«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكومة آحمد نظيف هل انتهت الصلاحية؟

بينما كان الرئيس مبارك يتجه ظهيرة يوم الخميس إلي (صالون العلا)، في القاعة الرئيسية للكلية الجوية قادما من أرض العرض العسكري للخريجين، حيث أقيم احتفال تخريج الدفعة 77، أوقف وزيرة الدولة لشئون السكان الدكتورة مشيرة خطاب، وحذرها من ارتفاع معدلات الزيادة السكانية.. وأنه من الضروري العمل علي اتخاذ إجراءات في اتجاه وقف هذه المعدلات المتصاعدة.
وأومأت الوزيرة بالإيجاب، ثم فيما بعد ناقشتها فيما قال الرئيس.. فقالت: إن المعدلات تزيد بصورة كبيرة للغاية.. وحين سقط عقار قبل أيام مات فيه سبعة من الشباب.. حيث كان يعيش ما لا يقل عن أربعين شخصا.. ينتمون لعائلات فقيرة تنجب بلا ضابط ولا تعلم أبناءها لفقرها. فقلت لها: ألا يمكن اتخاذ إجراءات محددة للتشجيع علي ضبط معدلات المواليد؟.. فقالت: لابد أن تساندنا الصحافة والإعلام.. ما أن تُطرح أفكار من هذا النوع حتي نجد انتقادا ورفضا.. فلا يقبلها الناس.
والواقع أن هذا الخطر لايجد انتباها حقيقيا من الإعلام ، كما أنه يواجه مقاومة من مؤسسات مجتمعية مختلفة، ولكن الأهم والأخطر هو أنه لا يجد أي موقف واضح أو خطة محددة من الحكومة نفسها.. حتي لو كانت لجنة السياسة السكانية الوزارية قد اجتمعت قبل أيام.. فكم من مرات اجتمعت.. بينما الأرقام تتصاعد وتلتهم كل ما يتم إنجازه؟! وإذا كانت الزيادة السكانية إحدي ثغرات العمل الحكومي التي لايحيطها الصخب.. فإن هذا لاينفي واقعيا أن لدي الحكومة عديداً من الثغرات الأخري.. وفي مختلف المجالات.. بحيث إنها وصلت ذروتها في هذه الأيام.. بينما الحكومة مقبلة علي واحدة من أهم الانتخابات البرلمانية في تاريخ مصر.. وتبدو كما لو أنها تعتقد أنها سوف تتنزه في حديقة الأزهر.. وتتناول العشاء بعد ذلك.. ثم ينتهي الأمر.
- تحصيل حاصل
لقد كتبت قبل أسبوعين، في ذات السياق، مقالا مطولا هنا تحت عنوان: (استهتار الحكومة في قضية خالد سعيد)، وكنت أنوي اليوم أن أكتب عن «العدوان الثلاثي الحالي» علي التنمية والعقول في مصر.. من التحالف المتجمع عن تدهور التعليم ووأد الإعلام واضمحلال الثقافة.. غير أني طرحت علي نفسي سؤالاً أشمل.. وقد انقضي من عمر هذه الحكومة خمس سنوات.. هي عمر البرلمان الذي تشكلت بعد انتخابه.. وقبل عام آخر من ذلك منذ تولاها الدكتور أحمد نظيف: هل لدي هذه الحكومة إحساس حقيقي بأنها مقبلة علي انتخابات؟
لماذا تبدو الحكومة كما لو أنها تتعامل مع الأمور علي أنها (تحصيل حاصل) وأن عام 2010 مثل عام 2005 ومثلهما عام 2000. ولايوجد جديد.. وسوف تسير الأمور؟.. لماذا تعطي الحكومة انطباعا بأنها (علي ما يرام) في حين أنها ليست كذلك؟. لماذا تراخت ويعتريها الكسل وصارت تتصرف بمنطق (تسيير الأعمال).. بينما هي عمليا تكاد تكون (منتهية الصلاحية)؟.. لابد أن يطرأ عليها تطوير جوهري لكي تستيقظ من سباتها.. وتعرف أن الأيام ليست عادية.. والظروف مختلفة.. فلا تركن إلي الاستماع لأغنية عبدالمطلب: «السبت فات.. والحد فات»(!)
