محافظ المنيا يوجه باستغلال الفصول الدراسية لمواجهة الكثافة الطلابية    أسعار الفاكهة اليوم الإثنين 11 أغسطس في سوق العبور للجملة    تراجع أسعار الذهب اليوم الاثنين 11 أغسطس في بداية التعاملات    أسعار مواد البناء اليوم الإثنين 11 أغسطس 2025    «الدوما»: قادة أوروبا يستحقون الشفقة وهم يحاولون اللحاق بالقاطرة الروسية الأمريكية    دولة واحدة دافعت عنها.. انتقادات حادة لإسرائيل خلال اجتماع مجلس الأمن    هدية قطر لترامب تثير الجدل من جديد.. شكوك حول موعد تسليم الطائرة الرئاسية    جيش الاحتلال الإسرائيلي يرد على تغريدة محمد صلاح.. فماذا قال؟    حبس التيك توكر «نوجا تاتو» في اتهامها بنشر الفسق والفجور    السيطرة على حريق هائل بمحل دهانات في المنيا    لارا ترامب تتفاعل مع محمد رمضان على طريقتها    حظك اليوم الإثنين 11 أغسطس 2025 وتوقعات الأبراج    6 عادات يومية تؤثر على صحة عمودك الفقري.. احذر منها    بعد قرار جون إدوارد.. عبدالله السعيد يتدخل لحل أزمة نجم الزمالك (تفاصيل)    «بشهر أغسطس».. مباريات قوية تنتظر صلاح مع ليفربول في الدوري الإنجليزي    «حد فاهم حاجة».. الغندور يكشف مفاجأة بشأن رحيل كهربا عن الاتحاد الليبي    رابط نتيجة تنسيق المرحلة الثانية 2025 لطلاب الثانوية العامة.. أحدث بيان رسمي من مكتب التنسيق    زلزال بقوة 5.8 درجة يضرب سواحل المكسيك    أصعب 48 ساعة فى أغسطس.. إنذار جوى بشأن حالة الطقس: ذروة الموجة شديدة الحرارة    النيابة تنتدب المعمل الجنائى.. و«الحى»: كل الأكشاك غير مرخصة ويفترشون الأرصفة مقابل رسوم إشغال    فلسطين تطالب بتحرك عربى فعّال لمواجهة جرائم الاحتلال    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري بعد الهبوط العالمي الأخير.. قائمة ب10 بنوك    إجمالى إيرادات الفيلم فى 11 ليلة.. تصدر شباك التذاكرب«28» مليون جنيه    تعرف على القائمة الكاملة لفيلم سفاح التجمع    موسمُ الرياض سعوديًّا... وعقلٌ لا يعجبه العجب!    أمين الفتوى: لا مبرر للجوء إلى الحرام.. الله قدّر أرزاق العباد قبل خلقهم (فيديو)    جمال العدل: الزمالك هو الحياة.. ولا نية للترشح في الانتخابات المقبلة    لدعم صحة أعصابك.. أهم مصادر فيتامين B12 الطبيعية    بروتوكول المناعة الثقافية: وكيف نحصّن هوية أمتنا؟    بقوة 6.1 درجة.. مقتل شخص وإصابة 29 آخرين في زلزال غرب تركيا    محافظ الفيوم يكرم أوائل الثانوية والأزهرية والدبلومات الفنية    برشلونة يمطر شباك كومو في كأس خوان جامبر    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 11 أغسطس 2025 في القاهرة والمحافظات    هاني رمزي: ريبيرو يقلق جماهير الأهلي    يحسن وظائف الكبد ويخفض الكوليسترول بالدم، فوائد عصير الدوم    هتقعد معاكي لأطول مدة.. أفضل طريقة لحفظ الورقيات في الثلاجة    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل الصحفي أنس الشريف في غارة على غزة    ياسر ريان: مصطفى شوبير رتمه بطئ والدبيس أفضل من شكري    يوسف الحسيني: اجتماع الرئيس بقيادات الهئيات الإعلامية يفتح آفاقًا جديدة للإعلام    تكريم اسم الفنان لطفي لبيب والإعلامي عمرو الليثي بمهرجان إبداع للشباب- (25 صورة)    فرصة ذهبية لطلاب الإعدادية.. تخفيض الحد الأدنى للالتحاق بالثانوي بدمياط    الإسكندرية السينمائي يطلق استفتاء جماهيري لاختيار أفضل فيلم سياسي مصري    "تضامن سوهاج" تكرم 47 رائدة اجتماعية وتمنحهن شهادات تقدير    الشقق المغلقة تدفع 9 جنيهات.. تفاصيل خصومات شحن عدادات الكهرباء مسبقة الدفع 2025    المسلماني: الرئيس لا يريد شعبًا مغيبًا وجاهلًا (فيديو)    الداخلية تضبط طالبا يستعرض بدراجة بخارية    قرار