ضبط سائق استخدم إضاءة تُعرض حياة المواطنين أعلى الدائري| فيديو    رئيس البرلمان منتقدًا غياب "نواب": أقول أسماء الغائبين بصوت عال لأهمية الجلسة وليس لإحراجهم    محافظ المنوفية ورئيس الجامعة يفتتحان المعهد الفني للتمريض الجديد بمنشأة سلطان    النائب حازم الجندي: مبادرة «مصر معاكم» تؤكد تقدير الدولة لأبنائها الشهداء    تنسيق الجامعات.. 6 أقسام متاحة لطلاب الثانوية ب حاسبات حلوان    إزالة 7 تعديات على أملاك الدولة والأراضي الزراعية في حملات ب الشرقية    العربية: إيران تعتقل عشرات الجواسيس المرتبطين بإسرائيل    زيلينسكي يزور فيينا للمرة الأولى منذ بداية الحرب الروسية - الأوكرانية    إسرائيل تستعد لإطلاق رحلات جوية لاستدعاء العسكريين والعاملين في الصناعات الدفاعية من الخارج    سفير إيران لدى الكويت: لسنا بصدد توسيع الحرب ولن نتوانى في الدفاع عن سيادة بلادنا بحزم    ترتيب مجموعة الأهلي فى كأس العالم للأندية قبل مواجهة بالميراس البرازيلي    «خيالكم مريض».. رئيس تحرير الأهلي يشن هجوما ضد هؤلاء بسبب تريزيجيه    جامعة أسوان تنظم ورشة عمل لمناهضة العنف ضد المرأة    مصرع طفل أسفل عجلات قطار الصعيد عند مزلقان دماريس بالمنيا    محافظ قنا ينتقل لموقع انهيار منزل بقرية دندرة ويتابع جهود الإنقاذ    اليوم .. محاكمة 15 متهمًا بالانضمام لجماعة إرهابية في مدينة نصر    وزير الثقافة: لا مساس بحرية الإبداع.. والتوصيات تركز على جودة المحتوى ودعم الإنتاج والتوزيع الدرامي    إيراد فيلم ريستارت فى 16 يوم يتخطى إيراد "البدلة" في 6 شهور    «وحشتنا القاهرة».. إلهام شاهين تعلن عودتها من العراق    انطلاق برنامج «مصر جميلة» لاكتشاف ودعم الموهوبين بقصر ثقافة أبوسمبل (صور)    «حسبي الله في اللي بيقول أخبار مش صح».. لطيفة تكشف تفاصيل اللحظات الأخيرة قبل وفاة شقيقها    ما هي علامة قبول الطاعة؟.. أستاذ بالأزهر يجيب    كيف تنظم المرأة وقتها بين العبادة والأمور الدنيوية؟.. عضو بمركز الأزهر تجيب    «الصحة»: الدولة تسير في مسار مالي لتحفيز الأطباء وتحسين بيئة العمل بالمستشفيات الحكومية منذ 11 عامًا    محافظ المنوفية يدشن قافلة طبية متكاملة بمنشأة سلطان ضمن احتفالات العيد القومي    بعد هروبها.. أب يقيد ابنته في أحد شوارع حدائق أكتوبر    رئيس الوزراء يستعرض خطوات تنفيذ برنامج الطروحات بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات    المصرف المتحد سابع أكبر ممول لإسكان محدودي ومتوسطي الدخل ب3.2 مليار جنيه    الوكالة الدولية للطاقة الذرية:التصعيد العسكري بين إيران وإسرائيل يؤخر العمل نحو حل دبلوماسي    «الداخلية» تقرر السماح ل42 مواطنًا مصريًا بالحصول على جنسيات أجنبية    «هيئة الدواء» تقدم.. نصائح لتقليل الإصابة بمرض النقرس    رئيس مجلس النواب يعلن قواعد مناقشة الموازنة العامة    توقيع عقد ترخيص شركة «رحلة رايدز لتنظيم خدمات النقل البري»    عميد «علوم سياسية الإسكندرية» يُكرّم الملحقين الدبلوماسيين الجدد من خريجي الكلية (صور)    شوبير يكشف سبب تبديل زيزو أمام إنتر ميامي وحقيقة غضبه من التغيير    الصحة: لا نعاني من أزمة في أعداد الأطباء.. وبدء تحسين أوضاع الكوادر الطبية منذ 2014    الدخول ب 5 جنيهات.. 