في عصر السموات المفتوحة.. يمكن أن يظهر الكثير من الإشكاليات.. شيء من هذا مرت به قناة (M.B.C Max) حين عرضت فيلم into the wide للمخرج الأمريكي شون بن.. الفيلم يحتوي علي العديد من اللمحات الإنسانية والشاعرية والدرامية. M.B.C Max كانت تعرض نسخة منقحة من الفيلم.. لكن القناة فاجأت جمهورها بعرض نسخة عادية من الفيلم.. وهو ما شكل صدمة لبعض المشاهدين. هذه الصدمة استوجبت اعتذار إدارة القناة وتأكيدها علي فتح تحقيق إداري حول الواقعة. هذا الخطأ الذي وقعت فيه M.B.C فتح بابًا كبيرًا للجدل حول واقعة إذاعة الفيلم.. وهل علي القنوات التليفزيونية أن تحذف أجزاء من الأفلام عند إذاعتها تليفزيونيا، أم أن هذا النوع من الرقابة لم يعد له مبرر في عصر السماوات المفتوحة.. روزاليوسف استطلعت آراء عدد من النقاد وخبراء علم الاجتماع. وكانت قناة «mbc2» قد عرضت أيضا فيلم «the Specialist» الذي احتوي علي مشاهد جنسية محظورة تخللت فقرات الفيلم واستمرت أكثر من10 دقائق. وقد أوضحت دراسة بأحد المراكز الإعلامية أن ارتفاع نسبة المشاهد الجنسية علي «mbc 4» وصلت إلي 21% بينما وصلت علي «mbc2» 13%. ولم تكن قنوات «mbc» صاحبة الانفراد الأول بعرضها لمثل هذه المشاهد بل سبقتها قناة «o.tv» لعرضها للفيلم الأمريكي «الفطيرة الأمريكية» الذي حمل في أحد مشاهده مشهدا كاملا دون حذف ولم يكن هذا هو الفيلم الوحيد الذي حمل ذلك بل عرضت القناة أكثر منئ؟10 أفلام أجنبية دون رقابة. -- الناقدة «حُسن شاة» رفضت حالة الاستقطاب التي تتناولها بعض القنوات الفضائية وأيضا القنوات الأرضية المصرية بحذف المشاهد الإباحية. وأكدت أن هذه الأفلام تعرض في السينما ويشاهدها كم كبير من الجمهور قائلة: صحيح جمهور السينما يختلف عن جمهور التليفزيون ولكن ليس من الصعب عرضها علي شاشات التليفزيون سواء عبر القنوات الأرضية أو الفضائية علي أن يترك للمشاهد أحقية الرفض أوالقبول وفي النهاية معه «ريموت كونترول» يستطيع به التحكم فيما يريد أن يراه وما لا يريده. وتضيف «حسن شاه»: أما حالة التحجيم التي نريد أن نفرضها علي المشاهد فستولد شعورا لديه بأن كل ما هو ممنوع مرغوب وبالتالي ستحول نسبة المشاهدة، وخاصة من الأطفال والمراهقين إلي شاشات الإنترنت. «كمال رمزي» استنكر الاعتذار الذي تقدمت به قناة «إم بي سي ماكس» قائلا: لم الاعتذار فهي لم تعرض فيلم «بورنو»، ووصف حذف المشاهد من الأفلام وتصنيفها بأنها مشاهد إباحية يجعلنا نقع في دائرة الحرام والحلال وهذا بعيد عن الفن. مشيراً إلي أن هناك العديد من الأفلام المصرية تم قطع مشاهد منها مثل فيلم «الحفيد» قائلاً: لا أري أن مشهد ليلة الدخلة الذي جسده «نور الشريف» و«ميرفت أمين» في الفيلم إباحي فهو يتكرر في حياتنا اليومية بشكل دائم والشباب من سن 10 سنوات فيما فوق يدركون ما يحدث تماماً تجاه العلاقات الزوجية. د.عزة كريم - أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث - أشارت إلي أن المجتمعات الغربية تحاول اختراق المجتمعات الشرقية طوال الوقت بداية من تدخلها في مشاكل حقوق المرأة ثم حقوق الطفل مروراً ببث الأفلام الأجنبية دون رقيب وهذا يعد اختراقا مباشرا داخل البيوت المصرية ويستهدف شرائح بعينها من الشباب لما تمثله هذه المشاهد الغريزية الطبيعية من إثارة الغرائز لدي الشباب المكبوت مجتمعياً. وأكدت أن الوقوف أمام هذا الاختراق صعب للغاية لعدم وجود رقابة علي هذه القنوات خاصة الفضائية، أما بالنسبة للقنوات المصرية فالكارثة تكون أكبر إذا ما فكرت في عرض مشاهد إباحية تخترق ثقافة المجتمع المصري الشرقي. لافتة إلي أن هناك العديد من المسلسلات والأفلام علي الرغم من أنها تنقل عملا دراميا يرسخ قيما أخلاقية إلا أنها تحمل في الجانب الآخر نوعا من التجاوز اللفظي والمرئي. وتساءلت: أين الرقابة المصرية؟! هل غابت عن دور الرقيب.. أم تريد انفلاتا مجتمعيا تحت مسمي التحرر؟ د.سامية خضر - أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس - أكدت أن هناك نوعا من التجاوز في بعض الأفلام الأجنبية وأيضاً العربية سواء كان هذا التجاوز في اتجاه العنف الشديد أو اتجاه المشاهد الإباحية مما يسلط الضوء علي ضرورة وجود ضوابط في اختيار الأفلام بعيدا عن الاستعانة بالنسخ الممنتجة. وذكرت أنه رغم أن فرنسا دولة متحررة إلا أنها رفضت في مهرجان «كان» أحد الأفلام الأمريكية الذي يحمل في محتواه العديد من المشاهد الإباحية فهل بعد هذا يوافق المجتمع المصري علي عرضها؟! صلاح الدين مصطفي رئيس التليفزيون أكد أن هناك فلتر أخلاقيا مهما جدا داخل ماسبيرو واسمه «الرقابة» هذا الفلتر يقوم بتنقية الأعمال - خاصة الأجنبية - سواء أفلام أو مسلسلات من أي مشهد إباحي خادش للحياء من أجل الحفاظ علي أخلاقيات المجتمع ومبادئه وقيمه خاصة أن التليفزيون يختلف عن السينما بأنه يدخل كل بيت وهو الذي يذهب للجمهور علي خلاف السينما التي يذهب الجمهور إليها بمحض اختياره الشخصي، وعما إذا كان حذف المشاهد الجنسية الخادشة للحياء من هذه الأعمال قد يخل بالسياق الدرامي أكد «مصطفي» أن الإخلال بالسياق الدرامي أهون بكثير من الإخلال بأخلاقيات وقيم المجتمع، وأضاف لن أسمح مطلقا طوال فترة جلوسي علي كرسي رئاسة التليفزيون أن يمر عبر قنواتي ما يخدش حياء المشاهد مهما كانت درجة التطلع إلي التحرر، فالتحرر الفكري الذي نؤيده جميعا وننادي به يختلف ألف مرة عن التحرر الأخلاقي الذي لن نسمح به أبدا كمجتمع شرقي له عاداته وتقاليده.