تعقد المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار مجدي العجاتي جلسة خاصة بعد غد الاثنين 8 أغسطس لنظر الطعون الثلاثة التي أقامها كل من رئيس الجمهورية المخلوع محمد حسني مبارك ورئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي، وطالبوا فيها بإصدار أحكام قضائية بإلغاء الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بإلزامهم بأن يؤدوا من مالهم الخاص إلي الخزانة العامة للدولة بالتضامن فيما بينهم مبلغاً قدره 540 مليون جنيه عن الأضرار التي تسببوا في إلحاقها بالاقتصاد القومي. وذلك علي خلفية قطعهم خدمات الاتصالات والإنترنت أثناء الأيام الأولي للثورة.. علي أن توزع فيما بينهم بإلزام حبيب العادلي وزير الداخلية بتعويض مقداره 300 مليون جنيه وبإلزام حسني مبارك بتعويض 200 مليون جنيه وإلزام أحمد نظيف 40 مليون جنيه. والملاحظ في طعون مبارك ونظيف والعادلي أن كلاً منهم ليس المسئول عن قرار قطع خدمات الاتصالات أيام 25 يناير وأن كلا من مبارك والعادلي أكدا علي أن قرار قطع الاتصالات من القرارات السيادية التي لا يجوز للمحاكم أن تنظرها. واتفق الثلاثة في طعونهم أنهم لم يعلموا بهذه القضية ولم يعلنهم أحد للحضور أمام المحكمة للدفاع عن أنفسهم كما نص قانون المرافعات وركز مبارك علي أن قرار القطع لم يكن قراره وإنما قرار لجنة مشكلة برئاسة نظيف. بينما أكد نظيف بأنه ليس صاحب تكوين لجنة لإصدار قرار بقطع الاتصالات ولم يدع تكوين هذه اللجنة وأن وزارة الداخلية هي التي أصدرت قرارها بقطع الاتصالات كما أن مبارك هو المسئول الأول والأخير عن هذا القرار لأنه الرئيس الأعلي لهيئة الشرطة وهو رئيس الجمهورية. أما حبيب العادلي فأنكر وقال إن قرار قطع الاتصالات ليس قراره وإنما قرار كل من مبارك ونظيف، وقال في طعنه أنه كان المسئول عن تحديد تعرض الأمن القومي داخل البلاد للخطر من عدمه بحكم طبيعة عمله وأنه أصدر قراره وتعليماته بقطع خدمة المحمول عن منطقة ميدان التحرير يوم الثلاثاء 25 يناير ثم أعقبه قرار آخر صدر يوم الخميس 27 يناير بقطع خدمات الاتصالات اعتباراً من صباح يوم الجمعة 28 يناير 2011 ولمدة يوم واحد وبالنسبة لخدمات المحمول في محافظات القاهرة الكبري والإسكندرية والسويس والغربية وضرورة قطع خدمات الإنترنت علي مستوي الجمهورية اعتباراً من مساء يوم الخميس 27 يناير 2011 لوجود خطورة علي الأمن القومي. وأنه حصل علي موافقة من اللجنة الوزارية قبل إصدار قراره بقطع الاتصالات وأنه كان يقوم بطاعة أوامر رؤسائه ورئيس الوزراء. وأكد العادلي في نهاية طعنه علي أن حكم القضاء الإداري مخالف للواقع إذ ليس هو وحده صاحب اتخاذ قرار قطع الاتصالات فلماذا يتحمل غرامة قطع الاتصال وهناك سبعة آخرون غيره مسئولون، كما أنه قام بتنفيذ قرار اللجنة وقانون الاتصالات. أما أحمد نظيف فذكر في طعنه أن حكم القضاء الإداري الصادر بإلزامه بدفع 40 مليون جنيه لصالح الخزانة العامة للدولة صدر رغم أن الدولة لم ترفع دعوي تطالب بالتعويض. كما أنه لم يساهم في قرار قطع الاتصالات وإنما القرار صادر من وزير الداخلية السابق حبيب العادلي بموافقة غرفة الطوارئ التي أنشأها الجهاز الأمني وأعضاؤها