65 شاطئًا بالإسكندرية في خدمة المصطافين    أحمد السقا يرد برسالة مؤثرة على تهنئة نجله ياسين بعيد الأب    القبض على 3 متهمين بسرقة كابلات من شركة بكرداسة    بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع جنة بالمنصورة الجديدة.. 6 يوليو    محافظ أسوان: 14 ألف حالة من المترددين على الخدمات الطبية بوحدة صحة العوضلاب    أسعار الفراخ اليوم.. متصدقش البياع واعرف الأسعار الحقيقية    الاثنين 16 يونيو 2025.. البورصة المصرية تعاود الارتفاع في بداية التعاملات بعد خسائر أمس    الينك الأهلي: لا نمانع رحيل أسامة فيصل للعرض الأعلى    الرئيس الإيراني: الوحدة الداخلية مهمة أكثر من أي وقت مضى.. ولن نتخلى عن برنامجنا النووي السلمي    أحمد فؤاد هنو: عرض «كارمن» يُجسّد حيوية المسرح المصري ويُبرز الطاقات الإبداعية للشباب    إيران تنفذ حكم الإعدام فى مدان بالتجسس لصالح إسرائيل    "عايزة أتجوز" لا يزال يلاحقها.. هند صبري تشارك جمهورها لحظاتها ويكرمها مهرجان بيروت    مدرب بالميراس يتوعد الأهلي قبل مواجهته في مونديال الأندية    النفط يرتفع مع تصاعد المخاوف من تعطل الإمدادات    عمرو أديب: كنت أتمنى فوز الأهلي في افتتاح كأس العالم للأندية    بعد تعرضها لوعكة صحية.. كريم الحسيني يطلب الدعاء لزوجته    3 أيام متواصلة.. موعد إجازة رأس السنة الهجرية للموظفين والبنوك والمدارس (تفاصيل)    "بعد لقطة إنتر ميامي".. هل يلقى حسين الشحات نفس مصير محمد شريف مع الأهلي؟    مجموعة الأهلي| شوط أول سلبي بين بالميراس وبورتو في كأس العالم للأندية    هل الزيادة في البيع بالتقسيط ربا؟.. أمين الفتوى يرد (فيديو)    إيران تعلن اعتقال عنصرين تابعين للموساد الإسرائيلى جنوب طهران    أمين الفتوى: الله يغفر الذنوب شرط الاخلاص في التوبة وعدم الشرك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كراهية أم الدنيا .. كيف نواجه الحقد على مصر ؟

أثلجت صدري مقولة صديق سعودي، وأزعجتني مقولة زميل عراقي.. قال الأول خلال نقاش طويل معه حول دور مصر وعروبتها: إذا فشل عربيان في أن يفهما بعضهما البعض.. لجئا إلي اللهجة المصرية التي توحد العرب. وقال الثاني.. وكنا نتناقش في أمور مختلفة من بينها أزمة مباراة مصر والجزائر: بصراحة شديدة.. الكثيرون من العرب لم يتعاطفوا مع مصر في تلك الأزمة.. لقد تعاطفنا مع الجزائر.. لأن مصر هي الكبيرة.. وإعلامها قوي.. وأيا ما كان فإن الجزائر أضعف.. والناس تنحاز للأضعف!
لقد كنت في البحرين خلال الأسبوع الماضي، أحضر ملتقي قادة الإعلام العرب الأول.. الذي نظمته وزارة الإعلام البحرينية بالمشاركة مع ملتقي الإعلام العربي.. وكانت فرصة مهمة للقاء عدد هائل من الصحفيين والإعلاميين العرب من مختلف المشارب والدول.. حيث تدور نقاشات سياسية وصحفية بلا قيود خارج الجلسات.. وأحيانا كثيرة داخلها.. وقد سافرت محملا بأسئلة كثيرة في داخلي حول ما دار بيننا وبين الجزائر.. واضعا غضبي الشخصي وقرفي الوطني في أحد أركان عقلي.. محتفظا بهما غير متنازل عنهما.. ومملوءًا بكل ما يدور من مشاعر صادقة ومصدومة من أفعال (الأشقاء) في الجزائر.. وما فيها من مشاعر دفينة (انكشفت).. وفي الوقت نفسه - دون أن أنحي كل هذا - كنت ملاحقا من ذاتي بعشرات من الأسئلة حول علاقاتنا العربية.. ودورنا الإقليمي.. وتأثيرنا الثقافي والإعلامي.. وهل نحن نسير في الطريق الصحيح.. أم أن علينا أن نعيد التفكير.؟!
