الضوابط ضرورية في انتخابات الرئاسة حتي لايخوضها 10 آلاف مرشح من الصعب أن يخرج هذا الرجل عن هدوئه.. لكن إحساسه أن هناك مؤامرة تحاك لحزبه، وهو علي أعتاب ثلاث معارك انتخابية جعله يتجاوز ما يقع معه من الذين يعرفونه.. فمحمود أباظة رئيس حزب الوفد خلال حديثه معنا عن استعدادات حزبه لانتخابات الشوري والشعب والرئاسة هاجم بشراسة الجرائد «الخاصة» ومنها المصري اليوم التي روجت لوجود صفقة بينه وبين الحزب الوطني، وقال عنها أنها انحرفت تماماً عن كونها وسيلة إعلامية محايدة إلي خادم لمصالح أصحابها! كيف يستعد الوفد لانتخابات الشوري والشعب؟ سيخوض 10 وفديين معركة الشوري وإن كان الأمر لم يحسم في حلوان بسبب عدم تحديد الشكل المبدئي للدوائر، أما بالنسبة للشعب فقد تحسم الهيئة العليا مسألة الخوض من عدمه وفقاً لأسباب موضوعية وعلي هذا الأساس ستحسم لجان المحافظات مرشحيها. لماذا تهاجم النظام الفردي؟ نظام القائمة هو الذي يقدم البدائل الحقيقية.. والنظام الفردي جعلنا أمام مجموعة من المستقلين لاتعرف برامجهم. ماذا عن التنسيق الانتخابي مع الائتلاف الرباعي؟ سنحاول التنسيق فيما بيننا حول الدوائر الانتخابية للمرشحين. وماذا عن انتخابات الرئاسة؟ سننسق حولها، ولكن من المبكر الحديث حول هذا الأمر.. وعلي كل الأحوال كل من يري نفسه يصلح للرئاسة فأهلاً به ولكن بضوابط حتي لانجد 10 آلاف مرشح يعلنون رغبتهم في خوض الانتخابات لأن الأمر يحتاج ضوابط وتنظيماً ويمكن الاستفادة في هذا السياق من الدستور الفنلندي أو البرتغالي أو البولندي الذي ركز علي جمع توقيعات من أعداد محددة تضمن هذه الضوابط. كيف تري تحرك الائتلاف الرباعي بشكل عام والوفد بشكل خاص خلال المرحلة القادمة؟ الأمر يحتاج للاتفاق حول نظام عمل خلال المرحلة القادمة.. فالمجتمع يتغير بعمق وبسرعة. لماذا كانت الدعوة الآن لعمومية طارئة لتعديل اللائحة.. ثم تأجيل انتخابات الهيئة العليا قبل إجرائها بشهرين؟ -لم أطالب بمفردي بهذا الأمر لأن القرار صادر من المكتب التنفيذي للحزب، كما أن إجراء انتخابات الهيئة العليا في المرحلة الحالية قد يتسبب في مشكلات داخلية لأن عدداً كبيراً ممن سيترشحون لن يحالفهم الحظ خاصة أن الانتخابات تنتهي باختيار 50 فرداً فقط، وكان من المتوقع أن يتقدم مالايقل عن 200 ، وهذا الأمر حدث في عهد فؤاد سراج الدين عندما عقد عمومية طارئة أجل فيها انتخابات المكتب التنفيذي لمدة عام ونصف العام بسبب انتخابات 1995 والتي تزامنت مع انتخابات الهيئة العليا في .1994 لماذا لم تؤجل انتخابات رئيس الحزب أيضاً للتفرغ للمعركة البرلمانية؟ معركة الرئاسة داخل الوفد ستنحصر بين 3 مرشحين علي الأكثر، ولايجب تجاهل أن رئيس الحزب يحتاج لتجديد الثقة من آن لآخر. لماذا لم تحسم مسألة ترشيحك لرئاسة الوفد حتي الآن؟ لم أحسم حتي الآن هذا الأمر وإن كنت أفكر فيه جدياً لأنني أسعي أن يكون حول الرئيس القادم أكبر توافق ممكن، وهذا يتطلب استشارات مستمرة وأخذ الآراء. وهل تجري استطلاعاً للرأي حول ترشحك لانتخابات الرئاسة؟ نعم.. وإذا وجدت توافقاً واسعاً حول شخص آخر سأسانده مادام ذلك لمصلحة الوفد. مازال الحديث عن الجمعيات الممولة أمريكياً يشكل أزمة داخل الوفد.. فهل استقالة محمود علي من الجمعية المصرية لدعم التطور الديمقراطي نتيجة ضغوط من رئيس الوفد رغم رفضه ذلك وقت وجود نعمان جمعة؟ ليس صحيحاً أنني وراء استقالته.. فهو أراد التفرغ للعمل الحزبي والجريدة أيضاً بخلاف اقتراب الانتخابات البرلمانية المقبلة.. وفصل نعمان جمعة له كان يستهدف استبعاد جميع العناصر الفاعلة داخل الحزب.. ونجح في فصله من الجريدة لكنه فشل في فصله من الحزب.. فلم تتوافر له أغلبية تساعده علي ذلك، كما حاول جمعة أن يكون نسخة من فؤاد سراج الدين الذي كان يحظي بقبول عام.. لكنه فشل في ذلك أيضاً. ولكن هناك ربط دائم بين أموال الجمعيات وصراعات الحزب.. لماذا؟ قصة الجمعيات الممولة من الخارج داخل الوفد أصبحت سخيفة لأبعد الحدود.. فهذه الجمعيات تخضع لإشراف وزارة التضامن، وكل المعلومات عنها موجودة لدي الجهات الأمنية والجهاز المركزي للمحاسبات ويجب الالتفات إلي أن حزب الوفد هو الوحيد الذي لايستطيع أحد أن يقول إنه يريد أموالاً من الدولة أو من خارجها لأن الوفد لديه أموال تكفيه وزيادة بفضل نجاح فؤاد سراج الدين في إدارة الحزب مالياً. وكنت واضحاً داخل الهيئة العليا عندما قلت: ليس لي صلة بهذه الجمعيات التي لا علاقة لها بالوفد.. ولو كان التفكير بهذا المنطق نقول «لو مهندس وفدي عمل عند نجيب ساويرس أو السيد البدوي سنقول له لاتعمل عنده لأنه بذلك سيسيطر علي الحزب..» وبهذا المنطق أيضاً سنطالب الوفديين بعدم العمل لدي الأجهزة الحكومية أيضاً حتي لاتتحكم بدورها في الحزب! «مفيش حاجة اسمها واحد يشتري ضمير آخر بالأموال في عالم السياسة».. لأنه في حالة عدم إعطائه ميزة طلبها لتحقيق أهداف معينة.. فهو سوف يفقده.. والعاملون بالسياسة يدركون ذلك جيداً. يواجه الوفد مجموعة من المعارك علي الصعيدين الداخلي والخارجي سواء في شكل اتهامات بعقد صفقات أو بالضعف السياسي.. كيف تواجهون هذا الأمر؟ الوفد يهاجم منذ عام .90 وهذا ليس جديداً عليه، ولكن الغريب هو ما أشيع حول الصفقة استناداً لجدول إحصائي يضم معلومات خاطئة.. فليس لدي مانع أن يستخدم الإعلام مصطلح «يقال، يردد» وإنما أن تنشر صحيفة جدولاً تابعاً لمقال كاتب وتأخذه مانشيت الجريدة.. فهذا أمر جديد مع العلم بأن مقال طه حسين مثلاً لم يؤخذ في مانشيت جريدة رغم قوة كتاباته وهذا يمكن وصفه بأنه عذر أقبح من ذنب.. لأن «المصري اليوم» قالت إن ما نشر سبق أن نشرته جريدة «الدستور» في وقت سابق.. وبهذا فالمقال ليس إخبارياً ولايضم تحليلاً موضوعياً ويستهدف فقط إحداث ضربة سياسية بزعم أن الأحزاب عقدت الصفقة لعدم تأييد البرادعي أو لتحجيم الإخوان. وهذا التفسير أيضاً غير دقيق لأن البرادعي أعلن أكثر من مرة أنه لايريد التعاون مع الأحزاب.. وبالتالي هو الذي أبعد نفسه عنها وهي لم تستبعده، والحديث عن صفقة تحجيم الإخوان كشف كذبها أن ال 17 دائرة التي حددتها الصفقة المزعومة تابعة جميعها للحزب الوطني وليس للإخوان، بالإضافة لأخطاء أخري زعمت أن د. محمود السقا «عمال» وهو أستاذ بالجامعة بخلاف أشياء أخري من المعلومات غير الدقيقة حول دوائر مرشحي الوفد. هل تقصد أن بعض وسائل الإعلام تحولت لمنابر سياسية؟ نعم ، ولكن ليس هذا فقط بل تحولت للاعب سياسي أيضاً.. فجريدة «المصري اليوم» لم تعد وسيلة إعلام وإنما أحد عناصر الصراع السياسي.. وهذا خطر فأنا أفهم أن تهاجمني جرائد حزبية أو قومية، ولكن لا أستوعب أن تهاجمني جريدة تدعي أنها ليبرالية مستقلة ومن يملك أمرها «صلاح دياب» عضو بالهيئة العليا للوفد، كما أنها قامت بدور الخصم لعمل «خبطة» سياسية، وليس صحفية. ما خطورة هذا التحول من وجهة نظرك؟ الإعلام الخاص الذي يسعي للقيام بدور الأحزاب السياسية لاعب غير مسئول ولايعبر إلا عن أشباح لأنك لاتعرف لمصلحة من يعمل أو من منحه الحق في هذا الأمر الذي من شأنه أن يقلل من الشفافية السياسية بشكل خاص ويضعف الحياة السياسية بشكل عام وبهذا تتحول هذه الصحف من وسائل إعلامية لأحزاب سرية غير مسئولة وغير معروفة الجهة التي تعمل لصالحها. وكيف تعاملت مع صلاح دياب؟ حدثته قبل نشر خبر الأزمة بأربعة أيام وقلت له تقولون أننا نهاجم البرادعي وهذا ليس صحيحاً، لأننا نرحب بدخول أي شخص للحياة السياسية خاصة في ظل الشكوي المستمرة من ضعف المشاركين وهو الذي رفض التعاون مع الأحزاب وعندما أعطيت رئيس تحرير «المصري اليوم» تصريحات كما طلب صلاح دياب نشر بشكل مختصر في برواز به تصريحات للدكتور رفعت السعيد وبجواره خبر عنوانه «أحزاب المعارضة تحاكم البرادعي».. ولجوئي للقضاء كان دفاعاً عن الوفد لأن هذا واجبي، رغم أن ذلك وضعني في حرج شخصي.. فرئيس مجلس الإدارة بلدياتي وتجمعني به علاقات منذ 50 سنة. وماذا عن الحوار مع جماعة الإخوان.. فهم يسعون الآن للالتقاء بالوفد؟ ليست لدي أي حساسية من إجراء حوار مع أحد، كما أننا نتحاور معهم طوال الوقت في مجلس الشعب، خاصة أن الوفد والإخوان من أقدم القوي السياسية علي الساحة.. ونعرف ما نتفق عليه وما نختلف حوله. وتحالف 84 كان تحت لواء الوفد وبرنامجه وعندما أرادوا رفع شعار «الإسلام هو الحل» تحالفوا مع الأحرار والعمل.. فقد نتفق حول باب الحريات العامة مثل إلغاء الطوارئ واحترام حقوق الإنسان ولكننا نختلف حول مفهوم الدولة المدنية وحول علاقة الدين بالسياسة وفكرة المواطنة والوحدة الوطنية. ويكفي القول بأن نقطة الخلاف الرئيسية معهم بعد نشر مشروع برنامجهم هي مطالبتهم بإنشاء مجلس علماء وفقهاء يراقب البرلمان وهذا لا يستقيم مع مفهوم الدولة المدنية بالإضافة لأفكارهم حول منع المرأة والأقباط من تولي مواقع بعينها، والوفد لايرفض الحوار مع أحد لكنه لن يتنازل عن ثوابته. وهل التنسيق الانتخابي سيكون ضمن الحوار مع الإخوان؟ لم أكن موافقاً علي جبهة التنسيق الانتخابي في 2005لأنها لم تأتِ بنتائج مبشرة أو ناجحة، ولكن أتمني أن يحدث تنسيق انتخابي واسع حول مطالب محددة علي أن يلتزم كل طرف ببرنامجه وثوابته، واتفقنا معهم علي أمور ليس جميعها ارتداء أوشحة سوداء أثناء الاعتراض. ولانتجاهل رفضهم لتشكيل حزب وقت أن كان الأمر بالإخطار.. فهل يجوز أن يكون بمصر أحزاب ذات مرجعية دينية.. قد يقول البعض نعم، ويقول الآخرون لا، ولكن لابد من الحوار في هذا الشأن لأننا نرفض إدخال البلد في صراع ديني ومذهبي وسنكرس الصيغة التي ارتضاها الجميع في 1919 والتي يلخصها شعار «الدين لله والوطن للجميع». وبماذا تفسر لجوء شباب الأحزاب للحركات السياسية.. وما حجم الفجوة بين هذه الحركات وبين الأحزاب؟ سيدرك الشباب مستقبلاً أن الأحزاب هي الطريق الوحيد للإصلاح لأننا لن نعيد اكتشاف أمور أثبتتها التجارب، وإن كان ما نقوم به الآن مجرد تجربة.. والجانب الإيجابي فيها كونها تجعل الشباب يهتم بالشأن العام.. ونحن في حاجة لتنسيق يستهدف تحقيق الإصلاح. ما هو تقييمك للدكتور محمد البرادعي وجمعيته؟ البرادعي غاب عن مصر لفترة طويلة.. إذا كانت لديه عقلية كبيرة ونبرة وطنية فإن غيابه عن مصر هذه الفترة يحتاج منه لإعادة التعرف علي الخريطة السياسية لذا لا أستطيع الحكم علي تجربة البرادعي وإن كنت أستطيع الحكم علي من حوله.. وهو سيواجه مشاكل. وماذا دار في حوارك مع البرادعي داخل الكاتدرائية أثناء احتفالات عيد القيامة؟ الحديث اقتصر علي أمور عائلية.. وكان مندهشاً من الزحام حول البابا.. وقال لي: هل كل سنة يحدث هذا الأمر؟! ولكن هذه تصفية للأحزاب من كوادرها لصالح حركات غير منظمة؟ بتراكم الخبرات ستدرك هذه العناصر صعوبات العمل السياسي وستستطيع تحديد مجري الحركة السياسية في مصر.. والتجربة قد تنتهي للصواب أو الخطأ. ما تقييمك لأداء الهيئة البرلمانية لحزب الوفد خاصة في ظل الانتقادات التي توجه لها بعدم تقديم الاستجوابات؟ الأداء البرلماني لايقاس بالاستجوابات التي ليس لها محل في كثير من الأحيان، وبالتالي فقدت قوتها.. ونواب المعارضة يخدمون«الوطني» بتقديم الاستجوابات حتي أنها لاتظل عالقة بأذهان الناس. غير أني أشعر بالرضا عن أداء الهيئة البرلمانية الوفدية ولكن لايجب أن نتناسي أنهم خمسة نواب في مواجهة الإخوان وأغلبية الوطني والتي غالباً ما يحدث بينها تشابك عنيف يتنافي مع الأداء البرلماني الرفيع.. والمشكلة أن الكلام العقلاني لايسمع له في أحيان كثيرة. وماذا عن وصول الصراعات الوفدية إلي قبة البرلمان، سواء من جانب النائب محمد عبدالعليم داود أو أحمد ناصر؟ بالنسبة لداود لم نفكر في فصله رغم هجومه علي الحزب ورئيسه عقب أحداث أبريل الدامي في 2006 لأننا قررنا عدم فصل إلا من أطلق النار علي الوفديين، ولأننا لسنا إزاء تصفية حسابات مع أحد، وعندما زادت حدة هجومه في الأيام الأخيرة في أحد البرامج طالب الوفديون بتجميد عضويته وإحالته للتحقيق الذي غالباً ما سينتهي إلي فصله من الحزب، خاصة أنه تجاوز الحدود وقال إنه لايعترف برئاستي للحزب.. وهو كذلك لايعترف بالحزب والجمعية العمومية، وبالتالي فلماذا نبقي علي عضويته؟.. ولن أعطي هذا الأمر اهتماماً كبيراً لأنني لا أعتقد أنه يمثل داخل الوفد أهمية كبيرة. وماذا عن استجواب أحمد ناصر ضدك لتنفيذ الأحكام لصالح نعمان جمعة؟ هذا الاستجواب مرفوض شكلاً؛ لأن القضاء الإداري ليس منوطا به تحديد رؤساء الأحزاب.. وقيام جمعة برفع دعوي قضائية جديدة لايعني أن يتوقف أداء الحزب السياسي بسببها.