«إيفا هابيل كيرلس» اسم لا تتوقف عنده كثيرا، عكس نجمات الفيديو كليب المثيرات، لأنها لم تنل قسطا كبيرا من الشهرة، حتي الآن رغم أن الرئيس مبارك ردد اسمها عدة مرات خلال لقائه مع نائبات الشوري، بعد أن أصبحت أول عمدة صعيدية تصل إلي مجلس الشوري، وهي واحدة من النماذج النسائية المصرية القليلة التي تمردت علي التقاليد البالية والاعراف الجاهلية، والتي وصلت إلي مقعد «حضرة العمدة» في قلب الصعيد، لكنها فاجأتنا عندما قالت إن النساء كن الأكثر ضجرا منها قبل وبعد وصولها إلي العمودية. كشفت إيفا عمدة قرية «كمبوها بحري» بمحافظة أسيوط أنها لم تواجه أي معارضة من رجال قريتها عند الترشح للعمودية بعكس ستات القرية اللاتي سخرن منها مرددات: «هترضوا تحكمكم ست»، وقالت: إن العادات والتقاليد الموروثة مازالت هي المسيطرة علي عقلية الرجل الصعيدي، واستطردت : لن أيأس لأنه لا يضيع حق وراءه مطالب، فالبنت بدأت تأخذ بعض حقوقها المهضومة، فنحن نعيش فترة ذهبية علينا استغلالها لأن المشوار مازال طويلا ويحتاج للمثابرة حتي تنال المراة جميع حقوقها. وقالت: لا أعتقد إن هناك قضايا للمرأة وأخري للرجل، فأي خلاف أنظر إليه بحيادية تامة، فإذا قبلت المرأة العمل عليها أن تتحمل صعابه مثلها مثل الرجل، ولا تقول عاملوني وكأني ست، فالعمل واحد والمنافسة شديدة بين الطرفين، ولكن إذا تمت معاملتي علي أني واحدة ست لن أنجح في العمل، وسوف أظل دائما في المؤخرة. • بعد وصولك إلي هذا الموقع.. ما مردود ذلك علي الصعيديات هل تجرأن علي المطالبة بحقوقهن أم ظللن خائفات من العادات والتقاليد الغاشمة؟ - الفكرة ليست في المطالبة، فعلي الرغم من أنني عمدة وأعمل بالعمل السياسي فإنني محرومة من الميراث ولم آخذه أنا وإخوتي البنات الست، مما دفعني لرفع عدة قضايا علي الورثة من أهلي، فالعادات والتقاليد الموروثة مازالت هي المسيطرة علي عقلية الرجل الصعيدي، ولكنني لن أيأس فلا يضيع حق وراءه مطالب، فالبنت اليوم بدأت تأخذ بعض حقوقها المهضومة فنحن نعيش فترة ذهبية علينا استغلالها لأن المشوار مازال طويلا ويحتاج للمثابرة حتي تنال المرأة جميع حقوقها. • هل تعتقدين أن وسائل الإعلام سواء المسموعة أو المرئية تكرس النظرة الدونية للمرأة الصعيدية أم تنصفها؟ - للأسف فمنذ الأفلام السينمائية الأبيض والأسود حتي الآن والوضع لم يتغير كثيرا حيث كان الرجل الحمش هو الذي يهين زوجته وماينفعش يكون راجل إلا إذا ضرب زوجته،وهذا الكلام غير منطقي، فالمرأة ليست سلعة تباع وتشتري، والغريب إنني قابلت من السيدات من تري أن ضرب زوجها لها دليل علي حبه، وهذا ما كرسته وسائل الإعلام، فالمرأة ليست أقل من الرجل في شيء مادامت ملتزمة بحقوقها وواجباتها ولكن الإعلام يتعمد أن يظهر المرأة وهي تقول : «أرجوك سامحني» منتهي المهانة لأنها طول الوقت راضية بأوضاعها ترفض التغيير وآهي «عيشة والسلام» . • هل يتقبل المجتمع الصعيدي فكرة أن تتولي المرأة مناصب قيادية فيه؟ وهل وجودك كعضو مجلس محلي ثم عمدة وأخيرا عضو مجلس شوري مقدمة لأن تصبحي محافظا؟ - ما المانع..فالمرأة قادرة علي أن تصبح وزيرة ورئيسة وزراء وحتي رئيس جمهورية، وهذا لن يأتي بقرار سيادي وإنما بقناعة تامة من أفراد المجتمع. • هل نجحت باعتبارك امرأة عمدة في إقناع المجتمع الصعيدي بالتوقف عن بعض العادات الاجتماعية المتوارثة كختان الإناث أو تحديد النسل؟ - لست وحدي وإنما نحن منظومة متكاملة نعمل سويا،فمنظمات المجتمع المدني لها دور كبير في توعية البسطاء من السيدات بأخطار ختان الإناث حتي أننا لم تعد لدينا أي حالات ختان إناث، ولكن المشوار مازال طويلا . • كيف ترين الفتن الطائفية التي بدأت تظهر مؤخرا في الصعيد بعد أن كان التناحر علي الزعامة القبلية والعصبية ؟ - لم تكن موجودة من قبل، فنحن أسرة واحدة مسلمين ومسيحيين ولا أحب تعبير الوحدة الوطنية ولا النسيج الواحد، فمثل هذه الألفاظ لا يجب طرحها إعلاميا، لأن مثلا لما أقول مسيحي اتجوز مسلمة أو اعتدي عليها أو العكس فمثل هذه القضايا التي معظمها عاطفية تشعل النيران وتؤجج بفتن طائفية ولا تحل عندما يتم طرحها علي وسائل الإعلام، فكل إنسان له خياراته وهناك أمور لابد من عدم المساس بها، لأنها تتعلق بالسمعة لذلك أعتقد أن الهدوء في مثل هذه الأمور ربما يحل بعض الشيء ولكن التصعيد هو الذي أدي إلي تفاقم الأمور وخلقت نوعا من التوتر، فاختلافي مع زميلي لا يعني مقاطعته،لذلك علي الإعلام دور كبير في المرحلة القادمة في أن يعلي روح المحبة بين المسلمين والمسيحيين، وأتساءل لمصلحة من نأكل في بعضنا البعض، فمن مصلحتنا سويا أن نتعايش لبناء هذا البلد لأننا إذا اختلفنا فسوف نتراجع فهناك دول كثيرة انهارت من التفكك والحروب الأهلية وأقرب مثال علي ذلك مايحدث في فلسطين فلم تستطع الفصائل الفلسطينية أن تأخذ قرارا موحدا حتي الآن، فنحن للأسف ننساق وراء مايردده الإعلام كاستخدام لفظ الإخوان المسلمين فهل كل بقية المواطنين في مصر ليسوا مسلمين، فكفانا تشددا وتعصبا، وعلينا التعامل مع الإنسان بغض النظر عن عقيدته فأتعامل معه علي أنه مصري. • كيف تتعاملين مع العمد الموجودين في القري المجاورة لك؟ - نتعامل كزملاء، حيث تعرفت عليهم في الدورة التي أقامتها وزارة الداخلية للعُمَد لتأهيلهم لكيفية العمل السياسي. • ألم تشعري بالغيرة في عيونهم أو رفضهم وجودك بينهم؟ - علي الإطلاق بل كانوا يقولون لي نحن فخورين بك، وليس هناك أي غيرة، ده إللي كنت بسمعه منهم وكنت أراه في عيونهم، والفيصل بيننا الشغل وليس العواطف الإنسانية. • بعد ترشيحك لعضوية مجلس الشوري هل هناك قضايا معينة تنوين طرحها في الدورة البرلمانية القادمة؟ - الذي يشغلني هو الإعلام خاصة أنه أصبح محبطا لكل المصريين، فالصورة التي يأتي بها الإعلاميون لنا يوميا قاتمة للغاية، ونادرا مانري شيئا إيجابيا، برغم إن معالجة أي قضية يكون بالشيء الايجابي وليس السلبي فمثلا عندما يتحدث الإعلام عن قرية معدمة ليس بها أي خدمات فلماذا لا يتحدث عن قرية أخري أكثر تطورا كنموذج بها نسبة تعليم مرتفعة وكذلك نسبة البطالة بها منخفضة والمستوي الاجتماعي لأهلها معقول، فهذه الصورة الإيجابية ستعطي أملا لأهالي القري الأخري للعمل في قريتهم، فالإنسان بدون أمل ميت لذلك علي الإعلام أن يوجه للخير وللسلام والحب وليس للشر والحرب والكراهية. كما أننا علينا دور آخر فلا نرمي بالحمل علي الإعلام وحده، فعلينا النهوض ببلدنا فمشكلة مثل القمامة فلماذا لا ينظف كل فرد فينا شارعه، فأنا بدأت بنفسي وأحرص علي الكنس أمام منزلي برغم كلام الناس إللي بيقولوا إزاي حضرة العمدة بتكنس،فالعمل ليس عيبا.