حزب الأحرار يثمن توجيهات الرئيس السيسى للهيئة الوطنية بشأن الانتخابات    بعد بيان السيسي.. مرشح واقعة فتح صناديق الانتخابات قبل انتهاء التصويت: سنقدم الطعون ونسبة تفاؤلي ارتفعت من 50 ل 90%    الحكم في قرار منع هدير عبد الرازق من التصرف في أموالها 19 نوفمبر    وزيرة التضامن الاجتماعي ومحافظ الفيوم يتفقدان مشروعات مصنع الغزل والنسيج بالعزب    رئيس الوزراء يلتقي أعضاء اللجنة الاستشارية للشئون السياسية    صادرات مصر من السلع نصف المصنعة بلغت 868.7 مليون دولار خلال يوليو 2025    الكرملين: موسكو لا تسعى إلى مواجهة حلف الناتو ونأمل في عقد لقاء بوتين وترامب بمجرد الانتهاء من التحضيرات    الرئيس الكوري الجنوبي يبدأ زيارة رسمية إلى الإمارات    مبعوث واشنطن السابق لإيران: ضربات إسرائيل وأمريكا على مواقع طهران عواقبها ستطول المنطقة    رئيسة وزراء بنجلاديش السابقة تعقب على حكم الإعدام.. ماذا قالت؟    تقرير: هاوسن سليم وجاهز لمواجهة إلتشي    الأهلي يفتح باب المفاوضات لضم أسامة فيصل وأشرف داري يقترب من الرحيل    التعليم: عقد امتحانات نوفمبر للصفين الأول والثاني الثانوي ورقيا    ضبط 3 طلاب تعدوا على زميلهم بالضرب أمام المدرسة بأسيوط    القبض على المتهم بإطلاق النار على سائق لشكه بإقامة علاقة مع طليقته بالهرم    طقس الغد.. تغيرات في درجات الحرارة والعظمى بالقاهرة 26    انهيار وصراخ ورفض أدلة.. ماذا جرى في جلسة محاكمة سارة خليفة؟    وزارة الثقافة تطلق احتفالية «فرحانين بالمتحف المصري الكبير» ديسمبر المقبل    رئيس الوزراء يلتقي أعضاء اللجنة الاستشارية للشئون السياسية    لا تُجيد القراءة والكتابة.. الحاجة فاطمة تحفظ القرآن كاملًا في عمر ال80 بقنا: "دخلت محو الأمية علشان أعرف أحفظه"    الصحة تعلن نتائج حملة قلبك أمانة للكشف المبكر عن أمراض القلب بشراكة مع شركة باير لصحة المستهلك    مولاي الحسن يحتضن مباراة الأهلي والجيش الملكي    التنسيقية : إرادة المصريين خط أحمر .. الرئيس يعزز ثقة الشعب في صناديق الاقتراع    المتهم بقتل صديقه مهندس الإسكندرية في التحقيقات : صليت العصر وروحت أقتله    تعرف على حورات أجراها وزير التعليم مع المعلمين والطلاب بمدارس كفر الشيخ    أهالي قرية ببني سويف يطالبون بتعزيز من «الإسكان» قبل غرق منازلهم في الصرف الصحي    من هو إبراهيما كاظم موهبة الأهلي بعدما سجل ثنائية فى الزمالك بدوري الجمهورية ؟    مجمع البحوث الإسلامية يطلق مسابقة ثقافية لوعاظ الأزهر حول قضايا الأسرة    الكرة النسائية l مدرب نادي مسار: نستهدف التتويج برابطة أبطال إفريقيا للسيدات    انسحاب مئات العناصر من قوات الحرس الوطني من شيكاغو وبورتلاند    هيئة الدواء: توفر علاج قصور عضلة القلب بكميات تكفي احتياجات المرضي    توم كروز يتوّج ب أوسكار فخري بعد عقود من الإبهار في هوليوود    حزب حماة الوطن ينظم مؤتمرا جماهيريا فى بورسعيد دعما لمرشحه بانتخابات النواب    مدير متحف الهانجول الوطني بكوريا الجنوبية يزور مكتبة الإسكندرية    وزير الخارجية يؤكد لنظيره السوداني رفض مصر الكامل لأي محاولات تستهدف تقسيم البلاد أو الإضرار باستقرارها    أبو الغيط: الحوار العربي- الصيني ضرورة استراتيجية في مواجهة تحولات العالم المتسارعة    موعد التصويت بمحافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب 2025    