تحديث جديد في سعر جرام الذهب عيار 21 في محلات الصاغة.. كم يسجل الآن؟    «زراعة الوادي الجديد»: زرعنا كمون على 4000 فدان في المحافظة    توقعات بخفض أسعار الفائدة الأمريكية في سبتمبر.. كيف تأثر الدولار؟    وزير النقل يلتقي وفود 9 شركات نمساوية متخصصة في قطاعات السكك الحديدية    ارتفاع معدل التضخم في إسبانيا إلى 3.3% خلال أبريل الماضي    زراعة الإسكندرية: تفريغ 55 ألف طن قمح بصومعة السلام ونسبة الحصاد 60%    الغرفة التجارية: توافر السكر بكميات كبيرة في الأسواق    وزير الخارجية الأمريكي: أرسلنا حزمة أسلحة جديدة لأوكرانيا.. والمزيد قادم    توقف إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة يدخل أسبوعه الثاني    الطاهري: قمة البحرين تمس الأمن والاستقرار الإقليميين.. وجميع الأنظار تتجه إليها (فيديو)    مصر تدين الهجوم الإرهابي في محافظة صلاح الدين بالعراق    رابطة الأندية تعلن عقوبات الجولة ال 22 في الدوري    «التعليم»: امتحانات الثانوية العامة 2024 مراقبة بالكاميرات.. ونطبق تقنية VAR    حبس المتهم لحيازته مخدري الآيس والهيروين في كرداسة    في دورته الثانية.. برنامج فني متنوع لقصور الثقافة بمعرض زايد لكتب الأطفال    في ذكرى رحيله.. محطات في حياة فتى الشاشة الأول أنور وجدي    انطلاق أعمال القافلة الطبية المجانية حياه كريمة بقرى الزيات في الوادي الجديد    نشر صور امتحان الصفين الأول والثاني الثانوي العام عبر "التليجرام" والمديريات تحقق    ختام امتحانات النقل الإعدادي بالقاهرة والجيزة اليوم    فصائل فلسطينية: دمرنا ناقلة جند إسرائيلية وأوقعنا طاقمها شرق رفح    «تربية بني سويف» تنظم المؤتمر السنوي الأول لقسم الصحة النفسية    يوسف زيدان يهدد بالانسحاب من "تكوين" بسبب مناظرة عبد الله رشدي    أسرة «طبيبة التجمع»: «استعوضنا حق بنتنا عند ربنا»    طريقة عمل الفطير المشلتت في فرن البوتاجاز.. 3 وصفات سهلة    1695 طالبا وطالبة يؤدون الامتحانات العملية والشفوية ب"تمريض القناة"    سويلم يتابع إجراءات وخطة تطوير منظومة إدارة وتوزيع المياه في مصر    اليوم.. «صحة النواب» تناقش موازنة الوزارة للعام المالي 2024-2025    المفتي يتوجه إلى البرتغال للمشاركة في منتدى كايسيد للحوار العالمي    ضبط 56 بلطجياً وهارباً من المراقبة بالمحافظات    البيت الأبيض: بايدن يوقع قانونا يحظر استيراد اليورانيوم المخصب من روسيا    الإسكان تعلن تسليم الأراضى بمشروع 263 فدانا بمدينة حدائق أكتوبر.. الأحد    اللمسات النهائية قبل افتتاح الدورة 77 من مهرجان كان السينمائي الدولي    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية.. الثلاثاء 14 مايو    الزمالك يدرس توجيه دعوة إلى مجلس الأهلي لحضور نهائي الكونفدرالية    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 14-5-2024    إطلاق مبادرة «اعرف معاملاتك وأنت في مكانك» لخدمة المواطنين بسفاجا    رئيس جامعة القاهرة: زيادة قيمة العلاج الشهري لأعضاء هيئة التدريس والعاملين بنسبة 25%    المستشار الألماني يثبط التوقعات بشأن مؤتمر السلام لأوكرانيا    للأطفال الرضع.. الصيادلة: سحب تشغيلتين من هذا الدواء تمهيدا لإعدامهما    حكم الشرع في زيارة الأضرحة وهل الأمر بدعة.. أزهري يجيب    غرفة صناعة الدواء: نقص الأدوية بالسوق سينتهي خلال 3 أسابيع    ما حكم عدم الوفاء بالنذر؟.. دار الإفتاء تجيب    هل يجوز للزوجة الحج حتى لو زوجها رافض؟ الإفتاء تجيب    إجازة كبيرة للموظفين.. عدد أيام إجازة عيد الأضحى المبارك في مصر بعد ضم وقفة عرفات    محافظ الغربية يعقد اجتماعًا مع خريجي المبادرة الرئاسية «1000 مدير مدرسة»    وزارة العمل توضح أبرز نتائج الجلسة الأولى لمناقشة مشروع القانون    لطفي لبيب: عادل إمام لن يتكرر مرة أخرى    جاريدو: الأهلي يساعدك على التتويج بالبطولات.. ومن يدربه محظوظ    «محبطة وغير مقبولة».. نجم الأهلي السابق ينتقد تصريحات حسام حسن    عاجل.. حسام حسن يفجر مفاجأة ل "الشناوي" ويورط صلاح أمام الجماهير    إبراهيم حسن يكشف حقيقة تصريحات شقيقه بأن الدوري لايوجد به لاعب يصلح للمنتخب    ميدو: هذا الشخص يستطيع حل أزمة الشحات والشيبي    سلوى محمد علي تكشف نتائج تقديمها شخصية الخالة خيرية ب«عالم سمسم»    طارق الشناوي: بكاء شيرين في حفل الكويت أقل خروج عن النص فعلته    صحيفة أوكرانية: بعض العائلات بدأت مغادرة خاركوف    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك يوماً يتجلى فيه لطفك ويتسع فيه رزقك وتمتد فيه عافيتك    ارتفاع درجات الحرارة.. الأرصاد تحذر من طقس الثلاثاء    «أخي جاوز الظالمون المدى».. غنوا من أجل فلسطين وساندوا القضية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليفهم الأغبياء أن التطرف لن يمنح الشعوب الحرية

دعونى أكتب اليوم بصدد ما كنت قد قلته مرارا وتكرارا منذ عام 1002 ومرورا بالعام 3002 وحتى يومنا هذا.. أعيد وأكرر بأن الإرهاب سيزحف على كل مجتمعاتنا ليأكلها أكلا، بعد أن يسحقها ويعبث بمكوناتها المتآلفة وعناصرها المشتركة.. مجتمعاتنا التى كانت متماسكة وقوية بوجه كل التحديات الخارجية عبر مئات السنين.. تجد اليوم نفسها وهى مهددة الحصون من دواخلها.. بفعل تفاقم الأحقاد الدينية والكراهية الطائفية والصراعات العرقية والانقسامات المذهبية.. لقد كان كل من لبنان والجزائر والعراق قد فتكت بهم المومياوات المعلنة أو المخفية، وقد دفعت مجتمعاتنا جمعاء أثمانا باهظة فى بيئات عدة من عالمنا العربى جغرافيا على طرفى المشرق والمغرب العربيين وما بينهما وادى النيل.. لكى تعصف الموجة الدموية بمصر هذه المرة.. إن كل الكلام سينتهى وكل العواطف ستخمد وكل المواساة ستذوى.. ولكننا بأمس الحاجة اليوم إلى معالجات حقيقية.
نحن بأمس الحاجة إلى مفاهيم جديدة وأفكار جديدة وإصلاحات جديدة ورؤى علمية جديدة.. بل نحن بأمس الحاجة إلى سياسات جديدة.. وكنت ولم أزل أدعو فى مقالاتى ودراساتى مجتمعاتنا إلى الوعى بحجم التحدى الذى يجتاحنا فى مثل هذا الزمن الكسيح الذى يزداد ضلالة وظلاما وقتامة، وبدل أن تتطور سلوكيات الناس فى مجتمعاتنا، فإنها تنهار بشكل مريع وخصوصا بعد مرور خمسين سنة من التواريخ المفجعة التى ألمت بمجتمعاتنا كافة التى شهدت تداعيات الحرب الباردة عليها قبل خمسين سنة، واليوم تشهد تأثيرات الاستقطابات وانتشار الفوضى الخلاقة التى تنتشر فى عالمنا كما تنتشر النار فى الهشيم. نحن على أعتاب زمن صعب جدا يزدحم بالصراعات والحروب الداخلية، إن لم نجد وسائل الردع الكافية قبل فوات الأوان ومن قبل دولنا ومجتمعاتنا معا.
