من فعل ذلك بأطفال سوريا، يستحق الإعدام ألف مرة، فالمشهد مرعب لأطفال عمر عام وعامين، لا يستطيعون التنفس وينازعون الموت بين أيدي ذويهم، من الكيماوي السام الذي لم تتحمله أجسادهم الضعيفة، ويسكبون فوق رءوسهم الماء، لعل وعسي تعود إليهم الحياة.. إنها حرب العار التي لن يمحوها الزمن من جبين البشرية. إذا كان بشار الأسد هو الذي فعل ذلك، فيستحق أكثر من مصير »صدام»، وأن تتم محاكمته وحبسه في قفص حديدي، وإعدامه صباح العيد جزاء لجريمته الشنعاء.. وسيظل العار يلاحقه في جهنم، ولن ترحمه لعنات الأطفال المفزوعين. ولكن.. لماذا لا يكون الكيماوي »بفعل فاعل»، حتي يتم التخلص من بشار وتدمير بقية سوريا وتمزيقها وتقطيعها وتوزيعها علي اللئام؟.. وإذا كان بشار يمتلك الكيماوي، فهو ليس وحده وإنما داعش سبقته وسائر التنظيمات الإرهابية في سوريا، كلهم يستخدمون الكيماوي لسهولة تصنيعه وفداحة خسائره، وتأثيره الرهيب في الرأي العام العالمي، لأنه من أسوأ الأسلحة في تاريخ البشرية. من مصلحة داعش والتنظيمات الإرهابية، أن تعود إلي السيطرة وفرض النفوذ، ولن يتحقق لها ذلك إلا إذا تخلصت من الجيش السوري وبشار، ولن تستطيع التخلص منه إلا بحرب دولية تكسر شوكة الروس، وتعيد السيطرة إلي التحالف الدولي، الذي أوجدها علي قيد الحياة، وأسهل طريق هو الكيماوي، وتعليقه في رقبة النظام السوري، وإيقاظ ضمير الرأي العام العالمي، الذي يشبه قطعة الإسفنج المبللة بالمياه. ومن مصلحة دول التحالف الإجهاز علي سوريا، فهي مسرح لتجريب الأسلحة وكسب الأموال، والاستمتاع بسحر الشرق علي أنغام الدانات والصواريخ، وأنهار الدماء وأنَّات المعذبين في الأرض.. وكأنه من أفلام الرعب التي تحقق ملايين الدولارات، وتكسب ملايين المشاهدات، ويتابعها جمهور مريض يفرِّغ إحباطاته في آلام الآخرين. ولكن ليس من مصلحة العرب استمرار النزيف، وأولهم السعودية ودول الخليج، الذين أدركوا أن قطع رقبة صدام، ستعقبه رقاب أخري، والعبرة والعظة »صدام»، فبعد التهليل والتكبير ومشاعر الفرح لإعدامه، عربدت إيران واستباحت بوابة العرب الشرقية، التي كان يقف عليها صدام. وليس من مصلحة روسيا أن تنكسر شوكتها ويدق عنقها في المستنقع السوري، لا حباً في بشار ولكن كرهاً في الاختباء مرة أخري في جليد سيبيريا، وقد يعرض موقفها الرافض المنطقة إلي حرب عالمية ساخنة، إذا نفذت أمريكا تهديدها بضرب سوريا، سواء وافق مجلس الأمن أو لم يوافق.. وربنا يستر. وظهرت تركيا علي مسرح وليمة الذئاب بوجهها القبيح، واستضافت 16 ألف مقاتل من جيش الإسلام علي حدودها مع سوريا، لتجعلهم شوكة في ظهر »بشار»، وتحركهم لاستكمال مسلسل الفوضي والخراب.. وهو نفس موقف إسرائيل، التي جاملت في الفرح بهجومين بالصواريخ علي سوريا، يعني العاقبة عندكم في المصائب والملمات. ومن أحشاء تلك الصورة الظلامية السوداء، تظهر وجوه أطفال سوريا الأبرياء، الذين يصارعون البقاء لاستنشاق جرعة هواء، وتقول للجميع: لعنكم الله في الدنيا والآخرة، أيها القتلة المجرمون.. أعداء الحياة. مصر.. حماها الله ورعاها.. لم تتورط في إطلاق رصاصة واحدة في أرض الشام، ولم تتلوث يديها بقطرة دماء واحدة، وحذرت من المأساة قبل تفاقمها، وناشدت الجميع بالحفاظ علي كيان الدولة السورية، وإقرار حق شعبها في اختيار نظام الحكم الذي يريده، واتخاذ الإجراءات الكفيلة بعودة المهاجرين إلي ديارهم ووطنهم. مصر الأبية الشريفة، التي تضع العروبة في قلبها، ولم تضمر يوماً شراً حتي لمن أراد بها شراً.. لذا يحميها الله ويرعاها، كما تحمي وترعي الأشقاء السوريين في أرضها.