بعد المداولة والاطلاع وأيضا الضغوط استغرقت عملية البحث على شرعية خروج الرئيس الراحل (أنور السادات) للشاشة بفيلم أيام السادات حوالى 20 عاما بعد رحيله كانت خلالها سيرته ومسيرته تحت التحفظ ورهن الاعتقال ، فطوال تلك المدة لا صوت يعلو فوق صوت مبارك فى عصر اللا سلم واللا حرب واللا فعل مع اختزال نصر أكتوبر بالضربة الجوية التى فتحت باب الحرية؟! النجم الراحل (أحمد زكى) كان هو صاحب (الضربة السينمائية) واختراق حاجز الصمت الرهيب حول هذه القيمة السياسية صاحبة الإنجاز الحقيقى فى تاريخ مصر.. أحمد زكى صاحب التوكيل الرسمى ل (عبقرة) الشاشة وقتها هو الذى أطلق المبادرة التاريخية لتخليد عصر السادات فى مغامرة هى الأصعب فى تاريخه الفنى سواء على مستوى مشواره السينمائى والمصير المجهول الذى كان من الممكن أن يواجهه للتصدى لتقديم هذه الشخصية المهمة فى عصر (مبارك) وايضا على المستوى الشخصى بعد إصراره على خوض تجربة إنتاج الفيلم لتجاوز مطبات عرقلته أو خروجه بشكل غير لائق. (زكى) راهن بكل شىء فى سبيل إعادة (السادات) مرة أخرى للحياة ورد اعتبار الرئيس السابق لعصره وكاد يفقد عقله بعد تحالف قوى النظام ضده وقيامهم بتسريب نسخ (الماستر) للفيلم وطبعها للجمهور فى اليوم الأول لعرضه لتلقينه درسا لن ينساه عقابا على تجسيد شخصية السادات على الشاشة. فى هذا التوقيت أذكر أن أحمد زكى جاء ل (روزاليوسف) شاردا ومنفعلا ومستنجدا بنا فى محاولة لكشف مؤامرة إفشال الفيلم وخراب بيته بعد أن باع على حد قوله لى فى هذا اليوم كل ما يملك من أجل السادات الذى يعشقه للأجيال الجديدة وللتاريخ فى إطار خالد ، والمفاجأة التى لا يعلمها أحد أن الطرف الشريك فى الإنتاج والتوزيع هى مؤسسة حكومية وهى جهاز السينما الذى يشرف عليه ممدوح الليثى.. أصابع الاتهام وقتها كانت تشير إليها باعتبارها هى الجهة التى تملك نسخ الفيلم وتتحمل مهمة توزيعها.. أحمد زكى لمح لى بذلك ، هذا مما يعنى أنها محاولة لتأديبه لتقديم شخصية السادات فى عصر مبارك. محصلة فيلم (السادات) هى تحمل أحمد زكى خسائر كبيرة لكنه فى المقابل كسب احترام الجميع باتقانه المبدع فى تقديم شخصية السادات على الشاشة وبطريقة السهل الممتنع التى اعتادها زكى لفترة طويلة ورغم الصدامات التى تلقاها بعد تصوير الفيلم كان يتحدث عن عبقرية السادات وخططه الحربية والخداع الاستراتيجى الذى فاجأ به العدو فى حرب استرداد الأرض والكرامة فى معركة إذلال الكيان الإسرائيلى. أهمية الفيلم الذى قدمه أحمد زكى أنه نبه القائمين على صناعة الدراما رغم روعة أداء النمر الأسود لقيمة السادات ودوره فى تاريخ مصر باعتبار أن ملفه النضالى يشهد فترات درامية من الممكن أن تخرج للجمهور سواء على المستوى الأسرى وزواجه من جيهان السيدة التى تنتمى لأسرة مرموقة وتجاوز كل الفوارق وقتها ، ونشأته فى القرية المصرية أو نضاله ضد الاستعمار الإنجليزى ثم شطبه على أسطورة الجيش الذى لا يقهر ولهذا خرجت مشروعات درامية بالجملة بعد مرور 3 سنوات فقط على عرض (السادات) على الشاشة. الأعمال التى حاولت رد اعتبار السادات بلغت 4 مسلسلات يتصدرها مسلسل كتبته د. أميرة أبو الفتوح بعنوان (السادات رجل الحرب والسلام) فى نفس التوقيت أعلنت عائلة راضى عن مشروع فيلم (اغتيال الرئيس) ، والمأخوذ عن كتاب للكاتب الصحفى الكبير عادل حمودة ، ويقدم فيه تفاصيل لا يعرفها أحد عن اغتيال السادات فى المنصة والتحقيقات التى أجرتها الجهات المسئولة مع قتلة السادات ، بينما لمح الكاتب محسن الجلاد عن مشروع مسلسل (السادات) والرهان على أبعاد أخرى فى شخصية رئيس مصر وقائد النصر ، أما العمل الرابع فقد تحدث عنه المؤلف الشاب وليد سيف بعد أن أعلن عن نفسه فى مسلسل (الدالى) مع نور الشريف. المحصلة النهائية بعد صراع المؤلفين على من الأحق بالسادات تليفزيونيا ظهرت معضلات متوقعة من القيادة السياسية وحاشية الفرعون وكلها خرجت فى اتجاه تعطيل تقديمها ، والمدهش أن سيناريو تأديب أحمد زكى تكرر مع المؤلفة أميرة أبو الفتوح ، حيث بادر قطاع الإنتاج وهو أيضا جهة حكومية بإنتاج العمل ليس بهدف تقديمه ، بل تعطيله وتجميده فى عهد وزير الإعلام المسجون أنس الفقى وتردد أنه اتخذ قرارا بتجميده للأبد وبأوامر عليا من رجال الرئيس المخلوع وسوزان ثابت التى ترفض تقديم السيدة جيهان السادات على الشاشة بكل الطرق.. وعلى أطلال هذه المؤامرة توقف العمل. المدهش أن مسلسل السادات (رجل الحرب والسلام) قد أجازته الجهات الرسمية والمجلس العسكرى كما علمنا فى 25 أغسطس الماضى وبالتالى الإفراج عنه وخروجه للجمهور ويشاء القدر أن يكون نفس التاريخ الذى يخرج فيه عن فيلم (وداع فى الفجر) والممنوع عرضه بأوامر سياسية الذى ظهر فيه (مبارك) كومبارسا فى أول وآخر ظهور على الشاشة ليتأكد الجميع أن ثورة 25 يناير الرائعة لم ترد اعتبار كل المصريين البسطاء بل أعادت حقوق زعماء وأساطير هذا الوطن الذين ضحوا فى سبيل تحرير ترابه من الاستعمار والفاسدين.