ولا أقصد بالتطوير الذي أقترحه تعديلاً من ذلك النوع الذي كان يطلب إجراءه رئيس الوزراء بين حين وآخر.. وإنما أعني تطويرا جوهريا.. يشمل الهيكل.. ويهز البنيان.. ويعيد ترتيب الأوراق.. ولو بقي البعض.. وذهب البعض.. لاتعنينا الأسماء.. ولاينبغي أن يكون كلامنا بهذه الطريقة الشخصانية.. فنحن نتحدث عن يقظة جدية وجادة.. ولو كانت غالبية الأسماء تؤدي مهامها كما هي. القاعدة هي: «الأسلوب قبل من يؤديه».
إن لدي الكثيرين إحساساً بأنهم باقون في مواقعهم إلي أن تأتي انتخابات الرئاسة.. بعدها سوف تتقرر الأمور.. ولست أدري هل هذا هو اليقين الذي سنصل إليه أم أنه غير ذلك؟.
ولكن حتي لو بقي كل في موقعه إلي أن يحين الموعد في 2011. هل يستمر الأداء كما هو.. وهل تبقي المعدلات علي منوالها.. وهل يكون الإيقاع رتيبا.. والعمل روتينيا.. والتعامل مع الأمور بالقطعة.. كل في اتجاه.. لا يجمعه رابط.. ولا يحكمه انضباط.. ولا يلتئم في سياق؟
- مديح وانتقاد
لقد امتدحت الحكومة الحالية حين وجب ذلك، وانتقدتها كذلك حين رأيت أن هذا ضروري، ومن قبل قلت إنها (حكومة الأيدي الناعمة)، وقلت أيضا أنها تسير علي قدم تتحرك للأمام.. برفع معدل النمو.. وقدم ترجع للخلف مع تقهقر العدالة الاجتماعية.. غير أني في كل الأحوال اعتبرتها (أقوي حكومة في مصر).. من حيث تلك الصلاحيات الدستورية التي تمتع بها رئيس الوزراء عقب التعديلات التي جرت في 2007. ومن حيث الأسلوب الذي أتاحه لها الرئيس مبارك في السنوات الأخيرة.. فتميزت بحرية إدارة شئونها مقارنة بغيرها.. ومن حيث إنها ضمت كفاءات مختلفة.. كل يمكنه أن ينجح في مجاله.. والبعض في أكثر من مجال.. ولكن هل يصب الجهد جماعيا في اتجاه يفيد الحكومة ولايكون مفيدا فقط للوزارات؟
وبخلاف أن هذه الحكومة معروفة التوجه منذ البداية، يمكن القول إن الدكتور أحمد نظيف اتبع منهجا مختلفا.. يمكن أن يحمد له.. إذ كما أتيح له أن يتحرك بحرية فقد أتاح لمن يعملون معه أن يتحركوا بحرية.. ولكن بمضي الوقت فإن الحكومة تبدو كما لو أنها مجموعة من الجزر الوزارية المنعزلة.. كل في اتجاه.. وفي بعض الأحيان أدي هذا المناخ لنشوء التنافس الصامت بين الجزر الوزارية التي انتقلت من الانعزال إلي التضارب.. ومن التضارب إلي التخبط.. وتتمتع الصحافة وسط كل هذا بأجواء مثيرة.. قد لا تتكرر مع حكومة غير الحالية.. فالمسافات شاسعة.. والفجوات كبيرة.. والجسور غالبا غير موجودة.
- تأثيرات عالمية
لا أريد أن أعلق في رقبة الحكومة التي يقودها الدكتور أحمد نظيف ملفات مثيرة، تضخمت في عهده، مثل: أوضاع سيناء، وتحديات مياه النيل.. فلكل منها أبعاد أخري قد لاتمس عمل الحكومة مباشرة.. وتتعلق بجوانب سياسية لها تشخيصات غير مرتبطة مباشرة بالعمل التنفيذي.. لكن هذا لا ينفي أن الأمور في الملفين تطورا في عصر تلك الحكومة.. وفي المقابل فإنها، أي الحكومة، بالتأكيد لها يد في مسائل العمال.. والتعامل معها.. وطريقة إدارتها.. وتفاقمها.. ولها يد مباشرة في مسألة المياه.. علي الأقل من خلال تغيير تعمده رئيس الوزراء في توقيت بعينه.
