في 9 فبراير الماضي أعلنت القيادة العامة للقوات المسلحة بدء العملية العسكرية الشاملة »سيناء 2018»، بهدف مواجهة العناصر الإرهابية والمتطرفة والإجرامية في سيناء، بمشاركة جميع الأسلحة والأفروع العاملة بالقوات المسلحة، وبالتعاون أيضا مع قوات الشرطة.. العملية التي بدأت من أجل تطهير أرض سيناء الطاهرة من دنس الإرهاب.. تمهيداً لعملية تنمية شاملة وحقيقية لكل شبر فيها، وستشهد نهضة كبيرة في مجالات البنية التحتية والخدمات والزارعة والصناعة لتوفير فرص عمل للكثير من شباب سيناء الذي عاني من التهميش سنوات طويلة.. وحان الوقت لإنهاء هذا الوضع الذي أدي لانتشار الجهل والفقر في المجتمع السيناوي، وهما القاعدتان الأساسيتان لظهور الإرهاب في أرض الفيروز. العملية العسكرية الشاملة جاءت بعد حوالي ثلاثة أشهر من قيام العناصر الإرهابية بتنفيذ عملية مسجد الروضة والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 305 من المصلين المدنيين.. هذه العملية الإرهابية التي أظهرت الوجه الحقيقي الخبيث للإرهاب، وأنه لا يمت للإسلام بصلة، فقد قتلوا المصلين في المسجد كما قتلوهم في الكنيسة، وهو أكبر دليل علي أن الهدف هو مصر، ويؤكد علي وجود نظرية المؤامرة التي تستهدف النيل من دولة استطاعت أن تقف صامدة أمام مخطط جديد يحاك للمنطقة العربية وخلق »شرق أوسط جديد»، وسط دول سقطت ومنذ سنوات ولم تقم لها قائمة، وفي منطقة كانت رياح التغيير جاءت بما لا يشتهي البشر، فقد جاءت تحت ستار التغيير والحرية، ولكن النتيجة هي إسقاط الدول. ليأتي تكليف الرئيس عبد الفتاح السيسي القائد الأعلي للقوات المسلحة للفريق محمد فريد رئيس أركان حرب الجيش المصري ووزير الداخلية في 29 نوفمبر 2017، بمواجهة التنظيمات الإرهابية في مدة ثلاثة أشهر.. لتبدأ فترة الإعداد والتجهيز للعملية العسكرية التي باتت وشيكة بمجرد صدور الأوامر من القائد الأعلي للقوات المسلحة. تختلف العملية العسكرية الشاملة »سيناء 2018» من حيث الشكل والمضمون عن العمليات العسكرية التي سبقتها سواء كانت العملية نسر بمرحلتيها.. وحق الشهيد بمراحلها الأربعة.. حيث تعتبر العملية العسكرية الشاملة »سيناء 2018»، تشمل كل مناطق مصر، سواء علي الاتجاه الاستراتيجي الغربي والحدود مع ليبيا، أو المنطقة الجنوبية، ومنطقة شمال ووسط سيناء أو مناطق الوادي والدلتا، وهو ما يختلف عن العمليتين السابقتين »نسر»، و»حق الشهيد» بمراحلهما المختلفة، حيث اقتصرت العمليات السابقة علي بعض مناطق شمال ووسط سيناء. ولا يجب أن ننسي دور القوات البحرية التي تقوم بعمليات تمشيط البحر منعاً لوصول أي إمداد للعناصر الإرهابية عن طريق البحر إلي شمال سيناء أو هروب العناصر الإرهابية من سيناء عن طريق البحر، بخلاف عمليات تأمين المجري الملاحي الأهم في العالم وهو قناة السويس، وكذلك حماية مصادر الطاقة الجديدة كحقل ظهر وغيره من الأهداف الحيوية والاقتصادية لمصر. وكذلك دور القوات الجوية في عمليات الاستطلاع والمراقبة علي مدار الساعة علي جميع الاتجاهات، فهناك المراقبة اللحظية علي الحدود الغربية، وكذلك بمنطقة العمليات بشمال ووسط سيناء والتي يتم استخدام طائرات الاستطلاع فيها لتصوير كل ما يجري علي أرض المعركة، وكذلك الطائرات المقاتلة التي تقوم باستهداف مناطق تمركز العناصر الإرهابية علي كل مناطق مصر.. بمعني أدق فالعملية الشاملة يشارك فيها جميع أفرع القوات المسلحة، إضافة إلي الشرطة المدنية. وتستهدف القوات