لولا أن تحركنا ما تحركوا، لولا أن أجرينا اتصالاتنا بهم ما سعوا للاتصال بالأكاديمية الأمريكية للعلوم والفنون السينمائية المنظمة لجائزة «الأوسكار» للمطالبة بمد فترة السماح المقررة لتلقى الأفلام المشاركة فى «الأوسكار» للتمكن من اختيار وتقديم الفيلم المصرى المشارك فى الجائزة كما هو المعتاد منذ أكثر من 60 سنة، وأن يكون لنا استثناء بسبب الظروف التى مرت بها مصر والمتعلقة بأحداث الثورة. اللجنة التى سارع وزير الثقافة د. عماد أبوغازى بتشكيلها فى الوقت الضائع يوم 27 من سبتمبر الماضى تكونت من «د. خالد عبدالجليل» رئيسا وعضوية كل من المخرجين داود عبدالسيد ومجدى أحمد على وهالة خليل والناقد يوسف شريف رزق الله وخالد الصاوى فى الوقت الضائع، هذه اللجنة جاء تشكيلها بعد انتهاء صلاحية اللجنة القديمة التى انتهت بخروج «فاروق حسنى» وزير الثقافة الأسبق من الوزارة مع النظام البائد، والتى كان قد شكلها عام 2001 وكانت مكونة من «محمد سلماوى» رئيسا ومن بين أعضائها لويس جريس وليلى علوى وإيناس الدغيدى. انعقاد اللجنة الذى جاء متأخرا كان محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه ولاختيار واحد من خمسة أفلام هى «الشوق» ل «خالد الحجر» و«المسافر» ل «أحمد ماهر» و«حاوى» ل «إبراهيم بطوط» و«678» ل «محمد دياب».. و«ميكروفون» ل«أحمد عبدالله» لإرساله إلى الأكاديمية للمنافسة على الأوسكار، وقد وقع اختيار اللجنة فى نهاية الاجتماع الذى عقد يوم الأربعاء الماضى على فيلم «الشوق» رغم اعتراض الأغلبية من أعضاء اللجنة عليه، إلا أنهم وجدوا أن اختيار «أحسن الوحشين» أفضل بكثير من عدم دخول المسابقة، وإن كانت غيبوبة التأخير والتباطؤ التى تسير بها وزارة الثقافة لا تعنى سوى شىء واحد أنها تسير بنظرية «سمك.. لبن.. تمر هندى»، فماذا لو كانت قد انتهت المدة المحددة لترشيح الفيلم السينمائى المصرى للمنافسة على جائزة الأوسكار كأفضل فيلم أجنبى وضاعت علينا الفرصة لتمثيل مصر فى هذا الحدث المهم؟! صحيح أن مشاركتنا هى مجرد تحصيل حاصل كمثيلتها من المرات السابقة، ولكن يكفى أن المشاركة تعنى أننا موجودون على خريطة السينما العالمية. عادة ما ترسل الأكاديمية الخطابات الخاصة بترشيح الأفلام للجهات المعنية مع بداية شهر مايو وتعطى مهلة لإرسال الفيلم المرشح حتى نهاية سبتمبر وهذا ما دفعنى للبحث عن حالة التراخى واللامبالاة التى يعانى منها المسئولون عن مهرجان القاهرة السينمائى الدولى وهو الجهة المنوطة بترشيح الفيلم الذى ينافس على الأوسكار. سهير عبدالقادر نائب رئيس مهرجان القاهرة السينمائى الدولى أكدت لى أن الأوسكار لم يرسل فى طلب الأفلام حتى الآن وهو لايعنى سوى شيئ واحد فقط أنها تخفى الحقيقة. * فقلت: هل تقصدين أن الأوسكار لم يرسل أى خطابات لمصر هذا العام؟ - ردت : لا لم يرسل حتى الآن. ولن يرسل قبل شهر من الآن. * فقلت: ألم تقومى بدورك فى استدعاء اللجنة واختيار الفيلم الذى سيشارك؟ ردت: و كيف لنا أن نقوم بهذا ولم نتلق أى شىء هذا علاوة على أنهم يقومون بمراسلة محمد سلماوى بشكل مباشر وأى تفاصيل ستجدينها عنده. فأنا لست اللجنة. وعندما وجدت ردها غير منطقى قلت لها: أنت بدورك نائب رئيس المهرجان والأكاديمية تقوم بمراسلتكم بشكل مباشر؟ فردت: قدمت استقالتى منذ شهرين. فسألتها: أريد تعليقك على أنها ليست المرة الأولى لهذا الإهمال حيث تقاعست اللجنة من قبل عن الانعقاد عام .2009 فردت: لست بالشخصية الرسمية حتى أدلى بأى تصريح بعد أن قدمت استقالتى!! وإعمالا بحق الرد كان من الضرورى أن أرجع إلى الكاتب محمد سلماوى وأسأله عن سبب محاولة تغيب مصر عن المنافسة على جائزة الأوسكار للفيلم الأجنبى هذا العام فرد قائلا: لا أعرف شيئا فقد كنت رئيس اللجنة لعدة سنوات واللجنة شكلت بالأساس بقرار من فاروق حسنى وزير الثقافة آنذاك أما الآن فالوضع مختلف تماما فى ظل تشكيل الوزارة الجديدة ولم يبلغنى أحد بأننى مازلت مسئولا عن رئاسة هذه اللجنة وبالتالى فليس لدى أى تفاصيل حول هذه المسألة. الكاتب لويس جريس عضو سابق بلجنة ترشيح فيلم الأوسكار يرى أن سهير عبدالقادر قصرت فى عرض المسألة