حكي لي صديقي المبتلي بما يشبة المأساة او التراجيديا قدر المعاناة التي يلقاها في رحلة سفره الاسبوعية الي القاهرة والعكس , , فتعالو بنا نسمع حكايته . لقد بدأ القصة بسرده قدر العنت الذي يلاقيه اثناء سفره فبادرته بالسؤال لما لاتسافر بالقطار فهو وسيلة مريحة فقال لي لقد جربت السفر بالقطار ولكني كفرت به , فسألته ولما ؟ فقال لي ناهيك عن الاسعار الملتهبة لاجرة القطار مقارنة باسعار وسائل المواصلات الاخري والتي لايقوي عليها كثير من الناس وخاصة اذا اردت ان تركب في مكان تحترم فيه ادميتك داخل القطار( كأن تركب في عربات الدرجة الثانية المكيفة ولا اتطاول الي الاولي لان اسعارها نار ) و لا تهدرها في ركوب عربات الدرجة الثانية العادية او ما يسمي بالمميزة والتي يغلب عليها حالة من القذارة تتأفف منها النفوس ورائحة دورات المياه الكريهة عبر العربة تزكم الانوف اويلفحك الهواء البارد او التراب والغبار من النوافذ دائمة التكسير , الامر الذي يصل بك الي حالة من القرف و الغثيان , وكأنه عقاب لراكبي هذه الدرجات حتي يسارعوا الي ركوب الدرجة الاولي او الثانية المكيفة , ولكن أني للناس البسطاء ومتوسطي الحال ان يأتوا بقيمة الاسعار السياحية لتعريفة الركوب التي تعاملهم بها هيئة السكك الحديدية . فاذا ما كنت ميسور الحال وذهبت الي شباك التذاكر لشراء تذكرة قلّ ان تجد واحدة وخاصة في ايام الدراسة والاعياد والمصايف والمناسبات اي اغلب ايام العام مما يدفعك الي مصاحبة عامل التذاكر وليس هناك بأس من بقشيش تتركه له مع كل تذكرة تأخذها فتصبح بذلك ذبون متميز تحصل علي التذكرة متي شئت والا فالبديل ان تركب القطار بدون حجز فيأتيك رئيس القطار ( الكمساري ) بآلة العقاب ( التطويق ) فتدفع ثمن التذكرة مرة ونصف ! فسألته ولما لا يمكن الحصول علي التذاكر بسهولة ؟ فقال لان اعداد التذاكر المحددة قليلة ولاتكفي لاعداد الراغبين للسفر بالقطار . وياليت الامر يقف عند هذا الحد , فانه لما كثرت حوادث القطارات وجد ان الجرارات غير صالحة للاستعمال فلجأت وزارة النقل وبالتبعية هيئة السكة الحديد الي الاستغناء عن العديد من الجرارات وبالتالي تخفيض عدد الرحلات التي تقوم بها القطارات وذلك بدلا من ان يأتوا بجرارات جديدة للحفاظ علي عدد الرحلات ان لم يكن زيادتها في ظل النمو السكاني . ثم التفت صديقي الي وقال فاذا ما تجاوزنا كل ما سبق ذكره نجد ثانية الاسافي الا وهو انه من النادر ان يأتي القطار في موعده و لكن الغالب والدائم ان تأتي القطارات في غير موعدها والتي قد تتجاوز مواعيدها المحددة بالساعات فتظل تنتظر الساعات علي رصيف المحطة ثم اذا ضقت بالتأخير ذرعا وذهبت الي ناظر المحطة لتسأل متي يأتي القطار فبدلا من ان يقول لك كلمة اعتذار ينظر اليك من اعلي الي اسفل ويقول لك مشيحا بوجهه عنك ,القطار لازال في الطريق, يقول ذلك دون ادني مبالاة لانه ليس هناك من يحاسب علي هذا التأخير وتضيع اوقات الناس وا ن شئت قل تضييع اعمارهم علي محطة القطار , فاذا ما ذهبت لتسترد قيمة التذكرة قال لك عامل الشباك ليس من حقك ا سترداد ثمن التذكرة قبل مرور ثلاث ساعات علي تأخر القطار , تخيل ليس قبل ثلاث ساعات فاذا كنت ذاهبا الي قضاء مصلحة باحدي المصالح الحكومية بالقاهرة فقل علي قضائها العفاء واذا ما كنت مرتبطا بعمل فقل علي عملك الفناء واذا ما كنت علي موعد فقل عليه الانتظار فنحن في حالة من حالات الترقب والانتظار لوصول القطار . اما ثالثة الاسافي فانه اذا ما صادف و جاء القطار في موعده او قريبا من موعده تجد ان فصول المأساة تكتمل عندما يقوم القطار بالتخزين لقطار آخر متأخر ويسبقه في الرتبة او كنتيجة من نتائج اعمال التصليح والصيانة التي لاتنتهي للسكة الحديد المتهالكة , اي انه خلاصة القول السكة الحديد ترفع شعار (هتتعطل يعني هتتعطل) , فكيف تأمن وانت تركب السكة الحديد ان تصل الي موعد في حينه , ان ذلك غالبا يكون من رابع المستحيلات . وهنا رجعت بالذاكرة الي ذلك الصديق الذي كان مسافرا الي احد الدول الاوربية وبينما هو ينتظر في الكافتريا موعد تحرك الاتوبيس الذي كان سيستقله نسي اخذ الشنط الخاصة به وبعد ان تحرك الاتوبيس مسافة كبيرة تذكر صاحبي امر شنطته فما كان منه الا ان ذهب الي السائق واخبره بالواقعة فاذا بالسائق يتصل بالشركة والتي بدورها تبحث عن الشنطة حتي تجدها ثم تتصل بالسائق ان عليه ان ينتظر الاتوبيس التالي في احدي الاستراحات علي الطريق , وانتظر الرجل بالفعل حتي جاء الاتوبيس ومعه الشنطة ولكن العجيب ان ذلك استغرق ربع ساعة تأخير والاعجب منه ان يقوم السائق بتعويض هذا الفارق من خلال زيادة السرعة حتي لايؤخر بقية الركاب عن مواعيدهم ... قلت متي يراعي القائمون علي مرفق السكة الحديد اوقات الناس ومصالحهم ومتي يعتنون بنظافة العربات واصلاح ما بها من اعطاب ومتي يرحموا جيوب الناس من النزيف المالي لاسعار التذاكر الباهظة علي الرغم من الخدمة الضعيفة والسيئة في بعض الاحيان , ومتي تقوم الجهات الرقابية والمسئولة في متابعة هذا المرفق الحيوي ومحاسبة المتقاعصين والمتخاذلين فيه, وتحسين اوضاعه واوضاع العاملين فيه ودعمه بكل اشكال الدعم حتي يقوم بدوره علي الوجه المطلوب منه ....... وهنا لم ينته حديثي مع صديقي حول معاناته في سفره وللحكاية بقية فترقبوا سماعها في المرة القادمة