خلال زيارته لصربيا.. البابا تواضروس: الكنيسة القبطية بيت للجميع ورسالة حب وسلام    الأعلى للمهندسين: قانون الإيجار القديم ظالم ويجب إخلاء الشقق المغلقة والمستغلة لغير السكن فورًا    كواليس اجتماعات الزمالك لحسم خليفة بيسيرو    أجواء تنافسية في اليوم الأول لبطولة العالم العسكرية للفروسية بالعاصمة الإدارية الجديدة    بدء محاكمة المتهمين بتزوير المستندات الرسمية بعين شمس    «التمويل الدولية» تدرس تدبير 600 مليون دولار لمحطة «أبيدوس 2» للطاقة بمصر    صعود مؤشرات البورصة بختام تعاملات جلسة منتصف الأسبوع    أمجد الشوا: آلية إدخال المساعدات إلى غزة محاولة للتهجير القسري    الجيش الإسرائيلي يصدر إنذارا بإخلاء منطقة مطار صنعاء الدولي بشكل فوري    إدارة ترامب تواصل ملاحقة "هارفارد" وتسعى لتجميد المنح الجديدة للجامعة    وزير الخارجية يجري اتصالا هاتفيا مع نظيره السوداني    الكرملين: بوتين وبزشكيان اتفقا على تعزيز التعاون العملي بين البلدين وتنسيق السياسة الخارجية    جدول امتحانات الصف الثالث الابتدائي 2025 في محافظة البحيرة الترم الثاني    "الخارجية" تتابع موقف السفينة التي تقل بحارة مصريين قبالة السواحل الإماراتية    تقارير: أرنولد يهدد مستقبل فاسكيز في ريال مدريد    شوبير: الشرط الجزائي لكولر أكبر من ديون الزمالك بس الأحمر معاه فلوس يدفع    ظهر في 3 أفلام وصاحب رقم قياسي.. محطات عن صالح سليم في ذكري وفاته    الفتوى والتشريع تؤيد عودة 3 أساتذة جامعيين متفرغين بعد إنهاء خدمتهم    مسيرة طلابية بجامعة الزقازيق للمطالبة بكشف ملابسات حادث طالبة كلية العلوم    تأجيل إعادة محاكمة 4 متهمين في «أحداث شغب مطاي» بالمنيا    مفتي الجمهورية: الفتوى الرشيدة تمثل ضرورة ملحة لاستقرار المجتمعات    انطلاق تطلق ملتقى «الثقافة والهوية الوطنية» بالعريش.. الليلة    بدء استقبال طلبات الأفلام للمشاركة في الدورة 5 من البحر الأحمر السينمائي    بالصور- ريهام عبد الغفور تهنئ رنا رئيس بحفل زفافها:"حبيبة قلبي وبنوتي"    تفاصيل التصعيد الإسرائيلى الأخير فى غزة بعد توسيع العمليات العسكرية    لمناقشة فرص توطين اللقاحات وتعزيز التصدير، رئيس هيئة الدواء يستقبل وفد فاكسيرا    جزاءات رادعة للعاملين بمستشفى أبوكبير المركزي    نصيحة وزير الشؤون النيابية لابنته بشأن العمل التطوعي    زعيمة حزب الخضر في ألمانيا: نريد حكومة قادرة على التصرف    ضربة موجعة لستارمر.. رفض طلب لندن الوصول لبيانات الجريمة والهجرة الأوروبية    القومي للمرأة يناقش قضايا التواصل والعنف السيبراني    رئيس الجمعية الكورية للمسرح يزور مقر مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي بالقاهرة    61.15 دولار للبرميل.. تعرف على أسعار النفط بالأسواق العالمية    ننشر توصيات اجتماع وزراء السياحة بالدول الثماني النامية بالقاهرة    كلية التمريض جامعة قناة السويس تنظم ندوة حول المشروع القومي لمشتقات البلازما    وحدة السكان في الشرقية تنظم 15 ندوة للتوعية بالقضية السكانية    تعليم السويس يعلن جدول امتحانات الشهادة الإعدادية    18 مايو.. بدء محاكمة مرتضى منصور في اتهامه بسب خالد يوسف وزوجته    ادعوله بالرحمة.. وصول جثمان الفنان نعيم عيسى مسجد المنارة بالإسكندرية.. مباشر    وكيل الأزهر: على الشباب معرفة طبيعة العدو الصهيوني العدوانية والعنصرية والتوسعية والاستعمارية    شوبير يكشف مصير بيسيرو مع الزمالك وأبرز المرشحين لخلافته    عقب التوتر مع باكستان.. حكومة الهند تأمر الولايات بتدريبات دفاع مدني    السيسي يؤكد ضرورة التركيز على زيادة احتياطي النقد الأجنبي وخفض مديونية الموازنة    محافظ أسوان يترأس اجتماع المجلس الإقليمى للسكان    كم يوم متبقي حتى عيد الأضحى 2025 ؟    "هذه أحكام كرة القدم".. لاعب الزمالك يوجه رسالة مؤثرة للجماهير    وزير الري: خطة وطنية لمراجعة منشآت حصاد مياه الأمطار    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 6-5-2025 في محافظة قنا    مدرب كريستال بالاس: هذا ما يجب علينا تقبله    «الداخلية»: ضبط شخص عرض سيارة غير قابلة للترخيص للبيع عبر «فيس بوك»    فاضل 31 يوما.. موعد وقفة عرفات وعيد الأضحى المبارك 2025    ضبط (18) طن دقيق مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء    «العربية للتصنيع» تتعاون مع شركة أسيوية لتأسيس مشروع لإعادة تدوير الإطارات المستعملة    صور حديثة تكشف أزمة بسد النهضة، والخبراء: التوربينات توقفت وإثيوبيا تفشل في تصريف المياه    وزير الثقافة يطلق مشروع "أهلا وسهلا بالطلبة" بتخفيض 50% للمسارح والمتاحف    ما علاقة الشيطان بالنفس؟.. عالم أزهري يوضح    تشغيل وحدة علاجية لخدمة مرضى الثلاسيميا والهيموفيليا في مستشفى السنبلاوين العام بالدقهلية    هل يجوز الحديث مع الغير أثناء الطواف.. الأزهر يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأنبا بيشوى المرشد العام للإخوان المسيحيين
نشر في روزاليوسف الأسبوعية يوم 18 - 09 - 2010

فى حواره الأخير المنشور يوم الأربعاء الماضى 2010/9/15 عبر نافذته شبه الوحيدة «المصرى اليوم»، قلل الأنبا «بيشوى» من مساحة التعاطف مع مطالب الأقباط بدولة مدنية، ووضع المتعاطفين والمتفهمين لهذه المطالب في موضع الحرج، وقدم بلسانه برهانًا على تماهى الخطاب الدينى المتطرف سواء كان إسلاميًا أو مسيحيًا، وإن تعاظمت الصدمة أن يصدر عنه كسكرتير للمجمع المقدس ومطرانًا لدمياط وكفر الشيخ قيامه بنحل آراء وأفكار وفتاوى جماعة الإخوان المسلمين، وتلبسته روح «حسن البنا»، حين هدد ضمنيًا بسفك الدماء، واللجوء للصدام العنيف الذى يصل إلى حد الاستشهاد إذا تولت الدولة دورها الذى تنازلت عنه للكنيسة، على أن تتفرغ الأخيرة لواجباتها الدينية والروحية.. واعتبر «الاستشهاد» هو الرد على ما أسماه المساس بالرسالة المسيحية، وقال ما نصه: «اقتلونى أو ضعونى فى السجن حتى تصلوا لهذا الهدف»!
