منذ فترة كتبت أن المتطرفين دينياً سواء على المستوى المسيحى أو المستوى الإسلامى.. دائماً ما يتحدون فى مساحة مشتركة ضد صحيح الدينين ومبادئهما، ويترتب على ذلك تحولهم ليصبحوا ضد المجتمع وضد الوطن؛ بل وضد الدين نفسه، ولقد اختلف معى العديد من الأصدقاء مؤكدين أن المتطرفين دينياً هم على طرفى النقيض من بعضهما البعض، ولكن مرت الأيام لتثبت صحيح ما ذهبت إليه. هناك تحالف قوى بين حنين عبدالمسيح الذى دأب على مهاجمة الكنيسة الأرثوذكسية ووصفها بأنها تعبد الأوثان وأبى إسلام أحمد عبدالله الذى يعتبر من أكثر الذين يزدرون المسيحية والمسيحيين. حنين عبدالمسيح أصبح واحداً من المحاضرين فى أكاديمية أبى إسلام أحمد عبدالله وذلك حسب اعترافه فى مقدمة كتابه ألوهية المسيح حيث يحمل غلاف الكتاب عنوانا فرعياً فى رحاب أبى إسلام. ولمن لايعرف الاثنين أذكر بأن حنين عبدالمسيح نشر مؤخراً سلسلة من الكتب، هى: عبادة الأصنام فى الكنيسة الأرثوذكسية، وبدعة الرهبنة، وبدعة كهنوت الإكليروس. ولقد حدث أن تم شكل من أشكال الترويج الإعلامى غير المسبوق للكتب ولصاحبها من خلال ما أطلقت عليه (الجرائد السوداء).. رغم التحذير الذى قامت به مجلة روزاليوسف حينذاك من خلال الحوار الذى كشفت فيه عن حنين عبد المسيح وأفكاره.. والذي حاول من خلاله أن يرسم لنفسه صورة الباحث المدقق فى الكتاب المقدس.. رغم العديد من الأخطاء التاريخية والدينية والفكرية فيما كتب وفيما قال. أما أبو إسلام أحمد عبدالله فهو رئيس مركز التنوير الإسلامى والأكاديمية الإسلامية لمقارنة الأديان.. لمكافحة التنصير والماسونية، وهو يروج لنفسه بكونه من أشد المدافعين عن الإسلام.. ربما أكثر من الأزهر الشريف نفسه. وقد كانت له تجربة فى بث قناة فضائية باسم قناة الأمة، والتى توقفت لأسباب غير مفهومة. يمثل أبوإسلام أحمد عبدالله اتجاها ثابتا ومستمرا فى تأجيج المناخ الطائفى بداية من كتاباته على الموقع الخاص به، ومروراً بخلطه بين أقباط مصر وغيرهم بسبب عدم المعرفة الكافية، وصولاً للإرهاب الفكرى الذى يمارسه على كل من يتصدى لطائفيته وعنفه الفكرى الذى يتوهم هو أنه دفاع عن الإسلام. يحمل منهج أبى إسلام اتجاهاً تخريبياً بين أبناء الوطن الواحد ويؤكد ذلك ما كتبه على موقعه بالإنترنت ومنه على سبيل المثال: - توحشت كلاب الكنائس فهل تخشاها الشرطة دون الله. - شنودة وعياله الغجر. ولعل البعض يتساءل ما الذى جمع حنين وأبى إسلام ولكنى أرى من الطبيعى أن تكون هناك علاقة بين الاثنين للعديد من الأسباب: أولاً: ما ذكرته حول التقارب بينهما من خلال مساحة مشتركة.. ظاهرها فكرى وبحثى.. (علشان الصورة تطلع حلوة) ومضمونها تأجيج للمناخ الطائفى وازدراء الأديان. ثانياً: يستخدم كل منهما الطرف الثانى كأداة لتنفيذ أهدافه.. فى تكامل موجه؛ فأبوإسلام يستخدم حنين عبدالمسيح فى الهجوم على المسيحية من خلال قاعدة (وشهد شاهد من أهلها..) بدون أى تدخل أو مجهود منه سوى تبنى أفكار حنين عبدالمسيح والترويج لها، وتدريس كتبه ضمن مقررات الأكاديمية الإسلامية لمكافحة التنصير. ثالثاً: يجد حنين عبدالمسيح دعماً ومساندة مالية غير محدودة لطباعة كتبه حيث وصل إلى ما يقرب من 12 ألف نسخة للكتاب الواحد. وهو يجتهد فى توزيعها بشكل واسع. رابعاً: من الواضح أن هناك دعماً ما أو مساندة من أبى إسلام أحمد عبدالله إلى حنين عبدالمسيح.. خاصة فى مسألة طبع كتبه وتوزيعها. ولايشترط بالطبع أن يكون هذا الدعم بشكل نقدى مباشر، ويمكن أن يكون من خلال تدريس كتبه ضمن مقررات أكاديميته المزعومة والترويج لكتبه بين أتباع أبى إسلام وفى المواقع الإلكترونية الصديقة لتوجهاته. خامساً: وقبل كل ما ذكرته من أسباب، فلقد اعترف حنين عبدالمسيح بهذه العلاقة فى كتاب له بعنوان (فى رحاب أبى إسلام: ألوهية المسيح فى ضوء الكتاب المقدس)، حيث قال فى مقدمة الكتاب: إنه قد تلقى دعوى من أحد شباب أكاديمية أبى إسلام لزيارة الأكاديمية والتعرف على رئيسها الشيخ الجليل أبى إسلام. ويقول بالنص: (استجبت للدعوة الكريمة وقابلت الشيخ أبا إسلام وطال بنا الحوار الودى والدافىء إلى أكثر من ثلاث ساعات، ووجه لى دعوة لإلقاء محاضرات على الدارسين بالأكاديمية)، وهى الدعوة التى استجاب لها حنين عبدالمسيح فيما بعد كما يقول فى المقدمة المذكورة. يستدعى ما سبق أن نطرح بعض الأسئلة ذات الصلة المباشرة، وعلى سبيل المثال: - ماهى مؤهلات حنين عبدالمسيح الدينية واللاهوتية للحديث عن لاهوت السيد المسيح.. والذى يعتبر جوهر ومضمون الإيمان المسيحى؟.. وما الذى يعنيه تعريف حنين عبدالمسيح عن نفسه بأنه باحث فى الكتاب المقدس.. سوى أنه اللقب الذى منحه له أبوإسلام أحمد عبدالله؟! - لماذا اختفى كتاب حنين عبدالمسيح الأول من التداول ومن عند باعة الجرائد والمجلات (خاصة فى شبرا)، وهو الكتاب الذى يعترف فيه بعلاقته بأبى إسلام أحمد عبدالله؟. وهل لذلك علاقة بكون الكتاب الأول يمجد فى السيد المسيح، أما الثلاثة كتب الأخرى والتى تمثل هجوما مباشرا على عقيدة الكنيسة.. فتدخل ضمن المقررات الدراسية لأكاديمية أبى إسلام؟ بقى أن أذكر ملاحظة واحدة فقط، هى أن هناك فرقاً كبيرا بين الحديث عن إصلاح الكنيسة وتطويرها، وهو مبدأ أتمسك به وأدافع عنه، وبين التخريب الطائفى الذى أصبح (موضة) البعض هذه الأيام من أجل (الشو) الإعلامى.