نرجع معكم ثانية الي حكاية صديقي المبتلي بالسفر من الصعيد الي القاهرة لنستكمل حكايته , فبعد ان قص علي صديقي مأساته ومعاناته مع السكة الحديديه , بادرته بالسؤال فلما لم تجرب الاتوبيس؟ , فقال لي لقد فعلت , فقد كنت غالبا ما اركب الاتوبيس وبخاصة عندما تم تجديد محطة الاتوبيس واستعمال عدد من سيارات الاتوبيس الرينوه الجديدة , قلت اذا هذا شئ جيد في قصتك, فقال لي ولكن الامر لم يعد كذلك , فلقد وصل الامر بمحطة الاتوبيس الي حالة من التردي والتهاوي فهي خاوية علي عروشها , فلا تجد فيها مكان لانتظار الركاب واذا وجد فهو متهالك ولايستوعب الا عددا قليلا من الركاب للجلوس عليه واذا اردت ان تذهب الي دورة المياه لقضاء حاجتك فانك تولي الادبار من المنظر المقرف والمقزز والرائحة الكريهة لهذه الدورات التي لاتشهد عمليات نظافة او صيانة . اما عن الاتوبيسات فحدث ولاحرج فقلّ ان تجد اتوبيس بالمحطة وقد تنتظر الساعات حتي يأتي اتوبيس , لدرجة انني ذهبت الي المحطة ذات يوم في تمام الساعة التاسعة صباحا فلم اجد اتوبيسا فسألت القائم علي شئون المحطة فقال لي ان اول اتوبيس سيأتي في تمام الحادية عشرة , واذا ما وجدت اتوبيس بالمحطة فانت ورزقك فقد يكون حان موعد اقلاع الاتوبيس او انك تنتظر حتي يستكمل الاتوبيس ركابه وعليه فقد تنتظر وقتا طويلا لانه نادرا ما يكون الحجز بموعد محدد , ولكن العجيب ان الاتوبيس نادرا ما يقوم في موعده حتي يستكمل ركابه . وياليت الامر يقف عند هذا الحد بل ان حالة الاتوبيسات اصبحت متردية للغاية ومتهالكة بداية من مقاعد الركوب التي اصابتها حالة من القذارة نتيجة لعدم الباسها فرش يمكن غسله بين الحين والحين ثم مساند اليد التي تكسرت فتجدك انزلقت الي طرقة الاتوبيس خاصة في حالات انعطاف الاتوبيس او دورانه , ثم مساند الظهر التي تيبست دون حراك للامام والخلف حسب راحة الراكب وحالته البدنية من الطول والقصر والنحافة والسمنة ولكنك تجدك محنطا في مكانك فتتيبس بذلك عضلاتك ومفاصلك فتحتاج بذلك ان تذهب الي اخصائي علاج طبيعي لاخذ جلسات لفك المفاصل والعضلات التي تيبست , ثم مجلس المقعد الذي فقد كثيرا من مادته الاسفنجية فتشعر كأنك تجلس علي الخشب او الحديد في بعض نواحي المقعد فلا تقوم من المقعد الا وشعرت بالخدر (التنميل) قد دب في رجليك نتيجة لاحتباس الدم لفترة طويلة اثناء الجلوس علي هذه المقاعد المتصلبة فتمكث بعض الوقت حال النزول حتي يزول عنك هذا الاثر . اضف الي ذلك حالة عفشة الاتوبيس المتهالكة فتشعر طوال الطريق وكأنك تركب كرسي هزاز خاصة عندما تكون الرحلة علي طوال الطريق الزراعي من الصعيد الي القاهرة الملئ بالمطبات لتعذيب الركاب, فتحس بالمطب كأنه ضرب في رأسك وعنقك مباشرة مما يجعلك عرضة لللانزلاقات الغضروفية بالعمود الفقاري , ثم تجد السائق قد فتح المذياع او التسجيل بكل الوان التلوث السمعي او قد يكون تلوث سمعي وبصري عندما يفتح لك الفيديو الذي يعرض فيه افلاما تخدش الحياء العام فتضف الي ذلك تلوث نفسي . ثم تأتي الطامة الكبري عندما يتعطل بك الاتوبيس ببعض الطريق فتظل تنتظر علي قارعة الطريق حتي يأتي اتوبيس أخر لتركبه ولكن هذه المرة ستظل واقفا طوال الطريق فتشعر بحالة من القهر والقرف انك ارتكبت جرما وركبت الاتوبيس ثم تنزل من الاتوبيس في حالة من الاعياء والاجهاد , فأني لك ان تقضي مصلحة او تنجز عملا وانت في هذه الحالة المزرية . وهنا ادركت قدر القهر الذي يتعرض له صديقي المبتلي بالسفر وهو يحاول ان يركب الوسيلة الثانية من وسائل النقل العام الا وهي الاتوبيس واحسست بقدر التقصير الذ يعتري القائمين علي هذا المرفق الحيوي والهام وقلت متي يأتي اليوم الذي يشعر فيه المواطن بآدميته وهو يركب وسائل النقل العام , متي يحسن استقباله والقيام علي راحته ومتي يتم توفير المواصلة الصالحة للركوب حتي لايكون ركوبه للمواصلات موضع تكدير واذي له , فقلت عسي ان يكون قريبا , ونظرت فلم اجد امام صديقي من وسيلة مواصلات تبلغه مأربه الا سيارات الميكروباص فماذا اخبرني عنها صديقي هذا ما سنتعرف عليه في المرة القاددمة ان شاء الله .