«مستقبل وطن».. أمانة الشباب تناقش الملفات التنظيمية والحزبية مع قيادات المحافظات    تفاصيل حفل توزيع جوائز "صور القاهرة التي التقطها المصورون الأتراك" في السفارة التركية بالقاهرة    200 يوم.. قرار عاجل من التعليم لصرف مكافأة امتحانات صفوف النقل والشهادة الإعدادية 2025 (مستند)    سعر الذهب اليوم الإثنين 28 أبريل محليا وعالميا.. عيار 21 الآن بعد الانخفاض الأخير    فيتنام: زيارة رئيس الوزراء الياباني تفتح مرحلة جديدة في الشراكة الشاملة بين البلدين    محافظ الدقهلية في جولة ليلية:يتفقد مساكن الجلاء ويؤكد على الانتهاء من تشغيل المصاعد وتوصيل الغاز ومستوى النظافة    شارك صحافة من وإلى المواطن    رسميا بعد التحرك الجديد.. سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 28 أبريل 2025    لن نكشف تفاصيل ما فعلناه أو ما سنفعله، الجيش الأمريكي: ضرب 800 هدف حوثي منذ بدء العملية العسكرية    الإمارت ترحب بتوقيع إعلان المبادئ بين الكونغو الديمقراطية ورواندا    استشهاد 14 فلسطينيًا جراء قصف الاحتلال مقهى ومنزلًا وسط وجنوب قطاع غزة    رئيس الشاباك: إفادة نتنياهو المليئة بالمغالطات هدفها إخراج الأمور عن سياقها وتغيير الواقع    'الفجر' تنعى والد الزميلة يارا أحمد    خدم المدينة أكثر من الحكومة، مطالب بتدشين تمثال لمحمد صلاح في ليفربول    في أقل من 15 يومًا | "المتحدة للرياضة" تنجح في تنظيم افتتاح مبهر لبطولة أمم إفريقيا    وزير الرياضة وأبو ريدة يهنئان المنتخب الوطني تحت 20 عامًا بالفوز على جنوب أفريقيا    مواعيد أهم مباريات اليوم الإثنين 28- 4- 2025 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    جوميز يرد على أنباء مفاوضات الأهلي: تركيزي بالكامل مع الفتح السعودي    «بدون إذن كولر».. إعلامي يكشف مفاجأة بشأن مشاركة أفشة أمام صن داونز    مأساة في كفر الشيخ| مريض نفسي يطعن والدته حتى الموت    اليوم| استكمال محاكمة نقيب المعلمين بتهمة تقاضي رشوة    بالصور| السيطرة على حريق مخلفات وحشائش بمحطة السكة الحديد بطنطا    بالصور.. السفير التركي يكرم الفائز بأجمل صورة لمعالم القاهرة بحضور 100 مصور تركي    بعد بلال سرور.. تامر حسين يعلن استقالته من جمعية المؤلفين والملحنين المصرية    حالة من الحساسية الزائدة والقلق.. حظ برج القوس اليوم 28 أبريل    امنح نفسك فرصة.. نصائح وحظ برج الدلو اليوم 28 أبريل    أول ظهور لبطل فيلم «الساحر» بعد اعتزاله منذ 2003.. تغير شكله تماما    حقيقة انتشار الجدري المائي بين تلاميذ المدارس.. مستشار الرئيس للصحة يكشف (فيديو)    نيابة أمن الدولة تخلي سبيل أحمد طنطاوي في قضيتي تحريض على التظاهر والإرهاب    إحالة أوراق متهم بقتل تاجر مسن بالشرقية إلى المفتي    إنقاذ طفلة من الغرق في مجرى مائي بالفيوم    إنفوجراف| أرقام استثنائية تزين مسيرة صلاح بعد لقب البريميرليج الثاني في ليفربول    رياضة ½ الليل| فوز فرعوني.. صلاح بطل.. صفقة للأهلي.. أزمة جديدة.. مرموش بالنهائي    دمار وهلع ونزوح كثيف ..