محافظ المنيا يتفقد عدداً من اللجان الانتخابية لمتابعة سير انتخابات مجلس النواب    ميناء دمياط يسجل حركة تجارية ونشاط لوجستي مكثف خلال 24 ساعة    استعدادات التموين لشهر رمضان 2026 لضمان توافر السلع بأسعار مناسبة    رئيس الوزراء يتابع الموقف المالي للهيئة القومية للتأمين الاجتماعي وسُبل تعظيم إيراداتها    «حارس النيل» ينطلق من القاهرة قريبا.. أول قطار سياحي فاخر يجوب معالم مصر    عون: جيش لبنان وحده مسئول عن بسط سلطة الدولة ومنع اعتداءات إسرائيل    إطلاق سراح ساركوزى رئيس فرنسا الأسبق ووضعه تحت الرقابة القضائية في قضية التمويل الليبي    ترامب يمنح عفوا لعدد من المتهمين في ملف انتخابات 2020.. بينهم جولياني    الشيوخ الأمريكى يخطو أولى خطوات إنهاء الإغلاق.. أصوات 8 ديمقراطيين تسمح بتمرير تشريع لتمويل الحكومة.. التنازل عن ضمانات دعم الرعاية الصحية يثير انتقادات داخل الحزب.. ذى أتلانتك: الديمقراطيون ارتكبوا خطأً فادحاً    موعد وديتي منتخب مصر المشارك في كأس العرب أمام الجزائر    جهاز الزمالك يمنح اللاعبين 4 أيام راحة بعد خسارة السوبر    محمد الغزاوي: زيزو لاعب كبير.. وانظروا على ما فعله بعد نهايه المباراة بعد مواساه لاعبي الزمالك    رسمياً.. تأجيل مباراة الأهلي وسموحة في كأس السوبر لكرة اليد    ضبط متهمين بحوزتهما 12 ألف عبوة سجائر مجهولة المصدر بمطروح    ضبط المتهم بالتعدي على صاحب محل بحلوان والتسبب في وفاته    السيطرة على حريق ضخم في مصنع بويات بالسادات ومصرع عامل وإصابة آخر    وفاة المطرب الشعبي إسماعيل الليثي    ياسر جلال ل اليوم السابع: خطابي كان بشكل عفوي وتأكدت أن المعلومة مغلوطة    «عائشة لا تستطيع الطيران» في المسابقة الرسمية لمهرجان مراكش    «يا جبل مايهزك ريح».. 3 أبراج قوية وثابتة بعد الانفصال    المتحف المصرى الكبير يعلن إستقبال 12 ألف زائر من المصريين والأجانب    وزارة الصحة توفر الرعاية الطبية للناخبين أمام لجان الاقتراع في الأقصر وأسوان    المستشارة أمل عمار: المرأة الفلسطينية لم يُقهرها الجوع ولا الحصار    الأربعاء.. فن الكاريكاتير وورشة حكى للأوبرا فى مركز محمود مختار بمناسبة اليوم العالمى للطفولة    أحمد مجاهد يعلن الاحتفال بمئوية طوغان في معرض الكتاب 2026    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    3272 متقدما فى اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    اشتريت سيارة ووجدت بها عيبا فهل يجوز بيعها دون أن أُبين؟.. الأزهر للفتوى يجيب    انتخابات مجلس النواب 2025.. إقبال كثيف من الناخبين على اللجان الانتخابية بأبو سمبل    تعرف على مدة غياب كورتوا عن ريال مدريد بسبب الإصابة    تاجيل محاكمه 17 متهم باستهداف معسكر امن مرغم بالاسكندريه    البنك المركزي: ارتفاع المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 12.1% بنهاية أكتوبر 2025    الاتحاد الأفريقي يدعو لتحرك دولي عاجل بشأن تدهور الوضع الأمني في مالي    السجن 7 سنوات وغرامة مليون جنيه لسارقي الآثار بالشرقية    بتكلفة 2.37 مليار جنيه.. وزير التعليم العالي يتفقد مشروعات جامعة الأقصر    لقاء الشرع بأشد الداعمين للكيان الإسرائيلي في واشنطن يثير الجدل، والنشطاء: بداية تنفيذ مطالب أمريكا    «غير مستقرة».. آخر تطورات الحالة الصحية ل محمد صبحي بعد نقله للعناية المركزة    انطلاق برنامج «مشواري» لتنمية مهارات الشباب في الشرقية    بث فيديو الاحتفال بالعيد القومي وذكرى المعركة الجوية بالمنصورة في جميع مدارس الدقهلية    بعد 3 ساعات.. أهالي الشلاتين أمام اللجان للإدلاء بأصواتهم    كشف هوية الصياد الغريق في حادث مركب بورسعيد    المفتي: الشائعة زلزال يهز الثقة وواجبنا بناء وعي راسخ يحصن المجتمع من الاضطراب    البنك المركزي المصري يطرح عطاء أذون خزانة بقيمة 1.5 مليار دولار    وزير الصحة يلتقي وزيرة الشؤون المدنية في البوسنة والهرسك    تفاصيل إيقاف قيد الزمالك للمرة الرابعة.. لاعب سابق السبب وشكاوى جديدة في الطريق    وزير النقل التركي: نعمل على استعادة وتشغيل خطوط النقل الرورو بين مصر وتركيا    تأجيل محاكمة المتهمين بقتل أحمد المسلماني تاجر الذهب بالبحيرة لتعذر حضورهما    نفذوا جولات استفزازية.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى    الرعاية الصحية: لدينا فرصة للاستفادة من 11 مليون وافد في توسيع التأمين الطبي الخاص    وزارة الصحة: تدريبات لتعزيز خدمات برنامج الشباك الواحد لمرضى الإدمان والفيروسات    جامعة قناة السويس تحصد 3 برونزيات في رفع الأثقال بمسابقة التضامن الإسلامي بالرياض    وزير الزراعة: بدء الموسم الشتوى وإجراءات مشددة لوصول الأسمدة لمستحقيها    تنوع الإقبال بين لجان الهرم والعمرانية والطالبية.. والسيدات يتصدرن المشهد الانتخابي    رئيس الوزراء يدلي بصوته في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمدرسة اليابانية بالجيزة    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    انطلاق أعمال التصويت في انتخابات مجلس النواب 2025 بالمهندسين    «الصحة»: التحول الرقمي محور النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان    «أنا مش بخاف ومش هسكت على الغلط».. رسائل نارية من مصطفى يونس بعد انتهاء إيقافه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قبل أن تهدأ العاصفة

لا يوجد مصري واحد لم يتألم أويشعر بالمرارة بعد أحداث مطلع العام الجديد التي شهدتها مدينة الإسكندرية من تفجيرات أمام كنيسة القديسين والتي راح ضحيتها حوالي 22 مصرياً ما بين مسلم ومسيحي بالإضافة إلى عشرات المصابين من أبناء مصرنا الحبيبة .
كما لا يوجد مصري واحد – إلا من في قلبه مرض - إلا وأحس أن الضربة موجهة إلى صدره هو وليس صدر من ماتوا أو أصيبوا أو فقدوا أباً أو أخاً أو ابناً أو بنتاً أو زوجاً أو زوجة .
لكن قبل أن تهدأ العاصفة – التي بدأت منذ بداية الأحداث وحتى الآن – ينبغي لنا أن نتوقف أمام عدة نقاط يجب وضعها في الاعتبار :-
النقطة الأولى : أن التحقيقات حتى الآن لم تكشف عن هوية مرتكبي تلك الجريمة المنكرة والتي لا يقرها شرع أو دين أو أعراف أو تقاليد ، ومن ثم فإن استباق الأحداث وإلقاء التهمة جزافاً على أي طرف – أياً كان هذا الطرف – هو من قبيل العبث والاستخفاف بالعقول ، ومحاولة إضفاء شرعية على ظنون قد تصيب أو تخطئ ، كما أنه من قبيل إلصاق التهمة بطرف معين ومحاولة تحويل مسار التحقيق والاتهام نحو هذا الطرف دون دليل أو بينة مؤكدة لحاجة في النفوس .