إن الإرهاب سيزحف على كل بلداننا العربية، إن لم نعمل جميعا على استئصاله، علما بأنه ليس من السهولة أبدا التعامل معه، فهو منظم وخفى ومخطط له وتدعمه دول وأجهزة وسياسات.. إن هذا الوباء الخطير له أهداف محددة ومعروفة.. علينا أولا أن ندرك السؤال القائل؛ ومحاولة الإجابة عنه: لماذا يُستهدف مجتمع معين أو دين معين أو بلد معين؟ وعلينا أيضا أن نجد بعض الوقت كى نحلل عبارات وأفكارا ونصوصا اعتراضية يثيرها أناس لا أستطيع وصفهم إلا بالأصنام والمومياوات التى تبقى على امتداد الزمن ميتة وشاخصة بكل تجاويفها الفارغة والإنسان إزاءها يولد ويحيا ويموت ليجدد الحياة من بعده.. ولكنها وجدت ضالتها كى تنفذ أبشع الجرائم بحق الأبرياء.. دعونا نتعمق أكثر لمعالجة المشكلة:
أولا: المستقبل هو الثمن
إن المشكلة لا تنحصر بأفراد قلائل لهم مطالبهم المعينة كى يسلكوا هذا المسلك الإجرامى، ولكن إجرامهم هو تمرير لأيديولوجية معينة قد يباركها البعض، أو يغض الطرف عنها الطرف الآخر.. مادامت تتحدث باسم الدين وتقتل باسم الدين وتتحدى باسم الدين.. إن هؤلاء يجدون لهم أرضية صالحة للنمو والتكاثر، لأن هناك مناخا دينيا مسيطرا، ولأن هناك أحقادا تنمو بين أبناء المجتمع.. ولأن هناك ثورة إعلامية من الميديا الطاغية التى تدخل كل البيوت، بل تتحرك حتى فى غرف النوم، وهى تتبنى مؤدلجات سياسية ودينية تذيعها مومياوات تأخذ لها صفة القداسة وبمباركة معظم النظم السياسية العربية والإقليمية.. فكيف يمكن لمثل هذه المشكلة أن تبقى فى سبات؟.
ثانيا: من دفع الثمن الأعظم؟
لقد ازدادت حدة الصراع بين الإسلاميين من طرف وغيرهم من أطراف أخرى بفعل زيادة التيارات والأحزاب والجماعات الدينية إثر العام 1979 عند السنة والشيعة بفعل الثورة الشيعية أولا، وبفعل الصحوة الدينية لدى السنة ثانيا .. ولقد اصطدم الواقع مع نفسه لأول مرة عام 2003 لينتج هذا الوباء فى الجزائر أولا وفى العراق ثانيا، وقد دفع الجزائريون والعراقيون ثمنا قاسيا على امتداد السنوات الأخيرة، وأقدّر أن الوباء سيزحف بثقله المخيف إلى مصر وهى فى القلب كى ينتشر إلى أصقاع وخطوط متباينة ولم يجد أى حرب فى مواجهته، ولا أى سياسة تقوم باستئصاله بذكاء لا بطيش!
ثالثا: إنهم أعداء الحريات والمؤسسات
ومن قال إنهم لا يفجرون ولا يقتلون لمجرد كراهية وأحقاد؟ ومن قال إنهم لا يريدون السلطة ولا يناورون على مال أو جاه أو سلطان؟ إنهم لا يؤمنون بالحرية أبدا، وكل واحد منهم يبتغى السلطة، فيتخذ من الدين وسيلة للانقضاض على المجتمع.. إنهم أدوات حقيقية للفوضى الخلاقة التى ابتدعها الأعداء الجدد الذين كانوا ومازالوا يخططون لتهشيم مجتمعاتنا، وتفكيك بلداننا.. مستخدمين هذه الطوابير المتخلفة التى لا تعرف معانى الحياة ولا تدرك مباهج الحريات الإنسانية.. إنها لا تفكر فى الدنيا إلا بالنوم والأكل والنكاح وكيفية الوصول إلى الجنة، حيث كل ما وعدوا به.. إنهم يختصرون الحياة والدين فى أنبوب لا مخرج منه!