على الوزير الحالى متحججة بإلغاء مهرجان القاهرة السينمائى لكن هذه حجة واهية لأن الوزير موجود ويمكن تشكيل اللجنة بقرار جديد وهو ما قام به بالفعل ولولا إنقاذ الموقف فى الوقت الضائع لضاعت علينا الفرصة هذا العام. ترشيح الفيلم المصرى لجائزة الأوسكار كان المنوط به من قبل المركز الكاثوليكى للسينما قبل أن يؤول لمهرجان القاهرة السينمائى وظل على هذه الحال 50 سنة من أوائل الخمسينيات حى عام .2000 وحول انتزاع حق الترشيح من المركز الكاثوليكى للسينما يقول «لويس جريس» إن مهرجان القاهرة هو جهة متخصصة بالسينما فى مصر، ولكن المشكلة الحقيقية التى تواجهنا هى أننا نعتمد على الأفلام التجارية فى المنافسة على الأوسكار الأجنبى وهذا ما يجعل مستوى الفيلم المصرى مترديا بجانب البلاد الأخرى. وإن كان يجب أن نشجع المنتجين على إنتاج أفلام خصيصا للأوسكار. وقد اقترحت مرارا أن يقوم صندوق التنمية الثقافية التابع لوزارة الثقافة بالصرف على إنتاج أفلام تمثل مصر فى الأوسكار وتكون ذات قضايا لها بعد دولى. والفرصة التى منحتها الثورة لنا هذا العام كان من المفترض أن نستغلها ونقدم فيلما عن هذه الفترة من تاريخ مصر لأن تكرار عدم المشاركة سيعطى انطباعا سيئا عنا. أما الأب بطرس دانيال مدير المركز الكاثوليكى للسينما فيقول: منذ بداية جوائز الأوسكار فى مطلع الخمسينيات حاز المركز الكاثوليكى بالثقة الكاملة ليكون الجهة الوحيدة التى تتولى ترشيح فيلم الأوسكار لعدة أسباب أولها أن المركز الكاثوليكى المصرى تابع للمركز الكاثوليكى العالمى وهو إحدى الجهات المتحكمة فى صناعة السينما العالمية ثانيا هو أننا جهة محايدة وليس لنا مصلحة فى مجاملة أحد. استمررنا على هذه الحال حتى عام 2000 الذى رشحنا فيه فيلم «أسرار البنات» لكن الجهة المنتجة لم تهتم بإرسال الفيلم حتى يتم تقييمه من قبل لجنة الأوسكار. وعادة ما نقوم بترشيح الأفلام التى فازت فى مهرجان المركز لكن فى أحيان أخرى قد يقع اختيارنا على بعض الأفلام التى قد لا تناسب معايير المركز إلا أنها تصلح لتمثيل مصر فى الأوسكار كفيلم «أرض الخوف» بطولة أحمد زكى. وعن انتقال مهمة الترشيح إلى وزارة الثقافة يقول دانيال: فى عام 2000 شكلت وزارة الثقافة بالتعاون مع إدارة مهرجان القاهرة السينمائى الدولى لجنة من الفنانين والنقاد لاختيار الفيلم المرشح للأوسكار وقاموا بمراسلة الأوسكار دون الرجوع إلينا وحصلوا منهم على الموافقة لتتولى هذه اللجنة ترشيح الفيلم فيما بعد وبشكل دائم وقد ارتضينا بذلك بتسامح شديد. «دانيال» قال: إذا عاد إلينا ترشيح فيلم الأوسكار مرة أخرى بالتأكيد سنرحب بذلك وسنشكل لجنة جديدة أكثر تخصصا حتى يخرج الاختيار من دائرة معايير المركز. وحول أسباب عدم قدرة الفيلم المصرى على المنافسة واقتصار المسألة على الترشيح فقط يقول: لأن ميزانية الفيلم فى مصر تصرف على أجور الفنانين وليس على صناعة الفيلم بالرغم من أن ميزانيات الأفلام هنا تعادل ميزانيات الأفلام فى هوليوود. وبالرغم من أن أجور الفنانين انخفضت كثيرا بعد الثورة فقد يكون هذا وضعا مؤقتا وفقا للظروف العامة وتعود الأجور إلى سابق العهد مرة أخرى وبالتالى ستظل المشكلة قائمة. وفى بعض الأحيان يفضل المنتجون صرف أقل ميزانية وتحقيق أعلى ربح وهذا فكر تجارى بحت، بالإضافة إلى أننا بحاجة إلى أفلام تتحدث عن الواقع الذى نعيش فيه وتجسده. وعن مصير فيلم الأوسكار لهذا العام يقول: الأفلام هذا العام ضعيفة جدا ولا تصلح أن تكون واجهة مصر فى الأوسكار خاصة فيلم «الشوق» الذى تم اختياره ولو كان الأمر بيد المركز لقدم اعتذارا متحججا بالظروف السياسية التى تمر بها البلاد بالرغم من أن هذه الظروف فرصة مهمة جدا للظهور لأن أنظار العالم تتجه نحونا وعلينا استغلال هذا أفضل استغلال. لكن حتى الأفلام التى تم إنتاجها مجاملة للثورة لا تصلح لتمثيل مصر لأن مستواها ضعيف جدا. وفى السنوات القليلة الماضية كان اختيار الأفلام فيه مجاملة وإن كانت هناك أفلام تستحق مثل «رسائل بحر». وللأسف فإن وضع الفيلم المصرى دائما ما يكون على هامش المهرجان ومازلنا غير قادرين على منافسة الأفلام العالمية.