يمثلون هذه الجهات الأجنبية وأنه - أي نظيف - لم يكن رئيسا لها أو عضوا بها. وأكد مبارك في طعنه كما أكد نظيف والعادلي من قبل، أنه لم يعلن بهذه الدعوي أثناء نظرها أمام محكمة القضاء الإداري طبقاً لقانون المرافعات الذي يلزم إعلان الخصوم حتي يمكنه الدفاع أمام المحكمة عن نفسه.. وكان يجب إعلانه بهذه القضية في محل إقامته أو محل محبسه بمستشفي شرم الشيخ الدولي، وما قام به مقيمو الدعوي بإعلانه في مواجهة النيابة العامة مخالف للقانون لأن مثل هذا الإعلان يكون عندما لا يكون له محل إقامة معروف والجميع يعلم محل إقامته الأمر الذي يجب معه بطلان حكم القضاء الإداري لعدم إعلانه. وقال لم يصدر قرار بقطع الاتصالات وإنما الذي أصدر القرار لجنة وزارية برئاسة رئيس الوزراء وهذه اللجنة لم يصدر أوامر لها سواء كانت كتابية أو شفهية بتشكيلها حتي تستطيع أن تقول أنه المسئول عما تصدره اللجنة. وحكم محكمة القضاء الإداري الذي ألزمه بدفع تعويض من ماله الخاص لم ينظر إلي الخطأ الشخصي وإلي كونه كرئيس للجمهورية في ذلك الوقت فبغض النظر أن إصدار القرار كان مرفقي أو شخصي أو من الذي أصدره فإن ملايين المواطنين كانوا معتصمين بميدان التحرير بالقاهرة وبعض المحافظات كالسويس والإسكندرية وعمليات شغب ونهب تمت علي مستوي الجمهورية ومازالت الأعداد تتوالي علي القاهرة للمطالبة بإسقاط النظام فإن السبيل الوحيد لمنع تلك الكارثة هو قطع الاتصالات حتي لا تتزايد الأعداد ويدخل المندسون للنيل من سلامة الدولة.. فكيف يمكن اعتبار هذا التصرف رغم عدم صدوره منه - أي مبارك - من قبيل الخطأ، بل هو عمل من أعمال السلطة في حالة الضرورة لمنع ما يهدد سلامة ووحدة الوطن من الداخل ولحماية المواطنين وتأمين سلامتهم في تلك الفترة التي كانت تهدد سلامة الدولة من الداخل وما كان له أثر علي النيل منها من جهة الخارج. وأشار إلي أن الحكم أسند في تقرير التعويض إلي تقرير معلوماتي صادر عن مركز المعلومات بمجلس الوزراء يؤكد أن قطع الاتصالات تسبب في خسائر لقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت بلغت في خمسة أيام 90 مليون دولار ولم يشر الحكم من قريب أو بعيد لمدي صحة هذا التقرير وعناصر التقرير حيث جاءت عبارته عامة لم تحدد عناصر الضرر علي وجه الدقة، كما أن التقرير قد جاء مبهماً وغير مستند لمصادر ثابتة كما أن المحكمة لم تحدد العناصر التي استند عليها التقرير علي الرغم من أنه السبب الوحيد علي تحديد الأضرار التي لحقت من انقطاع خدمة الاتصالات إذ لا يمكن التعويل عليه في تقرير الأضرار التي لحقت بانقطاع خدمة الاتصالات. وأن التاريخ أثبت منذ قيام ثورة 1952 حتي الآن لم تلجأ الدولة بموجب سلطتها في الحكم وتأمين سلامة الدولة إلي مثل هذه الإجراءات وأن ما دفعها لذلك هو ملايين المتظاهرين في مختلف محافظات الدولة والذعر الذي تسببوا فيه وعدم الإحساس بالأمان الذي شعر به كل من في الدولة من الآمنين ولا شك أن هذا التصرف هو الذي ساهم بنسبة تكاد تكون مستقرة خطأ الإدارة علي افتراض وجوده وبالتالي كان يتعين معه علي المحكمة أن تراعي ذلك عند تقدير التعويض إلا أنها لم تفصل وهو ما يصيب الحكم المطعون بأنه يستوجب الإلغاء.