ومن ثم فإن الحكومة لايمكن أن تبرأ من استمرار البطالة.. وارتفاع معدلات التضخم.. وعدم الشعور بتوافر العدالة الاجتماعية.. وإنها غير قادرة علي مواجهة الأزمات المفاجئة.. والأهم من كل هذا أن تترك وزراءها يواجهون التحديات التي يتعرضون لها كما لو أنهم ينتمون لحكومة دولة أخري.. يتحول كل منهم إلي ضحية علي مذبح الإعلام كما لو أنه يعمل بمفرده وكم من أمثلة يمكن أن تثبت ذلك.
ومن المفهوم بالطبع أن الحكومة، مثل جميع حكومات العالم، قد واجهت تحديات مختلفة بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية التي ضربت الكرة الأرضية برمتها منذ عام 2008 ولم تنج منها أعتي الاقتصادات، وعلي رأسها اقتصاد الولايات المتحدة حيث انفجرت الأزمة بداية.. ولكن المذهل أن الحكومة تعاملت مع الأزمة في بدايتها بنوع لافت من الانتباه.. وشدت حيلها.. وأصدرت مجموعة من القرارات.. وأعلنت للأسواق أنها تتعامل مع الموقف بحذر واجب.. وطريقة صحيحة.. ثم تراجع الإيقاع.. وتوقف الانتباه.. كما لو أن الأزمة قد انتهت.
الحكومة الآن أمسكت بربابة الأزمة، تتغني بمبرراتها، وتتأسي علي أيام النمو الخوالي، وتحلم بالعصر القادم الذي سوف تلحق فيه من جديد بأرقام النمو التي كانت.. كما لو أن علينا أن ننتظر معها إلي أن تعود لسقف معدل ال7%.. الصحيح طبعا أننا من بين دول قليلة لم تزل تحقق معدلات نمو.. بينما غالبية دول العالم تنمو بأرقام سالبة وتواجه مشكلات عسيرة.. ولكن الدول التي تنمو بالفعل لديها اقتصادات أضخم منا.. وتتحرك بسرعة أكبر.. وإذا كان مثالا الهند والصين بعيدين عن أحلامنا.. فماذا تقول الحكومة الحالية عن تركيا.. وفي حكومتنا من هم مولهون بالاقتصاد التركي ونجاحاته؟!
أخشي أن أقول إن الحكومة فقدت قدرتها علي الابتكار.. وتوفير الحلول المبدعة.. استسلمت للأمر الواقع.. وهي التي جاءت بدفقة مذهلة.. وصدر مفتوح.. ونفوس يحدوها الأمل.. ولا أخشي أن أقول إننا نتعايش الآن مع (إدارة تسيير أعمال).. اجتماعات روتينية.. وإجراءات دورية.. وتصريحات متكررة.. بل إن الحكومة لم تتمكن من أن تدافع عن بعض أهم إنجازاتها.. ولم تتمكن من تنفيذه بالطريقة التي تحدث تأثيرها المطلوب.. ومن ذلك برنامج (كادر المعلم).
- جلسات تفاهم
كان الوضع في بداية عمر البرلمان الحالي مختلفا.. ليس لأن الغربال الحكومي والغربال البرلماني كانت لهما (شدة).. ولكن للأسف لأن أغلبية مجلس الشعب كانت تفرض علي الحكومة ضغوطا حادة.. أدت إلي نشوء خلافات.. ومشكلات في التفاهم.. ولم يكن هذا مناخا طيبا.. وإن أدي إلي انتباه الحكومة.. ومن ثم جرت عمليات ترميم سياسية بين الجانبين.. وعقدت جلسات تفاهم.. وشهد الحزب الحاكم مناقشات متعددة.. أدت إلي تهدئة الأجواء الحادة.. وتقاربت الحكومة من مجلس الشعب.. وظلت لفترة من الوقت منشغلة بأن تتحاور مع النواب وتستمع إلي مايدور في الدوائر.. فلما مرت الأوقات.. كان أن تعاملت الحكومة مع الأمر بمنطق المغني الراحل (عبدالمطلب).
