ملفات عديدة وساخنة استطاع د. محمود محيى الدين وزير الاستثمار أن ينهيها قبل رحيله إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية أواخر هذا الأسبوع ليتسلم منصبه الجديد كمدير عام بالبنك الدولى. هذه الملفات ارتبطت بتنفيذ إجراءات الإصلاح الاقتصادى وتحديثه وتحقيق أهداف التنمية الشاملة من خلال النهوض بتطوير قطاعات الاستثمار وإدارة الأصول المملوكة للشركات العامة والخدمات المالية غير المصرفية، وهو ما انعكس بالإيجاب على الأسواق والبورصة وأحدث نقلة نوعية فى جميع القطاعات الاقتصادية للدولة، الأمر الذى يجعله يغادر البلاد وهو «راض كل الرضا» عن أدائه وما حققه ومساعدوه طوال عمله الوزارى خلال السنوات الماضية. فمنذ صدور القرار الجمهورى رقم (231) فى 28 يوليو عام 2004 والخاص بتنظيم عمل وزارة الاستثمار المستحدثة على حكومة نظيف تمكن د.محمود محيى الدين بخبرته العلمية من وضع السيناريوهات والبرامج لتهيئة وتطوير المناخ الملائم للاستثمار ووضع خطط تفصيلية ممنهجة، وهذه الخطط ترتبط ببرامج، والبرامج ترتبط بمراحل زمنية الهدف منها تطوير سوق رأس المال ببورصاتها وأسواقها المالية وقطاع التأمين بمشتملاته، فضلا عن إدارة الأصول المملوكة للشركات العامة والتخلص من ديونها التاريخية التى أثقلت كاهل هذه الشركات وأوقفت نموها وتطورها لسنوات طويلة، فضلا عن النهوض بقطاع التمويل العقارى والتطوير المؤسسى وتنمية القوى البشرية. فبقراءة سريعة للأرقام التى استطعنا الحصول عليها سنكتشف مدى الجهد المبذول لتحقيقها، وسنجد أنها شهدت قفزات غير مسبوقة، ففى مجال جذب الاستثمارات ارتفع عدد الشركات القائمة فى مصر ليصل إلى69 ألفا و693 شركة فى يونيه2010 ، وبلغ إجمالى الشركات التى تأسست خلال ست سنوات فقط من2004 حتى يونيو 2010 نحو37 ألفا و217 شركة بواقع 53% من إجمالى الشركات القائمة التى تأسست منذ عام 1970، وبإجمالى رؤوس أموال تقدر بنحو 655 مليار جنيه. كما جاءت مصر فى تقرير ممارسة أنشطة الأعمال الصادر عن البنك الدولى فى قائمة الدول العشر الأكثر إصلاحا «4» مرات خلال السنوات الخمس الأخيرة، فضلا عن تحقيق طفرة كبيرة فى مجال تأسيس الشركات، حيث تقدمت مصر من المركز 126 فى عام 2007 إلى المركز 24 عام .2010 وفى مجال تسوية المديونية المتعثرة لشركات قطاع الأعمال العام لدى البنوك التى تعاقبت عليها حكومات مختلفة ويرجع بعضها إلى منتصف السبعينيات، استطاعت وزارة الاستثمار تسوية مبلغ 32 مليار جنيه لتصل المديونية إلى الصفر فى 30 يونيه 2010، وهو الأمر الذى ساهم فى تحسين أداء الشركات وأوضاع السيولة بها ومكنتها من تنفيذ برامج التطوير وزيادة الاستثمارات. بورصة النيل أما فى مجال الخدمات المالية غير المصرفية فقد شهدت سوق رأس المال تطورا كبيرا من حيث التشريعات الحاكمة للسوق واستحداث آليات تداول جديدة وتطوير سوق السندات وإنشاء بورصة النيل للشركات المتوسطة والصغيرة .. إلخ، كما تبنت الوزارة تنفيذ خطط استراتيجية لإصلاح وتطوير قطاع التأمين للارتقاء بمعدلات نموه ومساهمته فى أكثر من 350 مشروعا فى مختلف القطاعات الاقتصادية الرئيسية بالدولة، كما شهد التمويل العقارى نموا ملحوظا رغم الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية. لكن إذا كانت هذه قراءة سريعة فى ملفات تحققت خلال ست سنوات وارتبط تنفيذها بالبرامج التى وضعها د.