هام بشأن البلوجر مونلي صديق سوزي الأردنية بتهمة نشر فديوهات خادشة    السيطرة على حريق داخل مخزن مواد غذائية فى الزيتون دون إصابات.. صور    استشهاد الصحفي أنس الشريف بقصف إسرائيلي في غزة.. هذا آخر ما كتبه على «فيسبوك»    «لا يجب التنكيل بالمخطئين».. المسلماني: الرئيس طلب الاستعانة بكل الكوادر الإعلامية    سعر السكر والأرز والسلع الأساسية في الأسواق اليوم الإثنين 11 أغسطس 2025    94 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال تداولات جلسة بداية الأسبوع    أمين الفتوى: لا يجوز كتابة كل ما يملك الإنسان لبناته لأنه بذلك يعطل أحكام الميراث    أمين الفتوى يوضح: المال الموهوب من الأب في حياته لا يدخل في الميراث    حكم الدردشة مع صحابي بالموبايل في الحمام؟.. أمينة الفتوى تجيب    هل يجوز إجبار الزوجة على الإنفاق في منزل الزوجية؟.. أمينة الفتوى تجيب    الشوربجي يشكر الرئيس السيسي على زيادة بدل التدريب والتكنولوجيا للصحفيين    موعد إجازة المولد النبوى الشريف 2025 للقطاعين العام والخاص    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قل يا أهل النقاب.. تعالوا إلى كلمة سواء!

أتابع باهتمام شديد ما يثار اليوم فى مصر حول مسألة "النقاب"، بعد أن أثيرت قضية "الحجاب" سابقاً، ويبدو أننا ننتقل بين التحديات التى لم تكن تعرفها مجتمعاتنا الحضرية سابقاً، وقبل أن يتهمنى البعض كالعادة بشتى التهم الجاهزة، فأننى أريد أجوبة حقيقية عن التساؤلات التى سأثيرها، والإشكاليات التى سأعالجها بعيداً عن أساليب الردح والشتم والإقصاء التى ألفها ذلك البعض، ممن تغالبه عواطفه، وتسيطر عليه بالمطلق، جملة أفكار وقناعات يتعّصب لها بشدة.
إن ثمة ثقافة منغلقة تمتد فى دواخل مجتمعاتنا كلها، تلك التى يقف عليها رجال كهنوت ليس لهم أى باع لا فى التاريخ ولا المعرفة، ولا فى فلسفة الحياة، بعيداً عن أية مدركات فى الفكر المقارن بعد أن اجتاحت حياتنا الحضرية سيول من تقاليد البداوة وقساوتها وعادات مجتمعات كانت ولم تزل منغلقة.
لقد مرّ قرن كامل على مجتمعاتنا الحضرية، عاشت أجيالها على إرهاصات التقدم من خلال النخب التى عرفت كيف التعامل مع هذا العصر، ولكن هجمة التراجع والانغلاق قد خلقت هؤلا من التعصبات التى لم تعرفها كل مجتمعاتنا الحضرية..
إننى أطرح جملة أسئلة محددة، وأطلب من كل الذين يخالفوننى الرأى أو يؤيدوننى التفكير بإجابات عنها، ليس لأننى لا أدرك تلك الأجوبة، بل من أجل أن أثير ما هو مسكوت عنه اليوم فى ثقافتنا، إلا ما جاء على استحياء، كون الاقتراب من ذلك يعد من ضمن المحرمات التى ينادى بها المنغلقون الذين يجعلون من أوهامهم حقائق، ويؤولون حسب ما يريدون، بل إنهم قد جعلوا من وسائل الإعلام الحديثة، وخصوصا من القنوات الفضائية مجالا رحبا يلعبون من خلالها لعبتهم ضد مجتمعاتنا الحضرية:
تساؤلات مقارنة
هل عرفت مجتمعاتنا الحضرية فى عموم العالم الإسلامى زياً واحداً للمرأة أو زياً واحدا للرجل على امتداد تاريخ الإسلام؟ من المؤكد أن هناك ثمة أزياء مختلفة لكلا الجنسين، فإذا عرفت المرأة المغاربية (الحايك)، فقد عرفت المرأة الإيرانية العباءة والمرأة الباكستانية السروال.. هل وجدنا زياً إسلامياً مقننا محددا كالذى نراه اليوم يسود فى أغلب مجتمعاتنا؟ فما نعرفه من الجلابيات المغربية هو غيره من فساتين المصريات، وهو غيره من أثواب الشاميات، وهو غيره من هاشمى العراقيات، وهو غيره من شيلة الخليجيات.. وهل أثواب البدويات هى نفس أثواب الحضريات؟ هل ما تلبسه المرأة التركية هو نفسه عند الماليزية؟ وهل هو نفسه عند الصومالية؟ وهل هو نفسه عند الكردية أو الشيشانية؟ وهكذا هو غيره عند السودانيات واليمنيات والقوقازيات.