موعد قرعة الملحقين الأوروبي والعالمي المؤهلين ل كأس العالم 2026    محافظ كفر الشيخ: الكشف على 1626 شخصا خلال قافلة طبية مجانية فى دسوق    وزارة العمل: تحرير 437 محضر حد أدنى للأجور    بعد ساعات من السيطرة عليهما.. الجيش السوداني ينسحب من منطقتين بولاية كردفان    إعادة الحركة المرورية بعد تصادم بين سيارتين على طريق "مصر–إسكندرية الزراعي"    موعد شهر رمضان 2026 فلكيًا .. تفاصيل    «التضامن» تقر توفيق أوضاع 3 جمعيات في محافظتي القاهرة والمنيا    رئيس مصلحة الجمارك: منظومة «ACI» تخفض زمن الإفراج الجمركي جوًا وتقلل تكاليف الاستيراد والتصدير    جاتزو بعد السقوط أمام النرويج: انهيار إيطاليا مقلق    دار الإفتاء: فوائد البنوك "حلال" ولا علاقة بها بالربا    شريهان تدعم عمر خيرت بعد أزمته الصحية: «سلامتك يا مبدع يا عظيم»    أسعار الدواجن والبيض في مصر اليوم الاثنين 17 نوفمبر 2025    كلية دار العلوم تنظم ندوة بعنوان: "المتحف المصري الكبير: الخطاب والمخاطِب"    وزير الصحة يشهد الاجتماع الأول للجنة العليا للمسئولية الطبية وسلامة المريض.. ما نتائجه؟    جامعة الإسكندرية توقع بروتوكول تعاون لتجهيز وحدة رعاية مركزة بمستشفى المواساة الجامعي    اسعار الفاكهه اليوم الإثنين 17نوفمبر 2025 بأسواق المنيا    لكل من يحرص على المواظبة على أداء صلاة الفجر.. إليك بعض النصائح    أحمد سعد: الأطباء أوصوا ببقائي 5 أيام في المستشفى.. أنا دكتور نفسي وسأخرج خلال يومين    الفجر 4:52 مواقيت الصلاه اليوم الإثنين 17نوفمبر 2025 فى محافظة المنيا    هاني ميلاد: أسعار الذهب تتأثر بالبورصة العالمية.. ومُتوقع تسجيل أرقام قياسية جديدة    لاعب الزمالك السابق: خوان بيزيرا صفقة سوبر وشيكو بانزا «غير سوي»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كراهية أم الدنيا .. كيف نواجه الحقد على مصر ؟

أثلجت صدري مقولة صديق سعودي، وأزعجتني مقولة زميل عراقي.. قال الأول خلال نقاش طويل معه حول دور مصر وعروبتها: إذا فشل عربيان في أن يفهما بعضهما البعض.. لجئا إلي اللهجة المصرية التي توحد العرب. وقال الثاني.. وكنا نتناقش في أمور مختلفة من بينها أزمة مباراة مصر والجزائر: بصراحة شديدة.. الكثيرون من العرب لم يتعاطفوا مع مصر في تلك الأزمة.. لقد تعاطفنا مع الجزائر.. لأن مصر هي الكبيرة.. وإعلامها قوي.. وأيا ما كان فإن الجزائر أضعف.. والناس تنحاز للأضعف!
لقد كنت في البحرين خلال الأسبوع الماضي، أحضر ملتقي قادة الإعلام العرب الأول.. الذي نظمته وزارة الإعلام البحرينية بالمشاركة مع ملتقي الإعلام العربي.. وكانت فرصة مهمة للقاء عدد هائل من الصحفيين والإعلاميين العرب من مختلف المشارب والدول.. حيث تدور نقاشات سياسية وصحفية بلا قيود خارج الجلسات.. وأحيانا كثيرة داخلها.. وقد سافرت محملا بأسئلة كثيرة في داخلي حول ما دار بيننا وبين الجزائر.. واضعا غضبي الشخصي وقرفي الوطني في أحد أركان عقلي.. محتفظا بهما غير متنازل عنهما.. ومملوءًا بكل ما يدور من مشاعر صادقة ومصدومة من أفعال (الأشقاء) في الجزائر.. وما فيها من مشاعر دفينة (انكشفت).. وفي الوقت نفسه - دون أن أنحي كل هذا - كنت ملاحقا من ذاتي بعشرات من الأسئلة حول علاقاتنا العربية.. ودورنا الإقليمي.. وتأثيرنا الثقافي والإعلامي.. وهل نحن نسير في الطريق الصحيح.. أم أن علينا أن نعيد التفكير.؟!
