رسمياً.. بدء تسجيل اختبارات القدرات لتنسيق الجامعات 2025 والإعلان عن قواعد تنظيمية مشددة    سعر الذهب اليوم الأحد 13 يوليو 2025 بعد الارتفاع العالمي وعيار 21 بالمصنعية    أسعار الفراخ اليوم الأحد 13-7-2025 بعد التراجع الأخير وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأحد 13-7-2025.. وحديد عز يتجاوز 39 ألف جنيه    مع زيادة الرسوم الجمركية.. توقعات بارتفاع التضخم في أمريكا    لوقف النار بغزة.. نتنياهو يستدعي سموتريتش وبن غفير    10 شهداء في قصف الاحتلال لمنزل بالسوارحة وسط قطاع غزة    زعيم كوريا الشمالية يؤكد استعداده لدعم إجراءات روسيا بشأن تسوية الأزمة الأوكرانية    تعرض لهجوم ب 6 قذائف.. تفاصيل إصابة الرئيس الإيراني خلال محاولة اغتيال أثناء الهجوم الإسرائيلي    نتنياهو: نعمل على اتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة 60 يوما    تصريحات "نارية" لقائد تشيلسي قبل مواجهة سان جيرمان    «مش هتقف على حد».. تعليق قوي من نجم الأهلي السابق بشأن رحيل وسام أبوعلي    «دوروا على غيره».. نجم الزمالك السابق يوجّه رسائل نارية لمجلس لبيب بسبب حمدان    أونانا خارج حسابات مانشستر يونايتد في جولة أمريكا استعدادًا للموسم الجديد    اقتربت الفرحة.. إعلان نتيجة الدبلومات الفنية خلال ساعات    التفاصيل الكاملة لحادث غرق سيارة بالرياح الناصري في الجيزة (صور)    المهرجان القومي للمسرح المصري يكشف عن لجنة تحكيم مسابقة التأليف المسرحي    آمال ماهر ووليد توفيق يشعلان الليلة الثانية من مهرجان مراسي (صور)    أفضل أدعية الفجر.. 10 صيغ لطلب الرزق وصلاح الأحوال    انفوجراف.. الحصاد الأسبوعي لأنشطة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي    نشرة التوك شو| مصر تقود جهود إقليمية لوقف إطلاق النار بغزة وارتفاع درجات الحرارة يُفاقم الحرائق    الجيزة: إدراج شوارع حيوية بالطالبية ضمن خطة الرصف والتطوير    اللقب الثالث تواليا يضيع.. الشرطة بقيادة مؤمن سليمان يودع كأس العراق بركلات الترجيح    نرمين الفقي وسط البحر وابنة عمرو دياب جريئة.. لقطات نجوم الفن خلال 24 ساعة    عودة منتخب الشباب للتدريبات.. وفرصة جديدة ل 50 لاعبا    تسجل 43 درجة.. بيان مهم يكشف طقس الساعات المقبلة وموعد عودة الأمطار الرعدية    للمرة الثانية.. سيدة تضع مولودها داخل سيارة إسعاف بقنا    23 متهمًا للمحاكمة في خلية اللجان النوعية| اليوم    انتخابات الشيوخ بأسيوط.. القائمة محسومة وصفيح ساخن على الفردي    خاص| الدبيكي: تمثيل العمال في «الشيوخ» ضرورة وطنية لتحقيق التوازن التشريعي    القضاء الإداري يتلقى طعنا لاستبعاد مرشحين من انتخابات مجلس الشيوخ بالقليوبية    «عجائب قريتي».. رواية جديدة لماهر مهران    بزنس الموت والإبادة فى غزة.. تقرير أممي يكشف 60 شركة عالمية كبرى تعمل فى خدمة الاحتلال الاستيطانى والصهيوني.. أساتذة قانون دولى: ترتكب جرائم ضد الإنسانية تستوجب مساءلتها    نجاح فريق الجراحة بمستشفى الفيوم العام في إنقاذ طفل بعد انفجار بالأمعاء الدقيقة    بعد أزمة الإنترنت.. WE تكشف