ما جري، رغم أن سببه مباراة كرة، أي لا يوجد خلاف استراتيجي، لم يكن بسيطا، بل تاريخي، ومن ثم فإنني أعود إليه مرات مختلفة.. وهنا في تلك الافتتاحية أتناوله مجددا للأسبوع الثالث علي التوالي.. وإذا كنت قد طرحت في العدد الماضي بتوثيق اعتبرته دقيقا: (كل الذي جري)، وقبله طرحت كل مشاعر وتساؤلات الغضب، فإنني اليوم أطرح سؤالا جوهريا.. في ضوء ما سألت به نفسي وما قرأت وما سمعت وما تناقشت فيه مع الأصدقاء العرب: ماذا علينا أن نفعل؟ وقبل ذلك: هل أدينا واجبنا من قبل؟
- الصدمة الكبري
لن يكون إخلالا أو تجاوزا، أن أشبه ما جري في (أم درمان) و(الخرطوم) بأن له وقع صدمة تشبه في تأثيرها وقع صدمة 11 سبتمبر، مع الوضع في الاعتبار أن ما فعله الأشقاء الجزائريون لم يكن إرهابا بقدر ما كان فعلا همجيا - بالمناسبة أنا أختلف مع توصيف وزير الإعلام للأمر في مجلس الشعب بأنه إرهاب منظم - كما أنه لم تدهشني في البداية عبارة قرأتها في أحد تصريحات المثقفين ل »روزاليوسف« حين قال: إن علينا أن نسأل: لماذا يكرهوننا؟.. كما طرح الأمريكيون السؤال نفسه بعد أحداث 1002(!!).
لم يسقط لنا قتيل.. ولم ينم في قسم الرعاية المركزة مصاب واحد.. هذه حقيقة.. ومصر بالنسبة للعرب ليست كما هي الولايات المتحدة بالنسبة للعالم كله.. علي الأقل نحن لا نقود نظاما إقليميا ظالما مختل الموازين لا يعدل بين الأطراف وينحاز ضد الحق كما يفعل الأمريكيون.. كما أنه ليس لدينا ولم يكن لنا أهداف استعمارية توسعية.. ولم نبن حضارتنا علي حساب عرق أو جنس أو أمة صفيناها.. ولم نستنزف موارد أحد.. بل إننا الذين ضحينا بالأرواح والدم والمال.. ولم نحتل أراضي أحد.. ولم نفرض علي أحد قرارا..بل إن مصر لم تعد تؤمن بالانفراد بالقيادة.. وتقبل المشاركة.. ولم تعد تمارس سطوة الستينيات في القول بأنها الزعيمة الوحيدة.. والرئيس مبارك اتبع في عصره أسلوبا شديد الذكاء في التفاعل غير المتكبر مع جميع الدول العربية من دون أن يتنازل عن كبرياء البلد.. كبرياء بلا تكبر.. تعاون بلا تعالٍ.. مكانة بلا مزايدات..تأثير لايفرض علي الآخرين ما لا يريدونه.. ومن ثم فإن صدمة أم درمان- الخرطوم كانت مضاعفة.
دعك في هذا الإطار مما يقوله القادة في التصريحات العلنية.. أنا أكلمك عن المشاعر التي تدور في نفوس بعض العامة.. والانطباعات التي تعتمر في عقول الرأي العام في الدول العربية عن مصر.. الشقيقة الكبري.. أو كما نسميها (أم الدنيا).. فيرد أبناء دولة أخري علي سبيل السخف والتندر (وبلدنا أبوها).. أي أن بلدهم (أبو الدنيا).. الذي تزوج بلدنا!!! والمعني القبيح لايخفي علي فطن.