ما جري، رغم أن سببه مباراة كرة، أي لا يوجد خلاف استراتيجي، لم يكن بسيطا، بل تاريخي، ومن ثم فإنني أعود إليه مرات مختلفة.. وهنا في تلك الافتتاحية أتناوله مجددا للأسبوع الثالث علي التوالي.. وإذا كنت قد طرحت في العدد الماضي بتوثيق اعتبرته دقيقا: (كل الذي جري)، وقبله طرحت كل مشاعر وتساؤلات الغضب، فإنني اليوم أطرح سؤالا جوهريا.. في ضوء ما سألت به نفسي وما قرأت وما سمعت وما تناقشت فيه مع الأصدقاء العرب: ماذا علينا أن نفعل؟ وقبل ذلك: هل أدينا واجبنا من قبل؟
- الصدمة الكبري
لن يكون إخلالا أو تجاوزا، أن أشبه ما جري في (أم درمان) و(الخرطوم) بأن له وقع صدمة تشبه في تأثيرها وقع صدمة 11 سبتمبر، مع الوضع في الاعتبار أن ما فعله الأشقاء الجزائريون لم يكن إرهابا بقدر ما كان فعلا همجيا - بالمناسبة أنا أختلف مع توصيف وزير الإعلام للأمر في مجلس الشعب بأنه إرهاب منظم - كما أنه لم تدهشني في البداية عبارة قرأتها في أحد تصريحات المثقفين ل »روزاليوسف« حين قال: إن علينا أن نسأل: لماذا يكرهوننا؟.. كما طرح الأمريكيون السؤال نفسه بعد أحداث 1002(!!).
لم يسقط لنا قتيل.. ولم ينم في قسم الرعاية المركزة مصاب واحد.. هذه حقيقة.. ومصر بالنسبة للعرب ليست كما هي الولايات المتحدة بالنسبة للعالم كله.. علي الأقل نحن لا نقود نظاما إقليميا ظالما مختل الموازين لا يعدل بين الأطراف وينحاز ضد الحق كما يفعل الأمريكيون.. كما أنه ليس لدينا ولم يكن لنا أهداف استعمارية توسعية.. ولم نبن حضارتنا علي حساب عرق أو جنس أو أمة صفيناها.. ولم نستنزف موارد أحد.. بل إننا الذين ضحينا بالأرواح والدم والمال.. ولم نحتل أراضي أحد.. ولم نفرض علي أحد قرارا..بل إن مصر لم تعد تؤمن بالانفراد بالقيادة.. وتقبل المشاركة.. ولم تعد تمارس سطوة الستينيات في القول بأنها الزعيمة الوحيدة.. والرئيس مبارك اتبع في عصره أسلوبا شديد الذكاء في التفاعل غير المتكبر مع جميع الدول العربية من دون أن يتنازل عن كبرياء البلد.. كبرياء بلا تكبر.. تعاون بلا تعالٍ.. مكانة بلا مزايدات..تأثير لايفرض علي الآخرين ما لا يريدونه.. ومن ثم فإن صدمة أم درمان- الخرطوم كانت مضاعفة.
دعك في هذا الإطار مما يقوله القادة في التصريحات العلنية.. أنا أكلمك عن المشاعر التي تدور في نفوس بعض العامة.. والانطباعات التي تعتمر في عقول الرأي العام في الدول العربية عن مصر.. الشقيقة الكبري.. أو كما نسميها (أم الدنيا).. فيرد أبناء دولة أخري علي سبيل السخف والتندر (وبلدنا أبوها).. أي أن بلدهم (أبو الدنيا).. الذي تزوج بلدنا!!! والمعني القبيح لايخفي علي فطن.
