خطوة مهمة لنقل الحوار بين الثقافات والأديان من الإطار النظري إلي التطبيق العملي ومد جسور التعاون بين الشرق والغرب تمثلت في مشاركة مجموعة من الشباب المصريين والعرب في منتدي »شباب صناع السلام» الذي يعقد في العاصمة البريطانية لندن وتحديدا في كلية تشرشل بجامعة كامبردج ، حتي الأربعاء القادم تحت رعاية الأزهر الشريف وكنيسة كانتربري البريطانية ومجلس حكماء المسلمين حيث يلتقي 50 شابا من مختلف الجنسيات، في محاولة لتنسيق الجهود وتوحيد الرؤي تجاه القضايا المعاصرة، كالمواطنة والسلام ومواجهة الفكر المتطرف وقد تزامن مع ذلك زيارة الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية للمالديف وإلقائه الكلمة الرئيسية في مؤتمر »نشر السلام ودور الفتوي في تعزيزه» وتأكيده أن الإسلام لم يأتِ إلا لنشر السلم والسلام والأمن والرخاء بين الناس أجمعين، وأنه دين منفتح علي الجميع وأن النبي تعامل مع جميع الأطياف وثنيين وكتابيين من اليهودية والمسيحية. الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر أكد في وصيته للشباب قبل سفرهم أن رسالة الأزهر ترتكز علي نشر ثقافة التعايش والسلام، وهو أول من انتبه لأهمية المشاركة في صنع السلام العالمي؛ لذا بادر بتوثيق علاقته بالمؤسسات الدينية العالمية ومن بينها الفاتيكان، واهتم بمشكلات الإنسان مهما كان لونه أو عرقه، لافتا إلي أن الغرض الرئيسي من عقد المنتدي هو تكوين جسور ثقافية من الحوار الحضاري البناء. وخاطب المشاركين في المنتدي قائلا: »مهمتكم في لندن كبيرة وصعبة ومهمة للغاية، والشباب هم أقدر الناس علي صنع السلام وتعمير العالم كله، وعليكم أن تعلموا أن الناس إما أخٌ لك في الدين أو نظير لك في الإنسانية»، وأشار إلي أن الإنسانية الآن تعيش أزمة حقيقية، فهناك مشردون وفقراء وضعفاء في كل مكان، وواجبٌ علينا جميعًا تحقيق مبدأ إنسانية الأديان». وأوصي الإمام الأكبر الشباب المشاركين بالتحاور البناء وتجنب الحوار في العقائد، مشددا علي أنه ليس هناك حوار في العقائد بل احترام لطبيعة كل دين، مع التركيز علي المشترك من القيم الإنسانية. وسبق فعاليات البرنامج مجموعة من ورش العمل تهدف لتعزيز تأثير الشباب الفعال في مجتمعاتهم، ورفع قدرتهم علي المساهمة في صُنع السلام حول العالم، وتعميق رؤيتهم حول مفاهيم التعايش السلمي والاندماج الإيجابي وقبول الآخر. وشمل برنامج اليوم الأول عدة ورش عمل، حملت عناوين: »كيف تخلق مساحات آمنة للحوار» و»السؤال الكبير.. من أكون؟»، و »القيادة ومجموعات الاتصال». وأعرب الشباب عن سعادتهم بالمشاركة في المنتدي، وقال »جو بان فيلد» من بريطانيا : »هذا المنتدي فرصة رائعة للتعرف علي ثقافات متعددة وآراء مختلفة؛ كي نتعلم منهم ونسمع قصصهم. أما »إيف» وهو بريطاني من أصل أمريكي، فقد علق قائلا: »لدي انطباع إيجابي جدا، وأعتقد أننا سنتعلم أشياء عديدة، والورشة الأولي قدمت لنا تصورًا عن الحوار الديني وكانت هناك آراء كثيرة حول هذا الموضوع، وهذا يؤثر إيجابيا في حياتنا». واعتبرت »ياسمين حامد»، من مصر، أن مشاركتها في المنتدي تجربة عظيمة، أتاحت لها مقابلة أشخاص من ثقافات مختلفة، وتبادل الحوار معهم عن الصعوبات والتحديات التي تواجه محاولات خلق مساحات آمنة للحوار مع الآخرين، مشيرة إلي أنها متشوقة لاستكمال فعاليات المنتدي. أما »خليفة خالد»، من دولة الإمارات العربية المتحدة، فقال: »سعيد بتواجدي في هذا البرنامج الذي يعزز الحوار بين فئة الشباب تحديداً؛ للوصول إلي الهدف السامي وهو تحقيق وتعزيز السلم في المجتمعات». وتم الاتفاق علي أن يتولي نخبة من الشباب، أصحاب المبادرات الخلاقة، قيادة الجولة الحالية من الحوار، علي أن تقوم المؤسسات الدينية بتبني ودعم رؤي ومبادرات ومقترحات الشباب، ومناقشة آليات توظيفها، ووضع خطط عملية لتنفيذها وتعميم فوائدها في الشرق والغرب. وقد سبق ذلك كله استقبال الإمام الأكبر في بداية الأسبوع للورد جورج كاري، رئيس أساقفة كانتربري السابق، عضو مجلس اللوردات البريطاني وتأكيده علي أن القيادات الدينية عليها واجب كبير في إصلاح الوضع الصعب الذي يعيشه العالم الآن جراء الحروب، أن الأزهر الشريف وكنيسة كانتربري مؤهلان للقيام بدور كبير في إيجاد تفاهمات بين الشرق والغرب. وبدوره أكد رئيس أساقفة كانتربري السابق أن العلاقات الوثيقة بين الأزهر وكنيسة كانتربري كان لها دور مهم في مد جسور التواصل والحوار بين المؤسسات الدينية والمجتمعات في الشرق والغرب.