جمال حسين يكتب: ريحة ‬خبيز ‬أمي.. ‬جاية ‬من ‬الجنة

بالأمس ‬سالت ‬دموعي ‬وأنا ‬استمع ‬إلى ‬رائعة ‬الفنانة ‬فايزة ‬أحمد ‬“ست ‬الحبايب ‬يا ‬حبيبة ‬يا ‬أغلى ‬من ‬روحي ‬ودمى“.. ‬سَرت ‬في ‬جسدى ‬قشعريرة ‬وتوقف ‬قلبي ‬عن ‬الخفقان ‬وعجز ‬لساني ‬عن ‬الكلام، ‬فها ‬هو ‬عيد ‬الأم ‬يأتى ‬بعد ‬أن ‬رحلت ‬عنى ‬ست ‬الحبايب.. ‬لم ‬أكن ‬أتخيل ‬أن ‬كلمات ‬هذه ‬الأغنية ‬تجدد ‬أحزاني ‬على ‬رحيل ‬أمي ‬بهذه ‬القوة ‬وتشعرنى ‬بهذا ‬القدر ‬من ‬الوجع ‬الدفين ‬وتثير ‬بداخلى ‬جرحاً ‬كنت ‬أظنه ‬قد ‬يندمل ‬وكنت ‬أحسبه ‬نائماً ‬ساكناً.‬
..‬لأول ‬مرة ‬لن ‬أج§ري ‬اليوم ‬في ‬صباح ‬يوم ‬عيد ‬الأم ‬أهم ‬مكالمة ‬كانت ‬مقدسة ‬بالنسبة ‬لى ‬وأحرص ‬على ‬إجرائها ‬في ‬هذا ‬اليوم ‬لأقول ‬لأعز ‬الناس ‬“كل ‬سنة ‬وأنت ‬طيبة ‬يا ‬أمى“.. ‬وبدلاً ‬من ‬أن ‬أقدم ‬لها ‬هدية، ‬كنت ‬أنا ‬من ‬يطلب ‬منها ‬أغلى ‬هدية ‬وهي ‬الدعاء ‬الذي ‬كان ‬زادى ‬وزوادي ‬في ‬الدنيا، ‬حيث ‬اعتدت ‬عندما ‬تضيق ‬بي ‬السبل ‬أسارع ‬إلى ‬التليفون ‬وأطلب ‬منها ‬الدعاء ‬ولحظتها ‬استريح ‬وكلى ‬يقين ‬أن ‬الله ‬لن ‬يرد ‬لها ‬مطلباً.‬
ثلاثة ‬شهور ‬بالتمام ‬والكمال ‬مرت ‬على ‬رحيل ‬أمي ‬الحبيبة ‬وما ‬زالت ‬صورتها ‬لا ‬تفارق ‬خيالي ‬وصوتها ‬ما ‬يزال ‬يداعب ‬أذانى ‬ويرن ‬في ‬أرجاء ‬شقتي ‬وهي ‬تداعب ‬أطفالى، ‬ورغم ‬علمى ‬أننى ‬مهما ‬صرخت ‬بأعلى ‬صوتي ‬لن ‬تسمعني ‬إلا ‬أنني ‬أُوقن ‬أن ‬روحها ‬تحوم ‬حولنا ‬وتشعر ‬بنار ‬الفراق ‬الذي ‬نعانيه ‬من ‬بعدها ‬هي ‬وأبي ‬الحبيب.. ‬ما ‬زلت ‬أتحسس ‬مكان ‬نومك ‬وجلستك ‬على ‬مائدة ‬الطعام ‬وضحكاتك ‬وآلامك ‬وأمالك.. ‬اشتياقى ‬لك ‬كل ‬يوم ‬عن ‬يوم ‬يزيد.. ‬اشتقت ‬لحضنك ‬الدافئ، ‬اشتقت ‬إلى ‬كلمة ‬“أمى“ ‬التى ‬كنت ‬أعشقها ‬وحرمت ‬منها ‬إلى ‬الأبد.‬
أتذكر ‬كم ‬عانيتِ ‬من ‬أجلنا.. ‬أتذكر ‬سهرك ‬إلى ‬جواري ‬والجميع ‬نيام، ‬خشية ‬أن ‬أنام ‬أثناء ‬المذاكرة ‬فتحرقنى ‬لمبة ‬الجاز ‬التى ‬كنت ‬أذاكر ‬عليها ‬قبل ‬أن ‬تدخل ‬الكهرباء ‬إلى ‬قريتى..‬استعيد ‬مشاهد ‬واجهت ‬فيها ‬الأعاصير ‬وتحملت ‬ما ‬لا ‬يتحمله ‬بشر ‬من ‬أجلنا.‬
أمى ‬الحبيبة.. ‬أتعطش ‬إلى ‬تقبيل ‬يديك ‬وقدميكِ.. ‬أتعطش ‬إلى ‬دعواتكِ.. ‬إلى ‬صوتكِ.. ‬إلى ‬دفء ‬مشاعرك ‬وفيض ‬إحساسك ‬وهمسة ‬أنفاسك ‬وضحكة ‬وجهك ‬وأحلم ‬بأن ‬أراكِ.‬
أمي ‬الحبيبة ‬لقد ‬أدركت ‬قسوة ‬الرحيل ‬وجبروت ‬الموت ‬الذي ‬حرمني ‬من ‬أن ‬أقول ‬لك ‬فى ‬عيد ‬الأم ‬كل ‬سنة ‬وأنتِ ‬طيبة ‬يا ‬ست ‬الحبايب، ‬ولا ‬أملك ‬الآن ‬إلا ‬الترحّم ‬عليك ‬وأدعو ‬الله ‬أن ‬يرحمك ‬رحمة ‬واسعة ‬وأن ‬يسكنك ‬فسيح ‬جناته ‬وأن ‬يجمعنى ‬بك ‬في ‬مستقر ‬رحمته ‬لأن ‬الجنة ‬تحت ‬أقدامك، ‬وليسمح ‬لى ‬المطرب ‬الفنان ‬كرم ‬مراد ‬الذى ‬أحيا ‬احتفالية ‬عيد ‬الأمهات ‬المثاليات ‬لمجلة ‬‮»‬آخر ‬ساعة‮«‬ ‬والتى ‬أقامها ‬الزميل ‬العزيز ‬محمد ‬عبدالحافظ ‬أن ‬أستعير ‬كلمات ‬أغنيته ‬التي ‬جاءت ‬على ‬وجعى ‬والتى ‬تقول ‬كلماتها .‬
متفسروش ‬حلمى.. ‬أنا ‬بس ‬بتمنى
ريحة ‬خبيز ‬أمى.. ‬جاية ‬من ‬الجنة
صوتك ‬فى ‬حوش ‬البيت.. ‬ملأ ‬قلبى ‬بالحواديت
سمعنى ‬ناى.. ‬بكاى ‬بيغنى ‬من ‬جواى
معرفش ‬طعم ‬الشاى.. ‬غير ‬من ‬ايدين ‬أمى