■ إسماعيل هنية في جولة عند حدود غزة مع إسرائيل رغم إعلان وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، وترسيخ الهدنة المؤقتة بين الجانبين، إلا أن زحف الغزاويين صوب السياج الفاصل لم يتوقف، ورد إسرائيل علي إطلاق القذائف من القطاع ما زال سارياً، ما ترك انطباعاً إسرائيلياً باستبعاد إمكانية التوصل لهدنة طويلة، كما كان متوقعاً من محادثات حماس في القاهرة خلال الآونة الأخيرة، ففي حين تؤكد تقديرات تل أبيب رغبة حماس في دعم التفاوض مع إسرائيل، والتوصل من خلاله إلي اتفاق هدنة طويل المدي ما بين خمس إلي سبع سنوات، يعكس الواقع مشهداً معقداً، يتمثل في رفض فصائل غزاوية لخيار الهدنة، وتحفظ السلطة الفلسطينية علي أي تفاوض منفرد مع حماس. ويري المحلل الاسرائيلي المخضرم تسيڤي بارئيل، أن الوضع الاقتصادي في القطاع المأزوم، حرَّض الحمساويين علي ضرورة ترسيخ هدنة طويلة المدي مع إسرائيل، ليس لتسيير الحياة اليومية في القطاع فقط، وإنما لضمان السيطرة عليه أطول فترة ممكنة. وفي حين لا تمانع حماس مواصلة التفاوض مع إسرائيل تحت نيران القصف المتبادل، وتعتبره تكتيكاً يمكن تحقيق مكاسب سياسية من خلاله، ترفض إسرائيل التفاوض حال تعرضها للقصف. ولتحقيق الهدف، بحسب الكاتب الاسرائيلي، تجاهلت حماس الاحتقان المتجذر بين جناحي الحركة داخل وخارج القطاع؛ ففي غزة وقبل أيام، استقبل اسماعيل هنية، ونائبه صالح العاروري أقطاب الحركة القادمين من قطر ولبنان، إلا أن حفاوة استقبال الزيارة الأولي من نوعها في غزة لم تنجح في إخفاء توتر العلاقات بين الجناح المتواجد علي الأرض، ويواجه بمفرده غضب الغزاويين، ونظيره الذي ينعم بالراحة والأمان في الدوحة وبيروت. وجري اللقاء، بحسب تقرير بارئيل المنشور في صحيفة »هاآرتس»، بعد »الحصول علي الأمان من إسرائيل»، وتعهدها بعدم المساس بأقطاب الحركة، المدرج أسماؤهم لديها في قوائم المطلوبين! وهدف اللقاء الذي استبق محادثات القاهرة إلي تنسيق المواقف، ووضع النقاط علي الأحرف فيما يخص التفاوض غير المباشر مع إسرائيل حول التهدئة، لكن السلطة الفلسطينية لم تتوقع النتائج الإيجابية التي تمخض عنها الاجتماع، فبعثت برسالة إلي القاهرة، تضمنت خطة تتألف من 3 مراحل، تستمر الأولي منها أسبوعاً من التوقيع علي الاتفاق، ويجري خلالها عودة وزراء الحكومة الفلسطينية إلي القطاع بكامل الصلاحيات، بالإضافة إلي إرجاء دمج أجهزة القيادة الحمساوية مع نظيرتها التابعة للسلطة الفلسطينية للمرحلة اللاحقة؛ وأن تبحث دوائر أمنية من فتح وحماس، بالإضافة إلي دوائر مصرية عملية بناء السيطرة الأمنية علي القطاع حتي تصبح مناظرة للوضع في الضفة الغربية؛ وأن يُمرر ما يجري الاتفاق عليه إلي إشراف لجنة مراقبة مشتركة، ينتمي إلي عضويتها ممثلون عن فتح وحماس ومصر، التي تضمن تنفيذ القرارات. أما المرحلة الثانية، بحسب ما نشرته »هاآرتس»، فتستمر شهراً، وخلالها تتنازل حماس عن تحصيل الجمارك مقابل التزام السلطة الفلسطينية بدفع رواتب الموظفين، وجهاز الشرطة، والدفاع المدني باستثناء مقاتلي حماس؛ وهو الأمر الذي يتعارض والورقة المصرية، التي رأت بقاء تحصيل الجمارك مع حماس علي أن تدفع الحركة منها رواتب العناصر الأمنية. أما المرحلة الثالثة، فتستمر عشرة أسابيع، لتبدأ خلالها الاستعدادات لانتخابات السلطة الفلسطينية. في ظل تلك المعطيات، يستبعد المحلل الإسرائيلي رون بن يشاي إمكانية التوصل حالياً إلي تهدئة طويلة المدي بين حماس وإسرائيل، مستشهداً علي ذلك بتقديرات المستويين السياسي والأمني في إسرائيل، التي تري أن سر الاستبعاد يكمن في اعتراض السلطة الفلسطينية، بالإضافة إلي عزوف الدول العربية هي الأخري عن المساعدة نتيجة لاعتراض أبومازن. كما أن إسرائيل ترفض التعويل في الهدنة علي ما يوصف ب»الجولات الصغيرة»، التي بدأت مع حماس منذ نهاية مارس الماضي وحتي اليوم، ولن تتوقف إسرائيل عن التعامل مع قطاع غزة عسكرياً، طالما استمر سقوط زخات القذائف عليها. ووفقاً لتقرير بن يشاي المنشور بصحيفة »يديعوت أحرونوت»، يتأهب الجيش الاسرائيلي لاستخدام أدواته وأساليبه القتالية للتغلب علي حماس، وتدمير قوتها العسكرية، لإجبارها علي العودة إلي التفاهمات التي أنهت عملية »الرصاص المصبوب» الاسرائيلية في القطاع في أغسطس 2014، وهي التفاهمات التي تضمنت حزمة حوافز للغزاويين مقابل التزام حماس بتهدئة مستقرة، وأفضي ذلك إلي هدوء واستقرار بين الجانبين دام 4 سنوات كاملة.