آلية تعويض المستخدمين    رئيس وزراء العراق: اتفاق تركيا والعمال الكردستاني مفيد للمنطقة    مصرع شخص تحت عجلات القطار بمركز المراغة بسوهاج    مغلق من 13 عامًا.. عمرو سمير عاطف: غياب قصر الثقافة حرم أجيالًا من الفن والمسرح    من أرض الواقع.. «ستوديو إكسترا» يرصد آليات إصلاح وترميم سنترال رمسيس    فلسطين.. إصابتان باعتداء قوات الاحتلال في رامين ومخيم طولكرم    7 أسباب شائعة وغير متوقعة لرائحة التعرق الكريهة    محمد سمير يعلن اعتزاله كرة القدم    تحصين 19 ألف رأس ماشية ضد الحمى القلاعية في الغربية    أزمة الوفد وانتخابات الشيوخ    في انتظار مكالمة مهمة.. حظ برج العقرب اليوم 13 يوليو    نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس عبر بوابة التعليم الفني (رابط)    «زي النهارده».. وفاة كمال الدين رفعت أحد الضباط الأحرار 13 يوليو 1977    رسالة جديدة من مودريتش بعد رحيله عن ريال مدريد    يمنع امتصاص الكالسيوم.. خبيرة تغذية تحذر من الشاي باللبن    ماء الكمون والليمون.. مشروبات فعالة في التخلص من الغازات والانتفاخ    «الصحة» تدعم مستشفى كفر الدوار العام بجهاز قسطرة قلبية ب 23 مليون جنيه    طاقم مصرى يصل الليل بالنهار.. ماكينات حفر الخط الرابع للمترو لا تتوقف    الاتصالات: تفعيل خطط بديلة بعد حريق سنترال رمسيس لإعادة الخدمة تدريجيا    كأول فنانة هندية.. ديبيكا بادوكون تتسلم نجمة ممشى هوليود    هل الوضوء داخل الحمام صحيح؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    رئيس جامعة الأزهر: آية الدعاء في عرفة تقسم الناس إلى فريقين.. وأقوال المفسرين تكشف دقة التوجيه القرآني    ما هو أقل ما تدرك به المرأة الصلاة حال انقطاع الحيض عنها؟.. الإفتاء تجيب    باحث بمرصد الأزهر: التنظيمات المتطرفة تستخدم الخوف كوسيلة للسيطرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل أصبحت الدولة المصرية أرضا خصبة لنمو الطائفية؟!

من يصدق أن مصر التي أقامت أعظم حضارة إنسانية في التاريخ، والتي قادت حركة الإحياء في المنطقة العربية منذ منتصف القرن التاسع عشر، والتي عرفت الدولة المدنية والحياة النيابية والأوبرا قبل العديد من دول أوروبا، والتي تحتضن الأزهر الشريف قلعة الإسلام الصحيح يمكن أن تسقط في براثن التخلف الحضاري علي يد حفنة من مشايخ السلف والإخوان.
من يصدق أن مثقفي مصر من أحفاد رفاعة الطهطاوي ومحمد عبده وقاسم أمين وسلامة موسي وهدي شعراوي وطه حسين ولويس عوض وزكي نجيب محمود يخوضون اليوم من جديد معارك الحجاب والسفور، والوحدة الوطنية، والمرجعية المدنية والدستورية للدولة، وهي المعارك التي حسمها أجدادهم العظام بدمائهم منذ أكثر من مائة عام.
من يصدق أن مصر في مشارف القرن الواحد والعشرين تبحث لنفسها عن حركة إحياء جديدة بعد أن أعادها تحالف الاستبداد والرجعية الإسلامية قرونا إلي الوراء.
من يصدق أن مصر التي قهرت مستعمريها بسيف وحدتها الوطنية، ونقل عنها العالم شعارها الحضاري العظيم الدين لله والوطن للجميع ، يتمزق اليوم نسيجها الوطني بفعل التحريض الطائفي، الذي يقوم به هؤلاء.