قصف صهيونى عنيف على الضاحية الجنوبية لبيروت    نتنياهو يواصل عدوانه على غزة: إقامة دولة فلسطينية هي فكرة "عبثية"    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. غارات أمريكية تستهدف مديرية بصنعاء وأخرى بعمران.. استشهاد 9 فلسطينيين في قصف للاحتلال على خان يونس ومدينة غزة.. نتنياهو: 7 أكتوبر أعظم فشل استخباراتى فى تاريخ إسرائيل    29 مايو، موعد عرض فيلم ريستارت بجميع دور العرض داخل مصر وخارجها    الملحن مدين يشارك ليلى أحمد زاهر وهشام جمال فرحتهما بحفل زفافهما    خبير لإكسترا نيوز: صندوق النقد الدولى خفّض توقعاته لنمو الاقتصاد الأمريكى    «عبث فكري يهدد العقول».. سعاد صالح ترد على سعد الدين الهلالي بسبب المواريث (فيديو)    اليوم| جنايات الزقازيق تستكمل محاكمة المتهم بقتل شقيقه ونجليه بالشرقية    نائب «القومي للمرأة» تستعرض المحاور الاستراتيجية لتمكين المرأة المصرية 2023    محافظ القليوبية يبحث مع رئيس شركة جنوب الدلتا للكهرباء دعم وتطوير البنية التحتية    خطوات استخراج رقم جلوس الثانوية العامة 2025 من مواقع الوزارة بالتفصيل    البترول: 3 فئات لتكلفة توصيل الغاز الطبيعي للمنازل.. وإحداها تُدفَع كاملة    نجاح فريق طبي في استئصال طحال متضخم يزن 2 كجم من مريضة بمستشفى أسيوط العام    حقوق عين شمس تستضيف مؤتمر "صياغة العقود وآثارها على التحكيم" مايو المقبل    "بيت الزكاة والصدقات": وصول حملة دعم حفظة القرآن الكريم للقرى الأكثر احتياجًا بأسوان    علي جمعة: تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم أمرٌ إلهي.. وما عظّمنا محمدًا إلا بأمر من الله    تكريم وقسم وكلمة الخريجين.. «طب بنها» تحتفل بتخريج الدفعة السابعة والثلاثين (صور)    صحة الدقهلية تناقش بروتوكول التحويل للحالات الطارئة بين مستشفيات المحافظة    الإفتاء تحسم الجدل حول مسألة سفر المرأة للحج بدون محرم    ماذا يحدث للجسم عند تناول تفاحة خضراء يوميًا؟    هيئة كبار العلماء السعودية: من حج بدون تصريح «آثم»    كارثة صحية أم توفير.. معايير إعادة استخدام زيت الطهي    سعر الحديد اليوم الأحد 27 -4-2025.. الطن ب40 ألف جنيه    خلال جلسة اليوم .. المحكمة التأديبية تقرر وقف طبيبة كفر الدوار عن العمل 6 أشهر وخصم نصف المرتب    البابا تواضروس يصلي قداس «أحد توما» في كنيسة أبو سيفين ببولندا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كراهية أم الدنيا .. كيف نواجه الحقد على مصر ؟

أثلجت صدري مقولة صديق سعودي، وأزعجتني مقولة زميل عراقي.. قال الأول خلال نقاش طويل معه حول دور مصر وعروبتها: إذا فشل عربيان في أن يفهما بعضهما البعض.. لجئا إلي اللهجة المصرية التي توحد العرب. وقال الثاني.. وكنا نتناقش في أمور مختلفة من بينها أزمة مباراة مصر والجزائر: بصراحة شديدة.. الكثيرون من العرب لم يتعاطفوا مع مصر في تلك الأزمة.. لقد تعاطفنا مع الجزائر.. لأن مصر هي الكبيرة.. وإعلامها قوي.. وأيا ما كان فإن الجزائر أضعف.. والناس تنحاز للأضعف!
لقد كنت في البحرين خلال الأسبوع الماضي، أحضر ملتقي قادة الإعلام العرب الأول.. الذي نظمته وزارة الإعلام البحرينية بالمشاركة مع ملتقي الإعلام العربي.. وكانت فرصة مهمة للقاء عدد هائل من الصحفيين والإعلاميين العرب من مختلف المشارب والدول.. حيث تدور نقاشات سياسية وصحفية بلا قيود خارج الجلسات.. وأحيانا كثيرة داخلها.. وقد سافرت محملا بأسئلة كثيرة في داخلي حول ما دار بيننا وبين الجزائر.. واضعا غضبي الشخصي وقرفي الوطني في أحد أركان عقلي.. محتفظا بهما غير متنازل عنهما.. ومملوءًا بكل ما يدور من مشاعر صادقة ومصدومة من أفعال (الأشقاء) في الجزائر.. وما فيها من مشاعر دفينة (انكشفت).. وفي الوقت نفسه - دون أن أنحي كل هذا - كنت ملاحقا من ذاتي بعشرات من الأسئلة حول علاقاتنا العربية.. ودورنا الإقليمي.. وتأثيرنا الثقافي والإعلامي.. وهل نحن نسير في الطريق الصحيح.. أم أن علينا أن نعيد التفكير.؟!
