النزيف الذى ظل التليفزيون المصرى يتعرض له من خلال حالة النهب المستمرة لأرشيفه التراثى آن له أن يتوقف، هذا التراث الذى ضم خطبا سياسية لزعماء مصر وجولاتهم وحواراتهم والبرامج النادرة التى نزل عليها ضيوفاً رموز الأدب والصحافة والفن، بالإضافة إلى الأفلام والمسلسلات والبرامج الوثائقية ومباريات كرة القدم النادرة، هذا النزيف الذى يمثل كارثة حقيقية ومهزلة تم السكوت عنها طويلا. حان وقت توقفه بعد أن اتخذ اللواء أحمد أنيس- رئيس اتحاد الإذاعة والتيلفزيون سابقاً ورئيس الشركة المصرية للأقمار الصناعية نايل سات حالياً- قراره قبل مغادرته لمنصبه القديم بأسبوعين بتشكيل لجنة تضم ممثلين لكل قطاعات الاتحاد التليفزيون، الأخبار، الاقتصادى، الشئون القانونية برئاسة اللواء أسعد حمدى - رئيس قطاع الأمن - لوقف هذا النزيف، وذلك من خلال قيام اللجنة بمتابعة كل القنوات الفضائية لتحديد كل ما يبث عليها ويخص تراثنا التليفزيونى والذى تم تهريبه إليها بطرق غير شرعية. 425 قناة تحت المراقبة روزاليوسف انفردت بتفاصيل هذا القرار وطبيعة عمل هذه اللجنة، والتى جاءت على لسان رئيسها اللواء أسعد حمدى الذى ترأس أول اجتماعاتها الأسبوع الماضى، والذى أكد لنا أن الاجتماع تم فيه بحث كيفية متابعة القنوات التليفزيونية سواء الفضائية أو الأرضية والمملوكة سواء للدولة أو للأفراد، مع توزيع هذه القنوات والتى يبلغ عددها ما يقرب من 425 قناة على أعضاء اللجنة لتحديد المواد المصرية التى يتم بثها وعمل حصر لها لمعرفة ما يتم بثه بطرق شرعية وما يتم بثه بطرق غير شرعية، خاصة أن هذه المواد تمثل تاريخ التليفزيون المصرى والتى لم يتح لقنوات غيره امتلاكها. وعن كيفية اكتشاف المشروع منها وغير المشروع قال لنا أسعد حمدى: بعد حصر المواد التليفزيونية المصرية المذاعة على هذه القنوات تتم الاستعانة بالقطاع الاقتصادى من خلال ممثله باللجنة لمعرفة ما إذا كانت هذه المواد تخصنا أم لا؟ وذلك من خلال سجلات قيد المواد التليفزيونية الموجودة سواء بالقطاع أو بمكتبات التليفزيون، ثم يتم التحقق بعد ذلك- فى حالة ثبوت أن هذه المواد تخصنا- ما إذا كان قد تم بيعها أم لا؟ وفى حالة ثبوت البيع نتحقق ما إذا كان البيع قد تم حصرياً أم قطعياً؟! حتى يمكننا وضع تصورات فى حالة البيع الحصرى الذى يتيح الفرصة لبيع هذه المواد عن طريق هذه المحطة أو القناة لمحطات أو قنوات أخرى، وهو ما لا يتاح للبيع القطعى، نظراً لأن البيع الحصرى يتيح للمحطة حق الاستغلال لها وبيعه للغير، أما القطعى فيتيح حق الاستغلال للمحطة فقط دون بيعه!! هذا فى حالة البث الشرعى، أما فى حالة البث غير الشرعى، فعليه يتم تحديد المسئولية الخاصة بهذه المحطة أو القناة لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدها والتى تقتضى إبلاغ الشئون القانونية الخاصة بالاتحاد- فى حالة إدانة المحطة أو القناة وإثبات أن هذه المواد التليفزيونية مسروقة من التليفزيون المصرى- لإقامة دعوى قضائية لإثبات أحقيتنا فى ملكية هذه المواد، وبمجرد الحصول على حكم المحكمة الذى يفيد ذلك، تكمل إدارة الشئون القانونية مسيرتها فى إقامة دعوى قضائية أخرى للمطالبة بالتعويض المادى نتيجة الأضرار المادية والأدبية التى لحقت بالتليفزيون المصرى. سرقة علنى وعن عدم تفكير اللجنة فى اللجوء إلى الحل الودى عن طريق المفاوضات مع أصحاب هذه القنوات، خاصة أن الوقت قد يكون مناسباً فى ظل وجود تجمع إعلامى ضخم من خلال إقامة مهرجان الإعلام العربى أكد حمدى أنه لا يمكن اللجوء للمفاوضات فى مثل هذه الحالة، لأنه ليس من السهل أن أحداً يعترف على نفسه بأنه حرامى، وأن ما فعله لا يطلق عليه سوى سرقة علنى، فالضبطية المفاجأة التى منحتنا أحقيتها وزارة الإعلام من خلال اللجنة هى السبيل الوحيد والوسيلة الفضلى لاسترداد حقوقنا المنهوبة، خاصة أن هذه المواد سنقوم بتسجيلها من هذه القنوات أثناء بثها لتكون وثيقة دامغة ودليلاً وبرهاناً قاطعاً لإثبات حقوقنا، كما أن هذه التسجيلات ستكون بمثابة اعترافات ضمنية للمحطة أو القناة بسرقتها ماداموا لا يملكون عقود شرائها. ملايين ضائعة وعن كيفية احتساب التعويض المادى يقول أسعد حمدى: اللجنة تضم خبراء فى التثمين التليفزيونى بمعنى أن لدينا من هو قادر على تقييم هذه المواد مادياً وتحديد سعرها الذى يتناسب مع قيمتها الفنية وندرتها، كما أننا لن نقف عند هذا التقييم فى مطالبتنا للتعويض المادى فقط، وإنما سنطالب بالتعويض مضافة إليه الأرباح التى كان من الممكن أن يكسبها التليفزيون فى حال بيعه لهذه المواد أو استثمار قيمتها فى مشروعات أخرى، فإذا قلنا أن هناك ما يقرب من 5 آلاف شريط تم تهريبها إلى هذه القنوات تضم خطباً وحوارات نادرة للزعيمين جمال عبدالناصر، وأنور السادات وزياراتهما وجولاتهما التاريخية بالإضافة إلى البرامج النادرة التى حل ضيوفاً عليها رموز الأدب والصحافة والفن من أمثال عباس العقاد، وطه حسين، وتوفيق الحكيم، ونجيب محفوظ، وإحسان عبدالقدوس، ويوسف السباعى، وعبدالرحمن الشرقاوى، وأنيس منصور، ويوسف إدريس، وأم كلثوم، ومحمد عبدالوهاب، وعبدالحليم حافظ، وفريد الأطرش، وأيضاً الأفلام الوثائقية ومباريات كرة القدم النادرة التى صنعت قنوات لها بريقها وشهرتها وصنعت أمجادها فى المنطقة العربية حالياً، هذه الشرائط الخمسة آلاف لو اعتبرنا أن مدة كل شريط ساعة لأصبح لدينا 5 آلاف ساعة، لو حسبنا كل ساعة عن هذه الشرائط النادرة ب200 ألف جنيه.