إن نشر الحجاب الذي لم ينزل الله به من سلطان ومن بعده النقاب، وإشعال الفتنة الطائفية هما الركيزتان الأساسيتان في استراتيجية هذه الجماعات لتقويض أسس الدولة المدنية، وزعزعة الأمن والاستقرار في المجتمع، والنيل من هيبة الدولة وتحدي مؤسساتها السياسية والدينية والقانونية والأمنية، من أجل توفير المناخ المناسب للخروج عليها وإسقاطها. فبعد أن أصبح الحجاب بقدرة قادر الركن السادس في الإسلام، أصبح التربص بالمسيحيين المصريين واجبا دينيا مقدسا أيضا. فالخطاب السلفي لاينظر إليهم كمواطنين يتمتعون بنفس الحقوق والواجبات وإنما كأغيار أو موالٍ أو أهل ذمة يجب مواجهتهم وحصرهم والحد من طموحاتهم، كما صرح بذلك مرشد الإخوان الأسبق مصطفي مشهور.
لقد نجح مشايخ السلف والإخوان في إشاعة مناخ هستيري من كراهية المسيحيين في مصر تجلي منذ أحداث الزاوية الحمراء الشهيرة في مسلسل مخزٍ لم ينته بعد من الاعتداءات المنظمة أو العفوية علي أرواح وممتلكات المسيحيين المصريين.
فإلي جانب الحوادث الصغيرة التي تحدث نتيجة للتعاملات والاحتكاكات اليومية والتي كثيرا ما تأخذ منحي طائفيا بفضل التعبئة الطائفية المستمرة، تعرض إخواننا المسيحيون لعدد من الاعتداءات كان أهمها إمبابة 1991 وأسيوط 1994 والكشح 1998 والكشح 2000 ومحرم بك 2005 والعديسات 2006 وبنها 2007 وأبوفانا 2008 وأخيرا ديروط .2009
وغالبا مايتكرر نفس السيناريو لإشعال الحريق الطائفي، حيث يتلقف المتطرفون خبرا عن إقامة كنيسة أو صومعة في مكان ما أو تجديد مكان قائم للعبادة، أو إقامة صلاة أو احتفال ديني بمنزل أحد المسيحيين لكي تقوم القيامة ولا تقعد، وكأن المسيحيين ليسوا بمواطنين وليس من حقهم وفقا للدستور أداء صلواتهم أو تشييد دور العبادة الخاصة بهم.
كذلك يتم استغلال التفاعلات الاجتماعية العادية في التحريض الطائفي، كما حدث في أزمة ديروط الأخيرة. حيث تم استغلال خبر عن قيام شاب مسيحي بتسريب شريط به أوضاع مخلة بالآداب لفتاة مسلمة كان علي علاقة غير لائقة بها ليتم تحويل الأمر من قضية جنائية يفترض أن تنظر فيها النيابة العامة إلي قضية طائفية استنفر لها المجاهدون من كل حدب وصوب، للذود عن حمي الإسلام والمسلمين، وقطع شأفة أعداء الدين!
وقام أقارب الفتاة بقتل والد الشاب وعمه المسنين رغم عدم ضلوعهما في الجريمة الأصلية، لتمتد ردود الفعل بعد ذلك من قرية أمشول حيث وقعت الواقعة إلي مدينة ديروط التي تتبعها، حيث قام عشرات من المسلمين بالاعتداء علي منازل ومتاجر وممتلكات المسيحيين في المدينة مطالبين بإطلاق سراح أقارب الفتاة المتهمين بقتل والد الشاب وعمه، مما كاد أن يؤدي لإحراق المدينة بأسرها لولا التدخل الأمني المكثف.
الجدير بالذكر هنا أن وتيرة هذه الاعتداءات تتصاعد يوما بعد يوم علي الرغم من اختفاء الجماعة الإسلامية التي كان ينسب إلي عناصرها المسئولية عن هذه الأعمال، مما يدل علي أن جذور الفتنة قد تم زرعها بنجاح في نفوس العوام، وأن هذه الاعتداءات أصبحت تحدث بشكل تلقائي وعفوي وتلقي استجابة ومشاركة جماهيرية وكأنها من صالح الأعمال الوطنية أو التعبدية.
ونحن هنا لا نحاول إثبات أن العنف مكون أساسي في الدين الإسلامي دون بقية الديانات، ولكننا نقول إن العنف يصبح مفهوما بل وقدرا محتوما متي أصبحت المرجعية في المجتمع مرجعية دينية وليست مدنية وإنسانية، ويروي لنا التاريخ كيف أن المسيحيين أنفسهم قد مارسوا هذا النوع من العنف كثيرا ضد أصحاب الديانات الأخري سواء في مصر أو في أوروبا وأمريكا.