النقطة الثانية : أن هذا الحادث لم يسلم منه طرف دون آخر ، بل أصاب الجميع من أبناء الوطن في مقتل ، صحيح أنه حدث أمام كنيسة ، وصحيح أنه من الممكن بل من المؤكد أن تكون الكنيسة هي المقصودة ، لكن أن يكون تفسير ذلك – فقط – أن الفاعل مسلم ومن الجماعات المتطرفة هو تفسير يعوزه الدليل كما قلنا في النقطة الأولى .
النقطة الثالثة : أن الهرولة للاعتذار والحديث عن براءة الإسلام من مرتكبي الحادث هو من قبيل تثبيت التهمة - الغير مؤكدة - أن الحادث وراءه مسلم متطرف أو جماعة دينية متطرفة ، وبالتالي تصدر البيانات ببراءة الإسلام من أمثال هذا الفكر ، ويهرول رجال الدين نحو تقديم الاعتذار ، هو أمر من شأنه أن يضفي شرعية على ظنون لم يتأكد منها شئ بعد ، لا نقصد بهذا أن يمتنع الناس عن تقديم واجب العزاء لأسر الضحايا مسلمين ومسيحيين ، لا لم نقصد هذا ولم نقله ولا ينبغي لنا ، فالعزاء واجب والمشاركة في الأحزان شعور ديني أصيل وواجب ديني ووطني لا ينبغي لأحد التخلف عنه .
النقطة الرابعة : أن هناك احتقان طائفي في مصر بين المسلمين والمسيحيين ، سواء تم التصريح بذلك أو نفيه ، فلا يجب أن نضع رؤوسنا في الرمال وننكر حقيقة واقعة نعيشها منذ فترة ليست بالقصيرة ، قد تأتي التصريحات الرسمية عكس ذلك ، وخاصة أحضان الأعياد والمناسبات ، لكنها لا تعدو عن كونها مجرد مظاهر تخفي وراءها الكثير مما في الصدور .
بعد هذه المقدمة التي طالت قليلاً لابد من الحديث عن الأسباب التي أدت بمصرنا الحبيبة إلى تلك الحالة من التوتر والتربص بين أبناء الوطن الواحد ، وأستطيع أن ألخص هذه الأسباب – من وجهة نظري – في النقاط التالية :-
1- حالة عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي التي تعيشها مصر ، فالوضع المصري الراهن ساهم في إبعاد كل صاحب فكر عن الشأن السياسي المصري ، فالديمقراطية المصرية موجهة ، والانتخابات مزورة ، والنقابات معطلة ، حتى الجمعيات الخيرية والخدمية تدخلت الجهات الأمنية في إدارتها ، فأصبحت مصر كلها تدار بالفكر البوليسي وليس بالفكر السياسي الحر .
إن معالجة كل الأمور داخل مصر بالفكر الأمني البوليسي هو اختزال الأزمة الراهنة وحصرها في نطاق ضيق لصالح من بيدهم إدارة شؤون مصر ، كما أن تهمة التخوين لكل صاحب رأي مخالف وأنه يعمل ضد مصلحة الوطن تسطيح للأزمة المصرية الراهنة ، مما ولد شعوراً عاماً بالاحتقان لدى المواطن المصري ، زادته مرارة واحتقاناً الحالة الاقتصادية السيئة التي يعيشها المواطن المصري من غلاء الأسعار وضعف الأجور والبطالة التي تفتك بالملايين من شباب هذا الوطن ، فلم يعد أمام هذا الشباب إلا طريقان ، إما الهجرة والسفر للخارج وتحمل المعاناة والألم والذل والتعرض للموت ، وإما البقاء والتسكع على المقاهي والنواصي ، ومن ثم يصبح هذا الشباب فريسة سهلة لأي رأي متطرف هنا أو هناك ، كما أن هذا الشباب يصبح قنبلة موقوته يفقد تدريجياً الانتماء لوطنه ، وهو يرى على شاشات التليفزيون إعلانات عن فيلات وشاليهات ويقرأ عن أجور الفنانين والفنانات واللاعبين وهو لا يجد عملاً يقتات منه أو يعينه على الزواج وتكوين أسرة ويعصمه من الوقوع في الزلل .
