استضاف المجلس الأعلى للثقافة على مدى ثلاثة أيام 18,17,16 ديسمبر 2010 المؤتمر الدولى لنساء القرن الواحد والعشرين حضر المؤتمر ما يقرب من عشرة رجال وخمسين امرأة من مختلف البلاد على هذا الكوكب الذكورى. لم أصدق أن ثلاثة أيام تتناول المشكلات الشائكة فى كل بلد وعلى مستوى العالم قد تم بدون أى تمويل.. كل النساء وجميع الرجال الذين حضروا المؤتمر دفعوا نفقات تذاكرهم وإقامتهم فى الفنادق ووسائل انتقالهم. وهذا موقف يدل على أن الإصرار على القضايا والصدق فى الإيمان بها، والطموح لإرسال ثلاثة أيام من الفكر والبحث والإبداع إلى عالم لا يسمع ولا يرى ولا يتكلم ولا يتحرك، هذه أشياء حقيقية لا يقف فى سبيلها عدم وجود «تمويل». ولقد دعت وزارة السياحة المصرية وفد المؤتمر فى اليوم الثانى مساءً إلى ليلة عشاء مع الغناء والموسيقى على أحد المراكب النيلية احتفاءً بالأجانب وكل الضيوف. الملاحظة العبثية والتى أدهشتنى أن لا جريدة مصرية ولا أى نوع من الإعلام المصرى كان حاضراً فقط بعض الصحفيين والصحفيات من وكالات الأنباء الدولية الذين حرصوا على حضور جميع جلسات المؤتمر والافتتاح وجلسة الختام. لقد وضع المجلس الأعلى للثقافة ضمن تنويهات ثقافية أخرى تنويهاً لهذا المؤتمر وأعلن عنه فى لوحة الإعلانات. لا أحد فى «جمهورية مصر العربية» التى تمتلئ بالجمعيات النسائية والمؤسسات النسائية والرابطات النسائية.. والمنتديات النسائية والصفحات النسائية والمجلات النسائية..كان مهتما بالتواجد حتى ولو من باب الفضول أو العلم بالشىء. لا أحد فى «جمهورية مصر العربية» التى يحكمها من الألف وحتى الياء ثقافة التمييز ضد النساء والعنف ضد المرأة معنويا وجسديا وكثرة جرائم الشرف والفتيات الصغيرات اللائى يدخلن مزاد الرقيق ومن يدفع أكثر من ذوى الثراء والنفط «يشيل البضاعة» والتجارة فى الأطفال مجهولى النسب فى شتى مجالات التجارة وعدم العدالة فى القوانين التى تحكم البيوت المصرية.. أقول لا أحد كان حاضراً من النساء ومن الرجال الذين يتشدقون يوميا فى كل وسائل الإعلام عن ضرورة زيادة وعى النساء ورفع كل أنواع القهر والتمييز والعنف وعدم العدالة وقوة التضامن بين النساء محليا ودوليا. ربما لو كان المؤتمر ب «تمويل» ضخم وفى فندق خمس نجوم كنا رأينا أحد الوجوه التى تهزر وتتريق على نضال النساء لكن فى هذه الحالة سوف يخرج الإعلام متهما المؤتمر بأنه يأخذ «تمويلاً» خارجياً.. «مشبوهاً».. «غامضاً».ربما لو كان المؤتمر متسيبا لا يتمتع بالتنظيم الكافى ومهرجلاً وغير منضبط لتسابقت وسائل الإعلام فى قذفنا بالاتهامات وإدانة النساء بالعجز عن تنظيم «حتة مؤتمر لمدة 3 أيام». إن أى مؤتمر حكومى أو مهرجان حكومى حتى لو كان موضوعه «كيف يتخلص الرجال المصريون من كروشهم» يحصل على متابعة لحظة بلحظة ويوما بيوم، وتنشأ له قناة خاصة تستضيف الضيوف وتحاورهم بعد أن صورتهم وهم يتبخترون على السجادة الحمراء لعرض الأزياء المقحم على أجندة المؤتمر. ربما لأن الإعلام عندنا لا يغطى المؤتمرات الجادة والمناقشات الشائكة فى السياسة والاقتصاد وزيادة التسليح ونمو الأصوليات الدينية وعلاقتها بالثقافة الذكورية، لكنه يهرول لتغطية فستان تلبسه إحدى النجمات عارى الصدر والظهر والكتفين ومرصعاً بالأحجار الفخمة والإكسسوارات الغالية وفورمات الشعر المصبوغ والماكياج والنيولوك.. لقد نسيت شيئا مهما، يمكن الإعلام المصرى لا يحاور الضيوف المستقلين ولهم رأى مختلف عن الرأى السائد فى مجتمعاتهم؟ يمكن الإعلام المصرى لا يهمه إلا المؤتمرات الحكومية والآراء الحكومية ووفود الحكومات الرسمية وأجندة الحكومات المحلية التى تتكلم كلها لغة حكومية واحدة معروفة مسبقا. ولابد بالطبع أن يترأس المؤتمر شخص «رجلا أو امرأة» مقيداً فى الدفاتر الرسمية والسجلات الحكومية.. عشان كده فيه مثل يقول «إن فاتك الميرى اتمرغ فى ترابه»... لكن مؤتمر «نساء القرن الواحد والعشرين» الشعبى، الأهلى المفلس ماليا، الثرى فكريا وإنسانياً لن يتمرغن فى تراب أحد. من بستان قصائدى «فريد» فاتت ذكراك مازالت أغنياتك وألحانك هى «بساط الريح» عليه أطير أرتاح قليلا من الكذب وغياب العدالة وكثرة الدم المُراق.