ما جري، رغم أن سببه مباراة كرة، أي لا يوجد خلاف استراتيجي، لم يكن بسيطا، بل تاريخي، ومن ثم فإنني أعود إليه مرات مختلفة.. وهنا في تلك الافتتاحية أتناوله مجددا للأسبوع الثالث علي التوالي.. وإذا كنت قد طرحت في العدد الماضي بتوثيق اعتبرته دقيقا: (كل الذي جري)، وقبله طرحت كل مشاعر وتساؤلات الغضب، فإنني اليوم أطرح سؤالا جوهريا.. في ضوء ما سألت به نفسي وما قرأت وما سمعت وما تناقشت فيه مع الأصدقاء العرب: ماذا علينا أن نفعل؟ وقبل ذلك: هل أدينا واجبنا من قبل؟
- الصدمة الكبري
لن يكون إخلالا أو تجاوزا، أن أشبه ما جري في (أم درمان) و(الخرطوم) بأن له وقع صدمة تشبه في تأثيرها وقع صدمة 11 سبتمبر، مع الوضع في الاعتبار أن ما فعله الأشقاء الجزائريون لم يكن إرهابا بقدر ما كان فعلا همجيا - بالمناسبة أنا أختلف مع توصيف وزير الإعلام للأمر في مجلس الشعب بأنه إرهاب منظم - كما أنه لم تدهشني في البداية عبارة قرأتها في أحد تصريحات المثقفين ل »روزاليوسف« حين قال: إن علينا أن نسأل: لماذا يكرهوننا؟.. كما طرح الأمريكيون السؤال نفسه بعد أحداث 1002(!!).
لم يسقط لنا قتيل.. ولم ينم في قسم الرعاية المركزة مصاب واحد.. هذه حقيقة.. ومصر بالنسبة للعرب ليست كما هي الولايات المتحدة بالنسبة للعالم كله.. علي الأقل نحن لا نقود نظاما إقليميا ظالما مختل الموازين لا يعدل بين الأطراف وينحاز ضد الحق كما يفعل الأمريكيون.. كما أنه ليس لدينا ولم يكن لنا أهداف استعمارية توسعية.. ولم نبن حضارتنا علي حساب عرق أو جنس أو أمة صفيناها.. ولم نستنزف موارد أحد.. بل إننا الذين ضحينا بالأرواح والدم والمال.. ولم نحتل أراضي أحد.. ولم نفرض علي أحد قرارا..بل إن مصر لم تعد تؤمن بالانفراد بالقيادة.. وتقبل المشاركة.. ولم تعد تمارس سطوة الستينيات في القول بأنها الزعيمة الوحيدة.. والرئيس مبارك اتبع في عصره أسلوبا شديد الذكاء في التفاعل غير المتكبر مع جميع الدول العربية من دون أن يتنازل عن كبرياء البلد.. كبرياء بلا تكبر.. تعاون بلا تعالٍ.. مكانة بلا مزايدات..تأثير لايفرض علي الآخرين ما لا يريدونه.. ومن ثم فإن صدمة أم درمان- الخرطوم كانت مضاعفة.
دعك في هذا الإطار مما يقوله القادة في التصريحات العلنية.. أنا أكلمك عن المشاعر التي تدور في نفوس بعض العامة.. والانطباعات التي تعتمر في عقول الرأي العام في الدول العربية عن مصر.. الشقيقة الكبري.. أو كما نسميها (أم الدنيا).. فيرد أبناء دولة أخري علي سبيل السخف والتندر (وبلدنا أبوها).. أي أن بلدهم (أبو الدنيا).. الذي تزوج بلدنا!!! والمعني القبيح لايخفي علي فطن.