وأما مجلس الشعب فهو في طريقه إلي التغيير عن طريق الانتخابات.. لكن الحكومة تعتقد أنها سوف تظل ترفل في تطاحنات أقطابها.. في حين أن علينا أن ننبهها إلي أن هناك متغيرات سياسية.. والمجتمع اختلف.. والحراك فائر.. والأعباء ملقاة علي كاهلها كما أنها ملقاة علي كاهل أطراف أخري.. وكما يخوض الحزب الحاكم تلك الانتخابات فإن الحكومة تخوضها.. ليس فقط لأن فيها وزراء سوف يترشحون.. ولكن لأنها لابد أن تتذكر أن الأغلبية التي تستند إليها يجب أن تتحقق من خلال عمل مشترك بين الحكومة والنواب.
انتباه الحكومة السياسي بعافية. منقوص. حيويتها لم تعد كما كانت. جهاز استشعارها تعاني قرونه من جمود. طريقة تعاملها مع الأزمات والمواقف الطارئة ليست كما ينبغي.. إن سبعة ماتوا في انهيار عقار صدر له قرار إزالة منذ 13 عاما.. وتلك ليست مشكلة تتعلق فقط بالفقر وزيادة السكان.. ولكنها تتعلق أساسا بالإهمال الشنيع.. ولو كانت الحكومة علي نفس القدر المتوقع من اليقظة لكانت اتخذت إجراء فوريا ضد المختص.. لكنها مرت علي موت الشباب السبعة كما لو أن الأمر لايعنيها.. ومحافظة القاهرة لاتخصها.
- عمال ومصانع
تقول الحكومة إنها أنجزت الألف مصنع المقررة في برنامج الرئيس الانتخابي. وهذا كلام يجب أن يكون محل تقييم كمي وقيمي.. خطوط الإنتاج التي تضاف ليست مصانع. ولكن الأهم: ماذا فعلت الحكومة في مواجهة الفتنة الطائفية.. منذ وقعت أحداث عيد الميلاد وما قبلها.. بغض النظر عن المواجهة القانونية وتلك ليست مهمتها؟ ماذا درست وكيف استعدت.. وهل هي تعتقد أن المناخ لايساعد علي وقوع أحداث جديدة؟
تكررت مشكلات العمال.. وتكررت الاعتصامات.. حتي استخدمت هذه الأمور في تحقيق التصفية السياسية مع الدولة برمتها.. وعالج الرئيس الأمر بأن أمر بإصدار قانون يعالج مشكلات التخارج من السوق.. وأن تكون الأولوية في حالات إفلاس الشركات لتسديد حقوق العمال.. ولكن الحكومة لم توفر ضمانات تنفيذية لمنع نشوء مشكلات جديدة.. تلك التي لم تنته حين انفضت الاعتصامات من علي رصيف مجلس الوزراء.. وهي ظاهرة انفردت بها حكومة نظيف في التاريخ الحكومي لمصر.
معدلات النمو في ظل الأزمة عادت لترتفع إلي 4%.. ولكن تركيا تخطت في الأزمة معدل ال10 %.. وفي المناخ السياسي الفائر في مصر نسمع من الحكومة أرقاما ومؤشرات تعاير بها البلد.. حول الأمية.. وحول الفقراء.. ولا نشعر أن الحكومة تبذل جهدا متدفقا.. ومبتكرا.. بخلاف أرقام نسمعها من حين لآخر من وزير التنمية الاقتصادية أو دراسات مركز المعلومات واتخاذ القرار.. وهذا لايكفي من أجل تعديل الأوضاع.