المسلحة من العملية تدمير الأوكار والبؤر التي تتخذها العناصر التكفيرية وتنظيم بيت المقدس للانطلاق منها لتنفيذ العمليات الإرهابية، والقضاء علي عناصر التنظيم بمستوياتهم المختلفة، سواء القيادات أو الأفراد.. وكذلك تدمير البنية التحتية وقدرات التنظيم الإرهابي والعناصر التكفيرية من خلال تدمير شبكة الملاجئ ومخازن الأسلحة والذخائر والمتفجرات وشبكات الاتصال التي تستخدمها العناصر الإرهابية في تنفيذ عملياتها الإرهابية.. وإحكام السيطرة علي كل الطرق والمحاور الرئيسية والفرعية بجميع مدن شمال ووسط سيناء بجانب إحكام السيطرة علي الحدود المصرية، سواء البحرية أو البرية.. كما أن القيادة العامة للقوات المسلحة وضعت مجموعة من القواعد والضوابط الصارمة التي تحكم الإطار العام لتنفيذ الخطة.. تمثلت في الالتزام بأوامر رئيس الجمهورية القائد الأعلي للقوات المسلحة، لتنفيذ مهام المجابهة الشاملة للعناصر والتنظيمات الإرهابية، وتحصين المجتمع المصري من شرور الإرهاب.. بالإضافة إلي الحفاظ علي القواعد والضوابط والمعايير الخاصة بحقوق الإنسان، وتوفير الحماية الكاملة للمدنيين من المصريين في مناطق العمليات والمداهمات الأمنية خاصة شمال ووسط سيناء، والالتزام بقواعد الاشتباك المعمول بها دولياً والمتعارف عليها، ذلك بجانب التعاون الوثيق بين جميع مؤسسات الدولة المصرية والسلطات المحلية، لتوفير التأمين بالإمدادات الغذائية والتأمين الصحي والاجتماعي للسكان المحليين وبالمدن وبالمحافظات التي تشهد عمليات أمنية.. وهو ما رأيناه يتحقق علي أرض الواقع خلال زيارة جريدة الأخبار لشمال سيناء، وإلغاء عملية قصف مدفعي لمجرد مرور بعض الصبية بجوار المنطقة المتاخمة للمنطقة المستخدمة. تمثلت المرحلة الأولي من العملية العسكرية الشاملة في التخطيط والإعداد والتجهيز لتنفيذ الخطة، والتي بدأت منذ صدور تكليفات رئيس الجمهورية.. وجاءت أهم خطوات هذه المرحلة في جمع المعلومات والرصد المكثف والدقيق لتحديد مناطق اختباء البؤر الإرهابية، خاصة في شمال ووسط سيناء، بالتعاون مع أهالي سيناء، إلي جانب إعداد تنظيم وتشكيل وتدريب عناصر من الجيش والشرطة المدنية لمكافحة الإرهاب.. أما المرحلة الثانية، فتمثلت في مجابهة العناصر والتنظيمات الإرهابية، وتعزيز قدرات تأمين الحدود الخارجية للدولة المصرية، وكان من أبرز إجراءاتها علي الاتجاه الشمالي الشرقي، قيام القيادة الموحدة المكلفة بمهام مكافحة الإرهاب في شمال ووسط سيناء، بتنفيذ عمليات مداهمة شاملة للبؤر الإرهابية، في نطاق الجيشين الثاني والثالث، والمنطقة الممتدة بدلتا مصر والظهير الصحراوي غرب وادي النيل. دفعت القوات البحرية المصرية بتشكيل بحري مدعوم بحاملة مروحيات، تضم عناصر القوات الخاصة البحرية وطائرات الهليكوبتر وعناصر من الدفاع الجوي علي المحاور الاستراتيجية كافة، مع استمرار تأمين الأهداف الحيوية الاستراتيجية علي الساحل، وفي عمق المنطقة الاقتصادية الخالصة لجمهورية مصر العربية، باستخدام جميع الإمكانيات من وحدات بحرية ومنظومات فنية لحماية المقدرات الاقتصادية للبلاد من الثروة المعدنية (غازية أو نفطية) في عمق وقاع البحار. تتولي القوات الجوية علي مدار الساعة مهمة تأمين جميع الاتجاهات والأهداف الاستراتيجية بالدولة المصرية.. وتعمل الضربات الجوية خارج التجمعات السكانية حفاظاً علي أرواح المدنيين، وبما يتوافق مع قواعد الاشتباك للقوات الجوية، لعدم التأثير علي الأهداف والأفراد المدنيين.