مثلا: كنت قبل ثلاثة أشهر في زيارة لبلد عربي.. حيث قابلت مثقفا معروفا.. وامتدحت له (بصدق) وضع بلده.. وتأثير وقوة نخبته.. وتميز تلك النخبة عن غيرها من النخب في كثير من البلدان العربية.. وعلي الرغم من انفراج أساريره مما أقول إلا أنه صدمني حين قال بكل بساطة: لكن ليس لدينا ماء كافٍ، بينما لديكم نهر النيل!.. هل أمسكت بالمعني الذي أقصده؟..هل كنت تعتقد أن هذه الثروة الوطنية الجغرافية يمكن أن تمثل أمرا مثيرا للحسد في نفوس أشقاء عرب؟.. للأسف هذا هو الواقع.
وإليك مثال آخر تجده في كثير من التعليقات والكتابات والمقالات.. خصوصا في الأيام الأخيرة.. إذ يرفض كثير من الأشقاء أن نكرر عليهم أننا قدمنا التضحيات في الصراع »العربي - الإسرائيلي«.. وأن أرواح عشرات الألوف من الضحايا قد أُزهقت في حروب مختلفة ومتوالية.. ومن ثم تجد من يقول لك: زهقتونا. وتجد من يردد: كفاكم تعالٍ علينا؟.. ومن يضيف: لم تفعلوا شيئا.. توقفوا عن التغني بأنفسكم. فهل علينا أن ننسي تضحياتنا.. وهل يمكن إنكارها لو توقفنا عن الكلام عنها.. أم أن عددا من الفئات في الشعوب الشقيقة صار يضايقها أن يكون لنا هذا الإسهام الذي لم يقدمه أحد غيرنا.. ويريدون أن يطفئوا شمس التاريخ.. ومن ثم فإن هناك من يحاول أن يجعل صورتنا هي صورة الخائن الذي يخدم مصالح أعداء الأمة.. أولا لكي يغطي علي ما يفعل سرا.. وثانيا لكي يمحو من رصيدنا ما بنيناه من مجد.. دفاعا عن الأمة.
- حقائق مصرية
هناك مجموعة من الحقائق التي لايمكن إنكارها.. للأسف سوف أعيد تذكير الأشقاء بها قبل أن أذكر أنفسنا بما ينبغي: مصر هي البلد الأكبر.. والأعرق.. والأضخم.. والدولة الأولي.. وصاحبة الحضارة الأهم إنسانيا.. والأكثر تأثيرا.. ولديها أقوي طاقة بشرية.. وتتميز بعبقرية المكان.. والقادرة علي الإشعاع.. وتقديم النموذج والقدوة.. ومالكة القوة الناعمة الأعرض والأكثر امتدادا.. والحصن الرئيس للأمة العربية.. صاحبة التنوع الثقافي المتمازج.. والدولة التي خاضت جميع الحروب.. وصنعت السلام وفتحت الطريق إليه.. والمركز والمحور.. والقوة الإقليمية الرئيسية.. والمتصدي الأول لكل محاولات فرض الهيمنة من داخل الإقليم ومن خارجه.. وغير ذلك كثير.
تلك الخصائص والثوابت التي لا يمكن لعاقل أن ينكرها.. إلا إذا كان جاهلا ولا أقول فقط جاحدا.. لاننفي أن لدينا قدرا هائلا من المسئوليات تفرضها علينا مواصفتنا.. دولة وشعبا وموقعا ومنتوجا عقليا.. مسئولية ألا نتعامل مع الأشقاء من بعيد.. أن ننتظر منهم أن يفهمونا دون أن نفهمهم.. أن يقروا بحقائقنا دون أن نقر بحقائقهم.. أيا ما كان قدرها.. أن نتقرب إليهم ذراعا بذراع.. إذا كنا مجتمع قيادة ودولة قائدة.. فإن علينا أن نرعي مجتمع قيادتنا.. وأن ننشغل بمفرداته. أقول هذا وأنا أدرك أن بعض المصطلحات لن ترضي الكثيرين من الأشقاء حتي وأنا أدعو إلي مزيد من الاهتمام بالمجتمعات العربية.