مثلا: كنت قبل ثلاثة أشهر في زيارة لبلد عربي.. حيث قابلت مثقفا معروفا.. وامتدحت له (بصدق) وضع بلده.. وتأثير وقوة نخبته.. وتميز تلك النخبة عن غيرها من النخب في كثير من البلدان العربية.. وعلي الرغم من انفراج أساريره مما أقول إلا أنه صدمني حين قال بكل بساطة: لكن ليس لدينا ماء كافٍ، بينما لديكم نهر النيل!.. هل أمسكت بالمعني الذي أقصده؟..هل كنت تعتقد أن هذه الثروة الوطنية الجغرافية يمكن أن تمثل أمرا مثيرا للحسد في نفوس أشقاء عرب؟.. للأسف هذا هو الواقع.
وإليك مثال آخر تجده في كثير من التعليقات والكتابات والمقالات.. خصوصا في الأيام الأخيرة.. إذ يرفض كثير من الأشقاء أن نكرر عليهم أننا قدمنا التضحيات في الصراع »العربي - الإسرائيلي«.. وأن أرواح عشرات الألوف من الضحايا قد أُزهقت في حروب مختلفة ومتوالية.. ومن ثم تجد من يقول لك: زهقتونا. وتجد من يردد: كفاكم تعالٍ علينا؟.. ومن يضيف: لم تفعلوا شيئا.. توقفوا عن التغني بأنفسكم. فهل علينا أن ننسي تضحياتنا.. وهل يمكن إنكارها لو توقفنا عن الكلام عنها.. أم أن عددا من الفئات في الشعوب الشقيقة صار يضايقها أن يكون لنا هذا الإسهام الذي لم يقدمه أحد غيرنا.. ويريدون أن يطفئوا شمس التاريخ.. ومن ثم فإن هناك من يحاول أن يجعل صورتنا هي صورة الخائن الذي يخدم مصالح أعداء الأمة.. أولا لكي يغطي علي ما يفعل سرا.. وثانيا لكي يمحو من رصيدنا ما بنيناه من مجد.. دفاعا عن الأمة.
- حقائق مصرية
هناك مجموعة من الحقائق التي لايمكن إنكارها.. للأسف سوف أعيد تذكير الأشقاء بها قبل أن أذكر أنفسنا بما ينبغي: مصر هي البلد الأكبر.. والأعرق.. والأضخم.. والدولة الأولي.. وصاحبة الحضارة الأهم إنسانيا.. والأكثر تأثيرا.. ولديها أقوي طاقة بشرية.. وتتميز بعبقرية المكان.. والقادرة علي الإشعاع.. وتقديم النموذج والقدوة.. ومالكة القوة الناعمة الأعرض والأكثر امتدادا.. والحصن الرئيس للأمة العربية.. صاحبة التنوع الثقافي المتمازج.. والدولة التي خاضت جميع الحروب.. وصنعت السلام وفتحت الطريق إليه.. والمركز والمحور.. والقوة الإقليمية الرئيسية.. والمتصدي الأول لكل محاولات فرض الهيمنة من داخل الإقليم ومن خارجه.. وغير ذلك كثير.
تلك الخصائص والثوابت التي لا يمكن لعاقل أن ينكرها.. إلا إذا كان جاهلا ولا أقول فقط جاحدا.. لاننفي أن لدينا قدرا هائلا من المسئوليات تفرضها علينا مواصفتنا.. دولة وشعبا وموقعا ومنتوجا عقليا.. مسئولية ألا نتعامل مع الأشقاء من بعيد.. أن ننتظر منهم أن يفهمونا دون أن نفهمهم.. أن يقروا بحقائقنا دون أن نقر بحقائقهم.. أيا ما كان قدرها.. أن نتقرب إليهم ذراعا بذراع.. إذا كنا مجتمع قيادة ودولة قائدة.. فإن علينا أن نرعي مجتمع قيادتنا.. وأن ننشغل بمفرداته. أقول هذا وأنا أدرك أن بعض المصطلحات لن ترضي الكثيرين من الأشقاء حتي وأنا أدعو إلي مزيد من الاهتمام بالمجتمعات العربية.
