إذا كانت الثورة المصرية هدفها فقط، وأد توريث حكم مصر من مبارك إلى نجله، فهى ثورة ناقصة بكل المقاييس، فالتوريث يجرى فى عروق الوطن كطقس مصرى خالص فى كل مؤسسات الدولة. كان لافتا أن كل المظاهرات الفئوية التى خرجت فى ذيل الثورة مطلبها الأول توريث الأبناء مهن ووظائف الآباء! الجامعات فى حاجه لإزالة رواسب الفساد ولا تبتعد الجامعات المصرية عن هذا النموذج الذى أصبحت هيئة التدريس فيه شجرة عائلية متشعبة بشكل لا يليق. لاشك أن بعض الأبناء يستحقون وراثة الآباء إذا كانوا متفوقين ومجتهدين، أما ما نرصده فى هذا الموضوع فهو علاقات أقرب إلى شبكة عائلية مما يجعلنا نتشكك حتى فى أصحاب الحق، فليس من المعقول أن يكون أبناء وأقارب الأساتذة هم فقط المتفوقون دون غيرهم.. هذا بخلاف تجاوزات تسد عين الشمس وأغمضت عنها الأعين عن عمد! فمن يتذكر الدعوى القضائية التى أقامتها الدكتورة «كفاية العطار» - رئيسة قسم علاج الجذور بكلية طب أسنان القاهرة العام الماضى - والتى كشفت فيها عن التلاعب بالمستندات فى درجات أعمال السنة لأبناء الأساتذة وأقاربهم من أجل تأهيلهم لدرجة معيد بالكلية وهو ما يكشف السبب الرئيسى فى انهيار البحث العلمى وتدنى مستوى التعليم فى الجامعات! د . عمرو عزت سلامة كلية التربية النوعية بأشمون جامعة المنوفية أصبحت مسرحا للتوريث من خلال تعيين أبناء العاملين وأعضاء هيئة التدريس معيدين فى أقسام الكلية.. على رأسهم «رشا محمد مبارك» المعيدة بقسم الاقتصاد المنزلى، وهى بنت شقيق «د. عادل مبارك» - عميد الكلية - الذى عين أيضا بنت أخته «ياسمين إبراهيم حسين» - معيدة فى قسم الاقتصاد المنزلى 2008 - وتأهيلهما من البداية لكى يكونا الأوائل. أما العميد السابق «د. على بدوى رصاص» فقام بتعيين ابنته «نهاد» فى نفس القسم عام 2006 وهى الأولى على دفعتها. أما «مينا وديع جرجس» الذى تم اختياره معيدا بقسم تكنولوجيا التعليم، حيث إن والده رئيس قسم أعضاء هيئة التدريس، فهذا القسم لا يقبل إلا خريجى تخصص علمى رياضة من ثانوية عامة ولا يقبل أى خريجين غير هذا التخصص، لكن «مينا» الذى تخرج فى القسم الأدبى كسرت الكلية كل الأعراف والمعايير من أجل والده.. ليس هذا فحسب، بل أيضا مجموعه الذى يؤهله لهذا التخصص كان أقل من المجموع المطلوب، لكن تم اختياره بناء على لائحة أبناء العاملين، ثم أصبح معيدا فى نفس القسم دفعة 2009 رغم أن ترتيبه فى السنوات الأولى لم يتجاوز الثامن على دفعته، لكن فى السنة الأخيرة تم تأهيله له. د . هانى هلال «منى» التى كانت تدرس تحت إشراف والدها «د. جمعة حسين عبدالجواد» - وكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب ورئيس قسم التربية الفنية - تم اختيارها فى 2009 معيدة فى نفس القسم، وفى نفس القسم تم اختيار «أحمد العربى» شقيق «د. أيمن العربى» عضو هيئة التدريس. «سماء عبدالسلام حجازى» رغم أن ترتيبها الثالث على دفعتها فمن أجل عيون والدها وأختها تم اختيار الثلاثة الأوائل فوالدها مدير شئون التعليم والطلاب وأختها أسماء - مدرس بقسم التكنولوجيا والتعليم فى 2009 - وفى نفس العام تم اختيار «بسمة عبدالمنصف فايد» معيدة بقسم الاقتصاد المنزلى إرضاء لشقيقتها «د. توحيدة عبدالمنصف». وفى نفس جامعة المنوفية، لكن فى كلية الآداب هناك 12 معيدا تم تعيينهم خلال السنوات الخمس الأخيرة من أبناء أساتذة بالجامعة.. تتقدمهم «نهال» المعيدة بقسم المكتبات 2010 وهى ابنه «د. عادل هريدى» - وكيل الكلية للدراسات العليا - وهناك «نهال» أخرى التى تم تعيينها معيدة بقسم اللغات الشرقية فى 2009 وهى نجلة «د. أحمد الشاذلى» - عميد الكلية - و«دعاء محمد بيومى» التى تم تعيينها بقسم الإعلام فى 2008 وهى ابنة الدكتورة «هويدا عزت» رئيس قسم اللغات الشرقية وفى نفس القسم «هويدا محمد عزوز» ابنة «د. محمد عزوز» - أستاذ اللغة العربية - التى تم تعيينها فى .2007 وفى 2006 تم تعيين «أمل صلاح جابر» التى يعمل والدها أستاذ الجغرافيا بالكلية، ومنى مصطفى همام ابنة أستاذ كلية الزراعة ورئيس الكنترول. د . حسام كامل وفى قسم التاريخ تم تعيين «نهال» فى 2010 معيدة وهى ابنة الدكتور أحمد دراز رئيس قسم التاريخ وكذلك دعاء عبدالمغنى اللحاح وعمها وكيل كلية التجارة وإبراهيم نجل د. سعد عبدالعزيز أستاذ الدراسات الشرقية. من المنوفية إلى قناة السويس ففى كلية السياحة والفنادق قام د.