وفي ذلك فإنني أدعو إلي اتباع منهج خاص يتعامل به الرئيس مبارك مع المجتمعات العربية علي مستوي القيادات.. هذا الزعيم الحكيم رئيس أكبر دولة عربية.. بكل ما في سجله من بطولة وإنجاز.. ووضعه كرئيس أعرق وأهم دولة.. لديه أسلوب فريد لم يلجأ فيه أبدا إلي أي من القواميس التي كان يستخدمها الرئيسان عبدالناصر والسادات.. لم يقل علي قائد أنه عميل ولم يصف رئيسا بأنه قزم.. فمن موقع كبريائه يمد جسوره الشخصية إلي قلب مؤسسات الحكم وبيوت العائلات الحاكمة.. يتواصل شخصيا مع جميع الأطراف.. جاسرا الهوة فيما بين الأجيال المتوالية والمراكز المختلفة.. وله شبكة من العلاقات الشخصية واسعة النطاق.. التي يديرها في ذات الوقت بمنهج رجل الدولة محقق المصالح.. مراعيا الاعتبارات ومتلافيا الحساسيات وحاسبا لما يعتمل في النفوس.. ومؤكدا علي مكانة بلده.. لكن الرئيس هكذا.. ومؤسساتنا لا تتعامل مع الأمر علي المستويات الأخري بنفس المنطق.. فما بالك بالتعامل علي المستوي الشعبي. عشرات من المتغيرات تضرب المجتمعات العربية.. كل منها فيه ما فيه.. تفاعلات رهيبة مرت وتمر.. بينما نحن نتعامل مع الأمر علي أنه كما كان في الستينيات.. مؤسساتنا العلمية لاتهتم ولاتنشغل بالتفرقة ما بين مجتمعات الخليج.. والمغرب العربي.. والسودان.. والشام.. مراكزنا البحثية لاتجتهد في أن تغوص في المجتمعات.. ولو علي سبيل أنها أسواق لنا فيها مصالح.. وليس بلادا شقيقة.. أين إحساسنا بنهوض الشخصيات الوطنية المتمايزة في كل قطر.. في ضوء الكامن في كل مجتمع من تباينات.. أين إدراكنا أن هناك قوي من خارج المجتمع العربي تغذي العداء لمصر أو علي الأقل تنمية الحقد عليها.. أين إبداؤنا الاحترام لثقافات الآخرين.. حتي ونحن نقدر ثقافتنا وانتشارها.. كيف لانستوعب الآخرين علي المستويات الشعبية والسياسية والإعلامية والفنية.. كيف ننظر إلي الآخرين علي أنهم متلقون فقط.؟!
لقد تغير العالم.. ولكي نحافظ علي قيادتنا التي لا يمكن إنكارها علي الأقل بحد أدني من الحسد الحضاري.. فإن علينا أن نواكب التغير.. أن نصيغ خطابا إعلاميا وثقافيا مختلفا.. ليس لدينا إحساس بالتعالي العنصري.. ولكن للأسف هذه هي الصورة التي يروجها عنا الآخرون ممن لا يرضيهم حجم التأثير المصري الطاغي.. إيران تبث سموما في هذا الاتجاه.. وإسرائيل فعلت وتفعل.. وعديد من المراكز الخارجية ومؤسسات التسميم الدولية تغذي العقول بذلك.. وتجده متجسدا مرة في شكل حملة تليفزيونية من قناة الجزيرة.. وحرب في حقول الدراما.. وحملات تكفير فيما بين المتطرفين.. وظواهر مفاجئة لم نكن ندري أنها تعتمل في نفوس الأشقاء في الجزائر.
- مسئوليتنا عن الحسد
إن حسدا يوجه إلينا.. هذا حق.. ولكننا نتحمل المسئولية أيضا.. وإذا كانت علاقات التفاعل المشترك بين الدول العربية يبدو أفقها بعيدا.. فإن من واجبنا أن ننمي بنيتها التحتية علي الأقل فيما يخصنا.. مثلا كنا نستوفد إلي جامعاتنا أعدادا من المبعوثين العرب الأشقاء.. هذه الأعداد قلت.. وتراجعت.. في حين أنها لابد أن ترتفع مرة بعد مرة.. في مواجهة منافسة طاحنة من جامعات غربية يسافر إليها الأشقاء للتعلم علي نفقاتهم.. كنا نعقد الكثير من المؤتمرات.. ونفعل ذلك فعلا.. ولكن هذا يحتاج إلي جهد علاقات عامة مكثف يؤدي إلي الترابط مع قيادات الفكر العربية وأصحاب الأقلام وكتاب الرأي المؤثرين.. والأهم كيف يمكن أن تمر أياما من دون أن تجد تليفزيوناتنا قد تكحلت بصورة ضيف عربي.. أو تهتم صحفنا بموضوع يشغل دولة عربية ما.. كلنا منشغلون بأنفسنا إلي هذه الدرجة.. ثم نفاجأ بأن الآخرين يتكلمون لغة لانفهم ما فيها من معان خطرة بل ويتصرفون علي طريقة الجزائر.
