خلال أسابيع قليلة سيتم تخريج دفعات الكليات العسكرية التي ستبدأ في الأسبوع الأول من شهر يوليو بتخريج دفعتي كليتي الدفاع الجوي والبحرية بالإسكندرية وتنتهي في عشرين من نفس الشهر بتخريج دفعة الكلية الحربية أقدم الكليات العسكرية في الشرق الأوسط.. وفي مراسم التخرج يتم ترديد القسم العسكري الذي يبدأ به الضباط الجدد حياتهم وانخراطهم بشكل عملي عسكريا في وحداتهم الميدانية، عند ذلك سوف تكون هناك إشكالية في هذا القسم بعد ثورة 25 يناير، لأن القسم يتضمن الولاء لرئيس الدولة «أن أكون مخلصا لرئيس الجمهورية» والإشكالية المقصودة هنا هي ذات شقين الأول أنه لا يوجد الآن رئيس للجمهورية وثانيا أنه بعد انحياز الجيش للشعب وليس لرئيس الجمهورية والشرعية الدستورية التي تحمي الرئيس، وبذلك يكون الجيش قد نقل أهداف مهامه لتصير حماية مكاسب الشعب وليس الشرعية الدستورية لأنه منذ يوم 10 فبراير الماضي وتحديدا في الخامسة مساء هذا التاريخ أعلن انعقاد المجلس العسكري برئاسة المشير طنطاوي بشكل دائم ومستمر واعتبار ذلك عزلا لرئيس الدولة من منصبه كرئيس أعلي للمجلس العسكري أولا، وثانيا هو إعلان من الجيش بأنه ينحاز لثورة الشعب وليس لرئيس الدولة الذي لا يرغب الشعب في حكمه. من هذا المنطلق تحددت أهداف جديدة لجيش مصر وكما قال لنا اللواء مختار الملا في حوار سابق بأن وضع الجيش في الدستور الجديد سيكون مبنيا علي أن «الجيش يحمي مطالب الشعب» وليس «مكاسب الشعب وإنجازاته» لأنها أفعال مضت وهي مصانة داخل تاريخ الأمة ولا يمكن التفريط فيها ولكن صار للشعب مطالب جديدة ذات الصفة المستمرة والدائمة لطموحات الشعب الذي هو أساس الدولة، وبالتالي فإن الدور الجديد للجيش أنه مراقب لأي حكومة أو رئيس قادم جنبا إلي جنب مع الشعب ليهب لحماية أي مطلب يريده الشعب مستقبلا ومنع كل ما يعوق طموحاته. وأهمية «القسم العسكري» أن له مدلولات فهو دستور جامع لثوابت الأمة ومتطلباتها لأن العمل العسكري من أكثر مجالات العمل بالدولة أهمية وخطورة في ذات الوقت وهي صفات تأتي له من طبيعة المهام والمسئوليات الملقاة علي المنخرطين فيه فهم حماة الوطن والخطورة إذا تهاونت هذه المؤسسة في انتقاء من ينتمون إليها لأن فداحة الخسائر قد تتجاوز الوحدة العسكرية في أدني تنظيم لها صعودا إلي القوات المسلحة بالكامل وتصل ليشمل الأمة بأسرها وما من شك في أن الانكسار أو الخلل العسكري لأمة ما يحتاج إلي عقود طويلة لالتئامه واسترداد عافيتها وثقتها في القوات المسلحة. ولهذه الخطورة وتلك الأهمية تحرص المؤسسة العسكرية علي أن تصطفي لنفسها خيرة شباب الوطن ممن يتوافر فيهم قوة الروح وسلامة البدن لتضمهم إليها بعد سلسلة طويلة من الاختبارات للكشف عن قدراتهم وإمكانياتهم وصدق انتمائهم لأوطانهم وبعد تأهيلهم للحياة العسكرية بما تتطلبه من قدرات ذهنية ومهارات فردية وجماعية حتي يكونوا علي المستوي الذي يأمله فيهم الشعب. بعدها يصير التكليف للعمل في الوحدات الميدانية بما يكتنفه من أهمية وخطورة فإن المؤسسة العسكرية تأخذ علي المنضمين الجدد فيها عهدا موثقا يتمثل في القسم العسكري الذي يلزمون به أنفسهم أمام الله وقادتهم ومواطنيهم للوفاء بما حملوه من أمانة وأداء ما تقبلوه من مسئولية مهما كلفهم ذلك من أرواحهم ودمائهم وهو ما يظهر في القسم بترديد عبارة «لن أترك سلاحي قط حتي أذوق الموت». ومن هنا فإن القسم العسكري الجديد سيكون له أهمية قصوي للشعب لأنه لن يتضمن عبارة «أن أكون مخلصا لرئيس الجمهورية» ولذلك نتساءل: ما هو البديل لهذه العبارة، هل ستكون «أن أكون مخلصا للشعب ومتطلباته ومحافظا علي مكاسبه وإنجازاته» أم أن هناك عبارة أخري لم يتم الإفصاح عنها بعد من الجيش؟ وهل سيكون القسم الجديد مفاجأة تعلن عن وضع الجيش في الدستور الجديد؟!