2- غياب دور المؤسسات الدينية الرسمية التي من المفترض أنها تدعم التدين الوسطي مسلماً كان أو مسيحياً ، من خلال الأزهر الذي يجب أن يكون دوره هو الأبرز لدعم الوسطية في الإسلام والكنيسة المصرية التي يجب أن تدعم الوسطية في المسيحية بعيداً عن الآراء المتشددة هنا أو هناك ، لقد أدى غياب هذا الدور إلى ظهور ما يمكن تسميته ( تدين بئر السلم ) - قياساً على البضائع المغشوشة التي يطلق عليها اسم بضائع بئر السلم - ، فقد أصبح الصغار من المسلمين والمسيحيين يتلقون تعليماً دينياً موازياً غير ما يتلقونه في المدارس ، تعليماً في البيوت والتجمعات الصغيرة يحض على كراهية الآخر ونبذه ، تعليماً يبذر الشقاق ويكفر الآخر ، تعليماً يؤدى للانعزال وعمل ( جيتو ) لكل أصحاب دين ، كنا في الماضي نجد الطلاب جميعاً في المدارس أو الجامعات معاً لا تستطيع أن تفرق بين مسلم ومسيحي ، لكن الآن تجد المسيحيين في ركن خاص بهم في المدرسة أو الجامعة في الفسحة المدرسية أو بين المحاضرات في الجامعة ، ونظرات التربص بين أبناء الديانتين واضحة ، وإن سألت عن السبب ووجهت بنفي قاطع لذلك رغم أن الشواهد واضحة .
إن ما يتم تدريسه في البيوت والزوايا ومدارس الأحد للناشئة هو سبب هام وجوهري لما نعانيه الآن ، المصري متدين بطبعه مسلماً كان أو مسيحياً ، فإن لم يجد ما يشبع نهمه لتلقي التعليم الديني الصحيح في مدرسته بحث عن مصدر آخر وغالباً ما يكون هذا المصدر غير مؤهل لتعليم الناشئة ، وهنا تبدأ الخطوة الأولى للتطرف والكراهية ، لا نريد أن نضع رؤوسنا في الرمال وننكر ذلك ، وإلا استمر الوضع السئ الراهن على ما هو عليه .
3- ولا يجب أن ينسينا ما قلناه أن مصر لم تعد بمعزل عن الخارج – وخاصة في عصر التقدم التقني والسماوات المفتوحة - ، فالخارج يصدر إلينا بضاعته الجيد منها والردئ ، يصدر إلينا فكر التطرف الإسلامي والمسيحي ، يصدر إلينا فكر التسيب والانحلال ، يصدر إلينا عادات وتقاليد خارجة عن مجتمعنا وقيمه ، وفي ظل الخواء الديني وغياب الوعي الديني الصحيح يتشرب الشباب الفكر الوافد البعيد عن معتقداتنا وعاداتنا وتقاليدنا ، فيصبح من بين هؤلاء الشباب الجاسوس والمتطرف والمنحل ومن لا يردعه وازع من ضمير أو دين عن اقتراف ما يضر بالوطن من قول أو فعل أو غيره .
4- الاستقواء بالخارج وتكوين لوبي داعم من الخارج لبعض فئات المجتمع ، مما يزيد من حالة الاحتقان وتشويه الصورة ، ونقل صورة غير صحيحة أو مبالغ فيها عن الوضع الداخلي المصري ، والاستعانة بمنظمات مشبوهة للنفخ في نار الفتنة حتى تزيد اشتعالها بدلاً من العمل على إطفائها .
هذه ليست كل الأسباب التي أرى أنها أسباب لما تعانيه مصر اليوم ، لكني أردت أن أضع هذه الأسباب أمام القارئ حتى يعمل عقله فيها ، قد يتفق معي البعض وقد يختلف البعض الآخر ، لكني أريد أن يكون اختلافنا – إن وجد – كاختلاف العازفين في سيمفونية واحدة كلهم يؤدون إلى خروج السيمفونية بأجمل صورة ، فالكل مصري والكل يجب أن يعمل لرفعة بلده ، مهما اختلفت أفكارنا فلابد أن تلتقي عند هدف واحد ، هو مصر .
حمى الله مصرنا من كل سوء ووقاها شرور العابثين بأمنها ....... اللهم آمين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.