مثلا: كنت قبل ثلاثة أشهر في زيارة لبلد عربي.. حيث قابلت مثقفا معروفا.. وامتدحت له (بصدق) وضع بلده.. وتأثير وقوة نخبته.. وتميز تلك النخبة عن غيرها من النخب في كثير من البلدان العربية.. وعلي الرغم من انفراج أساريره مما أقول إلا أنه صدمني حين قال بكل بساطة: لكن ليس لدينا ماء كافٍ، بينما لديكم نهر النيل!.. هل أمسكت بالمعني الذي أقصده؟..هل كنت تعتقد أن هذه الثروة الوطنية الجغرافية يمكن أن تمثل أمرا مثيرا للحسد في نفوس أشقاء عرب؟.. للأسف هذا هو الواقع.
وإليك مثال آخر تجده في كثير من التعليقات والكتابات والمقالات.. خصوصا في الأيام الأخيرة.. إذ يرفض كثير من الأشقاء أن نكرر عليهم أننا قدمنا التضحيات في الصراع »العربي - الإسرائيلي«.. وأن أرواح عشرات الألوف من الضحايا قد أُزهقت في حروب مختلفة ومتوالية.. ومن ثم تجد من يقول لك: زهقتونا. وتجد من يردد: كفاكم تعالٍ علينا؟.. ومن يضيف: لم تفعلوا شيئا.. توقفوا عن التغني بأنفسكم. فهل علينا أن ننسي تضحياتنا.. وهل يمكن إنكارها لو توقفنا عن الكلام عنها.. أم أن عددا من الفئات في الشعوب الشقيقة صار يضايقها أن يكون لنا هذا الإسهام الذي لم يقدمه أحد غيرنا.. ويريدون أن يطفئوا شمس التاريخ.. ومن ثم فإن هناك من يحاول أن يجعل صورتنا هي صورة الخائن الذي يخدم مصالح أعداء الأمة.. أولا لكي يغطي علي ما يفعل سرا.. وثانيا لكي يمحو من رصيدنا ما بنيناه من مجد.. دفاعا عن الأمة.
- حقائق مصرية
هناك مجموعة من الحقائق التي لايمكن إنكارها.. للأسف سوف أعيد تذكير الأشقاء بها قبل أن أذكر أنفسنا بما ينبغي: مصر هي البلد الأكبر.. والأعرق.. والأضخم.. والدولة الأولي.. وصاحبة الحضارة الأهم إنسانيا.. والأكثر تأثيرا.. ولديها أقوي طاقة بشرية.. وتتميز بعبقرية المكان.. والقادرة علي الإشعاع.. وتقديم النموذج والقدوة.. ومالكة القوة الناعمة الأعرض والأكثر امتدادا.. والحصن الرئيس للأمة العربية.. صاحبة التنوع الثقافي المتمازج.. والدولة التي خاضت جميع الحروب.. وصنعت السلام وفتحت الطريق إليه.. والمركز والمحور.. والقوة الإقليمية الرئيسية.. والمتصدي الأول لكل محاولات فرض الهيمنة من داخل الإقليم ومن خارجه.. وغير ذلك كثير.
تلك الخصائص والثوابت التي لا يمكن لعاقل أن ينكرها.. إلا إذا كان جاهلا ولا أقول فقط جاحدا.. لاننفي أن لدينا قدرا هائلا من المسئوليات تفرضها علينا مواصفتنا.. دولة وشعبا وموقعا ومنتوجا عقليا.. مسئولية ألا نتعامل مع الأشقاء من بعيد.. أن ننتظر منهم أن يفهمونا دون أن نفهمهم.. أن يقروا بحقائقنا دون أن نقر بحقائقهم.. أيا ما كان قدرها.. أن نتقرب إليهم ذراعا بذراع.. إذا كنا مجتمع قيادة ودولة قائدة.. فإن علينا أن نرعي مجتمع قيادتنا.. وأن ننشغل بمفرداته. أقول هذا وأنا أدرك أن بعض المصطلحات لن ترضي الكثيرين من الأشقاء حتي وأنا أدعو إلي مزيد من الاهتمام بالمجتمعات العربية.