محمود محيى الدين، فإن هناك ملفات ساخنة لاتزال عالقة ولم تنته بعد ولم يتمكن الوزير من تنفيذها أو استكمالها إما لضيق الوقت المتبقى، أو لأن تنفيذها يأتى فى إطار برنامج خططى زمنى مرحلى، أى أن «تنفيذها مرتبط بالخطوة التى قبلها». الحقيبة الوزارية ولهذا فإن هذه الملفات ستكون فى انتظار الوزير القادم لاستكمالها، وأهم هذه الملفات التى كان د.محمود محيى الدين قد وضعها على أجندة حقيبته الوزارية، وكان يتمنى أن تخرج للنور تتمثل فى بورصة السلع والعقود والمشتقات المالية المصرية التى اتخذ فيها قرار فى يونيه 2009 على أن يعلن عن إطلاق تأسيسها فى النصف الثانى من العام المقبل 2011، وتهدف هذه البورصة إلى تداول جميع أنواع السلع الغذائية، كالسكر والشاى والزيت والمحاصيل الزراعية والمعادن كالفضة والذهب والحديد المتداولة فى جميع الأسواق والبورصات العالمية، وذلك بما يسهم فى حماية المستهلكين والمتعاملين فيها وبغرض إعلان سعر موحد لكل سلعة متداولة على مستوى الجمهورية وصولا إلى الاستراتيجية المتكاملة لتحويل سوق المال المصرية إلى أكبر أسواق المنطقة. الملف الثانى يتعلق بتثقيف المجتمع اقتصاديًا من خلال إنشاء قناة فضائية اقتصادية متخصصة، وجارٍ حاليا إعدادها للبث بعد أن كلف د.محمود محيى الدين الدكتور خالد سرى صيام رئيس البورصة المصرية للأوراق المالية بتنفيذها والإشراف عليها، وهذه القناة من المفترض أن تبث عليها التعاملات اليومية للأسهم المصرية بشكل لحظى لمدة أربع ساعات، وباقى اليوم سيكون للتحليل المالى والفنى للأسهم المصرية والعربية والأجنبية وعرض برامج اقتصادية متنوعة محليًا وعالميًا تساعد على تزويد الناس بالمعلومات الضرورية. الملف الثالث وهو أكثر سخونة يتعلق بإدارة أصول الشركات المملوكة لقطاع الأعمال العام، وقد اتخذه د.محمود محيى الدين على عاتقه وقلب كل موازينه وقضى على كلمة «الخصخصة» التى ارتبطت بالشبهة مما جعل الوزراء السابقون يخشون الاقتراب منها، فبعد أن تمت تسوية الديون التاريخية المتعثرة وإحداث انتعاشة للشركات العامة بقى استكمال المنظومة التى تتعلق بإنشاء جهاز محترف لإدارة هذه الأصول وكان د.محيى الدين قد انتهى من إعداد مشروع قانون إدارة الأصول والذى يهدف إلى تطوير وإصلاح وإعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال العام من خلال إنشاء جهاز تؤول إليه ملكية رؤوس أموال الشركات القابضة، ويقوم الجهاز بمتابعة الشركات التى تساهم الدولة فى ملكيتها ، كما يهدف إلى الحفاظ على حقوق الأجيال القادمة، وذلك من خلال تقديم المساندة والدعم المالى فى المجالات الاجتماعية التى تخدم الأجيال القادمة مثل التعليم والصحة والتدريب وغيرها من المجالات، كما يختص الجهاز بتنفيذ برنامج توسيع قاعدة الملكية فى شركات قطاع الأعمال العام. صناديق التأمين الملف الرابع وهو لا يقل أهمية فى المنظومة الاقتصادية وينتظر وزير الاستثمار القادم لمتابعته يتعلق بصناديق التأمين الخاصة وشركات المعاشات الاختيارية، وقد تم وضع مشروع قانون يقع فى «68» مادة ويهدف إلى إعادة تنظيم صناديق التأمين الخاصة تنظيما متكاملا مع إتاحة المجال لإنشاء شركات للمعاشات الاختيارية من خلال وضع ضوابط محددة لأوجه توظيف أموال الصناديق الخاصة بهدف ضمان المحافظة عليها، وإعفاء المزايا التأمينية من جميع الضرائب وجواز تعيين مدير استثمار للصندوق يكون مسئولا عن إدارة استثمارات أموال صناديق التأمين الخاصة والاختيارية، والتزام كل صندوق بعدم مجاوزة الغرض المنشأ من أجله، والنص على اعتبار أموال الصندوق فى حكم الأموال العامة والقائمين على إدارته فى حكم الموظفين