وفي ذلك فإنني أدعو إلي اتباع منهج خاص يتعامل به الرئيس مبارك مع المجتمعات العربية علي مستوي القيادات.. هذا الزعيم الحكيم رئيس أكبر دولة عربية.. بكل ما في سجله من بطولة وإنجاز.. ووضعه كرئيس أعرق وأهم دولة.. لديه أسلوب فريد لم يلجأ فيه أبدا إلي أي من القواميس التي كان يستخدمها الرئيسان عبدالناصر والسادات.. لم يقل علي قائد أنه عميل ولم يصف رئيسا بأنه قزم.. فمن موقع كبريائه يمد جسوره الشخصية إلي قلب مؤسسات الحكم وبيوت العائلات الحاكمة.. يتواصل شخصيا مع جميع الأطراف.. جاسرا الهوة فيما بين الأجيال المتوالية والمراكز المختلفة.. وله شبكة من العلاقات الشخصية واسعة النطاق.. التي يديرها في ذات الوقت بمنهج رجل الدولة محقق المصالح.. مراعيا الاعتبارات ومتلافيا الحساسيات وحاسبا لما يعتمل في النفوس.. ومؤكدا علي مكانة بلده.. لكن الرئيس هكذا.. ومؤسساتنا لا تتعامل مع الأمر علي المستويات الأخري بنفس المنطق.. فما بالك بالتعامل علي المستوي الشعبي. عشرات من المتغيرات تضرب المجتمعات العربية.. كل منها فيه ما فيه.. تفاعلات رهيبة مرت وتمر.. بينما نحن نتعامل مع الأمر علي أنه كما كان في الستينيات.. مؤسساتنا العلمية لاتهتم ولاتنشغل بالتفرقة ما بين مجتمعات الخليج.. والمغرب العربي.. والسودان.. والشام.. مراكزنا البحثية لاتجتهد في أن تغوص في المجتمعات.. ولو علي سبيل أنها أسواق لنا فيها مصالح.. وليس بلادا شقيقة.. أين إحساسنا بنهوض الشخصيات الوطنية المتمايزة في كل قطر.. في ضوء الكامن في كل مجتمع من تباينات.. أين إدراكنا أن هناك قوي من خارج المجتمع العربي تغذي العداء لمصر أو علي الأقل تنمية الحقد عليها.. أين إبداؤنا الاحترام لثقافات الآخرين.. حتي ونحن نقدر ثقافتنا وانتشارها.. كيف لانستوعب الآخرين علي المستويات الشعبية والسياسية والإعلامية والفنية.. كيف ننظر إلي الآخرين علي أنهم متلقون فقط.؟!
لقد تغير العالم.. ولكي نحافظ علي قيادتنا التي لا يمكن إنكارها علي الأقل بحد أدني من الحسد الحضاري.. فإن علينا أن نواكب التغير.. أن نصيغ خطابا إعلاميا وثقافيا مختلفا.. ليس لدينا إحساس بالتعالي العنصري.. ولكن للأسف هذه هي الصورة التي يروجها عنا الآخرون ممن لا يرضيهم حجم التأثير المصري الطاغي.. إيران تبث سموما في هذا الاتجاه.. وإسرائيل فعلت وتفعل.. وعديد من المراكز الخارجية ومؤسسات التسميم الدولية تغذي العقول بذلك.. وتجده متجسدا مرة في شكل حملة تليفزيونية من قناة الجزيرة.. وحرب في حقول الدراما.. وحملات تكفير فيما بين المتطرفين.. وظواهر مفاجئة لم نكن ندري أنها تعتمل في نفوس الأشقاء في الجزائر.
- مسئوليتنا عن الحسد
إن حسدا يوجه إلينا.. هذا حق.. ولكننا نتحمل المسئولية أيضا.. وإذا كانت علاقات التفاعل المشترك بين الدول العربية يبدو أفقها بعيدا.. فإن من واجبنا أن ننمي بنيتها التحتية علي الأقل فيما يخصنا.. مثلا كنا نستوفد إلي جامعاتنا أعدادا من المبعوثين العرب الأشقاء.. هذه الأعداد قلت.. وتراجعت.. في حين أنها لابد أن ترتفع مرة بعد مرة.. في مواجهة منافسة طاحنة من جامعات غربية يسافر إليها الأشقاء للتعلم علي نفقاتهم.. كنا نعقد الكثير من المؤتمرات.. ونفعل ذلك فعلا.. ولكن هذا يحتاج إلي جهد علاقات عامة مكثف يؤدي إلي الترابط مع قيادات الفكر العربية وأصحاب الأقلام وكتاب الرأي المؤثرين.. والأهم كيف يمكن أن تمر أياما من دون أن تجد تليفزيوناتنا قد تكحلت بصورة ضيف عربي.. أو تهتم صحفنا بموضوع يشغل دولة عربية ما.. كلنا منشغلون بأنفسنا إلي هذه الدرجة.. ثم نفاجأ بأن الآخرين يتكلمون لغة لانفهم ما فيها من معان خطرة بل ويتصرفون علي طريقة الجزائر.
