كنت أتجه إلى عدم التعليق مجدداً على تصريحات الأنبا بيشوى الأخيرة حول الرئاسة، مكتفياً بمقالين اختتمتهما برد جاءنى من الأنبا موقعاً باسم سكرتيره الشخصى، والناطق باسمه القس ديسقورس شحاتة، لكن بيشوى الذى يواجه بعض المتاعب الصحية، حسب جريدة «الوفد»، شفاه الله منها، يعود ليتهم «المصرى اليوم» بأنها تحاول إقحام الكنيسة فى صراعات سياسية ليست طرفاً فيها، حسب ما نشرت «الوفد» على لسانه أيضاً. شخصياً لست الشخص المناسب للرد على تراجع بيشوى عن تصريحاته ل«المصرى اليوم» وادعائه كذبها، فهو أكثر الناس علماً ومن بعده «ياوره» ديسقورس بالزميل عمرو بيومى الذى أجرى معه هذا الحوار المثير وحوارات سابقة كثيرة، ويعرف مهنيته ويدرك أن الحوار مسجل بصوته. لكن بيشوى يعود لمهاجمة مقال كتبته فى إطار حقى فى التعليق على ما قال، وبعد أن منحته حقه فى الرد بترك هذه المساحة كاملة له الخميس الماضى، ويتهمنى بمحاولة إقحام الكنيسة فى صراعات سياسية، بينما هو يقول فى ذات النص الذى يحمل اتهاماً لى ل«المصرى اليوم»، إن «الكنيسة القبطية لم تحدد حتى الآن من ستدعمه خلال الانتخابات الرئاسية القادمة»، الأنبا بيشوى إذن يعترف بينما يتهمنا بإقحامه فى السياسة أنه يمارس تلك السياسة، ويدعم ككنيسة مرشحين سياسيين فى منافسات سياسية، وإن كان لم يحدد بعد من الذى سيدعمه فى انتخابات الرئاسة المقبلة. بيشوى لا يصرح برأى شخصى يعبر عن نفسه كشخص، بل يقول «الكنيسة» ويتحدث باسمها فى اعتراف واضح بدور سياسى تلعبه فى دعم المرشحين والدعوة لهم وحشد أصوات الأقباط وتوجيهها إلى المرشحين المؤيدين كنسياً. كيف يشكو بيشوى إذن من محاولات إقحام الكنيسة فى مسائل سياسية، وهو الذى يقحمها، يقول إن الكنيسة ليست طرفاً، ويجعلها طرفاً بتصريحاته وممارساته، وفى حواره المقصود قال إنه لا يستبعد تنسيقاً بين البابا شنودة والحزب الوطنى فى الانتخابات البرلمانية المقبلة. يعرف بيشوى أيضاً أننى لم أكن الوحيد الذى توقف أمام تصريحاته المثيرة، بل إن فعاليات قبطية استشاطت غضباً منها، وأفردت لهم جريدة «الوفد» أيضاً التى يكذب «المصرى اليوم» فيها، مساحات واسعة فى اليومين التاليين للحوار، لم يقولوا فيها أقل مما قلت، ويعرف بيشوى وياوره «ديسقورس» أن أحداً لا يستطيع المزايدة على تفهمى للقضية القبطية، ودعمى للدولة المدنية، فأرشيف كتاباتى فى هذه المنطقة سهل الوصول إليه بضغطة واحدة على نافذة البحث فى موقع الجريدة، وسبق أن هاجمت شيخ الأزهر بعنف حتى يستقيل من عضوية الحزب الوطنى انتصاراً للمبدأ نفسه. لا أكتب مع الكنيسة أو ضدها، ولا مع الحزب الوطنى أو ضده، أكتب فى هذا الملف من أجل دولة مدنية عادلة، المفترض أن تكون هدف كل مصرى مسلم ومسيحى، لذلك سأظل متربصاً بكل طرف يحاول تديين السياسة، والابتعاد بنا عن أمل الدولة المدنية، وتكريس الطائفية والممارسات السياسية المغلفة بغطاء الدين، سواء كان هذا الطرف جماعات إسلامية، أو مؤسسات رسمية، أو حزباً حاكماً، أو حتى الكنيسة نفسها...! [email protected]