العموميين، بهدف ضمان المحافظة على أموال تلك الصناديق، وتحديد اختصاصات الجمعيات العامة للصناديق ومجالس إدارتها بشكل واضح ومحدد، وتفعيل دور الهيئة فى مجال ضمان العدالة التأمينية وحماية حقوق أعضاء الصناديق من خلال تخويل الهيئة بعض التدابير والجزاءات التى يمكن أن تطبقها على الصندوق، وإعطاء الحق للصناديق أو لشركات المعاشات الاختيارية فى إنشاء اتحاد أو أكثر أو جهاز معاون يعبر عن مصالحهم، والنص على إنشاء صندوق ضمان لحقوق أعضاء صناديق التأمين الخاصة والمعاشات الاختيارية المسجلة بالهيئة وإلزام شركات المعاشات الاختيارية بالاشتراك فى الصندوق بهدف مد مظلة الحماية للمشتركين بتلك الشركات، كما يحرص مشروع القانون على تبنى جميع المعايير الدولية فى مجال الرقابة على الصناديق وأهمها معايير الحوكمة والإفصاح والشفافية والتناسب والملاءمة فى اختيار المديرين وإيجاد آلية سريعة وناجزه للفصل فى المنازعات التى قد تثور بين أعضاء الصناديق أو المشتركين بشركات المعاشات، وتنظيم وتيسير إجراءات تصفية الصناديق بما يحافظ على حقوق الأعضاء أو المشتركين فى مرحلة التصفية وتغليظ العقوبات الجنائية فى حالات مخالفة أحكام القانون. الرعاية الصحية أما الملف الخامس فيتعلق بقانون الإشراف على شركات الرعاية الصحية، ويقع مشروع القانون فى «32» مادة ويهدف إلى وضع إطار قانونى ينظم نشاط تقديم الرعاية الصحية وإلى تقنين أوضاع الجهات التى تمارس هذا النشاط بما يتناسب وطبيعة هذا النشاط الذى يختلف فى كثير من أحكامه عما هو منظم بأحكام القانون رقم 10 لسنة ,1981 وخاصة بالنسبة لحجم رأس المال وطبيعة المخصصات المطلوبة وأوجه الإشراف والرقابة عليه، وقد استحدث مشروع القانون لجنة عليا للرعاية الصحية تقوم بإبداء التوصيات للجهات المختصة بنشاط توفير الرعاية الصحية واقتراح السياسات اللازمة، والبت فيما يعرض عليها من منازعات، وحدد مشروع القانون الجهات التى تتولى الهيئة العامة الرقابة على شركات الرعاية الصحية، حيث تتولى وزارة الصحة الإشراف والرقابة على النواحى الصحية والطبية الخاصة بآليات تقديم الخدمة وتتولى الهيئة العامة للرقابة المالية الرقابة على النواحى التأمينية والمالية والقانونية لتلك الشركات. وحدد مشروع القانون التزام الشركات بتكوين المخصصات الفنية اللازمة وتقديم التقارير المالية لحماية حقوق المشتركين ولتتمكن الهيئة من الوقوف على الحالة المالية للشركات، وأعطى الهيئة مجموعة من التدابير التى تمكنها من التدخل الرقابى فى نشاط هذه الشركات إذا ما ثبت لها أن الشركة تزاول أعمالا مخالفة للقانون، وأجاز إنشاء اتحاد لشركات الرعاية الصحية يعمل على تمثيل مصالح هذه الشركات وتحسين مستوى العمل بها، كما نظم قواعد وشروط دمج وشطب الشركات وحالات إلغاء ترخيصها، كذلك نظم مشروع القانون المهن المتصلة بنشاط الرعاية الصحية كالوسطاء وأعمال الوكالة الإدارية فى نشاط الرعاية الصحية، كما نظم العقوبات المترتبة على مخالفة أحكامه وأعطى مشروع القانون لموظفى الهيئة صفة مأمورى الضبط القضائى لإثبات ما يقع من مخالفات لأحكام القانون والقرارات الصادرة تنفيذا له. أما الملف السادس فيتعلق بتنظيم التراخيص للجهات العاملة فى الأنشطة المالية غير المصرفية، ويهدف مشروع القانون الذى يقع في «20» مادة إلى توحيد الإجراءات التى تنظم نشاط الشركات العاملة فى مجال القطاع المالى غير المصرفى، وذلك من خلال توحيد قواعد وشروط منح التراخيص للشركات وتوحيد قواعد وإجراءات تأسيس اتحادات