إلا أن الذي يستعصي علي الفهم حقا هو لماذا يفعل المصريون المسلمون هذا بإخوانهم المصريين المسيحيين؟ لماذا يذبحون وطنهم من الوريد؟ ذلك أن هذا السلوك العدائي تجاه شركاء الوطن لايصب بأي حال في صالح الأغلبية المسلمة المطحونة التي تمارسه، فماذا يستفيد المواطن المسلم الغلبان من حرق كنيسة أو قتل مواطن مسيحي غلبان مثله؟ إن المستفيد الحقيقي من الفتنة الطائفية إلي جانب جماعات الإسلام السياسي، هما الدولة والكنيسة، وليس المواطن العادي، فالدولة يريحها أن تتناحر الجماهير المطحونة فيما بينها ولا تتوحد في مواجهة
سياساتهاالفاشلة، والكنيسة تزيد الفتنة من نفوذها باعتبارها حامي حمي المسيحيين، مما يزيد من انطواء هؤلاء علي أنفسهم، ويمنع انخراطهم في العمل الوطني ويعرقل كل جهود الإصلاح السياسي والاقتصادي.
كذلك لا نستطيع أن نفهم سلبية الدولة تجاه تصاعد وتيرة العنف الطائفي .
فإذا كنا مع التحفظ الشديد قد تفهمنا منطق النظام عندما تحالف مع التيار الديني في بداية السبعينيات لاستخدامه في تجريف الشارع السياسي، وإقصاء المعارضة اليسارية والليبرالية، من أجل تمرير مخططاته في تحويل المجتمع المصري من مجتمع اشتراكي إلي مجتمع رأسمالي، وإطلاق سياسات الانفتاح الاقتصادي والخصخصة والتقارب مع السعودية والصلح مع إسرائيل وغيرها، فقد كانت خطة الرئيس السابق أنور السادات تقضي باستئجار هذا التيار لأداء هذه المهمة المحددة ثم صرفه فور انتهاء مرحلة الهدم، لأنه لا يصلح حليفا في مرحلة البناء فما دوافع النظام الآن في استمرار تحالفه مع هؤلاء بل وتواطؤه معهم في تفتيت وحدتنا الوطنية، إذا كانت توجهاته صادقة نحو الإصلاح والتنمية؟
إن تساهل أجهزة الدولة في مواجهة التحريض الطائفي، وعدم تفعيل القوانين المجرمة له، وعدم إنزال العقاب القانوني الرادع بالجناة والإكتفاء بجلسات التصالح العرفية التي تعيد إنتاج حوادث العنف من جديد، فضلا عن عدم استكمال المنظومة التشريعية اللازمة لتفعيل مادة المواطنة والقوانين الخاصة بمناهضة التمييز الديني ساهم في زيادة الاحتقان والصراع الطائفي في البلاد! إنه ليؤسفنا أن نري الأنظمة ذات الثقافة السلفية من حولنا التي قامت بتصدير هذه البضاعة الفاسدة إلينا، تفيق اليوم من سباتها، وتنضو ثوب البداوة عن كاهل شعوبها، وتبدأ في الضرب بيد من حديد علي أيدي المتطرفين، بل تقوم بعزلهم عن منابر المساجد ودور العلم ووسائل الإعلام، كما حدث مؤخرا في بعض بلاد الخليج، بينما نحن مازلنا نمنحهم المنابر والمواقع اللازمة لينفثوا من خلالها سموم العداء للعقل والمدنية والسلام الاجتماعي.
لم يعد السكوت ممكنا أو جائزا تجاه هذه الهمجية السلفية التي تمزق نسيجنا الوطني، وتعبث بأمننا القومي، وتخرج لنا أجيالا من القتلة والمجرمين، بل إننا نستطيع أن نعلن، وبأعلي صوت، أن كل من يتواني عن مواجهة هؤلاء، ولا يضع التصدي لمخططاتهم السوداء علي رأس برنامجه السياسي، وقائمة أولوياته، ومن اليوم قبل الغد، لا خير فيه، ولا يستحق أن يتطلع لقيادة هذه الأمة.
باحث في الإسلام السياسي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.