لا فرق إذًا بين أفكار «بيشوى» المحسوب رسميًا على الكنيسة القبطية وأحد صقورها، والمقرب من البابا «شنودة».. وبين أفكار «البنا» وجماعته التى أضحت رحمًا توالدت منه التنظيمات الدينية المتطرفة والمسلحة، وكانت أول من نادت باستئصال النصارى ومقاطعة المحاكم الأهلية لأن بها قضاة غير مسلمين، وإرغامهم على دفع الجزية، والتباس موقفهم حاليًا فى التعامل مع حقوق الأقباط وتولى أحدهم رئاسة الحكم!
تقابله آراء بيشوى الذى رد على مطالب البعض برفع يد البابا والأساقفة عن الكنيسة مع تصاعد الاعتصامات والاحتجاجات بقوله: «ألا يكفى أن الجزية فرضت علينا وقت الفتح العربى، تريدون الآن أن تصلوا لنا وتقيموا الصلوات والقداسات»؟!
وأضاف: «من يطالبون بذلك نسوا أن الأقباط أصل البلد، نحن نتعامل على محبة مع ضيوف حلوا علينا ونزلوا فى بلدنا واعتبرناهم إخواننا.. كمان عايزين يحكموا كنايسنا»!
سقطات بالجملة، وألغام فى طريقها للانفجار إذا لم تصدر الكنيسة الأرثوذكسية اعتذارًا وبيانًا تغسل فيه يدها من تصريحات سكرتير المجمع المقدس الذى ورط كنيسته، وحملها مسئولية أى رد فعل عنيف من جانب الأقباط جرى فى الماضى أو سيقع مستقبلاً!
الأنبا «بيشوى» أو المهندس «مكرم إسكندر»- اسمه قبل السيامة- والمولود فى 1942/7/19 والذى تم ترسيمه أسقفًا وعمره 29 عامًا وعشرة شهور بالمخالفة للقواعد الكنسية التى ترسم القس وليس الأسقف بحد أدنى 30 عامًا، والذى تاه فى البرارى وكاد يموت عطشًا فى الصحراء أثناء رهبنته إلى أن التقطه أحد الأعراب وأنقذه قبل الهلاك، عليه أن يراجع صلب عقيدته المسيحية وهو الذى يتولى تدريسها كأستاذ للاهوت فى الكلية الإكريليكية أن «الاستشهاد» فى المسيحية هو من يشهد الإيمان وليس الذى يسفك الدم، وأن المسيحية ليس فيها المعنى الجهادى أو بذل النفس.
العقيدة المسيحية القائمة على التسامح لا تدفع بأبنائها للقتل، ولا يساقون للذبح والشهادة إلا إذا طلب منهم السجود للوثن أو إنكار الإيمان، كما كان الحال فى عصور قديمة سابقة وليس تبرعا أو تطوعًا، وفى أقصى الفترات التاريخية التى واجهها الأقباط كانت تعاليم المسيح «بسلامهم يكون لكم سلام».
ما ذهب إليه الأنبا «بيشوى» استدعاء لحالة غير موجودة أصلاً.. فالاستشهاد كان رغمًا عن الأقباط فى عهد الدولة الرومانية التى انتهجت سياسات منظمة لتغيير الديانة، وعليه فإن ما قاله المطران المتطرف الهدف منه أساسًا سياسى وليس دينيًا، والقصد هو عدم المساس بمكتسبات الكنيسة فى ال30 عامًا الماضية وإدخالها فى ملعب السياسة بإعادة صياغة وكتابة المفاهيم الدينية بما يتفق مع مصالح القادة الجدد للكنيسة!