تلك الصحف التي انشغلت بأحداث الجزائر، والمحطات التي انخرطت في أمر الهجوم الهمجي من جماهير مأفونة في أم درمان، لم تكتب خبرا عن الجزائر وشئونها قبل الأحداث.. ولم تتابع أيا من مجريات أمورها قبل ذلك.. ولا استثنينا من هذه الخطيئة.. بل إن الكثيرين لم يكونوا يعلمون أن لنا استثمارات وعمالة هناك.. ثم فوجئنا بعد ذلك بأن الكل يتحول إلي خبير في الشأن الجزائري.. ويدلي بدلوه.. ويقول مما لديه.. كما لو أنه قد عرف الكثير عن هذا البلد. إن بعضنا يعرف بالكاد أسماء القيادات في بلدان عربية كثيرة.. والكثيرون لايتابعون الإنتاج الثقافي والفني حتي لو كان محدودا.. وفينا من يهاجم تواصل الفنانين العرب معنا.. ومن الخطايا الكبري أن يتداخل الفنانون المصريون في الهجوم علي الجزائر.. في حين أنهم رؤوس حراب نقل ثقافتنا إلي الجماهير الأخري.. كيف يمكن أن تهاجم جمهورك.. يمكنك أن تدافع عن بلدك.. لكن دع الهجوم والانتقاد للسياسيين وللصحفيين والإعلاميين... أما الفنان فليبق كما هو محافظا علي موقعه بين الجماهير العربية.. هذه مسألة بديهية.. مع كامل تفهمي للمشاعر التي اعتملت في نفوس الجميع من روع الصدمة التي ضربتنا في أحداث أم درمان الهمجية.
إن الدولة مطالبة بخطة تحرك تستوعب دروس إفرازات الحقد التي كشفت عنها أحداث الجزائر.. ولكن النخبة عليها أيضا أن تنتبه إلي مهماتها علي المستوي الوطني.. وإذا كانت المؤسسات الإعلامية والفنية مطالبة برؤية واسعة لواقعنا الإقليمي الجديد.. فإن مؤسسات الأعمال العامة والخاصة لابد أن تقوم بدور من جانبها.. أن تدفع من بعض أرباحها في الأعمال الخارجية لكي تبني جسور تواصل أمتن.. أن ترعي أنشطة ثقافية وعلمية.. أن تمول أبحاثا.. أن تستضيف نخبا.. أن تفتح الأذرع المصرية في اتجاه الأشقاء الذين تعمل بينهم.
إن القيادة واجب ومسئولية وجهد.. ودفاع عن القمة. ومابيننا وبين الأشقاء قد يكون علاقة (حب- كراهية).. فيها الإعجاب والرفض.. وفيها الاعتراف والنكران.. الاتباع والتمرد.. الاقتداء والابتعاد.. وعلينا أن ننتبه إلي طبيعة المعادلة المشاعرية.. وأن نحافظ علي توازن دقيق فيها.. بحيث لا نصادف لغما حيث نتوقع أن نجد كنزا.. ولايرسل أحدهم قنبلة بينما ننتظر وردة.
اقرأ ملف خاص: نحن لانعرف العرب ! ص 61 داخل المجلة
واقرأ: المراسلات الخاصه بين رئيس تحرير روزاليوسف ومحى الدين عميمور
واقرأ ايضا : حسن صقر يؤكد : لن نترك الساحه للجزائر

عبد الله كمال
يمكنكم مناقشة الكاتب وطرح الآراء المتنوعة علي موقعه الشخصي
www.abkamal.net
أو علي موقع المجلة :
www.rosaonline.net/weekly
أو علي المدونة علي العنوان التالي:
http//:alsiasy.blogspot.com
Email: [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.