للشركات العاملة فى الأنشطة المالية غير المصرفية وتوحيد الجزاءات الإدارية فى حالة المخالفة، وكذلك وضع قواعد وشروط التراخيص للشركات لمزاولة نشاط التمويل متناهى الصغر، فضلا عن قواعد الترخيص لنشاطى التأجير التمويلى والتخصيم. سجل الضمانات أما الملف السابع فيتعلق بمشروع قانون سجل الضمانات المنقولة والذى يقع فى «18» مادة ويهدف إلى وضع تنظيم قانونى متكامل لرهن جميع أنواع المنقولات دون نقل حيازتها ويقيم توازنا منصفا وعادلا لكل من حقوق الدائن والمدين ويراعى مصالح جميع الأطراف، ويعمل على تدعيم مركز مصر التنافسى فى تقرير مناخ الأعمال من خلال إنشاء سجل لقيد جميع الضمانات المنقولة، مما يؤدى إلى تسهيل عملية الحصول على التمويل بضمان هذه المنقولات وخاصة للمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وخفض تكاليف الائتمان لأنه يخفض مخاطر منح التمويل التى تتعرض لها المؤسسات مانحة التمويل وزرع الثقة لديها، حيث تكون لها الأولوية فى التنفيذ على المنقولات وبيعها لاستيفاء حقوقهم قبل الدائنين الآخرين، مما يعمل على زيادة تدفق معدلات الائتمان وتحسين الأوضاع الاقتصادية. التأجير التمويلى أما الملف الثامن فيتعلق بمشروع قانون تعديل بعض أحكام قانون التأجير التمويلى الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1995، ويتكون من «5» مواد ويهدف إلى تطوير الإطار القانونى لنشاط التأجير التمويلى لزيادة قدرة المستثمرين على الوصول إلى وسائل تمويلية مختلفة ومتنوعة وزيادة رأس مال شركات التأجير التمويلى، واشترط أن تتخذ شكل الشركة المساهمة، وذلك من أجل ضمان إدارتها على نحو منضبط، وعلى تمكين الصناعات الصغيرة والمتوسطة من تنويع مصادر تمويلها والحد من مخاطر هذا التمويل، وإزالة العديد من العوائق التى كانت تعترض طريق انتشار هذا النوع من التمويل، ويجعل قواعد وأسس مزاولته مماثلة للقواعد العالمية المعمول بها فى هذا الشأن. الشركات المساهمة وهناك ملف آخر خاص بتعديل بعض أحكام قانون الشركات المساهمة وشركات التوصية بالأسهم والشركات ذات المسئولية المحدودة، ويقع مشروع القانون الخاص بها فى «4» مواد، ويعمل على تبسيط إجراءات تأسيس الشركات وكذلك تسهيل إجراءات التصفية وإعطاء الحرية للمساهمين فى زيادة رؤوس أموال الشركات عن طريق السماح لهم بإصدار الأسهم الممتازة وخفض الرسوم بما يضمن تسهيل عملية دخول الأسواق وتشجيع الاستثمارات واستحداث شكل قانونى جديد لمزاولة الأنشطة الاقتصادية بما يسمح للمستثمر الواحد بتأسيس مشروع لا يسأل فيه المالك عن التزاماته إلا بمقدار ما خصصه له من رأس المال، وذلك بهدف دمج الاقتصاد السرى فى الرسمى وتشجيع المشروعات العاملة خارج الأطر الشرعية الحاكمة للاستثمارات ودمجها فى الاقتصاد الرسمى. أما الملف الأخير فخاص بتعديلات بعض أحكام قانون التمويل العقارى بهدف توسيع المفهوم بحيث يشمل عمليات إعادة تمويل العقارات تحت الإنشاء وتوريق الحقوق المالية الناشئة عن التمويل العقارى وإعادة تنظيم شروط الترخيص وتنظيم قواعد الاندماج وتدعيم الصلاحيات الرقابية للهيئة العامة للرقابة المالية وتعديل أهداف واختصاصات صندوق ضمان ودعم نشاط التمويل العقارى لتخفيف العبء على الطبقات ذات الدخول المنخفضة وكذلك إعادة تنظيم إشهار العقود بما يسمح بسرعة استيفاء إجراءاتها مع إعفاء عقود شراء ورهن العقارات من جميع الرسوم والضرائب. هذه الملفات لابد أن تخرج للنور لكى تكتمل المنظومة دون أن ترتبط بوزير سابق أو وزير قادم!