وفي ذلك فإنني أدعو إلي اتباع منهج خاص يتعامل به الرئيس مبارك مع المجتمعات العربية علي مستوي القيادات.. هذا الزعيم الحكيم رئيس أكبر دولة عربية.. بكل ما في سجله من بطولة وإنجاز.. ووضعه كرئيس أعرق وأهم دولة.. لديه أسلوب فريد لم يلجأ فيه أبدا إلي أي من القواميس التي كان يستخدمها الرئيسان عبدالناصر والسادات.. لم يقل علي قائد أنه عميل ولم يصف رئيسا بأنه قزم.. فمن موقع كبريائه يمد جسوره الشخصية إلي قلب مؤسسات الحكم وبيوت العائلات الحاكمة.. يتواصل شخصيا مع جميع الأطراف.. جاسرا الهوة فيما بين الأجيال المتوالية والمراكز المختلفة.. وله شبكة من العلاقات الشخصية واسعة النطاق.. التي يديرها في ذات الوقت بمنهج رجل الدولة محقق المصالح.. مراعيا الاعتبارات ومتلافيا الحساسيات وحاسبا لما يعتمل في النفوس.. ومؤكدا علي مكانة بلده.. لكن الرئيس هكذا.. ومؤسساتنا لا تتعامل مع الأمر علي المستويات الأخري بنفس المنطق.. فما بالك بالتعامل علي المستوي الشعبي. عشرات من المتغيرات تضرب المجتمعات العربية.. كل منها فيه ما فيه.. تفاعلات رهيبة مرت وتمر.. بينما نحن نتعامل مع الأمر علي أنه كما كان في الستينيات.. مؤسساتنا العلمية لاتهتم ولاتنشغل بالتفرقة ما بين مجتمعات الخليج.. والمغرب العربي.. والسودان.. والشام.. مراكزنا البحثية لاتجتهد في أن تغوص في المجتمعات.. ولو علي سبيل أنها أسواق لنا فيها مصالح.. وليس بلادا شقيقة.. أين إحساسنا بنهوض الشخصيات الوطنية المتمايزة في كل قطر.. في ضوء الكامن في كل مجتمع من تباينات.. أين إدراكنا أن هناك قوي من خارج المجتمع العربي تغذي العداء لمصر أو علي الأقل تنمية الحقد عليها.. أين إبداؤنا الاحترام لثقافات الآخرين.. حتي ونحن نقدر ثقافتنا وانتشارها.. كيف لانستوعب الآخرين علي المستويات الشعبية والسياسية والإعلامية والفنية.. كيف ننظر إلي الآخرين علي أنهم متلقون فقط.؟!
لقد تغير العالم.. ولكي نحافظ علي قيادتنا التي لا يمكن إنكارها علي الأقل بحد أدني من الحسد الحضاري.. فإن علينا أن نواكب التغير.. أن نصيغ خطابا إعلاميا وثقافيا مختلفا.. ليس لدينا إحساس بالتعالي العنصري.. ولكن للأسف هذه هي الصورة التي يروجها عنا الآخرون ممن لا يرضيهم حجم التأثير المصري الطاغي.. إيران تبث سموما في هذا الاتجاه.. وإسرائيل فعلت وتفعل.. وعديد من المراكز الخارجية ومؤسسات التسميم الدولية تغذي العقول بذلك.. وتجده متجسدا مرة في شكل حملة تليفزيونية من قناة الجزيرة.. وحرب في حقول الدراما.. وحملات تكفير فيما بين المتطرفين.. وظواهر مفاجئة لم نكن ندري أنها تعتمل في نفوس الأشقاء في الجزائر.
- مسئوليتنا عن الحسد
إن حسدا يوجه إلينا.. هذا حق.. ولكننا نتحمل المسئولية أيضا.. وإذا كانت علاقات التفاعل المشترك بين الدول العربية يبدو أفقها بعيدا.. فإن من واجبنا أن ننمي بنيتها التحتية علي الأقل فيما يخصنا.. مثلا كنا نستوفد إلي جامعاتنا أعدادا من المبعوثين العرب الأشقاء.. هذه الأعداد قلت.. وتراجعت.. في حين أنها لابد أن ترتفع مرة بعد مرة.. في مواجهة منافسة طاحنة من جامعات غربية يسافر إليها الأشقاء للتعلم علي نفقاتهم.. كنا نعقد الكثير من المؤتمرات.. ونفعل ذلك فعلا.. ولكن هذا يحتاج إلي جهد علاقات عامة مكثف يؤدي إلي الترابط مع قيادات الفكر العربية وأصحاب الأقلام وكتاب الرأي المؤثرين.. والأهم كيف يمكن أن تمر أياما من دون أن تجد تليفزيوناتنا قد تكحلت بصورة ضيف عربي.. أو تهتم صحفنا بموضوع يشغل دولة عربية ما.. كلنا منشغلون بأنفسنا إلي هذه الدرجة.. ثم نفاجأ بأن الآخرين يتكلمون لغة لانفهم ما فيها من معان خطرة بل ويتصرفون علي طريقة الجزائر.
