الأسبوع الماضى صدر كتاب جديد للكاتب "بروس فيلر" أثار جدلا واسعا مثل باقى الكتب التى تصدر للكاتب، والتى تصبح فى أيام قليلة الأكثر مبيعا. والكتاب هو "نبى الولاياتالمتحدة.. موسى وقصة أمريكا"، ويقول فيلر فيه أن أمريكا على مر العصور ومنذ تأسيسها تأثرت بفكر ودعوة نبى الله موسى أكثر من تأثرها بعيسى عليه السلام على الرغم من أنها دولة مسيحية يزيد عدد الذين يعتنقونها على 75 % . فى بداية الكتاب يقول الكاتب: إن كلا من الرئيسين الأمريكيين فرانكلين وروزفلت طلبا وضع صورة موسى على الختم الأمريكى، وجورج واشنطن ولينكولن طالبا بتجسيده، وأن تمثال الحرية مقتبس أساسا من نبى التوراة موسى، وجذوة النار حول رأس، "السيدة الحرية"، والألواح التى تمسك بها فى يدها مأخوذة من المشهد الذى نزل فيه موسى إلى جبل سيناء وفى يده الألواح المدونة بها الوصايا العشر، وأن مارتن لوثر كينج قبل أن يموت ناداه، أما رونالد ريجان وباراك أوباما فقد استشهدا بكلامه فى أحاديثهما من خلال الكتاب المقدس، وعلى مدى 400 عام تأثر الأمريكيون به دون غيره.. إنه موسى عليه السلام. فى الصفحات الأولى من الكتاب يقول بروس فيلر أنه فى الرابع من يوليو عام 1776 وتحديدا عقب تمرير "إعلان الاستقلال" طلب أعضاء الكونجرس من توماس جيفرسون وبنيامين فرانكلين وجون آدامز تصميم الختم الجديد للولايات المتحدة. وبعد ستة أسابيع قدموا توصيتهم التى تقول: "موسى يعبر ببنى إسرائيل عبر البحر الأحمر"، كما اقترح ثلاثة من الخمسة الذين وضعوا "إعلان الاستقلال" وثلاثة من أعمدة "الثورة"، بأن يكون موسى هو الوجه الذى يمثل الولاياتالمتحدةالأمريكية، إذ يعتبرونه الأب المؤسس لدولتهم. يقول بروس: منذ أربعة أعوام بدأت أبحث عن الدور الذى لعبه موسى فى حياة الأمريكيين.. أبحرت من ميناء بلايموث، حيث يقارن الحجيج رحلتهم بالرحلة التى قام بها موسى نبى بنى إسرائيل، وتسلقت برج "قاعة الاستقلال"، حيث نقش على جرس الحرية الموجودة فيه كلمة من كلام موسى وارتديت العباءة التى استخدمها كارلتون هيستون عندما أدى دور موسى فى "الوصايا العشر". ويستكمل: أدهشنى اكتشاف واحد غير وجهة نظرى فى الصراعات الحضارية التى نعيشها اليوم، وهو أن موسى كان أكثر أهمية فى تاريخ الولاياتالمتحدة من "عيسى" بامتثال الأمريكيين لتجربته ودعوته، وذلك بالرغم من أن الأمريكيين فى السابق كانوا 100٪ مسيحيين، بينما اليوم 75٪ فقط. ويتأثر الأمريكيون بحياة عيسى - عليه السلام - ولكن فى حياتهم الخاصة بشكل كبير، إنما لا يظهر ذلك فى حياتهم العامة، ومن التعاليم المسيحية الغائبة مثلا الحب ومحاربة الفقر والخير . بينما شكلت وصايا موسى، وعلى النقيض، المتمثلة فى مقاومة السلطة وإيجاد التوازن بين الحرية والقانون وحلم الأرض الموعودة - حسب الزعم التوراتى اليهودى - السمات الحقيقية للحلم الأمريكى. ووفق الكتاب فقد كان موسى أكثر أهمية من عيسى بالنسبة للبيوريتانيين "التطهيريين" وهم جماعة المتشددين من المسيحيين؛ حيث حمل الحجيج على سفينة "ماى فلاور" "الأناجيل المزينة" بصورة متخيلة لنبى الله "موسى"، وكانوا يطلقون على الملك جيمس لقب الفرعون، وأعلنوا أن المهمة التى يقومون بها بالغة الأهمية مثل "مهمة موسى وبنى إسرائيل عندما خرجوا من مصر". يسترسل الكاتب فى توضيح تأثير وصايا نبى الله موسى المنقولة فى التوراة الموجودة حاليا فى حياة الأمريكيين فيقول : ازدادت أهمية موسى خلال الثورة؛ فقد أطلق توماس باين على الملك جورج لقب "الفرعون القاسى ذو الوجه المتجهم"، كما استعان بنيامين فرانكلين ب"موسى" فى تمرير الدستور