إن الانتخابات علي الأبواب.. ولكن الحكومة تتجه إلي المصيف.. وهي غير منشغلة بما يدور في الدوائر بينما هي مهتمة فقط ب (تظبيط) الأمور مع الصحافة.. كما لو أن علي رأس الحكومة (بطحة) تخشي منها.. وبينما يجهز الحزب برنامجه.. فإن الحكومة تشارك في الاجتماعات مثل الآخرين.. تسمع ولا تضيف.. تنصت ولا تبتدع.. والمهم أن تمر الأيام.. حكومة موظفة.. وليست حكومة تقوم بمهمة في إطار التحول والإصلاح.
ومن المؤكد أن التظاهر نوع من ممارسة الحرية، وثمرة نفخر بها في مناخ الديمقراطية التي تعيشها مصر، ولكن تكرار التظاهر ولو كان من بين أفراد قليلين أمام مقرات الوزارات والمحافظات هو أمر لاينبغي اعتياده.. والتعامل معه علي أنه أمر لا ضرر منه ولا ضرار- وحتي لو كان كذلك - فإن له تأثيرات عديدة علي المستوي السياسي وعلي المستوي الأمني.. وليس المطلوب أن تجامل الحكومة الراغبين في التظاهر حتي لايتظاهروا.. وإنما أن تمنع أسباب التظاهر من الأصل.
لقد انتبهت إلي أن معدل اهتمام المصريين بمشكلة الإسكان قد قل إلي نصف في المائة. وفق ما عبرت نتائج استطلاع الرأي الأخير للحزب الوطني.. وهذا يحسب للحكومة.. كما يحسب لها تراجع الانزعاج من مشكلات توافر المياه النقية.. إذ حدث إنجاز أكيد في ذلك.. ولكن التضخم وارتفاع الأسعار.. و(الغلا والكوي).. يتصدران اهتمامات الناس.. بطريقة أسطورية.. ولايمكن التحجج بأن تلك هي المستويات العالمية وتبعات النتائج الدولية.. فالناس ترد ببساطة بأن الأجور لم تتأثر بأي متغير عالمي.
ويتحدث الجميع عن أن مستوي الأجور يتأثر بالإنتاجية.. وأنا أتفق مع هذا.. لقد كتبت مؤيدا له.. هذا كلام سليم.. ولكن ماذا فعلت الحكومة ذات المنهج الليبرالي لكي تشجع علي مزيد من الإنتاجية، وتدفع الناس إلي أن يقدموا ما في داخلهم من طاقة.. وتغير ثقافتهم.. تلك التي تندد بها كل يوم.. وتقول إن تلك الثقافة هي التي تؤثر في مناخ العمل وعلاقاته؟.
إنها بالفعل تسبب هذا التأثير السلبي.. ولكن ماذا قامت به الحكومة غير الكلام لكي تعدل الأمور؟
- حماية الاستقرار
إن بإمكاني أن أسجل ملاحظات كثيرة علي الأداء.. وعلي الانسجام.. وعلي الرؤي التي تحتاج إلي مزيد من الابتكار.. وعلي التنافسات التي لا لزوم لها داخل فريق الحكومة.. ولكن الهدف ليس هو أن نضع الحكومة علي مذبح.. لكي ننتقدها وينتهي الأمر.. الهدف هو تحقيق المصلحة العامة.. لكي نحمي الاستقرار.. وحتي نشعر بأن هذه الحكومة تستشعر أهمية أنها مقبلة علي الانتخابات الأهم في تاريخ مصر.. وأن تلك الانتخابات لايخوضها النواب وحدهم، بينما الحكومة تتفرج في أي من مقريها.. في القصر العيني أو القرية الذكية.
عبد الله كمال
يمكنكم مناقشة الكاتب وطرح الآراء المتنوعة على موقعه الشخصى
www.abkamal.net
أو موقع روزاليوسف:
www.rosaonline.net
أو على المدونة على العنوان التالى:
http//alsiasy.blospot.com
أو على صفحة الكاتب فى موقع الفيس بوك أو للمتابعة على موقع تويتر:
twitter.com/abkamal
البريد الإلكترونى
Email:[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.