«أهم» ما حدث يوم جمعة 8 يوليو.. هو أن الشعب أثبت أنه يستطيع أن يتوحد مهما فرقته الرؤي المختلفة، وأن الثوار قادرون علي تجاوز خلافات سياسية ضيقة إذا تعرضت الثورة للخطر المتظاهرون الذين توافدوا علي الميدان ابتداءً من مساء الخميس واحتشدوا الجمعة كانوا يبعثون برسالة مفادها «نعم نستطيع» وهو التعبير الذي وضعه أوباما شعارا لحملته الانتخابية ساهم في نجاحه والوصول به إلي رئاسة أمريكا. شعار أوباما كان ثوريا لأنه جعل رجلاً أسود رئيسا لأكبر دولة في العالم رغم أن أمثاله كانوا يعاملون كعبيد حتي وقت قريب.. نعم نحن المصريون نستطيع.. نستطيع أن نحصل علي حقوقنا ونقدر أن نحافظ علي ثورتنا.. ونقاتل من أجل عدم ضياع دم الشهداء. لن نقبل أن يستمر نظام مبارك وسنواجه أي ثورات مضادة.. نعم نستطيع أن نصل بثورتنا إلي أهدافها الحقيقية.. «الثورة أولا» ليست مطلبا ولكنها رسالة واضحة أننا لن نترك ثورتنا تضيع ولن تستطيع أي قوة أن تعرقل مسيرتنا نحو الحرية. الشباب الذين ظلوا في ميدان التحرير 18 يوما كانوا علي استعداد للثبات في الميدان شهورا من أجل حريتهم ومن أجل القضاء علي نظام فاسد، هؤلاء الشباب لن يضيعوا دم إخوتهم الذين استشهدوا فداءً للثورة ولن يتركوا رموز نظام مبارك دون محاسبة. نعم نستطيع تطهير أجهزة الدولة من الفاسدين ومن المتورطين مع نظام ظل علي مدي 30 عاما ينتهك القانون ويتعامل مع الوطن علي أنه «عزبة خاصة يورثها لمن يشاء ويبيعها لمن يريد». -- نعم نستطيع أن نمنع الذين أفسدوا البلد علي مدي سنوات طويلة من العودة لتصدر المشهد السياسي مرة أخري وأن نقطع الطريق عليهم للالتفاف علي الثورة وإجهاضها بهدف العودة للحكم والتحكم في الشعب العظيم وإذلاله. نعم نستطيع أن نوقف الثورة المضادة التي يقودها من خلف الستار رجال أعمال باعوا الوطن بخسا واقتسموه بينهم وتركوا المواطن جائعًا.. عاريًا.. مريضًا.. عاطلاً اشتروا ممتلكات الشعب بخسا وباعوها ذهبا وربحوا من ورائها مليارات هربوها للخارج حقيقة رتبوا أوراقهم التي قد تجعلهم يحصلون علي البراءة أمام المحاكم لكن الشعب لن يقبلهم، سيطردهم مثلما يلفظ الجسم العضو الفاسد الذي تزرعه داخله عنوة. نعم نستطيع أن نواجه الفقر الذي جعلنا نظام مبارك نعيش فيه.. نحن نقدر أن نحسن أوضاعنا المعيشية وأن نقضي علي البطالة التي أراد مبارك ورجاله أن يقتل أولادنا وشبابنا حسرة علي أنفسهم بعد أن تعلموا وحصلوا علي شهادتهم ثم وجدوا أنفسهم يجلسون علي المقاهي أو في المنازل يجترون الأحلام دون جدوي.. أو يغامرون بحياتهم في قلب البحر المتوسط بحثا عن هجرة غير شرعية وأملا في الوصول إلي بلاد غريبة بعد أن لفظهم وطنهم بأفعال شياطين تملكوا أمر البلد ثم ينتهي بهم الأمر في أحسن الأحوال إلي سجون هذه البلاد أو الموت غرقا دون قبر يجمع أجسادهم التي أصبحت طعاما للسمك والحيتان. -- نعم نستطيع أن نحاكم قتلة الثوار، وأن نري رموز النظام السابق داخل القفص الحديدي في المحاكم، وأن تكون محاكمتهم علنية.. ونستطيع أن نطهر وزارة الداخلية من الضباط الفاسدين، وأن نجعل الوزارة والشرطة مع الشعب لا عليه وفي خدمته لا في استعباده. إنني أكتب هذا الكلام ظهر يوم الجمعة لظروف طبع المجلة ولا أدري ماذا سيحدث خلال الساعات المقبلة ولكنني أثق تماما أن الثوار والشباب والمتظاهرين وكل الشعب المصري لن يفرط في الثورة ولن يهدرها، وأن كل من وضع حياته علي يده أيام المظاهرات الأولي وكان علي استعداد للاستشهاد ابتداء من يوم 25 يناير لن يرضي إلا بتحقيق أهداف الثورة وعلي رأسها محاكمة مبارك. -- إنني أثق أيضا أن الجيش الذي أيد الثورة ومطالب الثوار منذ اللحظة الأولي لن يخذل الشعب المصري خاصة أنه أعلن أنه مع المطالب العادلة للثوار عند بداية الثورة، أعلم أن تأخر المحاكمات ليس مسئوليته فهناك استقلال للقضاء وأن تطهير الداخلية من قتلة الثوار مسئولية الوزارة ولكنني أثق في أن الجيش الذي يحمي الثورة لن يخذلها وأنه سيسعي لتحقيق مطالب الثوار العادلة.