هل كانت المرأة فى تواريخنا الحضرية كائنا منعزلا عن الحياة أم مشاركا فيها؟ هل بأزيائها المتباينة سواء كانت مسلمة أم غير مسلمة قد خرجت عن الصواب والدين؟؟ هل لأنها لم تكن تعتمد قالبا واحدا ببردسون طويل أسود، ونقاب أعزل أسود، وشدة رأس سوداء وقفازات سوداء وحذاء رياضى.. قد عدها المجتمع إباحية وبلا أخلاق ولا دين ولا شرف (والعياذ بالله)؟ ألم نشهدها بمختلف أشكالها وأزيائها وألوانها الفاقعة: محدثة وصحابية.. شاعرة وفنانة.. أديبة ومثقفة.. عاملة وفلاحة.. مربية لأجيال من العمالقة الأفذاذ والقادة العظام؟ ألم تشارك فى صنع تاريخنا الحضارى والثقافى؟ ألم تكن متصوفة أو عرافة؟ ألم تكن تاجرة ومحاسبة؟ ألم تكن خياطة وخبازة وطباخة.. إلخ، ألم تكن تعمل ليل نهار إن احتاجت لكسب رزقها؟ لماذا منحت مجتمعاتنا الحضرية كل ثقتها بالمرأة، وكانت محمية من قبل حارتها وجيرانها قبل أهلها؟ ألم تكن هى الأخت والأم والزوجة والبنت؟ لماذا افتقدت مجتمعاتنا المغلقة اليوم ثقتها بالمرأة؟ ألم تكافح المرأة وتشارك بملابس القتال فى مكافحة الطغيان والاستبداد؟ ألم تناضل ضد الاستعمار؟ ألم تغدو صحفية رائعة وإعلامية قديرة وأستاذة وطبيبة ومهندسة ومحامية وقاضية فى حياتنا المعاصرة..؟ ألم تعمل بتقاليدها الحضرية وأصولها وتربيتها فى بيتها ومدرستها قبل أن يسيطر عليها فقهاء الانغلاق؟ إن مجتمعاتنا ليست بحاجة إلى وصايا فقهاء جدد لا يعرفون من الحياة الحديثة شيئا؟ لماذا كل هذه الهجمة على هذه الكائنات التى تناصفنا وجودنا وحياتنا ومصيرنا.. فكيف بنسوة حضريات وفى مجتمعات متمدنة منذ القدم؟ لماذا لا تسألوا أنفسكم: كيف يتحجب الرجال ولا تتحجب النسوة عند الطوارق؟ وكيف تعمل النسوة فى معامل ومختبرات ومستشفيات وهن بهيئة أشباح؟ كيف تواجه هذه الأشباح الحياة العامة والرسمية والمعاصرة وجها بغير وجه؟
هل كان الرجل على مساحات كل مجتمعاتنا الحضرية لا يلبس إلا الثوب الأبيض القصير وقد أطلق لحية كثة، وانتعل خفا؟ بل تنوعت أزياء الرجال كذلك من بيئة لأخرى.. ألم تكن المرأة كائناً جميلاً فى المجتمع على طول تاريخنا تتغنى بها الدنيا، أم كانت منغلقة عن الآخرين؟ ألم تكن لها أزياؤها المدنية فى كل عصر من العصور؟ وإذا كانت كذلك ألم تكن محتشمة فى أى مكان تعيش فيه أو تتعامل معه؟ إذا كان نقاب المرأة فرضاً.. وأخذ ينتشر فى مجتمعاتنا الحضرية، فكيف نجده اليوم وقد انتقل إلى جاليات عربية وإسلامية فى الغرب؟ وإذا كان الغرب إباحياً ومبتذلاً وعرّيا.. فلماذا يأتى أمثال هؤلاء بأزيائهم رجالاً ونساءً كى يعيشون فى هكذا مجتمعات إباحية وكل شىء فيها على ضلالة؟ لماذا يأتون من كل العالم الإسلامى إلى الغرب.. ويعيشون فى عزلة تامة حتى عن بقية الجاليات المسلمة؟ إننى أسأل أيضاً: هل مثل هذه التقاليد التى لم تعرفها مجتمعاتنا الحضرية قد أتت ضمن فروض دينية أم صناعة سياسية؟
مجتمعاتنا الحضرية: من الانفتاح إلى الانغلاق