تلك الصحف التي انشغلت بأحداث الجزائر، والمحطات التي انخرطت في أمر الهجوم الهمجي من جماهير مأفونة في أم درمان، لم تكتب خبرا عن الجزائر وشئونها قبل الأحداث.. ولم تتابع أيا من مجريات أمورها قبل ذلك.. ولا استثنينا من هذه الخطيئة.. بل إن الكثيرين لم يكونوا يعلمون أن لنا استثمارات وعمالة هناك.. ثم فوجئنا بعد ذلك بأن الكل يتحول إلي خبير في الشأن الجزائري.. ويدلي بدلوه.. ويقول مما لديه.. كما لو أنه قد عرف الكثير عن هذا البلد. إن بعضنا يعرف بالكاد أسماء القيادات في بلدان عربية كثيرة.. والكثيرون لايتابعون الإنتاج الثقافي والفني حتي لو كان محدودا.. وفينا من يهاجم تواصل الفنانين العرب معنا.. ومن الخطايا الكبري أن يتداخل الفنانون المصريون في الهجوم علي الجزائر.. في حين أنهم رؤوس حراب نقل ثقافتنا إلي الجماهير الأخري.. كيف يمكن أن تهاجم جمهورك.. يمكنك أن تدافع عن بلدك.. لكن دع الهجوم والانتقاد للسياسيين وللصحفيين والإعلاميين... أما الفنان فليبق كما هو محافظا علي موقعه بين الجماهير العربية.. هذه مسألة بديهية.. مع كامل تفهمي للمشاعر التي اعتملت في نفوس الجميع من روع الصدمة التي ضربتنا في أحداث أم درمان الهمجية.
إن الدولة مطالبة بخطة تحرك تستوعب دروس إفرازات الحقد التي كشفت عنها أحداث الجزائر.. ولكن النخبة عليها أيضا أن تنتبه إلي مهماتها علي المستوي الوطني.. وإذا كانت المؤسسات الإعلامية والفنية مطالبة برؤية واسعة لواقعنا الإقليمي الجديد.. فإن مؤسسات الأعمال العامة والخاصة لابد أن تقوم بدور من جانبها.. أن تدفع من بعض أرباحها في الأعمال الخارجية لكي تبني جسور تواصل أمتن.. أن ترعي أنشطة ثقافية وعلمية.. أن تمول أبحاثا.. أن تستضيف نخبا.. أن تفتح الأذرع المصرية في اتجاه الأشقاء الذين تعمل بينهم.
إن القيادة واجب ومسئولية وجهد.. ودفاع عن القمة. ومابيننا وبين الأشقاء قد يكون علاقة (حب- كراهية).. فيها الإعجاب والرفض.. وفيها الاعتراف والنكران.. الاتباع والتمرد.. الاقتداء والابتعاد.. وعلينا أن ننتبه إلي طبيعة المعادلة المشاعرية.. وأن نحافظ علي توازن دقيق فيها.. بحيث لا نصادف لغما حيث نتوقع أن نجد كنزا.. ولايرسل أحدهم قنبلة بينما ننتظر وردة.
اقرأ ملف خاص: نحن لانعرف العرب ! ص 61 داخل المجلة
واقرأ: المراسلات الخاصه بين رئيس تحرير روزاليوسف ومحى الدين عميمور
واقرأ ايضا : حسن صقر يؤكد : لن نترك الساحه للجزائر

عبد الله كمال
يمكنكم مناقشة الكاتب وطرح الآراء المتنوعة علي موقعه الشخصي
www.abkamal.net
أو علي موقع المجلة :
www.rosaonline.net/weekly
أو علي المدونة علي العنوان التالي:
http//:alsiasy.blogspot.com
Email: [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.