سعيد سلامة بتعيين ابنتيه أميرة مدرس لغة إنجليزية بالكلية وأسماء التى كانت تعمل موظفة بالكلية إلى معيدة بقسم الدراسات السياحية ونفس الكلية من أجل إرضاء د. محمد الزغبى - رئيس جامعة قناة السويس - فقد قام د.سيد عطية عبدالهادى - عميد كلية السياحة والفنادق - بالإعلان عن احتياج الكلية لمدرس مساعد باختصاص تسويق سياحى وهو التخصص الذى حصلت على الماجستير فيه هند الزغبى وكأنه تم الإعلان خصيصا من أجلها. هند التى حصلت على الماجستير فى التسويق السياحى فى أقل مدة لمنح الماجستير وهى سنتان.. إلا أنه فى 8 مارس الماضى وبعد انعقاد مجلس الكلية بتعيين ابنة رئيس الجامعة بأسبوع انعقد المجلس ليعلن عن عدم الحاجة لجدد. الأمر لم يختلف كثيرا فى جامعة سوهاج فكلية الطب تحولت إلى عزبة لعائلة «عبدالمتين موسى» - رئيس الجامعة السابق - فأحمد ابنه رغم أن ترتيبه رقم 73 على الدفعة تم اختياره معيدا رغم أن كل السنوات السابقة لم يكن يتم اختيار أكثر من 50 معيدا ولم يقتصر على اختيار هذا الرقم من أجله بل قام أحمد باختيار قسم جراحة القلب والصدر وهو القسم الذى يأتى فى صدارة الأقسام ويحق للأوائل حسب الترتيب اختياره لكن الابن المعجزة قفز إلى الصدارة لكى يضيع فرصة طالب اجتهد وكافح أملا فى الحصول على هذا القسم. أما شقيقته الشيماء وهى نائبة الرمد وتحت إشراف عمها د.«إسماعيل موسى» وهو رئيس قسم الرمد. البنت الثالثة والنائبة المنتظرة هى «شاهندة عبدالمتين» وهى فى السنة الخامسة بكلية طب وترتيبها السابع على الدفعة. ولم تقتصر الوساطة والمحسوبية لعبد المتين موسى على أبنائه بل امتدت إلى ابن أخيه أحمد عبدالحى موسى المتخصص فى جراحة القلب والصدر. طب سوهاج أغلب النواب فيها أبناء أعضاء هيئة التدريس «مروة» بنت «د. على أبوالمجد» العميد الأسبق لكلية الطب ورئيس قسم الأطفال، شيماء بنت الدكتور حامد لطفى أبوالدهب نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والعميد الأسبق. أحمد ونهى نجلا د. عثمان عبدالكريم - رئيس قسم النساء والتوليد - والدكتورة ندا النادى - أستاذ البارسيتولوجى - فتم اختيار أحمد نائبا فى قسم الجراحة العامة و«نهى» نائبة فى قسم جراحة التجميل. أحمد محمود رياض تم اختياره نائبا فى قسم المسالك البولية فى 2006 فهو ابن الدكتور محمود رياض نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا وأستاذ المسالك البولية. التجاوز الصارخ كان فى أكاديمية الفنون، ففى عام 2007 طلب د. محمد عبدالنبى» - عميد المعهد العالى للموسيقى - من د. عصمت يحيى - رئيس الأكاديمية - بأنه فى حاجة إلى تعيين معيد مقدما له ابنه «عمرو» الذى كان ترتيبه الخامس على دفعته كما أنه رسب فى السنة الأولى فى الدراسات العليا فى تحدٍ صارخ للقانون، حيث إن عميد المعهد لم يقم بالإعلان عن حاجة المعهد لمعيدين وقدم أوراق ابنه فقط لرئيس الأكاديمية لكى يعتمدها!! أما العميد الحالى لمعهد الموسيقى الدكتور عاطف إمام فلم يجد سبيلا لتعيين ابنه خاصة بعد إلغاء التكليف فطلب تعيين الأوائل بدرجة خبير فى المعهد؛ لكن الطامة الكبرى أنه تجاوز كل الأوائل وقام بتعيين ابنه محمد عطا و«أشرف رجب» الذى كان راسبا فى مادة فى الدراسات العليا وهو ما أثار استياء الأوائل ودفع أكثرهم إلى التقدم بشكوى ورفع قضايا إدارية ضد رئيس الأكاديمية وعميد المعهد.