ليس غريبا أن تنقل ممرضة تجربتها في التمريض ومعالجة المرضي لتكون سيرة ذاتية بيد جمهور عريض يتوق بالتعرف عليها والإفادة منها خاصة بين الشباب من الممرضات والممرضين وهم علي أعتاب وظيفتهم الجديدة. كانت كريستي واتسون تبلغ من العمر 17 عاماً فقط عندما دخلت إلي غرفة مريض في الصحة العقلية لسحب الدم منه فلم تستطع السيطرة علي ذراعه كونها كانت طالبة متدربة وبسبب تلك الصدمة الكبيرة وجدت نفسها تصرخ فجأة وتمتلئ الغرفة بأشخاص مؤهلين أكثر بكثير مما هي عليه للتعامل مع مثل هذه الحالة الطارئة، وعلي الرغم من أن واتسون كانت تخاف كثيرا من منظر الدم ( فقد أغمي عليها أثناء فحص الدم الذي كان يُطلب منها أن تأخذه قبل التدريب) إلا أنها أصبحت ممرضة حقيقية بعد ذلك نتيجة إصرارها علي التعلم واجتيازها الدورة بنجاح وقد علّمت سنواتها العشرين واتسون في العنابر أنه علي الرغم من أهمية المعرفة بالبيولوجيا والكيمياء, فإن فن التمريض الجيد يكمن في اللطف الإنساني أيضا، واتسون تذكرت عندما دخلت المستشفي لعلاج رد فعل شديد الحساسية لديها أثناء طفولتها فهي لن تنسي أبدا الممرضة التي كانت تجلب لها الزبادي وتطعمها بالملعقة بكل طيب ولطف حتي أنها كانت تغني لها حتي تغفو لتعاود في اليوم الثاني زيارتها فأخذت عنها تلك المعاملة الطيبة تجاه مرضاها فيما بعد حيث خدمت في أجنحة مختلفة منها طب الشيخوخة ووحدة الصحة العقلية لكنها أمضت الجزء الأكبر من حياتها المهنية تُمرض أطفالا يعانون من أمراض خطيرة، وكل من قرأ كتابها شعر بألم لا يصدق، لكن عزاء ما كتبته يكمن في ذلك اللطف وتلك الطيبة التي منحتهما لمرضاها . عن كتابها »لغة اللطف» الصادر عن دار نشر شاتو بالمملكة المتحدة تقول واتسون : »اضطررت إلي وضع الكتاب بسبب ما شاهدته ولمسته من غياب اللطف والرحمة في الوسط الاجتماعي تجاه بعضهم البعض خاصة بين الأبناء، فقد عملت علي غسل رائحة الدخان من شعر طفلة صغيرة ماتت في حريق، وصراعي لإدارة سلوك غير قضائي في وجه الوالدين الذين كانوا يطفئون السجائر فوق بطن الرضيع، الممرضة ونتيجة لكل ذلك سوف تصبح أشد قوة مع كل حالة من القسوة التي تشهدها وهناك الكثير من الأمثلة المعاشة». وعلي الرغم من أن العديد من زملائها والمرضي– كما تذكر واتسون في الكتاب- يتشبثون بأخلاقية ومهنية عالية سواء في العمل أو ما سواه، إلا أنها تحاول أن تكافح من أجل فهم أي شيء وأن ما يهم هو »الكرامة، والدعم، والرعاية، والحنان والاحترام». تختتم واتسون كتابها بالقول : » ولغرض أن تكون تلك القيم في محلها الصحيح فعلي هيئة الخدمات الصحية الوطنية التي تعاني من نقص في التمويل أن تفاتح جميع الجمعيات الإنسانية بما فيها وسائل الإعلام للوقوف إلي جانبها ومد يد العون لها ودعمها». واتسون وهي تترك تلك المهنة تشعر بالاكتئاب والتعب، لكنها تحاول من خلال سرد ذكرياتها هنا أن تقول أن الممرضات العطوفات يجب أن يحظون بالكثير من الرعاية حتي مع إحالتهن إلي التقاعد. عن صحيفة ديلي ميل اللندنية