ألم تكن مجتمعاتنا الحضرية قد عاشت قروناً طويلة متنوعة الأساليب ومتعددة التقاليد ومتباينة الأصول، وتتقبل الاندماج بالآخرين؟ ألم تجد مجتمعاتنا الحضرية فى أوساطها أناس من أديان أخرى احترمت إرادتهم وأزياؤهم وتقاليدهم وطقوسهم؟ ألم تتعايش مجتمعاتنا الحضرية مع بعضها البعض، ويسودها التكافل والتسامح والمحبة؟ أم أنها كانت منغلقة على ذاتها ولا تعرف إلا التحريم والكراهية والإقصاء؟ بأى حق يفرض الحجاب على المسيحيات فى العراق اليوم؟ لقد عاشت مجتمعاتنا الحضرية طوال ألف سنة، وهى متعددة المذاهب الدينية بين حنفى وشافعى ومالكى وحنبلى.. أو بين شيعى وزيدى وعلوى ودرزى؟ وهذا سر جمالها.. هل انغلقت على مذهب واحد فقط من أقصاها إلى أقصاها، بل وفرض مذهب واحد نفسه فى الميدان ليحتكر الإسلام باسمه؟ ألم تكن مجتمعاتنا الحضرية بكل تنوعها الدينى والمذهبى تمتلك فضاء من الجماليات والحريات الدينية والاجتماعية سابقاً، وقد افتقدتها أجيال اليوم؟ ألم تتحمل مجتمعاتنا الحضرية نزق أهل البوادى وسماجتهم وما كانوا يفعلونه من شرور وهمجية كقطاع طرق ولصوص وقتلة؟
ألم يطالبنا الإسلام العظيم بالاجتهاد الذى اعتبره أس التطور وسمة للحياة؟ لماذا لم تمض مائة سنة على انتشار الإسلام، وظهرت الحاجة إلى الفقه والفقهاء؟ ومن بعد تبلورت الحاجة إلى أصول الفقه والاجتهاد؟ وها قد مرت مئات السنين على مجتمعاتنا وهى لم تجد اجتهاداً حقيقياً، ولا تجديداً حقيقياً، ولا فقهاً جديداً؟ إذا كانت مجتمعاتنا الحضرية قد أنجبت من خلال مؤسساتها الدينية العريقة أفضل الفقهاء الذين انتشروا فى البلاد.. فلماذا لم يؤخذ بكلامهم أو افتاءاتهم اليوم.. وخضع الناس لافتراءات فئة محددة من المتطرفين؟ ولماذا أخذ التطرف يغزو كل عالمنا؟ ولماذا عجزت مجتمعاتنا الحضرية فى التفوق على الهجمة المتعصبة؟ لماذا عجزت حكوماتنا العربية والإسلامية على معالجة هذه المخاطر البشعة ومعالجة تداعياتها؟! لماذا خضعت لمشيئة نفر من المتعصبين الذين لا يرون الإسلام إلا حكراً عليهم؟ لماذا أخفقت سياساتنا وحكوماتنا فى إحداث التغيير الحقيقى بمعزل عن سطوة هؤلاء الذين انقلبوا على مجتمعاتهم الحضرية، متلقفين كل الأنماط البائسة التى لا تستقيم والحياة؟ أليست هناك حكومات عاقلة فى هذا العالم الإسلامى تقف سداً منيعاً أمام هذا الوباء؟ ألم تكن مجتمعاتنا الحضرية عبر تاريخها وجغرافياتها المتنوعة- أيضاً- متعددة الاتجاهات والميول والتيارات.. لقد اختزل الزهد فى العصور العباسية إلى طرائق تصوف على كل العصور التالية.. وبالرغم من كل طرائق التصوف التى عرفتها مجتمعاتنا وأساليبها وانعزاليتها، ولكنها لم تفرض سطوتها على المجتمعات باسم الإسلام.. وإذا لم يتقّبل أى مخالف لى مثل هذا كله، فأننى أسأله: هل كل التاريخ وكل الجغرافيا وكل الدنيا على خطأ منذ مئات السنين.. ويبقى حضرته فقط على صواب؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.