وجورج واشنطن الملقب ب"موسى الأمريكى" لأنه قاد مجموعة من المستعمرين المحاصرين، وعندما توفى قام ثلثا المتواجدين فى تأبينه بمقارنته كقائد وأب للدولة الأمريكية بموسى، "كمرشد للدولة اليهودية"، بحسب اعتقادهم. كما تجمع العبيد خلال الحرب الأهلية حول رمز "موسى" نبى الله الذى أزال العبودية بين البشر، وحينما نجحت هارييت توبمان فى تحرير العبيد تمت تسميتها "موسى قومها". ويقول فيلر - الذى زار مصر ويضع على موقعه على الإنترنت صورته الرئيسية وهو بجوار الأهرامات - فى فصل آخر من كتابه بأن نبى الله "موسى" عليه السلام لم يكن مؤثرا فقط فى الحياة السياسية الأمريكية، ولكن فى الحياة العامة والثقافية، فنرى أن تمثال الحرية مقتبس أساسا من نبى التوراة موسى، وجذوة النار حول رأس، "تمثال سيدة الحرية"، والألواح التى تمسك بها فى يدها مأخوذة من المشهد الذى نزل فيه موسى إلى جبل سيناء وفى يده الألواح المدونة بها الوصايا العشر. وبحسب الكتاب الذى أثار جدلا واسعا، فإن كلا من الرؤساء الأمريكيين: رونالد ريجان، بيل كلينتون، جورج دبليو بوش، وباراك أوباما، أكدوا فى تصريحات علنية لهم أنهم قد تأثروا بموسى، ويعتقد المؤلف أن ذلك راجع لأن نبى الله موسى يمثل للأمريكيين رمز الشجاعة فى معارضة الظلم وبناء مجتمع أفضل. فى النهاية، ولسنوات عديدة، كان السؤال محل الخلاف فى الصراعات الحضارية هو ما إذا كانت الولاياتالمتحدة دولة مسيحية أم لا .. لقد كان رجلا أبيض من البروتستانت هو من قام بتقديم موسى للتاريخ الأمريكى، وكان لوجوده النفع الأكبر بالنسبة للزنوج واليهود والنساء ليندمجوا فى المجتمع الأمريكى وفقا لبروس فيلر، ولأنه كان يعتمد بالتحديد على اليمين واليسار الديمقراطى والجمهورى اليهودى والمسيحى، فمن الممكن أن يكون موسى هو المثال الحضارى الذى يذكر الأمريكيين بالموروث المشترك، ويساعد فى استعادة الحوار الوطنى وفى كيفية استعادة حلم، "الأرض الموعودة"، وفق المعتقد اليهودى. الكاتب يطرح سؤالا على قرائه هو أن أستاذ التاريخ آلان جويلزو قال له إن قصة المسيح مهمة، ولكن المفاجأة هى أهمية قصة موسى.. أتعرف لماذا؟!.. فقال فيلر إنه يعتقد أن موسى يمثل الدافع لترك الصراعات وخلق عالم أفضل، ويحاول تحقيق المعادلة الصعبة بين الحرية والقانون، حيث إنه منذ سنوات والحروب الثقافية المشتعلة فى أمريكا سببها أنها دولة مسيحية، ونقطة الخلاف التى ظهرت بين البروتستانت الذين عرفوا موسى على أنه أمريكى المولد، وأن ظهوره ووجوده هو الذى جعل السود واليهود وحتى النساء يقتحمون المجتمع الأمريكى، وبين اليمين واليسار الجمهوريين والديموقراطيين واليهود والمسيحيين، وموسى هو هو الوجه الحضارى والثقافى الذى يذكر أمريكا والأمريكيين بميراثهم ويساعد على إحلال الحوار القومى الذى سيؤدى حتما إلى أرض الميعاد مرة أخرى. الكتاب حقق رواجا وأثار جدلا واسعا، وقال عنه الكاتب والصحفى البريطانى سايمون وينشستر: "الكتاب يعد من أفضل وأذكى الكتب التى قرأتها منذ سنين، ويجب أن يكون مرجعا لمن أراد أن يعرف حقيقة أمريكا"، أما تونى هورويتز الكاتب والصحفى الأمريكى فقال: "يقدم لنا بروس فيلر من خلال كتابه العديد من الهدايا المدهشة عن طريق التحليل التوراتى إلى إعادة تشكيل المفهوم بأن موسى هو النبى الأساسى للتجربة الأمريكية. إنه كتاب لتقديم الحقيقة التى لا غنى عنها". أما دوجلاس برينكلى، الكاتب الأمريكى وأستاذ التاريخ فيوصى بقراءة هذا الكتاب ويقول: "إنه كتاب بارع وأصيل ومثير حول دور موسى فى التاريخ الأمريكى. لقد ألف بروس فيلر هذا الكتاب وهو فى قمة إبداعه".