يعتقد الكثيرون أن العلاقة التي تربط الدول العربية بالفورميولا وان جديدة ولا تتعدي الست سنوات منذ استضافة البحرين في 4 أبريل 2004 لأول جائزة كبري في الوطن العربي.. لكن في الحقيقة سيارات الفورميولا وان ليست غريبة عن المنطقة أو وافدة جديدة بل تمتد جذورها الي سنوات طويلة وتحديداً الي 1958 في المغرب التي استضافت الجولة الأخيرة من المنافسات ذلك العام علي حلبة عين دياب في مدينة الدارالبيضاء "كازابلانكا" علماً أنها الجائزة الكبري الوحيدة قبل البحرين وأبوظبي حالياً والتي أدرجت رسمياً ضمن روزنامة البطولة منذ انطلاقها في العام 1950 . نظم هذا السباق العربي الشهير في 19 أكتوبر علي حلبة بلغت مسافتها 7.602 كم وتألف من 53 لفة (402.906 كم) وشهد انطلاق 25 سيارة ووصول البريطاني ستيرلينج موس "فانوول" في المركز الأول كما سجل أسرع توقيت للفة الواحدة بلغ 2.22.5 دقيقتين بمعدل سرعة 192.050 كم/س. أما أبرز محطات سباق المغرب فكانت وفاة السائق لويس إيفانز إثر تعرضه لحادث خلال السباق بينما شاركت سيارة فورميولا وان في المنافسات لكن لم يتم تصنيفها لحصد النقاط في البطولة وصنفت في خانة خاصة بها. ويعتبر سباق جائزة المغرب الكبري محطة تاريخية لدي العرب وللمنطقة العربية أيضاً وتحديداً دول الجانب الأفريقي ولعب دوراً مهماً في هذه السباقات العريقة علي غرار ليبيا، تونس، الجزائر ومصر، علماً أن تونس، الجزائر والمغرب كانت تخضع للاستعمار الفرنسي بينما كانت تخضع ليبيا للاستعمار الإيطالي ومصر للاستعمار البريطاني. وتمثل ليبيا مهد أقدم جائزة كبري في العالم العربي إذ نظمت في 1925 أي قبل 25 عاماً أول بطولة رسمية للفورميولا وان وقبل 84 عاما وفي العام نفسه نظم أول سباق للسيارات في المغرب.. لكن جائزة ليبيا الكبري نظمت قبل السباق المغربي بأشهر قليلة وقد أقيمت 14 مرة ولكنها لم تكتسب سمعتها العالمية سوي خلال نسخاتها الثماني الأخيرة وسبب نجاح هذه السباقات يعود الي إدخاله دائرة المراهنات واليانصيب حيث كان بالإمكان المراهنة علي الفائزين وكسب الجوائز. ونال سباق طرابلس شعبية كبيرة بين الإيطاليين بسبب غياب أي حدث من مستواه خلال تلك الفترة كما أن الطبيعة الخلابة لليبيا وإقامة السباق بين أشجار النخيل منحت السباق طابعاً جميلاً إضافة الي سحر عالم المحركات وتوافر جميع العناصر المواكبة لهذه الرياضة والتي تجدها في إيطاليا وجميع الدول الأخري. جوائز مالية أقيمت جائزة طرابلس من أجل إرضاء الجميع وشهدت تقديم جوائز مالية ضخمة.. فحاملو التذاكر كانوا يأملون الفوز بمبالغ كبيرة، الفرق والسائقون كانون يأملون أيضا في تحسين موسمهم عن طريق حصد الجوائز المالية التي تمنح للفائزين.. أما المنظمون فكانون يعتمدون علي بيع البطاقات والتمويل الخارجي من أجل تطوير عام السباق ومعداته لذلك قيل أن حلبة ملاحة كانت الحلبة الأفريقية الأولي التي جملت الصفات الأوروبية بعدما تم تجهيزها بمنشآت متطورة. ومن الأمور الطريفة استمرار الحاكم ريتالو بالبو بمنح إشارة الانطلاقة بعدما تم الاستغناء عن فكرة التلويح بالعلم وذلك بالكبس علي الزر عند خط الانطلاق.. وقد كان بالبو شغوفاً برياضة السيارات وكان غالباً يرتاد حلبات السرعة وفور تسلمه منصب الحاكم في ليبيا شجع إقامة السباق كونه يعرف جيداً هذا العالم والذي كان يغويه. . وكان يُقال أن وصول الحاكم بالبو الي الحلبة تمثل اللحظة التي ينتظرها الجميع خصوصاً متي كانت السيارات الألمانية "تقتل" المنافسة علي الحلبة .. وقد كان هذا الحاكم هو الذي منح إشارة الانطلاق للسباق الأخير الذي أقيم في 12 مايو 1940 وقُتل مع بداية الحرب العالمية الثانية وقد تزامنت وفاته مع نهاية السباق الذي أحبه.