تلك الصحف التي انشغلت بأحداث الجزائر، والمحطات التي انخرطت في أمر الهجوم الهمجي من جماهير مأفونة في أم درمان، لم تكتب خبرا عن الجزائر وشئونها قبل الأحداث.. ولم تتابع أيا من مجريات أمورها قبل ذلك.. ولا استثنينا من هذه الخطيئة.. بل إن الكثيرين لم يكونوا يعلمون أن لنا استثمارات وعمالة هناك.. ثم فوجئنا بعد ذلك بأن الكل يتحول إلي خبير في الشأن الجزائري.. ويدلي بدلوه.. ويقول مما لديه.. كما لو أنه قد عرف الكثير عن هذا البلد. إن بعضنا يعرف بالكاد أسماء القيادات في بلدان عربية كثيرة.. والكثيرون لايتابعون الإنتاج الثقافي والفني حتي لو كان محدودا.. وفينا من يهاجم تواصل الفنانين العرب معنا.. ومن الخطايا الكبري أن يتداخل الفنانون المصريون في الهجوم علي الجزائر.. في حين أنهم رؤوس حراب نقل ثقافتنا إلي الجماهير الأخري.. كيف يمكن أن تهاجم جمهورك.. يمكنك أن تدافع عن بلدك.. لكن دع الهجوم والانتقاد للسياسيين وللصحفيين والإعلاميين... أما الفنان فليبق كما هو محافظا علي موقعه بين الجماهير العربية.. هذه مسألة بديهية.. مع كامل تفهمي للمشاعر التي اعتملت في نفوس الجميع من روع الصدمة التي ضربتنا في أحداث أم درمان الهمجية.
إن الدولة مطالبة بخطة تحرك تستوعب دروس إفرازات الحقد التي كشفت عنها أحداث الجزائر.. ولكن النخبة عليها أيضا أن تنتبه إلي مهماتها علي المستوي الوطني.. وإذا كانت المؤسسات الإعلامية والفنية مطالبة برؤية واسعة لواقعنا الإقليمي الجديد.. فإن مؤسسات الأعمال العامة والخاصة لابد أن تقوم بدور من جانبها.. أن تدفع من بعض أرباحها في الأعمال الخارجية لكي تبني جسور تواصل أمتن.. أن ترعي أنشطة ثقافية وعلمية.. أن تمول أبحاثا.. أن تستضيف نخبا.. أن تفتح الأذرع المصرية في اتجاه الأشقاء الذين تعمل بينهم.
إن القيادة واجب ومسئولية وجهد.. ودفاع عن القمة. ومابيننا وبين الأشقاء قد يكون علاقة (حب- كراهية).. فيها الإعجاب والرفض.. وفيها الاعتراف والنكران.. الاتباع والتمرد.. الاقتداء والابتعاد.. وعلينا أن ننتبه إلي طبيعة المعادلة المشاعرية.. وأن نحافظ علي توازن دقيق فيها.. بحيث لا نصادف لغما حيث نتوقع أن نجد كنزا.. ولايرسل أحدهم قنبلة بينما ننتظر وردة.
اقرأ ملف خاص: نحن لانعرف العرب ! ص 61 داخل المجلة
واقرأ: المراسلات الخاصه بين رئيس تحرير روزاليوسف ومحى الدين عميمور
واقرأ ايضا : حسن صقر يؤكد : لن نترك الساحه للجزائر

عبد الله كمال
يمكنكم مناقشة الكاتب وطرح الآراء المتنوعة علي موقعه الشخصي
www.abkamal.net
أو علي موقع المجلة :
www.rosaonline.net/weekly
أو علي المدونة علي العنوان التالي:
http//:alsiasy.blogspot.com
Email: [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.