المطران لا يجيد انتقاء ألفاظه، وجاء ذلك لنعرف كيف يفكر؟ وما بداخله من آراء متطرفة تسكن عقله وقلبه ونطق بها لسانه.. فإذا كان يطالب المسيحيين بمدنية الدولة، والمساواة فى التعامل، كيف له أن يقول على المسلمين إنهم «ضيوف على البلاد» وأن «الأقباط أصل البلد»! ما يقال عن الفتح العربى والإسلامى لمصر، ينسحب على المسيحيين الأوائل الذين كانوا فى الأصل يهودًا ولما خربت أورشليم وتشتتوا فى كل أنحاء العالم سار جزء منهم على الأقدام بموازاة البحر المتوسط حتى دخلوا إلى مصر فى القرن الأول الميلادى، ولم يقل عنهم ضيوفًا أو غزاة وذابوا فى الدولة المصرية وتأثروا بعاداتها وتقاليدها حتى فى عبادتهم!
هنا يفرض تساؤل نفسه حول نقاء عرق وجنس الأنبا بيشوى نفسه ومن يضمن أنه ليس له أصول غير مصرية؟!..وهذا الأمر لا يمكن الإجابة عليه إلا بإخضاعه هو وجميع الأقباط لتحليل DNA لنحتكم ونصل إلى سكان البلد الأصليين ومن هم الضيوف عليها!
بحسب أقوال الأنبا «بيشوى» المتطرفة فهى تدفعنا فى المقابل بطلب تطمينات مماثلة للتى يطالب الأقباط بها، وعلى الكنيسة أن تحدد موقفها من هذه القضية الشائكة وعدم النبش فيها، فلا يمكن الاستخفاف بها ولا بكلام سكرتير المجمع المقدس بصفته رجل الكنيسة القوى والمقرب من البابا شنودة!
إشكالية الأنبا «بيشوى» هى طموحه الزائد، والواصل لكرسى البابوية مما يجعله فى سبيل ذلك يتبنى خطابًا متناقضًا، فتجده فى إحدى فقرات حواره يتقرب زلفًا من الدولة بحثًا عن مساحة رضا عنه لديها.. وفى أخرى يتوعدها ويهددها إرضاءً لتيار متشدد متنامٍ فى الكنيسة، متصورًا أنه يرضى جميع الأطراف، جامعًا بين السياسة التى لا يملك أدواتها والدين الذى يستخدمه فى دغدغة مشاعر العامة!
خطاب الأنبا «بيشوى» يقطر تطرفًا، وجاء على موجة سائدة حاليًا مع الكنيسة ودعوات تنادى بإحياء أو إنشاء جماعة للإخوان المسيحيين على غرار الإخوان المسلمين، ووصلت إلى ذروتها مع عرض مسلسل «الجماعة» حيث تساءل الشباب القبطى لماذا ليس لدينا جماعة مقابلة؟
القصد منها إحياء جماعة «الأمة المسيحية» التى ظهرت فى عام 1952 كمقابل لجماعة الإخوان المسلمين، وتم حلها بعدها بعامين وإصدار أحكام قضائية على كل أعضائها بعد أن جنحوا للعنف ورفعت شعارًا مقابلاً هو «الإنجيل دستورنا والموت فى سبيل المسيح أسمى أمانينا»!
خوض الكنيسة فى السياسة، وسيطرتها على الأقباط كما يدعو «بيشوى» وكما أصدر من تطمينات حول مصير «وفاء قسطنطين»، و«كامليا شحاتة» حفاظاً عليهما هو أمر غير مقبول تحت أى مسمى، وفيه استيلاب لحق الدولة وواجبها فى توفير الأمن لمواطنيها، وتضرب العقد الاجتماعى فى مقتل. وفى هذا.. اللوم موجه للدولة وللكنيسة على السواء، فإما حسم الأمر بمدنية الدولة حفاظًا على النظام العام وحق المواطنة وتطبيق القانون أو الاستمرار فى حالة الاسترخاء الذى من شأنه أن تتحول المؤسسات الدينية إسلامية أو مسيحية لوحش ينقض ويقضى على أركان الدولة!
وأخيرًا لم أجد نصيحة لنيافة الأنبا «بيشوى» أصدق وأعمق وأكثر تعبيرًا عن حالته سوى الحديث الشريف: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت».. وليته يصمت!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.