إنهم أعداء كل البشرية وكل الحريات وكل الأفكار الجديدة.. إنهم لا يؤمنون بالتغيير ويسعون إلى أن يبقى المجتمع كسيحا ومعطل الإرادة وعالة على الدولة التى يريدونها لهم وحدهم.. إنهم لا يفكرون أبدا بواقعهم، فكيف يفكرون بمستقبلهم؟.. إنهم لا يعارضون واقعهم، بل يمقتون وجودهم، ويعتبرونه زائفا، فهم غير متجانسين مع غيرهم أبدا، ولا يمكنهم أن يعترفوا أبدا لا بالتعددية ولا بالتنوع، ولا بالآخر.
رابعا: المواطنون ليسوا أغناما فى زريبة قذرة
إذا كانت الأحزاب الدينية والجماعات العقائدية والمتضمنة مؤدلجات لا واقعية، لا حصر لها تقيد أعضاءها بروابط وتكبلهم بقيود ليس باستطاعتهم أن ينفكوا عنها طوال حياتهم، إذ إنهم سيكونون «مجموعة أغنام فى زريبة قذرة» - على حد قول ريمون أرون - فإن نقيضهم من كل الذين يخالفونهم هم فى ساحة التقدم والحريات، ولهم جملة مبادئ تتغير مع الزمن وتطلق نفسها مجددة ذاتها وروحها بين حين وآخر.. ولا أدرى لماذا ولدت اليوم مثل هذه الأفكار الجامدة عند جيل كان يفترض به أن يكون منطلقا نحو الأمام ويتعامل مع لغة العصر ومضامينه بامتياز.
خامسا: العملية الإرهابية لم يوفرها إلا المتطرفون
ليفهم الأغبياء أن المتطرفين لم يمنحوا الشعب «الحرية» ولا يعطوه الانطلاق ولا الانفتاح على العالم، فهم يريدون قتل كل مخالفيهم ليس فى العقيدة وحدها، بل حتى فى الفكر. فكيف يا ترى لو حكموا العالم، وأصبحت السلطة بأيديهم؟
هل من علاج حقيقى؟
لم نتقبل كل الأساليب التى اتبعت إلى حد اليوم من قبل الحكومات العربية للحد من ظاهرة الإرهاب.. ولم نجد أى علاجات حقيقية وواقية من قبل كل السلطات التى تهتم بشئونها المؤسساتية قبل المجتمع.. إن العلاج الحقيقى يكمن بالتربية والإعلام والسياسات الداخلية. إن رؤية المجتمعات العربية ينبغى أن تتغير تغييرا جذريا، بحيث تنفض عنها بعض القناعات كى تستجيب للحياة المعاصرة ومبادئها، وأهم تلك المبادئ: الحريات وحقوق الإنسان والمواطنة والتمدن وعدم إغراق الدين بالسياسة.. وحظر التعامل الدينى بالسياسة، بل إن الفجيعة تكمن فى الكم الهائل من شذاذ الآفاق الذى يتمتعون بأفاك دجال أو بمستبد دموى أو طاغية جلاد.. فكيف يمكن للعرب أن يمارسوا تجاربهم وحرياتهم.
وأخيرا: مجتمعاتنا فى مأزق تاريخى!
صدق من قال إن العرب فى مأزق تاريخى لا يحسدون عليه، فالمسألة ليست من صنع الحداثيين أو الليبراليين أو الاشتراكيين أو القوميين.. إلخ، إنهم جميعا لم يقتلوا أبناء المجتمع مسلمين أم مسيحيين تقتيلا، بل يفعلها اليوم الإسلاميون ويا للأسف الشديد.. إن المسيحيين العرب مدعوون أيضا لضبط النفس والبقاء على الأرض فهم من أبنائها، ولا يمكن أن يهجر الأبناء ترابهم. إن مهمتنا اليوم تتمثل بزرع وعى جديد لدى الجيل الجديد ضد المومياوات البشعة، كى يدرك القيم الدينية الصحيحة والمسالمة، ويدرك القيم المدنية وحقيقة الإنسان وروعة التعامل والسلوكيات الحضارية وسمو الأخلاق.. وأن يدرك أن أى مشروع للقتل والتطهير الدينى أو العرقى هو جريمة كبرى. فهل سننجح فى مهمتنا التاريخية؟ هذا ما نأمل تحقيقه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.