاب "الولاء الأعلي" لجيمس كومبي مدير مكتب الFBi السابق الذي صدر في أبريل الماضي، وكان يركز علي القيادة والأخلاق، وعلاقته مع ترامب الذي أقاله من منصبه في مايو من العام الماضي، وفيه يكشف كومبي عن جوانب من التحقيقات التي جرت مع مستشار الأمن القومي المقال مايكل فيلين، وهي تحقيقات خاصة جداً تبرز فضائح في إدارة ترامب، والكتاب وزع نحو 600 ألف نسخة. كما صدرت كتب مثل: "الفاشية تحذير" و"حالة ترامب الخطيرة" و"موجة لا تهدأ"، وكلها تركز علي سياسات ترامب غير المسبوقة وعلاقاته الشخصية وطبيعته المتهورة والمتسلطة والمندفعة أحياناً كثيرة، وركز بعضها علي الحالة الصحية والنفسية لترامب، أما أطرف تلك الكتب فكان للمؤلف مايكل إيان بلاك بعنوان "أول كتاب للأطفال عن دونالد ترامب"، ووصف فيه ترامب بأنه ثمرة بطاطا ذات "بشرة برتقالية".. والثابت.. أن كل ذلك يؤثر جدياً علي ترامب وإدارته، حيث تؤكد آخر استطلاعات الرأي أن نحو 53 بالمائة من الأمريكيين غير راضين عن أدائه.